20-يونيو-2016

(Getty)

مخاوف كبيرة لدى السلطات الجزائرية من تكرار سيناريو تسريب امتحانات البكالوريا في طبعتها الثانية، التي انطلقت الأحد 19 حزيران/يونيو، إلى غاية 23 حزيران/يونيو الجاري، وهو ما دفع الحكومة إلى اتخاذ قرارات احترازية وإجراءات صارمة من أجل تفادي "الفضيحة" مجددًا، أهمها حجب الولوج إلى مواقع التواصل الاجتماعي خلال أيام الامتحانات، وهذا كإجراء وقائي لتفادي الغش خلال الدورة الثانية.

 سيكلف حجب مواقع التواصل الاجتماعي الجزائر خسائر مالية قد تتعدى الأربعة ملايين دولار 

وكانت الحكومة الجزائرية قد قررت اتخاذ قرار بإعادة امتحانات البكالوريا في دورة ثانية، بعد تسريب أسئلة الامتحانات في مواقع التواصل الاجتماعي في المرة الأولى، التسريبات تورط فيها 115 شخصًا، هم الآن تحت الرقابة القضائية، من بينهم أربعة موظفين في وزارة التربية الجزائرية.

اقرأ/ي أيضًا: أول رمضان..في زمن التقشف الجزائري

واتفقت وزارة البريد وتكنولوجيات الاتصالات الجزائرية مع وزارة التربية الوطنية على قطع خدمة مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتوتير) إضافة إلى تطبيقات أخرى مثل "فايبر" "وسنابشات" و"واتساب" و"إنستغرام" لمواجهة تسرب الامتحانات مرة ثانية.

وفي تصريحات لوزيرة التربية الوطنية، نورية بن غبريط، فإن اتخاذ هذا الإجراء يهدف إلى حماية المترشحين للبكالوريا من تبادل مواضيع أسئلة خاطئة على هذه المواقع والتشويش عليهم، داعية المترشحين إلى التركيز خلال الامتحان والمراجعة بدلًا من الإطلاع على مواقع التواصل.

ويجتاز ابتداءً من الأحد أكثر من 555 ألف مترشح الامتحانات الجزئية المعادة لامتحان شهادة البكالوريا، فيما تم إعفاء 300 ألف مترشح لم تشملهم التسريبات في الدورة السابقة.

رقابة شديدة على المترشحين في البكالوريا، إذ قررت الوزارة إجراءات صارمة أخرى خلال أيام إعادة الامتحانات بمنع المترشحين من إدخال الأجهزة والوسائل الإلكترونية من هواتف نقالة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وأي أجهزة لها خاصية الولوج لمواقع التواصل الاجتماعي التي تعمل على بث نسخ مغلوطة من الامتحانات.

على الأرض، خلقت عملية المنع والحجب، حالة استنفار في أوساط الشباب ومستعملي تطبيقات التواصل الاجتماعي، حيث تعذر على الكثيرين الدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وأدخلهم في حالة "قلق" غير مسبوقة، تقول ليلى بلهاني لـ"الترا صوت" بأنها تستعمل مواقع التواصل الاجتماعي يوميًا في مزاولة عملها بالترويج وبيع منتوجات الإعلام الآلي، حيث تتواصل مع زبائنها عبر الفيسبوك في ربوع الوطن، لافتة إلى أن هذا الحجب سيكلفها خسائر كبرى.

ويبرز الشباب في مرتبة المتضرر الأول من هكذا قرار، حيث يدخل الملايين صفحات التواصل الاجتماعي في عملية التواصل بين ذويهم وأصدقائهم، ولاستعماله متنفسًا للتعبير من جهة، فيما يستخدمه الكثيرون في مهنهم وأعمالهم اليومية ويسهل عليهم التعامل اليومي في أداء مهامهم.

اقرأ/ي أيضًا: الجزائر.. فوضى البرامج في رمضان

تمكن بعض الجزائريين من تصفح الفيسبوك وتويتر عن طريق تطبيق "في بي أن"، ليكسروا بذلك حظر الولوج المفروض من الحكومة 

وفي وقت تعذر فيه على الكثيرين الدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن البعض تمكنوا من تصفح الفيسبوك والتويتر عن طريق تطبيق "في بي أن" وهو تطبيق بحسب المتخصصين في التكنولوجيا يسمح بالولوج إلى الفيسبوك، خصوصًا وأن الجزائريين يستخدمونه كثيرًا في التواصل فيما بينهم، وهو ما يعني أن السلطات الجزائرية تواجه مشكلة، في أول يوم من الامتحانات المعادة، في احتواء الوضع، بعد لجوء الشباب إلى هكذا تطبيق للدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي.

دفع ذلك الحكومة إلى اتخاذ قرار ثاني، يتمثل في خفض حجم التدفق للإنترنت عمومًا، مما أثار استياء الجزائريين وخصوصًا بالنسبة لمقاهي الإنترنت العمومية وبالنسبة للشركات والمؤسسات الخدماتية.

هي لعبة "القط والفأر"، بين الحكومة ورواد الفيسبوك والتويتر الذين نجحوا في اختراق الحظر والدخول إلى المواقع الاجتماعية من أبواب أخرى، مع التطور التكنولوجي، حيث قال الخبير في التكنولوجيات خالد بن عمارة بأنه "لا يمكن أن نغفل وجود طاقات شابة ستنجح في اختراق الحظر والحجب والمنع بأي طريقة"، كما لايمكن استفزاز الشباب في الجزائر بقرارات مثل هذه تتعلق بخدمات تعودوا يوميًا على فك شيفراتها والإبحار في شبكتها العنكبوتية، لأنهم سيجدون الحلول والمخارج لهكذا وضع.

أصوات أخرى نددت بما يسمى بـ"العقاب الجماعي" للجزائريين بسبب فضيحة التسريبات، حيث دعت المختصة في تكنولوجيات الاتصال الأستاذة نادية سعدي إلى ضرورة التفكير في الاستغلال الإيجابي لمواقع التواصل الاجتماعي واستخدام التكنولوجيا في تشفير أسئلة الامتحانات وليس اتخاذ قرار "القطع" والحجب النهائي.

كما انتقد خبراء وزارة التربية الجزائرية في استخدامها لآليات تقليدية وكلاسيكية لطبع وتوصيل الأسئلة، حيث قالت الأستاذة سعدي أن هذه الأساليب قديمة تستعملها الوزارة في تأمين عملية الامتحان عبر وضع الأسئلة في أكياس ونقلها عبر وسائل النقل العادية، مشيرة إلى إمكانية استعمال التكنولوجيا في توزيع أسئلة الامتحان عبر الطبع الإلكتروني.

وبعمليات حسابية ولغة الأرقام، سيكلف حجب مواقع التواصل الاجتماعي الجزائر، بحسب خبراء الاتصالات، خسائر مالية قد تتعدى الأربعة ملايين دولار خلال خمسة أيام، هي ماراثون البكالوريا والتسريبات في الجزائر.

اقرأ/ي أيضًا:

"قطع الطريق".. كرم سوداني فريد في رمضان

انطباعات أولية حول مسلسلات رمضان المصرية