11-أغسطس-2023
gettyimages

اتهم زعيم المؤتمر الوطني الهندي المعارض راهول غاندي، رئيس الوزراء ناريندرا مودي بالخيانة، لأنه يقتل مفهوم "الهند الأم" (ألترا صوت)

نجت حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، أمس الخميس، من مذكرة حجب الثقة في البرلمان، بعد نقاش استمر لمدة ثلاثة أيام. 

وخلال جلسة مناقشات سحب الثقة اتهم زعيم المؤتمر الوطني الهندي المعارض راهول غاندي، رئيس الوزراء ناريندرا مودي بالخيانة، لأنه يقتل مفهوم "الهند الأم" التي تستوعب مختلف أبنائها، بتحريضِه وحزبه على العنف الديني والعرقي.

وانتقد غاندي، طريقة تعامل مودي مع أعمال العنف ذات الطابع العرقي، المستمرة في ولاية مانيبور منذ أيار/مايو الماضي، بين الأغلبية الهندوسية والأقلية المسيحية في الولاية، التي تشير آخر الإحصائيات الرسمية إلى مقتل نحو 200 شخص، وتشريد نحو 50 ألف.

انتقد غاندي، طريقة تعامل مودي مع أعمال العنف ذات الطابع العرقي، المستمرة في ولاية مانيبور منذ أيار/مايو الماضي

كما اتهم غاندي الحكومة بالتقصير في وضع حد للعنف المستمر في الولاية. وأشار غاندي، إلى أنه كان يمكن للجيش أن يتدخل، ويعيد "السلام إلى المنطقة في يومٍ واحدٍ"، لكن الحكومة رفضت الاستعانة بالجيش في مانيبور.  

وخاطب زعيم المؤتمر الهندي، نواب حزب بهاراتيا جاناتا الذي ينتمي إليه مودي، قائلًا: "هل رأيتم قتل الناس في مانيبور؟، أنتم قتلة الهند الأم، أنتم خونة، ولستم وطنيين. لقد أشعلتم نار الفتنة في مانيبور".

مصالح الطائفة الهندوسية أولًا

وقال منتقدون، إن رفض مودي معالجة الصراع العرقي في مانيبور، عزز علنًا في دولة يحكمها حزب بهاراتيا جاناتا، التصورات القائلة بأن مصالح حزبه والقومية الهندوسية تأتي أولاً في القضايا الداخلية.

بودكاست مسموعة

وأعاد غاندي الاتهامات التي وجهت لمودي في عام 2002 أثناء توليه رئاسة وزراء ولاية غوجارات، حين تعرض مسلمي الولاية لمذبحة قُتل فيها ما لا يقل عن ألف شخص. وينكر مودي دائمًا تواطؤه في ارتكاب أي مخالفات في التعامل مع أحداث العنف التي اندلعت في الولاية آنذاك.

الدفاع عن خياراته

وفي الخطاب الذي ألقاه في البرلمان بعد فشل حجب الثقة عن حكومته، والذي كان مليئًا بالنزعة القومية، قال مودي : "إنهم يحبون تشويه سمعة الهند، وليس لديهم ثقة في شعب الهند وقدراتها"، وأضاف "لقد حاولوا عبثًا كسر ثقة الهنود بأنفسهم من خلال هذا التصويت بحجب الثقة"، معددًا إنجازات حزبه في فترة حكمه المستمرة منذ تسع سنوات.

وهاجم مودي في خطابه، حزب المؤتمر، الذي ينظر إليه على أنه أكبر تهديد لحزب بهاراتيا جاناتا، في خضم استعداد الهند لموعد الانتخابات العامة التشريعية التي ستجرى بعد أقل من ثمانية أشهر .

الصراع في مانيبور

وقاطع نواب حزب المؤتمر، مودي خلال إلقاء كلمته عدة مرات، هاتفين "مانيبور، مانيبور"، ثم خرج كامل نواب المعارضة من قاعة البرلمان.

ولم يمنع انسحاب نواب المعارضة، من إكمال مودي لخطابه، وتطرق للأحداث الجارية في مانيبور، قائلًا: "بالطريقة التي تُبذل بها الجهود، سيكون هناك سلام قريبًا في مانيبور"، وأضاف "أريد أيضًا أن أناشد سكان مانيبور، البلد معكم، هذا المنزل معكم، وسنتكاتف جميعًا ونجد حلًا لهذا التحدي"، وتابع "دعونا نسير معًا، لا نستخدم مانيبور للألعاب السياسية.. نفهم آلامهم وسنجد حلًا".

بدوره، ألقى وزير الداخلية الهندي أميت شاه، باللوم على الاضطرابات في ميانمار المجاورة، في الصراع العرقي في مانيبور، وحث طرفي النزاع على حله من خلال الحوار.

وأخبر شاه البرلمان، أن عدم الاستقرار السياسي في ميانمار دفع آلاف اللاجئين إلى الفرار إلى مانيبور عبر الحدود المليئة بالثغرات.

وحث شاه طرفي النزاع  في مانيبور، وهما أغلبية "الميتي" الهندوسية، وأقلية "الكوكي"، إلى الجلوس إلى طاولة الحوار وحل القضية، والتوصل لاتفاق سلام.

الفرار بسبب العنف الطائفي

وفي سياق متصل، مع أحداث العنف الطائفي الذي تشهده البلاد، نقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن مصادر في الشرطة المحلية والسكان، أن أكثر من ثلاثة آلاف من المسلمين الفقراء، القاطنين في ضواحي العاصمة نيودلهي، اضطروا إلى الفرار، خوفًا على حياتهم، بعد اشتباكات وقعت بين الهندوس والمسلمين، استهدفتهم  هجمات متفرقة.

زكي وزكية الصناعي

وبحسب المصادر، فقد أغلقت المتاجر التي يملكها أو يديرها مسلمون، وتركت  المنازل في منطقتين كبيرتين بالأحياء الفقيرة، بعد أكثر من أسبوع على مقتل سبعة أشخاص في اشتباكات في نوه وغوروغرام بولاية هاريانا المجاورة للعاصمة الهندية.

وبحسب الوكالة، بدأت أعمال العنف في 31 تموز/يوليو الماضي، بعد استهداف موكب ديني هندوسي، نظمته جماعات مرتبطة بحزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي الحاكم، بعد مروره بحي مسلم، ورد انتقامي من خلال الهجوم على مسجد في المنطقة. لكن الهجمات التي استهدفت المسلمين استمرت لأيام، مما أثار مخاوف عائلات كانت قد انتقلت إلى المركز الحضري الجديد في غوروغرام، وهو مركز تجاري مهم، بحثًا عن مصادر للرزق.

وقال شهود عيان، إن إلقاء الحجارة وإحراق وتخريب مسجدين صغيرين في الأحياء الفقيرة، أجبر مئات من الأسر المسلمة على الفرار من منازلهم الصغيرة ذات الغرفة الواحدة، والبحث عن ملجأ في محطة للقطارات.

رفض مودي معالجة الصراع العرقي في مانيبور، عزز علنًا في دولة يحكمها حزب بهاراتيا جاناتا، التصورات القائلة بأن مصالح حزبه والقومية الهندوسية تأتي أولاً في القضايا الداخلية

ويقول السكان من الأقلية المسلمة في غوروغرام، إن الرجال من هندوس يأتون إلى أحيائهم ويهددونهم بالعنف ما لم يغادروا المنطقة.

وقدر رئيس فرع غوروغرام في جمعية علماء الهند المسلمين المفتي محمد سالم، أن أكثر من 3000 مسلم غادروا المنطقة بعد أعمال العنف.

وتأتي الأحداث الأخيرة في سياق التوتر القائم بين أفراد الأقلية المسلمة والأغلبية الهندوسية، حيث تعاملهم حكومة مودي، كما الأقلية المسيحية، بطريقة تمييزية، وتساهم في إشعال الصراعات الطائفية، مع ربطها القومية الهندية بالديانة الهندوسية.