24-يناير-2019

توم كريستينسن (1893-1974)

ألترا صوت - فريق التحرير

تعدّ رواية "هدم" للكاتب توم كريستينسن (1893-1974) التي صدرت عن "منشورات المتوسط"، بترجمة دُنى غالي، إحدى روائع كلاسيكيات الأدب الدنماركي.

تناول "هدم" لتوم كريستينسن الشك الذي يُصيب الإنسان في بحثه عن الحقيقة

تناول الرواية بتحليل عميق الشكَّ الذي يُصيب الإنسان خلال بحثه المحموم عن الحقيقة، ومعنى وجوده، ومدى أهمِّيته. من خلال حزمة من الأسئلة: ما معنى الدِّين ودوره؟ هل تختلف الكاثوليكية في نظرتها إلى الإنسان؟ ومن الذي يقرّبُ الإنسان من المسيح؟ هل هو سُكْره وانسحابهُ؟ أم إيمانهُ الدِّيني؟

اقرأ/ي أيضًا: تشارلز ديكنز.. من أين نبدأ؟

هذا ما دفعَ صاحب نوبل للآداب (1930) كنوت هامسن لكتابةِ رسالةٍ يوم 6-12-1930 إلى كريستينسن، بعد أن فرغ من قراءة الرواية، وجاء فيها: "لقد عشتُ ليومٍ وليلةٍ مع ياستراو والآخرين، لكن رفقتي لهم انتهت الآن، وها أنا أجلس مريضًا بشوقي للمزيد منهم. أشعرُ بفراغٍ كبيرٍ حقًا بانتهائها. لا أدري إن كنت قد أُخِذْتُ يومًا بكتابٍ ما في حياتي، وزوجتي شهدت كيف كنتُ أقرأ – أقرأ وأستشهد – وهي قد شرعت بقراءتها الآن. عملٌ عبقري عظيم. أرجو منك أن تتقبَّل مني خالص التهنئة. لديَّ كتبي، ولا ينقص العالم كتبٌ، ولكن عليَّ الآن أن أتواضع، فلا كتاب مثل كتابك".

تدور الرواية حول شاعرٍ وصحفي معروف، يعمل في أكبر الصحف الدنماركية، يعيش حياة مستقرة، بدخلٍ ثابت، وعائلة، وأطفال، وشقة راقية، قرَّر فجأة أن يهدم حياته. هذا القرار، كما سوف نرى، يتجاوز طابع التمرُّد الشخصي إلى اضطرابات مرحلةٍ زمنية كاملة.

تدور أحداث الرواية في فترة من تاريخ الدنمارك، جرى فيها الكثيرُ من المتغيرات سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وهي الفترة ما بين الحربين التي تناولها الأدب الأوروبي بتوسُّع. عُدَّت الرواية وثيقةً لما أطلق عليه جيل ما بين الحربين الضائع، وظهرت انعكاساته واضحة عبر فصول الرواية متمثِّلة في استعراضٍ دقيق ممتع لإيقاع المدينة، ونبضها، في مرحلة أواخر العشرينيات.

إنَّ البطل الذي يُديرُ أسئلته، ويتفحَّصُها، يواصلها نحو الحدود الوجودية كالأبدية، والخلود، بيد أنَّه يعود بها إلى الواقع الإنساني الفعلي، متسائلًا إن كان اتّباع الرّغبات، بممارسة الجنس وشرب الكحول والانغماس بالملذَّات هو الطريقُ نحو الأبدية؟ وما القيم الأخلاقية؟ هذه المشاغلُ الذهنية التي اهتمَّ بها الروائي توم كريستينسن في روايته هذه لم تكن غريبة عن اهتمامات الجيل الذي عاش الدَّمار، ولازمه الشكّ في المثل العليا بعد حدوث انحرافٍ أخلاقي، خلَّفته الحرب العالمية الأولى. ومن الواضح أنَّ ما وصفه في رحلة آلام بطله كان موضوعة حية عصرية وجوهرية في الأدب العالمي.

يتساءل بطل توم كريستينسن إن كان اتّباع الرّغبات، بممارسة الجنس وشرب الكحول والانغماس بالملذَّات، هو الطريقُ نحو الأبدية؟

يذكر أن توم كريستينسن شاعر وروائي وناقد وصحفي. حصل على شهادة الماجستير في الأدب الدنماركي والألماني من جامعة كوبنهاغن 1919. تمتَّع كريستينسن بمكانة مرموقة وتقدير كبيريْن في حياته، ومُنِحَ وسام شرفٍ من مدينته لاحقًا. كان من المساهمين بتأسيس الأكاديمية الدنماركية عام 1960، وحصل على العديد من الجوائز الأدبية، من ضمنها السعفة الذهبية عام 1954.

اقرأ/ي أيضًا: سفيتلانا أليكسيفيتش.. الحقيقة بوصفها أمّ الأدب

في عام 2006 أُدرجت روايته "هدم" تحت (قائمة الكانون – قائمة الأدب المعتمد لوزارة الثقافة الدنماركية) وعُدَّ من أهمِّ الإضافات للأدب الدنماركي من قبل أهم كُتَّاب جيله.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أمبرتو إيكو.. عن الكتب التي لا نقرؤها

غير دانتي وأمبرتو إيكو.. 5 كتاب إيطاليين يجدر بك القراءة لهم