28-ديسمبر-2022
gettyimages

معارك مستمرة في محيط باخموت وسفاتوف دون تحرك خطوط القتال (Getty)

عادت كل من أوكرانيا وروسيا إلى الحديث عن محادثات السلام والتسوية الممكنة للحرب لكن في ظل تباينات كبيرة حول مقتضيات التسوية وشروط إنهاء الحرب، وتحْدث هذه التطورات السياسية في وقت ما تزال فيه المعارك مشتعلة على جبهات القتال جنوبي أوكرانيا وشرقها.

عادت كل من أوكرانيا وروسيا إلى الحديث عن محادثات السلام والتسوية الممكنة للحرب لكن في ظل تباينات كبيرة

سلام بشروط بعيدة المنال

دعت أوكرانيا على لسان وزير خارجيتها ديميترو كوليبا إلى عقد قمة للسلام برعاية الأمم المتحدة ووساطتها، واقترح كوليبيا عقد القمة بنهاية شباط/فبراير 2023.

إلا أن الوزير الأوكراني ربط عقد قمة السلام بمثول روسيا أمام محكمة لجرائم الحرب قبل أي محادثات مباشرة تخوضها مع كييف.

وكان وزير الخارجية الأوكراني قد قال في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس، "إن جميع الحروب تنتهي بطريقة دبلوماسية وتكون نتيجة للتطورات في ميدان المعارك والحوار على طاولة المفاوضات" مؤكدًا أن "الدبلوماسية تؤدي دورًا مهمًا في إنهاء الصراع".

getty

وتعليقًا منه على المبادرة الأوكرانية أصدر الكريملن بيانا قال فيه "إن روسيا لا تتبع شروط الآخرين في التفاوض أبدا وترفض الإملاءات من طرف أيّ كان" وذلك وفقا لما نقلته وكالة سبوتنيك الروسية.

وفي المقابل اقترحت موسكو على كييف رفع الراية البيضاء والاستسلام دون أي شروط "أو مواجهة حرب مستمرة". وجاء الاقتراح الروسي على لسان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذي أكّد أن أوكرانيا مدركة جدًا لمطالب موسكو المتمثلة "نزع السلاح" و"القضاء على النزعة النازية" حسب تعبيره، في إشارة إلى أنه دون تحقيق تلك المطالب فإن الحرب ستستمر.

ودعا لافروف بشكلٍ صريح كييف إلى "التحرك للقضاء على التهديدات لأمن روسيا، وإلا فإن الجيش الروسي هو الذي سيحسم الأمر"، بحسب ما نقلته عنه وكالة أنباء روسيا.

ولم يفوت لافروف الفرصة للحديث عن الدور الغربي والأمريكي وتمرير رسائل إلى الناتو تهدّد بخطر اندلاع مواجهة نووية. وربط لافروف في هذا الصدد استعداد بلاده لبحث القضايا الأمنية بشأن أوكرانيا، بإدراك واشنطن سلبية مسارها الحالي، وفق قوله. معتبرًا أن الجلوس لطاولة الحوار بشأن أوكرانيا مع الولايات المتحدة في ظل وجود إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن التي أعلنت أنها تهدف لإلحاق هزيمة إستراتيجية بروسيا مستبعد جدًا.

وتفاعلا مع  تصريحات لافروف، أكّد المستشار في الرئاسة الأوكرانية ميخائيل بودولياك أن "تهديدات لافروف والتعبئة العسكرية والعقود السرية التي تبرمها روسيا مع إيران، لن يساعدها على مواجهة الواقع"، متابعًا القول "سنواصل نزع سلاح روسيا، وستطرد القوات الروسية من كامل الأراضي الأوكرانية، وعلى روسيا انتظار النهاية بصمت".

getty

وذهب مستشار الرئيس الأوكراني أندريه يرماك في رده على تصريحات لافروف إلى القول إن استراتيجية بلاده العسكرية لعام 2023 لن تكون مريحة لروسيا بالمرة، لأن هدفها هو استعادة كامل الأراضي الأوكرانية، لا سيما شبه جزيرة القرم.

وتعليقًا من الأمم المتحدة على دعوة الخارجية الأوكرانية لرعاية مبادرة للسلام والوساطة قالت المتحدثة باسم الأمم المتحدة إنه "لا يمكن للأمين العام أنطونيو غوتيريش، التوسط بشأن أوكرانيا، إلا إذا أرادت جميع الأطراف ذلك".

التطورات الميدانية.. استمرار معارك الشرق والجنوب

لم تتوقف المواجهات طيلة 48 ساعة الماضية في جبهات القتال المختلفة وبالتحديد في باخموت وفي دونيتسك، وبالقرب من سفاتوف في لوغانسك، ففي تلك المناطق واصلت القوات الروسية عمليات القصف دون الحديث عن اختراقات من أي نوع، حيث ما تزال خطوط السيطرة على حالتها في ظل المقاومة القوية للقوات الأوكرانية.

وفي هذا الصدد أكدت هيئة الأركان العامة الأوكرانية أن" قوات الجيش الأوكراني صدت هجمات روسية عدة، في المنطقة المحيطة بمدينة باخموت" وهي محل الصراع حاليًا في إقليم دونيتسك الواقع شرقي أوكرانيا.

وأضافت هيئة الأركان الأوكرانية أن مدفعيتها "قصفت القوات الروسية في قرية بولوفينكينو في إقليم لوغانسك المجاور، مما أسفر عن مقتل أو إصابة نحو 150 مقاتلًا روسيًا" حسب بيان صادر عن الهيئة. وتابع ذات البيان أن "ضربات مدفعية مماثلة استهدفت جنودًا روسًا في إقليم خيرسون في الجنوب، أسفرت عن مقتل نحو 50 جنديًا وإصابة 100 آخرين".

getty

وفيما يخص محور دونيتسك أفادت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها تواصل هجماتها هناك، "وقتلت 40 عسكريًّا أوكرانيًّا، في هجمات لقواتها على المحور الجنوبي من مدينة دونيتسك". وذكر بيان القوات الروسية "أنها دمرت ورشًا لإصلاح أسلحة الجيش الأوكراني في مدينة كراماتورسك شرقي إقليم دونباس، وأن إجمالي خسائر أوكرانيا خلال يوم واحد بلغ نحو 100 عسكري، مع تدمير آليات عدة".

وتعليقًا من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي على هذه التحركات الروسية قال زيلنسكي إن "الروس يضغطون بكل إمكانياتهم ومواردهم في إقليم دونباس شرقي البلاد، لتحقيق بعض التقدم في تلك الجبهات"، مؤكدًا أن الوضع في باخموت وكريمينا ومناطق أخرى في الإقليم "صعب ومؤلم"، ويتطلب أقصى قدر من القوة والتركيز وفق تعبيره.

أمّا في الشمال فقد أكّدت مصادر مختلفة قيام "قطاعات من دبابات الحرس الأول في الجيش الروسي التي تم نشرها مؤخرًا في بيلاروسيا بتدريبات تسبق إعادة الانتشار"، وذلك في ظل تزايد الحديث عن إمكانية فتح روسيا جبهة قتال جديدة من هنالك لتشديد الخناق على كييف ولدفع القوات الأوكرانية إلى خفض وجودها في مناطق الشرق والجنوب، وإن كانت مصادر استخباراتية بريطانية ذكرت أنه من "غير المرجح أن تكون لدى القوات الروسية في بيلاروسيا وحدات الدعم اللازمة لجعلها جاهزة للقتال".

معركة الطاقة الاستراتيجية

وتتوقع كييف أن تلجأ روسيا خلال الأيام القليلة القادمة وبمناسبة أعياد الميلاد إلى استخدام القذائف وصواريخ كروز في تنفيذ "هجوم واسع النطاق، ليلة رأس السنة الميلادية تستهدف شبكة الطاقة بغية إلحاق ضرر كبير بها"، وذلك حسب بيان نقله التلفزيون الأوكراني عن وزير الطاقة في حكومة كييف، الذي أكد في ذات الكلمة أنه: "يجري العمل على إصلاح الشبكة في الوقت الراهن على وجه السرعة، لتمكين الأوكرانيين من الاحتفال بالعام الجديد دون انقطاعات، ولكن هذا لن يكون ممكنًا حال وقوع هجمات روسية جديدة" على حد قوله.

وسبق للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن أكّد أن جميع محطات الطاقة في بلاده تضررت أو دمرت من قِبل الروس، وأنّ نحو 9 ملايين أوكراني باتوا بلا كهرباء جراء الضربات الروسية على البنية التحتية في البلاد، محذرًا من أن القوات الروسية ستهاجم شبكة الكهرباء بأوكرانيا مجددًا، مؤكدًا على أن عودة الكهرباء تحصل بشكلٍ تدريجي.

في سياق متّصل بملف الطاقة وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الثلاثاء، مرسومًا "يحظر إمدادات النفط للدول التي فرضت سقف أسعار على النفط والمنتجات البترولية الروسية".

وجاء في المرسوم المنشور على موقع الرئاسة الروسية ما نصّه: "يحظر توريد النفط والمنتجات النفطية الروسية، إلى الأفراد والكيانات الاعتبارية الأجنبية، بشرط أن تنص عقود هذه التوريدات، بشكل مباشر أو غير مباشر، على استخدام آلية تحديد الأسعار، وينطبق الحظر المعمول به على جميع مراحل التوريد للمشتري النهائي".

ووفقا لذات المرسوم يدخل الحظر على إمدادات النفط بموجب سقف السعر حيز التنفيذ في الأول من شباط/فبراير 2023، ويسري حتى  الأول من تموز/يوليو 2023، كما أفاد المرسوم الروسي أن الحكومة الروسية "ستحدد تاريخ الحظر على توريد المنتجات البترولية".

يدخل الحظر على إمدادات النفط بموجب سقف السعر حيز التنفيذ في الأول من شباط/فبراير 2023، ويسري حتى  الأول من تموز/يوليو 2023

وكان الاتحاد الأوروبي وأستراليا وافقوا خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر على وضع سقف لبرميل النفط الروسي المنقول بحرًا بما لا يتجاوز 60 دولارًا، ضمن حزمة العقوبات المفروضة على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.