13-يوليو-2023
;lkj

مثل الذكاء الاصطناعي تحديًا لخصوصية الأفراد والمؤسسات بسبب تعقيد الخوارزميات المستخدمة في أنظمة عمله. (GETTY)

أصبح استخدام الذكاء الاصطناعي (AI) منتشرًا بشكل متزايد في العديد من مجالات حياتنا، بدءًا من الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يمكنه إنشاء أي محتوى باستخدام موجه بسيط إلى الأجهزة المنزلية الذكية التي تتعلم عاداتنا وتفضيلاتنا مع تزايد حجم البيانات التي ننتجها ونشاركها عبر الإنترنت، إذ أصبحت مخاوف الخصوصية أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. 

تعرف الخصوصية بأنها الحق في الحفاظ على سرية المعلومات الشخصية، وهي حق أساسي من حقوق الإنسان، تضمن للأفراد السيطرة على بياناتهم الشخصية وكيفية استخدامها. واليوم أصبحت الخصوصية أكثر أهمية مع استمرار نمو كمية البيانات الشخصية التي يتم جمعها وتحليلها.

 ومع استمرار انتشار الذكاء الاصطناعي في حياتنا، يتوجب علينا أن نبقى يقظين لحماية خصوصيتنا وضمان استخدام التكنولوجيا بشكل أخلاقي ومسؤول.

فيما توفر تقنيات الذكاء الاصطناعي العديد من الفوائد المحتملة، فإن هناك أيضًا العديد من التحديات المهمة التي يفرضها استخدامها. يتمثل أحد التحديات الأساسية في إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي لانتهاك الخصوصية.

يمثل الذكاء الاصطناعي تحديًا لخصوصية الأفراد والمؤسسات بسبب تعقيد الخوارزميات المستخدمة في أنظمة عمله. فعندما يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر تقدمًا، يمكنه اتخاذ قرارات بناءً على أنماط دقيقة في البيانات يصعب على البشر تمييزها، وهذا يعني أن الأفراد قد لا يدركون حتى أن بياناتهم الشخصية تُستخدم لاتخاذ قرارات تؤثر عليهم.

وفيما توفر تقنيات الذكاء الاصطناعي العديد من الفوائد المحتملة، فإن هناك أيضًا العديد من التحديات المهمة التي يفرضها استخدامها. يتمثل أحد التحديات الأساسية في إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي لانتهاك الخصوصية، إذ تتطلب أنظمة الذكاء الاصطناعي كميات هائلة من البيانات (الشخصية)، وإذا وقعت هذه البيانات في الأيدي الخاطئة، يمكن استخدامها لأغراض شائنة، مثل انتحال الهوية أو التسلط عبر الإنترنت.

مؤخرًا تصاعدت وتيرة استخدام روبوتات الدردشة التفاعلية التي تعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي، بفضل قدراتها العالية في المساعدة على إنجاز الكثير من المهام المُتعدّدة، ولكن تبقى هذه الروبوتات غير خالية من العيوب، وثمّة مخاطر حقيقية مرتبطة بالخصوصية كما أشرنا أعلاه  من الضروري أخذ خطوات تأمينية والحذر عند التعامل معها.

وفي هذا المقال سنعرض المخاطر المحتملة لمشاركة بعض المعلومات مع روبوتات الدردشة التي تستند في عملها إلى الذكاء الاصطناعي، والمعلومات التي يجب ألّا تشاركها مع هذه الروبوتات.

أثبتت التجارب والحوادث السابقة وفقًا لخبراء السبرانيين، وجود مخاطر أمنية تنتج عن استخدام روبوتات الذكاء الاصطناعي، إذ تتيح روبوتات الدردشة مثل: تشات جي بي تي  ChatGPT وبارد Bard وبنغ Bing وغيرها إمكانية نشر معلوماتك الشخصية بغير قصد عبر الشبكة العنكبوتية، إذ تجمع هذه الروبوتات بيانات المحادثة وتستخدمها الشركة المُصنعة لتدريبها. ولأن هذه الروبوتات تخزن البيانات في الخوادم، فإنها تصبح عرضة لمحاولات القرصنة.

كمنت

تحتوي هذه الخوادم على كمية هائلة من المعلومات التي يمكن لمجرمي الإنترنت استغلالها بطرق مختلفة. إذ يمكنهم التسلل إلى الخوادم، وسرقة البيانات، وبيعها، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمتسللين الاستفادة من هذه البيانات لمعرفة كلمات المرور والوصول غير المصرح به إلى أجهزتك.

معلومات يجب أن لا تشاركها مع روبوتات الدردشة

من باب الوقاية والاحتراز، ولضمان الحفاظ على الخصوصية وأمن البيانات لا بد من تجنب مشاركة المعلومات التالية :

  1. كلمات المرور

ينبغي تجنب مشاركة كلمات المرور الخاصة بك، فهذه الروبوتات تُخزّن بياناتك في الخوادم وقد يعرّض ذلك خصوصيتك للخطر، فإذا تعرّضت الخوادم للاختراق، يمكن للمتسللين الوصول إلى كلمات المرور الخاصة بك واستغلالها لعمليات قرصنة وعمليات مُضرّة.

  1. المعلومات والبيانات الشخصية

 من الأفضل الامتناع عن مشاركة معلومات الهوية الشخصية مع روبوتات الدردشة، وتشمل هذه المعلومات البيانات الحساسة التي يمكن استخدامها لتحديد هويتك أو تحديد مكانك والتي قد تُعرّضك لاحقًا لعمليات احتيالية وسوء استخدام لبياناتك، مثل موقعك ورقم الضمان الاجتماعي وتاريخ الميلاد والمعلومات الصحية والمستندات الثبوتية كالإفادات الجامعية  وغيرها.

  1. المعلومات الخاصة بالعمل

اعتمد بعض الموظفين على روبوتات الدردشة في أمورهم العملية المرتبطة بالشركات التي يعملون بها، كتلخيص الاجتماعات أو أتمتة المهام المتكررة، ولكن ذلك قد يعرض الشركة لخطر ناتج عن فضح البيانات الحساسة عن غير قصد. لذا، يُعدّ الحفاظ على خصوصية معلومات العمل السرية والامتناع عن مشاركتها مع روبوتات الدردشة أمرًا بالغ الأهمية.

حتى شركات التكنولوجيا العملاقة مثل آبل Apple وسامسونغ Samsung وجي بي مورغان JPMorgan وغوغل Google ، مُطورة بارد Bard ، فرضت قيودًا على استخدام موظفيها لروبوتات الدردشة في أماكن العمل. وفي وقت سابق سلط تقرير بلومبرج الضوء على حالة استخدم فيها موظفو سامسونغ روبوت تشات جي بي تي لأغراض البرمجة وحمّلوا كودًا برمجيًا حساسًا عن غير قصد على منصة نموذج الذكاء الاصطناعي. أدى هذا الحادث إلى الكشف غير المُصرح به عن معلومات سرية حول سامسونغ، مما دفع الشركة إلى فرض حظر على استخدام روبوت الدردشة المعتمد على الذكاء الاصطناعي.

  1. التفاصيل المالية والتجارية

لجأ العديد من المُستخدمين إلى بعض نماذج تقنيات الذكاء الاصطناعي  للحصول على المشورة المالية وإدارة الشؤون المالية الشخصية، علمًا أنها قد تُعزز الثقافة المالية، ولكن من جانب آخر هناك مخاطر محتملة لمشاركة التفاصيل المالية مع الروبوتات.

فعند استخدام روبوت الدردشة مستشارًا ماليًا، فإنك تُخاطر بتعريض معلوماتك المالية لمجرمي الإنترنت المُحتملين الذين يمكنهم استغلالها لاستنزاف حساباتك. وعلى الرغم من ادِّعاء الشركات أنها تخفي بيانات المحادثة، قد يظل بإمكان الأطراف الثالثة وبعض الموظفين الوصول إليها. يُثير هذا مخاوف بشأن التنميط، إذ يمكن استخدام معلوماتك المالية لأغراض ضارة مثل حملات برامج الفدية أو بيعها لوكالات التسويق.

ولحماية معلوماتك المالية من روبوتات الذكاء الاصطناعي، يجب أن تكون مدركًا لما تشاركه معها، ومن الأفضل طرح أسئلة عامة وإضافة معلومات غير شخصية.

  1. الأفكار الشخصية والمشاكل الخاصة

وفي سياق آخر يلجأ العديد من المستخدمين إلى الروبوتات للبحث عن العلاج لبعض الاضطرابات والحالات النفسية أو حتى للدردشة في بعض الأمور التي يحتاجون فيها إلى أجوبة على أسئلتهم ومخاوفهم، ويشاركون أفكارهم الشخصية والحساسة. في هذا الإطار من الضروري معرفة أن روبوتات الدردشة تقدم فقط ردودًا عامة على الاستفسارات المتعلقة بالصحة النفسية وغيرها، وهذا يعني أن الأدوية أو العلاجات التي تقترحها قد لا تكون مناسبة لاحتياجاتك الخاصة ويمكن أن تضر بصحتك وصولاً إلى حد خطر انتحار الأفراد في بعض الأحيان. وهنا لا بد من التذكير بحادثة الشاب البلجيكي الذي أقدم على الانتحار بعد قضائه شهرًا ونصف الشهر في التحاور مع برنامج دردشة الذكاء الصناعي (إليزا). ووفق ما تناقلت الصحف البلجيكية في حينها فإن الشاب اعتقد أن الحديث مع تطبيق ذكاء صناعي قد يعينه على إيجاد إجابات شافية لأسئلته، إذ كان قد فقد الأمل في قدرة الإنسان على حل مشاكل البيئة والمناخ، وعوّل على الذكاء الصناعي لحلها إلى أن دفع به الأمر إلى الانتحار بعد أن أقنعه برنامج الدردشة بفعل ذلك.

لذا فإن مشاركة الأفكار الشخصية مع روبوتات الدردشة بالذكاء الاصطناعي، تثير مخاوف كبيرة من انتهاك الخصوصية وتعرّض حياتك وخصوصيتك للخطر، وقد تتسرّب أفكارك الخاصة عبر الإنترنت. ويمكن لقراصنة الإنترنت استغلال هذه المعلومات للتجسس عليك أو بيع بياناتك.

ومما لا شك فيه أن الروبوتات التي تعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي تُقدّم خدمات مميزة على كافة الأصعدة، ولكنها آلة تعمل وفق برمجيات مُحدّدة تجعلها غير قادرة أحياناً على إدراك المخاطر المُستجدة إن لم تكن قد بُرمجت عليها عند تأسيسها، وهذا ما يُعرضها لخطر القراصنة الرقميين. وكما نأخذ الحيطة والحذر في حماية تطبيقاتنا على وسائل التواصل الاجتماعي تفاديًا للهجمات الاحتيالية وعمليات الابتزاز الإلكتروني وغيرها، يُتوجّب علينا أيضًا الحذر من هذه الروبوتات التي لا زالت قيد التطوير والتأمين من قبل مبرمجيها وصانعيها وهذا ما تشير إليه الدراسات ذات الصلة.