22-يوليو-2023
;lkjh

يدعم جوجل بارد لغات عديدة بشكلٍ واسع، من بينها العربية، التي يفهم فيها 16 لهجة عامية (GETTY)

خلال الأسبوع المُنصرم حظي خبر إطلاق جوجل لتطبيقه بارد Bard الذي يعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي، على مساحة واسعة في الأخبار والمنصّات الرقمية، عالميًا وعربيًا، فروبوت الدردشة الجديد يُعد الخطوة التوسعية الأكبر لشركة جوجل في الآونة الأخيرة، وهو يدعم اللغة العربية بشكل أكبر من سابقه، كما يأتي إطلاقه في ظل فورة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطويرها. 

ما هو جوجل بارد؟ 

جوجل بارد Google Bard هو نموذج لغوي كبير، يُعرف أيضًا باسم الذكاء الاصطناعي للمحادثة أو روبوت الدردشة المُدرَّب ليكون إعلاميًا وشاملًا، وقد دُرِّب على كمية هائلة من البيانات النصية، ويتمتع بقدرته على التواصل وإنشاء نصوص شبيهة بتلك التي ينتجها البشر من خلال استجابته لمجموعة واسعة من الطلبات والأسئلة.

ويعد بارد روبوتًا تفاعليًا يستند في عمله إلى تقنية ذكاء اصطناعي طورتها جوجل، ويمكنه الرد على الاستفسارات والطلبات المختلفة بطريقة المحادثة. فهو يعمل بشكل مشابه لروبوت شات جي بي تي ChatGPT، والاختلاف الأكبر بينهما هو أن روبوت جوجل يحصل على معلوماته من الويب.

الأمر الأكثر إدهاشًا هو أن بارد يستطيع فهم الأسئلة بأكثر من 16 لهجة عربية، كما يمكنه فهم السياق العام للحديث مع المستخدم عندما يكتب الأخير أسئلته بلغة عربية ممزوجة بكلمة أو أكثر من أي لغة أخرى

وفي سياق تطوير جوجل للتطبيق توصّلت الشركة إلى تحديثات مُهمة لبارد، إذ بات برنامج الدردشة الآلي المدعوم بالذكاء الاصطناعي يتمتع الآن بالقدرة على التحدث والرد بأكثر من  40 لغة، على الرغم من أنه لم يكن يتقن عند إطلاقه إلا ثلاث لغات فقط، هي الإنجليزية والكورية واليابانية. فقد طورت الشركة الروبوت وأكسبته المعرفة بلغات مثل الألمانية والهندية والإسبانية والعربية والصينية وغيرها.

كما أعلنت شركة جوجل في منتصف الشهر الحالي عن إضافة اللغة العربية إلى بارد، علمًا أنّه يستند إلى نموذج بالم PaLM 2 اللغوي الحديث من جوجل والمصمّم خصيصًا لفهم المعلومات بلغات متعددة.

أما الأمر الأكثر إدهاشًا فهو أن بارد يستطيع فهم الأسئلة بأكثر من 16 لهجة عربية، كما يمكنه فهم السياق العام للحديث مع المستخدم عندما يكتب الأخير أسئلته بلغة عربية ممزوجة بكلمة أو أكثر من أي لغة أخرى، وخاصة الإنجليزية، إذ تفهم المنصة الذكية السياق وتقدم  إجابة كاملة بالعربية الفصحى، ناهيك عن أن واجهة المستخدم تدعم الكتابة من اليمين إلى اليسار. 

زكي وزكية الصناعي

وبالإضافة إلى ذلك، أضافت جوجل مجموعة من الميزات الجديدة لبارد لتسهيل استخدامه وتحسين أدائه بمختلف اللغات.

ويمكن للمستخدم من خلال هذا التطبيق القيام بالتالي:

  • الاستماع إلى ردود بارد بصوت عالٍ من خلال تقنية تحويل النص إلى كلام.
  • حفظ المحادثات السابقة مع بارد وتنظيمها وتعديلها.
  • مشاركة ردود بارد مع الأصدقاء باستخدام روابط قابلة للمشاركة.
  • تصدير رموز  بايثون Python البرمجية إلى منصة ريبليت Replit التفاعلية لتسهيل عمليات البرمجة، ومنصة جوجل كولاب Google Colab التي تساعد المطورين في كتابة وتنفيذ كودات بلغة  بايثون عبر المتصفح.
  • الاستفادة من عدسة جوجل Google Lens –وهي منتج من جوجل يتعرّف على الصور والنصوص ويحللها– إذ يمكن للمستخدمين تحميل الصور ضمن طلباتهم في بارد (ولكن هذه الميزة تتوفر باللغة الإنجليزية فقط حتى الآن).
  • تغيير ردود بارد من حيث الأسلوب، مثل جعلها أكثر مرحًا أو أكثر بساطةً أو أطول أو أقصر أو أكثر احترافية أو أقل رسمية (تتوفّر هذه الميزة باللغة الإنجليزية فقط حتى الآن).

الفرق بين شات جي بي تي و بارد 

على الرغم من أن شات جي بي تي  وجوجل بارد نموذجان لغويان معتمدان على الذكاء الاصطناعي، وقد طوِّرا لإنتاج ردود شبيهة بتلك التي تصدر عن البشر، إلا أنهما يختلفان بعدة جوانب.

وأحد الفروق الأساسية هو الشركات التي تدعم كلًا من الروبوتين، إذ تُعد جوجل شركة تقنية ضخمة ذات موارد هائلة، في حين تدعم شات جي بي تي شركة ناشئة أصغر تركز بشكل حصري على نماذج لغات الذكاء الاصطناعي. نتيجة لذلك، تمتلك جوجل تمويلًا وموارد أكثر للاستثمار في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسينها.

والفرق الآخر هو بيانات التدريب المستخدمة لتطوير النماذج، إذ دُرِّب جوجل بارد على مجموعة بيانات ضخمة من النصوص على شبكة الإنترنت، بينما دُرِّب شات جي بي تي على مجموعة بيانات نصية أصغر بالمقارنة مع بارد، وهذا يعني أن جوجل بارد يصل إلى نطاق أوسع من البيانات النصية، الأمر الذي يجعله أكثر مهارة في إنتاج ردود لطلبات أكثر شمولًا.

علاوة على ذلك، يحتوي جوجل بارد على ميزات فريدة تميزه عن شات جي بي تي، فعلى سبيل المثال، يمكن أن ينتج الشعر وكلمات الأغاني، بينما يركز شات جي بي تي  بشكل أساسي على إنتاج إجابات نصية على طلبات المستخدمين. كما يمكن لجوجل بارد استيعاب الردود وإنشاءها بلغات متعددة، في حين يركز شات جي بي تي  بشكل أساسي على الردود باللغة الإنجليزية.

كيف يبدو مستقبل تقنيات الذكاء الاصطناعي؟

لدى شات جي بي تي ما يقرب من 25 مليون مستخدم يستخدمون النظام الأساسي يوميًا، ويتوقع خبراء أن يستحوذ بارد على مليار مستخدم بمجرد إتاحته للعامة.

يشار إلى أن أسعار أسهم الشركة الأم لجوجل، ألفابت Alphabet، قفزت بأكثر من 4% بالتزامن مع إعلان جوجل توسيع نطاق توفر بارد ليشمل المزيد من البلدان، مع إضافة ميزات جديدة له.

ومع إطلاق التحديثات الجديدة، تأمل جوجل أن تنافس شركات أخرى سبقتها في المجال، مثل بينغ Bing من مايكروسوفت وشات جي بي تي التابع لشركة أوبن إيه آي OpenAI.

وتتزامن تحديثات جوجل بارد مع تراجع الإقبال على تشات جي بي تي، إذ تراجعت نسبة مستخدمي روبوت الدردشة في الشهر الماضي بنسبة تتراوح بين 7 إلى 9% على مستوى العالم، وفقًا لما نقله موقع "إن غادجت" engadget عن شركة تحليل البيانات Similar Web.

نور نعيم: تكمن المشكلة الحقيقية التي تواجه تقنيات الذكاء الاصطناعي، في إنتاج محتوى توليدي مكرر مليء بالمغالطات والأخطاء بناء على مخرجات هذه الأنظمة التي تَعِد بمرحلة جديدة يُعتمد فيها على المخرجات لتصبح مدخلات جديدة، وهو ما يدعم وجود حلقة مغلقة من التحيزات والعنصرية والمعلومات المغلوطة دون وجود أي ضابط يفرز ويقيم مدى دقة هذه المخرجات من عدمه

تقول نور نعيم، الأكاديمية والباحثة في مجال الذكاء الاصطناعي، في حديثها لـ"ألترا صوت"، إن "سوق النماذج اللغوية التوليدية المعتمدة على اللغة الطبيعية شهد نموًا هائلًا ومنافسة متزايدة وشرسة بين كبرى الشركات العالمية، حتى وصل الحال بشركة آبل اليوم لأن تدخل مضمار المنافسة وتعمل على تطوير روبوت ذكاء اصطناعي خاص بها يشبه شات جي بي تي و جوجل بارد، وذلك بعد تسيد الذكاء الاصطناعي لنقاشات الرؤساء التنفيذيين بنمو مستمر يصل لنسبة 21%، كما زاد الاهتمام بالذكاء الاصطناعي التوليدي بنسبة 129% والنماذج اللغوية الضخمة بـ 229%!".

وتشير نعيم إلى أن "القارئ للمشهد يلحظ أن التنافس فيما بين الشركات للتفوق في هذا السوق يأتي من خلال تحسين أداء النماذج وزيادة قدرتها على فهم النصوص وتوليدها بشكل أكثر دقة وذكاء، وتطوير نماذج أكثر إنتاجية وكفاءة بمجموعة متنوعة من المجالات والصناعات مثل الصحة والتعليم والتجارة الإلكترونية والتسويق والترفيه".

"هذه المنافسة الشرسة"، كما تقول نعيم، "تدفع إلى تطور سريع في مجال الذكاء الاصطناعي، ومن المفترض تحسين أداء النماذج اللغوية بما يعود بالنفع على المستخدمين والمجتمع بشكل عام". 

ولكن أعداد مستخدمي تشات جي بي تي تراجعت مؤخرًا، فيما فاجأ الكثيرين، ووفقًا لنعيم، "إذ مازالت تكاليف تشغيل النماذج اللغوية الضخمة بشكلها الحالي اليوم مرهقة حتى بالنسبة لشركة جمعت التمويل بالمليارات، وهو ما يضع هذه النماذج أمام تهديدات حقيقية، فمن السهل إطلاق نموذج ما، ولكن تطويره والإبقاء على جميع العلامات الحيوية فيه لهو الأمر الأصعب  والأعقد". 

تنا

وتكمن المشكلة الحقيقية التي تواجه تقنيات الذكاء الاصطناعي، بحسب رأي نعيم، "في إنتاج محتوى توليدي مكرر مليء بالمغالطات والأخطاء، بناء على مخرجات هذه الأنظمة التي تَعِد بمرحلة جديدة يُعتمد فيها على المخرجات لتصبح مدخلات جديدة، وهو ما يدعم وجود حلقة مغلقة من التحيزات والعنصرية والمعلومات المغلوطة دون وجود أي ضابط يفرز ويقيم مدى دقة هذه المخرجات من عدمه. وكل ذلك يعني أن أي تطوير لنظام جديد مثل بارد سيسرع تطوير أنظمة أخرى، مثل تشات جي بي تي، ولكن هذه المنافسة الشرسة قد تؤدي في الوقت ذاته لنتائج غير محمودة".

وتحذر نعيم من أنه إن لم تأتِ التشريعات والقوانين بما يكبح جماح هذا التطوير السريع، ويوجهه لخدمة المجتمع وتحسين تجربة المستخدم بشكل مباشر، فسنرى تحولًا في المناقشات لتصبح منصبة على كيفية استخدام الشركات لهذه التقنيات على كافة المستويات، وتكثيف توجيه الاستثمارات لها بهدف رفع كفاءة الإنتاج وتحسين تجربة العملاء في استخدام المنتجات.