25-أكتوبر-2019

رد الشارع اللبناني على اتهامات حزب الله بإكمال التظاهرات (Getty)

بدأ اليوم التاسع للثورة اللبنانية ساخنًا منذ ساعات الصباح الأولى استعدادًا لخطاب الأمين العام لحزب الله، بعد ليلة أقل سخونة شهدت خطابًا أقل شدة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، إلا أن المشترك الوحيد بين الخطابين هو رد فعل الساحات والميادين في لبنان، وهو استمرار التظاهر والاحتجاج ورفع شعار "الشعب يريد إسقاط النظام".

كان المشترك بين خطابي عون ونصر الله هو رد فعل الساحات والميادين في لبنان، وهو استمرار التظاهر والاحتجاج

وكان رئيس الجمهورية قد خرج أمس في أول ظهور له منذ بدأت الانتفاضة الحالية في خطاب متلفز ومسجل مُسبقًا، رأى الكثيرون أنه لم يكن على قدر اللحظة والانتفاضة الحالية، فبجانب الحالة الصحية غير الجيدة التي بدا عليها عون، فقد كانت رسائله أيضًا أقل مما كان ينتظره المتظاهرون، فقد دعا الرئيس في خطابه إلى حوار بينه وبين ممثلين عن الحراك لشرح مطالبه وآليات تنفيذها، مؤكدًا على أن تغيير النظام يتم عبر المؤسسات الدستورية وليس عبر الخروج إلى الشارع، مُشيدًا بورقة الإصلاحات التي أعلنها رئيس الوزراء سعد الحريري.

اقرأ/ي أيضًا: التظاهرات اللبنانية.. احتجاج بالفكاهة

وقد عبرت الساحات والميادين في لبنان عن رفضها لخطاب رئيس الجمهورية واعتباره أضعف رد ممكن أن يحدث على انتفاضة كبيرة تطالب باقتلاع النظام الحالي من جذوره ومحاسبة رموزه ومسؤوليه، كما امتلأت الصفحات والحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات السخرية والتقليل من أهمية وجدية الخطاب، فضلًا عن الملاحظات التي أبداها المتابعون على الحالة الصحية للرئيس والتي كانت وراء خروجه في خطاب مسجل وليس على الهواء مباشرة مثلما كان يفعل هو وباقي السياسيين اللبنانيين.

وبعد ليلة حافة بالهتافات والشعارات التي ملأت الساحات، توافد المتظاهرون على الساحات استعدادًا لاستكمال ثورتهم ولبدء يومهم التاسع على التوالي من التظاهر والذي كان متوقعًا أن يشهد خطابًا للأمين العام لحزب الله في تمام الساعة الرابعة بتوقيت بيروت، تعليقًا على ما يجري من وقائع، والذي هو الخطاب الثاني له منذ بدء الانتفاضة.

وقبيل بدء خطاب نصر الله قام بعض من أنصار حزب الله تتقدمهم سيارة تحمل مكبرات صوت بالهجوم على المتظاهرين في ساحة رياض الصلح مرددين هتافات لزعيم الحزب، ورافضين الهتافات ضده، وقاموا بتكسير خيام المعتصمين والاعتداء على المتظاهرين بالعصيّ والحجارة، وقام بعض المتظاهرين برد ضعيف، بينما حاولت قوات مكافحة الشغب التفريق بين الفريقين ولكن دون جدوى حقيقية، وقد نتج عن تلك الاعتداءات إصابة عدد من المتظاهرين.

وقد بدأ نصر الله خطابه بتوضيح لخطابه السابق الذي قال إنه قد فُهم خطأ من بعض المحللين ومن المتظاهرين، مؤكدًا على احترام الحراك وتقديره أكثر من تفهمه لمطالب الناس التي وصفها بالعادلة، وتوضيح بأن عدم قدرة حزبه على النزول للحراك لها أبعاد غير التي أولها المتابعون، حيث إنهم لا يريدون تسييس الحراك أو أخذه إلى جانب معين، قائلًا بأنه يجب أن يكون بعيدًا عن الأحزاب والتيارات، وأن الحزب إذا نزل الحراك فستكون هناك انتقادات واسعة للحراك من الخارج والداخل.

 

 

 

كما نفى الأمين العام تهديد المتظاهرين أو تحذيرهم وأن تهديده كان ضد السلطة، مؤكدًا على أن الحراك قد حقق إنجازات وإيجابيات كبيرة يجب الحفاظ عليها، مثل إنجاز الميزانية العامة للدولة خالية من الضرائب الجديدة أو الرسوم وبعجز طفيف، وهو ما لم يحدث من عشرات السنين، وكذلك ورقة الإصلاحات التي أخرجها رئيس الحكومة، والتي وصفها بأنها جيدة رغم أنها دون الطموحات والتوقعات ولكنها خطوة متقدمة، مؤكدًا على أن الورقة ليست وعودًا ولا حبر على ورق وإنما قرارات بمهل زمنية محددة ومشاريع قوانين لإقرارها في البرلمان، ولن يسمح حزب الله بتسويفها أو ذهابها سدى، على حد وصفه.

 كما ألمح إلى أن أبرز إنجازات الحراك هو إيجاد مناخ يفتح الباب لمكافحة الفساد والأخطاء، وهو ما يجب أن تستغله القوى السياسية الجادة في إصلاح البلد، مطالبًا برفع السرية المصرفية ورفع الحصانة عن كل من يتصدر للشأن العام وإطلاق يد القضاء للمحاسبة ومكافحة الفساد، مُنتقدًا تسخيف تلك الإنجازات من قبل من حققوها.

بعد مقدمة بدت أميل لمطالب الناس، سرعان ما هاجم نصر الله الحراك بلغة أقرب إلى الاتهامات الجزافية، وطالب من المتظاهرين أن تكون حلولهم قائمة على مبدأ عدم الوقوع في الفراغ السياسي والأمني، مُحذرًا بأن هذا الفراغ في ظل الوضع المالي والاقتصادي المتأزم والتوترات السياسية الداخلية والإقليمية والدولية سيؤدي إلى الفوضى والانهيار، وهو ما قد يؤدي لعدم قدرة الدولة دفع الرواتب، حتى للجيش نفسه، قائلًا بأن الفراغ سيكون قاتلًا وقد يؤدي إلى حرب أهلية بعد أن دخل الحراك في نطاق الاستهداف الدولي والإقليمي ولم يعد حراكًا اجتماعيًا وشعبيًا.

وأوضح نصر الله بأن حزبه لا يؤيد إسقاط الحكومة ولا يريد إسقاط العهد ولا يوافق على انتخابات مبكرة، وأن هذا الموقف ليس نابعًا من موقع حماية للسلطة ولا الفساد وإنما من خوفه على البلاد من الفراغ ومن موقع مسؤوليته تجاه لبنان، وقائلًا بأن ذلك يختلف عما فعله حزبه من تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية لأكثر من سنتين ونصف لأن ذلك التعطيل لم يُحدث فراغًا في السلطة ولا في إدارة البلد.

واتهم نصر الله جهات خارجية بتمويل الحراك بمبالغ طائلة يتم إنفاقها في الساحات والميادين، وادعى أنه يمتلك قائمة بقيادات الحراك الذين وصف بعضهم بأنهم أصحاب نوايا حسنة بينما وصف البعض الآخر بأنهم قيادات خفية على علاقة بسفارات وأجهزة مخابرات أجنبية، وبعضهم فاسدون ولهم ملفات داخل القضاء، كما اتهم بعض الدول الخليجية والخارجية وبعض الجهات الأجنبية ووسائل الإعلام الخليجية والأجنبية ووسائل التواصل الاجتماعي باستهداف الحراك في لبنان ومحاولة استغلاله ضد مصلحة لبنان، كما أشار إلى تظاهر بعض اللبنانيين المقيمين داخل الكيان الصهيوني على الحدود مع لبنان وهو ما أبدى تخوفه منه.

اقرأ/ي أيضًا: تقدير موقف: انتفاضة لبنان.. أسبابها وتداعياتها

كما وجه نصر الله حديثًا إلى مناصري حزبه والذين وصفهم بجمهور المقاومة طالبًا منهم عدم الاقتراب من ساحات التظاهر وأن يخرجوا من الميادين، وذلك بعد توجيه سابق قال إنه لم يطلب من أحد التظاهر ولم يمنع أحدًا، مُشددًا على أن حضور الحزب يؤثر على الحراك وشكله ولونه، قائلًا: "اتركوا الساحات لمن هم مقتنعون بالساحات، ونحن نحترم الساحات ومن يتظاهر فيها، وليس لنا مصلحة في الاقتراب"، واصفًا بعض مناصريه الذين خرجوا بأنهم "وجدوا من واجبهم عدم الصمت عن الكلام عن سلاح حزب الله أو أنه تنظيم إرهابي".

قبيل بدء خطاب نصر الله قام بعض من أنصار حزب الله تتقدمهم سيارة تحمل مكبرات صوت بالهجوم على المتظاهرين في ساحة رياض الصلح مرددين هتافات لزعيم الحزب

وأثناء خطاب نصر الله كانت قد انسحبت المجموعة المؤيدة له من ساحة رياض الصلح بينما أتت مجموعة أخرى حاولت الاعتداء على المتظاهرين في ساحة الشهداء، ولكن سرعان ما تصدت لهم قوات مكافحة الشغب وانسحبت سريعًا بعد اشتباكات خفيفة مع المتظاهرين الذين توافدوا وزادت أعدادهم، بينما خرجت مسيرة ضخمة تحمل أعلام حزب الله بالدراجات النارية جابت شوارع الضاحية الجنوبية في بيروت.

 

اقرأ/ي أيضًا:

#لبنان_ينتفض ضد المجموعة الحاكمة.. تطورات الشارع على السوشيال ميديا

استمرار التظاهرات في لبنان ومسلحو الأحزاب يقمعون المحتجين