27-سبتمبر-2023
gettyimages

النظام السوري الذي أظهر بداية تعنته في خطاب رئيسه داخل القمة العربية الأولى له منذ اندلاع الثورة السورية، التي قمعها النظام بوحشية (Getty)

تعثّرت المبادرة العربية للتطبيع مع النظام السوري، مع تعنت النظام في تنفيذ مسار الحل المقترح من الجامعة العربية، وعدم وفائه بالتعهدات التي التزم بها في القمة العربية الأخيرة، وخاصة منها تلك المتعلقة بتهريب المخدرات نحو عواصم عربية. 

وبحسب مصادر عدة، فإن النظام السوري الذي أظهر بداية تعنته في خطاب رئيسه داخل القمة العربية الأولى له منذ اندلاع الثورة السورية، التي قمعها النظام بوحشية، يرفض تقديم أي تحركات سياسية أو أمنية في ملف تجارة الكبتاغون.

كشفت وكالة "نوفوستي" الروسية للأنباء، عن تجميد الاتصالات بين اللجنة الخاصة التابعة لجامعة الدول العربية المعنية بالملف السوري، مع حكومة النظام السوري

واستدعى ذلك من لجنة الاتصال العربية إبلاغ النظام السوري في دمشق وقف الاتصال معه، إلى حين تقديمه رداً على المبادرة العربية للحل في سوريا.

ووفقًا لمصادر تحدثت لتلفزيون سوريا فإن لجنة الاتصال العربية بصدد عقد اجتماع من دون مشاركة وزير خارجية النظام فيصل المقداد، وسيكون الاجتماع تقييميًا بدرجة أولى كما سيقترح خطوات عملية للرد "على تعنت النظام".

وكشفت وكالة "نوفوستي" الروسية للأنباء، عن تجميد الاتصالات بين اللجنة الخاصة التابعة لجامعة الدول العربية المعنية بالملف السوري، مع حكومة النظام السوري، وهي لجنة كانت تهدف إلى محاولة معالجة ملفات عدة مع النظام، من أجل إتمام عملية التطبيع معه.

والمصادر التي تحدثت لتلفزيون سوريا قالت إنّ "تجميد الاتصالات مع النظام لا يعني قطع العلاقات معه، وإنما توقف مسار الحل المقترح من الجامعة العربية".

كما أضافت المصادر أن "إعلان فشل المبادرة العربية للحل في سوريا، ليس مطروحًا حاليًا" بالنسبة للجامعة العربية.

وكانت الجامعة العربية قد أطلقت مبادرتها تلك في أيار/مايو الماضي بعد تجميد عضوية النظام السوري لأكثر من عقد. حيث شكّل مجلس جامعة الدول العربية لجنة اتصال وزارية، مكوّنة من الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر والأمين العام للجامعة، لمتابعة تنفيذ بيان عمّان، وقد اجتمعت تلك اللجنة في العاصمة المصرية القاهرة في منتصف آب/أغسطس الماضي.

وقد طُرح بيان عمّان المشار إليه إثر اجتماعين خاصين بالقضية السورية في جدة ومن ثم في العاصمة الأردنية عمّان في أيار/ مايو الماضي، بحضور وزير خارجية النظام فيصل مقداد، وتضمن بيان عمّان مبادرة عربية تقوم على مبدأ "خطوة مقابل خطوة"، للتوصل إلى حلّ سياسي ينسجم مع القرار الدولي 2254.

ومن بين الخطوات التي اشترطتها الدول العربية إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتأمين العودة الآمنة والطوعية للاجئين، وحماية المدنيين، والسماح بوصول المساعدات من دون أي عوائق إلى كل المناطق، ووضع حدّ لتهريب المخدرات إلى الأردن، وذلك مقابل تخفيف العزلة عن نظام بشار الأسد والتطبيع معه.

كما تضمنت الخطوات استئناف العمل في المسار الدستوري السوري بتسهيل وتنسيق مع الأمم المتحدة قبل نهاية العام الجاري. وتم التوافق  على أهمية استكمال هذا المسار بجدية باعتباره أحد المحاور الرئيسية على طريق إنهاء الأزمة وتحقيق التسوية السياسية والمصالحة الوطنية المنشودة.

لكن المسار الدستوري تعثر هو الآخر حيث لم يلمس المبعوث الأممي إلى سوريا تجاوبًا من النظام عندما زار دمشق 16 أيلول/سبتمبر الجاري، ويبدو من المعلومات الشحيحة أن المبعوث الأممي بات "غير قادر على تحديد موعد لجولة تاسعة من اجتماعات اللجنة الدستورية".

ويربط المتابعون سلسلة التعثرات هذه بتجدد الحراك الثوري في مناطق سيطرة النظام، وعلى وجه خاص في السويداء التي انطلقت فيها موجة احتجاج منذ أكثر من شهر يدعو خلالها المتظاهرون بشكل صريح إلى تطبيق القرار 2254، بعدما خابت آمالهم في الإصلاح.

ومنذ عدة أسابيع، تشير معطيات عدة إلى عدم تعاطي النظام مع المبادرة العربية للتطبيع معه بشكلٍ "إيجابي أو جدي"، وهو ما ظهر منذ خطاب الأسد أمام جامعة الدول العربية في أيار/ مايو الماضي.

وكانت عملية التطبيع العربية، قائمةً على مبدأ "خطوة مقابل خطوة"، وهو بحسب تقديرات عدة لم يتحقق بشكلٍ فعلي. وألمح وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في تصريحات له قبل أيام، إلى فشل المبادرة العربية تجاه النظام السوري. 

وقال الصفدي إن الأردن والدول العربية تنتظر ردًا من دمشق بعدما قدّمت أوراقًا ومقترحات للتقدم باتجاه حل الأزمة السورية، مشيرًا في مقابلة مع تلفزيون "المملكة" إلى أن بلاده تريد حلًا يلبي طموحات الشعب السوري في وطن آمن مستقر، وتتحرك لحل الأزمة السورية بالاستناد إلى قرار مجلس الأمن الدولي 2254. وعلى الرغم من أن هذا القرار صدر قبل ثماني سنوات، لا يزال النظام يرفض هذا القرار ويرى أن تطبيق مضامينه مقدمة لتقويض سلطته.

ألمح وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في تصريحات له قبل أيام، إلى فشل المبادرة العربية تجاه النظام السوري

وظهر التململ الأردني من نظام الأسد، في مقال نشره رئيس تحرير صحيفة الغد الأردنية بعنوان "دمشق.. عندما تتذاكى على الأردن"، الذي تحدث عن إصرار نظام الأسد على "بث رسائل غير إيجابية، عبر بوابة التظاهر بالتعاون بخصوص الوضع الأمني على الحدود المشتركة بين البلدين، وتحديدًا في ملف المخدرات"، مشيرًا إلى فشل الاجتماعات الأمنية مع النظام الأسد، وبالأخص في قضية تجارة الكبتاغون.

وجاء ذلك مع استمرار عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود السورية إلى الأردن، مع تطور الأدوات المستخدمة في العملية، مع تأكيدات على عدم تجاوب النظام، مع أي محاولة للحد من هذه الظاهرة، التي تؤكد تقارير عن مسؤوليته عنها.