15-فبراير-2021

أدّت إصابة فان دايك مدافع ليفربول إلى خلل في منظومة الريدز كلّها (Getty)

أثبت هذا الموسم بأنه لا اختلاف كبير بين الفريق الذي يعتمد على اللاعب النجم وبين آخر يعتمد على المنظومة، حيث لا ينبغي أن يبقى مصطلح "المنظومة" مجرد مصطلحاً واسعاً يحتمل التأويل. الأساس في التصنيف هو أن اللاعب النجم مثل ميسي أو رونالدو هو من يجلب الحلول، وهو أمرُ واضحٌ لا يحتاج إلى تفسير، لكن ماذا عن المنظومة؟ وما هي منظومة الفريق؟

من المفترض أن المنظومة لا تعتمد على أفراد بحد ذاتهم، إلا أنها تعتمد على دور اللاعب الموجود في مراكز معينة، وأنها لا تتأثر بغياب النجوم، لكن هل يعتبر هذا الأمر صحيحاً بشكل كلي، أم أنه قابل للتفسير بطريقة أخرى؟

أدّت إصابة فان دايك مدافع ليفربول إلى خلل في منظومة الريدز كلّها

التجربة هي خير برهان، لنأخذ ليفربول وتوتنهام كمثالين، صحيح أن نجومية الريدز تتوزع بين الخطوط المختلفة أو ما يسمى بـ"العمود الفقري" للفريق، بدايةً بأليسون في حراسة العرين مروراً بفان دايك في الدفاع وهندرسون في الوسط، وصولاً إلى الثلاثي الهجومي الذي يتمثّل في رئتيّ الفريق محمد صلاح وساديو ماني.

تلقى ليفربول ضربة قاصمة في مباراة إيفرتون بإصابة فان دايك، مما أدى إلى خلل المنظومة كلها، وكذلك أصاب غياب هاري كين توتنهام بالشلل المؤقت وفقدان القدرة على التهديف، وفي الوقت نفسه، يعاني برشلونة في المباريات التي يغيب عنها أسطورته ليونيل ميسي، وتتعدد الأمثلة والتجارب حول تأثير غياب النجوم الرئيسية على مستوى المجموعة وتراجع النتائج.

اقرأ/ي أيضًا: من العشوائيّة إلى التنظيم.. نشأة التكتيك في كرة القدم

برزت أهمية المنظومة بعد الطفرة المالية لبعض الفرق، حيث استطاعت فرق مثل تشلسي، مانشستر سيتي وباريس سان جيرمان اختصار الوقت المتطلب لبناء فريق متكامل، عبر استقطاب أبرز نجوم الكرة، وبدأت تظهر الفجوات المالية بين الفرق في الدوريات المختلفة، الأمر الذي اضطر الفرق ذات الميزانيات المحدودة أن تبحث عن حلول مختلفة للحفاظ على حظوظها في المنافسة.

وفي الحقيقة، تأثرت كرة القدم كثيرًا بظهور أباطرة المال والمستثمرين، وبات من غير الواقعي الحديث عن إمكانية المنافسة بين فرق تمتلك ميزانيات مفتوحة، وفرق أخرى تعتمد على المداخيل الربحية التقليدية، وبدأت سيطرة فرق رؤوس الأموال على الدوريات المحلية، رغم عدم تميزها في المنافسات الأوروبية.

رغم ذلك، شهدت كرة القدم بعض المفاجآت المدوية في السنوات الماضية لفرق لا تمتلك القدرة المالية للتنافس، وأبرز تلك المفاجآت كان فوز ليستر سيتي ببطولة الدوري الانكليزي الممتاز في موسم 2015-2016، وكان ذلك دليلا على إمكانية تفوق الفرق التي تعتمد على المنظومة وحصولها على بطولات كبرى.

لا تعتمد المنظومة على أفراد بحد ذاتهم، بل تعوّل على اللاعب الموجود في مراكز معينة، فلا تتأثر بغياب النجوم، لكن هل يعتبر هذا الأمر صحيحاً بشكل كلي، أم أنه قابل للتفسير بطريقة أخرى؟

لكن وفي ظل الفجوة المالية، لجأت بعض الفرق إلى تطوير منظوماتها الكروية وتحويلها إلى قواعد استثمار، من خلال تنشئة اللاعبين الموهوبين وبيعهم لاحقاً بأسعار عالية، وخير مثال على ذلك هو نادي أياكس الهولندي العريق، والذي يظهر بين الحينة والأخرى كمنافسٍ خجول في البطولات الأوروبية، رغم الإرث الكروي الكبير، استطاع أياكس تنشئة فريق متميز نافس على الدوري الأوروبي في 2018، وخسره في النهائي لصالح مانشستر يونايتد، ثم تابع المنافسة ليصل إلى نصف نهائي دوري الأبطال في موسم 2019 ليخرج على يد توتنهام اللندني، وفي الموسم اللاحق بدأ انفراط عقد المنظومة الهولندية ببيع أبرز النجوم إلى أندية أخرى، بدايةً بقائد الفريق ماتيوس دي ليخت الذي رحل إلى اليوفي، مروراً بفرانكي دي يونغ إلى برشلونة، وليس انتهاءً بالنجم المغربي حكيم زياش الذي حط رحاله في عاصمة بلاد الضباب منضماً إلى تشلسي.

غالباً ما يرتبط نجاح المنظومة بالأفراد المكونين لها، بالإضافة إلى وجود مديرٍ فني ساهم في تشكيلها على مدى سنوات، فعند بدء رحيل الأشخاص تنهار المنظومة في معظم الأحيان، أو تفقد توهّجها وقدرتها على المنافسة، فالمنظومة نهايةً تتألف من أفراد تختلف نجوميتهم وقدرتهم على صناعة الفارق.

غياب ميسي مؤثر، غياب فان دايك مؤثر، غياب كين مؤثر، لكن ماهو الفرق بين المنظومة والنجم؟ الحقيقة أن الهوامش تظل ضيقةً جداً عند محاولة الإجابة على هذا السؤال، وكما هي العادة في كل الأسئلة الصعبة، تبدو العودة للأساسيات هي بداية الحل ومفتاح الجواب، فكرة القدم لعبةٌ جماعية وإن تميّز أفرادها، إن الأحجية المصوّرة لن تكتمل بوجود أفضل قطعةٍ منها فحسب، بل لابد من تواجد كافة القطع حتى الهامشية منها، لتكتمل الصورة ويظهر الإبداع. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

من كرويف إلى كلوب.. أبرز تطوّرات خطّة 4-3-3

خطة 4-4-2.. مُنقذة الإنجليز ومُلهمة السوفييت