12-نوفمبر-2019

حسن نصر الله في خطابه الأخير (يوتيوب)

كالعادة، بدأ الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، خطابه الأخير، يوم أمس الإثنين 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، بالحديث عن "قوة وردع المقاومة اللبنانية" في وجه الاحتلال الإسرائيلي، قبل أن يعرج على حرب اليمن، والحديث عن التحالف السعودي المدعوم أمريكيًا في حربه ضد جماعة الحوثي.

فيما بدت بالنسبة للبعض محاولة من نصر الله لركوب موجة الانتفاضة، تحدث عن الفساد، وذكر بأن حزب الله سبق وطرح شعار "مكافحة الفساد"

تحدث نصرالله عما أسماه "الموقف التاريخي" لزعيم جماعة الحوثي، عبد الملك الحوثي، "في مواجهة العدو الصهيوني". وتخلل خطاب نصرالله المديح والثناء على قيادة الحوثي والموالين له، في معركتهم التي قال إنها تنطلق من أبعاد إيمانية، وليست سياسية فقط!

اقرأ/ي أيضًا: نصر الله يتهم جهات بتمويل الحراك اللبناني والشارع يرد بالتظاهر

ثم عرج بحديثه على حليفته الأولى، إيران، فتحدث عن "حقول النفط المكتشفة بأياد وطنية وبشركات وطنية"، ليخلص إلى نتيجة أن "محور الممانعة خرج من دائرة الحرب أقوى من أي مرحلة".

ركوب موجة الانتفاضة

فيما بدت بالنسبة للبعض محاولة من نصر الله لركوب موجة الانتفاضة، تحدث عن الفساد، فوصف الفاسدين بأنهم "أخطر من العملاء"، ثم أدخل حزبه في معادلة محاربة الفساد بقوله إن حزب الله طرح، عشية الانتخابات النيابية الأخيرة، شعار "مكافحة الفساد".

وطرح نصر الله عدة خطوات في سبيل محاربة الفساد، فقال إنه يتطلب: قضاءًا نزيهًا، وقضاةً نزيهون، غير خاضعون للإملاءات السياسية! ودعا لأن يأخذ المسار القضائي مجراه بجمع الأدلة على الفاسدين، لإقامة محاكمات عادلة، وتحديد عقوبة، مع وجود آليا لاسترداد الأموال المنهوبة.

وفي هذه المسايرة للانتفاضة التي يتزايد زخمها في الشارع اللبناني، قال نصر الله إنه على استعداد لرفع السرية المصرفية عن نواب حزبه ووزرائه. استعداد أعرب عنه أيضًا كل من رئيس حركة أمل نبيه بري، ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل!

الشماعة الأمريكية

نصر الله الذي يدخل حزبه بقوة ضمن المجموعة الحاكمة في لبنان، أرجع أسباب فشل الحكومة اللبنانية في التعامل مع الأزمات التي تعصف بالبلاد، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التي حمّلها المسؤولية الأكبر في منع تطور الاقتصاد اللبنانية، متجاهلًا أي دور للطبقة الحاكمة في لبنان على مدار نحو 30 عامًا!

وعدد نصر الله، ما زعم أنها نقاط تكشف عرقلة الولايات المتحدة لتطور الاقتصاد اللبناني:

  • عرقلة استثمار الشركات الصينية في لبنان.
  • منع الشركات الاستثمارية الإيرانية.
  • منع المشاركة في إعمار سوريا.
  • الترويج دائمًا في الإعلام الأميركي أن لبنان بلد غير آمن.
  • العقوبات الأميركية على المصارف في لبنان.
  • عرقلة تحويل أموال المغتربين من الخارج إلى داخل لبنان.
  • الترهيب الأميركي المستمر للمغتربين والمصارف.
  • الفيتو الأميركي على ملف النفط والغاز وترسيم الحدود البحرية وإخضاعها للشروط الإسرائيلية.

ما الذي أراد أن يقوله نصر الله؟

في خطابه خلع نصر الله عن نفسه وحزبه أي مسؤولية لفشل الحكومة لمّا قال إنها حكومة لا تمثل حزب الله، وأنها "خاضعة للشروط الأمريكية"، رغم أن الحكومة قائمة على تحالف يمثل المجموعة الحاكمة وأحد أبرز أعضائها هو حزب الله، فتتشكل الحكومة من: 11 وزير للتيار الوطني الحر، حليف حزب الله المقرب، فضلًا عن ستة وزراء للشيعة بينهم ثلاثة من حزب الله، بالإضافة رئيس الحكومة وخمسة وزراء للسنة.

حسن نصر الله وميشال عون
انتقد نصر الله الحكومة التي كان حزبه مشاركًا فيها!

يُذكر أن حسن نصر الله في خطاباته الأولى بُعيد الانتفاضة، دافع عن الحكومة، واتهم المنتفضين بتلقي تمويلات لتحقيق أجندات أجنبية، قبل أن يعود في خطابه الأخير، لانتقاد الحكومة، وإبراز التأييد للانتفاضة، ليصف متابعون خطابه بـ"خطاب الاستدراك لركوب موجة الانتفاضة".

وبينما كان حزب الله مدافعًا عن رئيس الحكومة المستقيل، سعد الحريري، وعن التقسيمة السياسية/الطائفية للحكومة، تراجع بتناقض في خطابه بأن وصفها بحكومة الشروط الأمريكية. ثم في تناقض مُركّب، رمى نصر الله فشل الحكومة على عاتق الولايات المتحدة، متجاهلًا دور الفساد في إفقار البلاد والمواطنين.

وفي الإشارة من نصر الله إلى ما اعتبرها عراقيل أمريكية لتطور الاقتصاد اللبناني، ما بدا لمراقبين محاولة منه لاستغلال الوضع لتوجيه دفة النظام الاقتصادي - السياسي للبلاد إلى جهة حلفائه، بالتوجه للصين وإيران وسوريا والعراق، في ظل أن ما يحكم اقتصاد بلاده هو الدولار، والعلاقات الوثيقة لرجال الأعمال اللبنانيين بالولايات المتحدة.

 خلع نصر الله في خطابه، عن نفسه وحزبه أي مسؤولية لفشل الحكومة، رغم أن حزبه مشارك في تحالف الحكومة!

من جهة أخرى، فإن طرح نصر الله فيما يخص الاقتصاد اللبناني، يتجاهل الإرادة السياسية في تحسين الأوضاع، في الوقت الذي يشارك فيه وحزبه في المنظومة الحاكمة، ما يجعل من خطابه، بالنسبة لشريحة واسعة من المتابعين، بمن فيهم المنتفضين في الشارع، مجرد حديث لتبرئة الذمة مما شارك فيه.

 

اقرأ/ي أيضًا:

إغلاق المؤسسات بالاحتجاج في لبنان.. التصعيد الثوري في مواجهة التجاهل الحكومي

الاستقالات الجماعية من "الأخبار".. كشف آخر ما تبقى من الستار