15-فبراير-2023
زلزال تركيا

تفتقر المؤسسات الصحية في شمال سوريا إلى الكثير من المعدات الأساسية في عملها (Getty)

قدمت صحيفة الغارديان البريطانية، في تقرير لها، مأساة السوريين في مدينة إدلب، عبر قصة محمد هادي، الذي فقد زوجته وطفلتيه، في الزلزال المدمر الذي ضرب شمال سوريا وجنوب تركيا يوم الإثنين الماضي. 

قدمت صحيفة الغارديان البريطانية، في تقرير لها، مأساة السوريين في مدينة إدلب، عبر قصة محمد هادي، الذي فقد زوجته وطفلتيه، في الزلزال المدمر

يقول محمد باكيًا "كنا نائمين حين وقع الزلزال، ظننت إنّها غارة جوية، فركضت إلى الخارج، وأمسكت بزوجتي واثنين من أطفالي، وأخذتهم معي، زوجتي كانت متشبثة بيدي ونحن نركض"، وتابع "لكن بعد أن خرجنا، أدركت أن ابنتينا لا تزالان في الداخل، فركضت عائدًا لإنقاذهما"، وروى أنه شاهد وميضًا أبيضًا لحظة حدوث الزلزال، اختفى بعدها، ووقف يراقب انهيار المبنى المكون من 5 طوابق، ليكشف على أنقاض ما كان في السابق منزله الجديد، أن الزلزال أودى بحياة ابنتيه وزوجته.

استطاع هادي إنقاذ طفلين آخرين له، ابن وابنة، وقال "احتاج عمال الإنقاذ 3 أيام لإخراج الجثث، لأن شقتنا كانت في الطابق العلوي". 

كانت خيمة هادي من بين ما لا يقل عن 65 خيمة أخرى منتشرة على التلال الصخرية في بلدة حارم بمحافظة إدلب شمال غرب سوريا، وجميعها تطل على منازل ساكنيها السابقة، التي دمرها الزلزال، وكان "الغبار الأبيض المنبعث من الكتل الخرسانية يتناثر عبر التلال ليعلق في حلق كل من يصل إليه"، بحسب وصف الصحيفة.

getty

قصة هادي، تعكس بشكلٍ مختصر وحزين كيف فاقم الزلزال من الأزمة الإنسانية في محافظة إدلب، التي لا تزال تعاني بسبب هجمات النظام السوري، إلى جانب ما تواجهه حاليًا من خطر انتشار الكوليرا، لا سيما في مخيمات النازحين.

أدى الزلزال إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في إدلب، حيث تُعد الخيام المقامة حديثًا، منازل لأشخاص نزحوا من قراهم الأصلية بعد أن هاجمتها قوات بشار الأسد حليفته موسكو، ما دفعهم إلى البحث عن مستقر بديل في إدلب.

في مكان قريب، توجد مدرسة سابقة تحولت إلى مستشفى خلال أزمة "كوفيد-19"، كانت "الفتيات يمسكن بالمحاليل الوريدية في أذرعهن، ويصرخن ألمًا من إصاباتهن"، وقالت الطبيبة فاطمة الطُفران "الممرات كانت مليئة بالناس".

حاول العاملون في المجال الطبي التعامل مع الأزمة الأخيرة التي تعرضت لها المنطقة، إذ قال المسؤولون المحليون إنهم كانوا يعملون جاهدين على احتواء تفشي الكوليرا، الناجم عن تلوث نهر في المنطقة قبل وقوع الزلزال. وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت قبل وقوع الزلزال، عن أن "2,1 مليون شخص في شمال غرب سوريا معرضون بشدة لخطر الإصابة بالكوليرا".

ونقلت الصحيفة عن وجيه الكرّاط، رئيس الأطباء في المستشفى الذي كان مدرسة، قوله إن "المستشفى الصغير يعمل على قدم وساق، ويفتقر إلى معظم الإمدادات الطبية الأساسية، والأدوية اللازمة لعلاج الناجين من الزلزال"، وأضاف أنه "يخشى عودة ظهور حالات الكوليرا"، وتابع "أشعر بقلق بالغ بكل تأكيد، لأن إمدادات المياه تضررت أكثر من ذي قبل، والمياه ملوثة وبنيتنا التحتية مدمرة".

أمّا وزير الصحة في حكومة الإنقاذ، حسين بازار، فقال إن "الخدمات الطبية في إدلب ضعيفة نتيجة سنوات من الهجمات التي شنها نظام الأسد حتى قبل كوفيد-19، والآن زاد الزلزال من تدهورها"، وأشار إلى أن "المنطقة تخرج من أزمة لتقع في أخرى، بسبب قلة الإمدادات التي تتلقاها".  فيما تحدث أطباء في المنطقة، عن أنهم يحلمون بالحصول على معدات حديثة، أو حتى الأدوات الجراحية الأساسية، وقال طبيب من مستشفى في باب الهوى، المنطقة الحدودية مع تركيا، إننا "نحتاج إلى بناء مرافق طبية مناسبة من الألف إلى الياء، ولكن علينا أن نتعامل ونؤدي واجبنا بما لدينا".

الخوذ البيضاء

إلى ذلك، وفي سعيها إلى منع وصول المساعدات الانسانية إلى المناطق الخارجة عن سيطرة نظام بشار الأسد، رفضت روسيا، دعم "فتح معابر حدودية بقرار أممي"، واعتبرت ذلك "انتهاكًا للسيادة السورية".

فقد اختتمت جلسة مجلس الأمن الدولي المغلقة لبحث دعم منكوبي الزلزال في شمال سوريا، بدون عرض مشروع قرار لدعم فتح معابر حدودية إضافية. وساد خلاف وتباين في المواقف خلال الجلسة التي خُصصت للتصويت على قرار يُلزم النظام السوري بفتح المعابر أمام قوافل الإغاثة إلى شمال سوريا.

وكانت مندوبة الولايات المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا غرينفيلد، قد ناشدت مجلس الأمن الدولي في وقت سابق، المصادقة على فتح معبرين إضافيين في سوريا، وقالت في لقاء تلفزيوني مع شبكة "MSNBC" الإخبارية الأمريكية، إن "تأخير فتح المزيد من المعابر يعني موت مزيد من ضحايا الزلزال في سوريا".

وحذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من أن تؤدي آثار الزلزال الأخير إلى تفاقم أوضاع الأسر السورية، وقالت اللجنة ‏"يجب ألا توضع أي عراقيل أمام المساعدات الإنسانية المحايدة وألا تخضع للتسييس"، وأضافت "الحاجة إلى المساعدة الطارئة في سوريا، بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق بعد 12 عامًا من الحرب المدمرة وتدمير نصف المرافق الصحية"، وتابعت: "العائلات السورية تحتاج إلى الإمدادات الأساسية من غذاء ومأوى وأدوية، وأن تمويل العمل الإنساني في سوريا منخفض للغاية".

حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من أن تؤدي آثار الزلزال الأخير إلى تفاقم أوضاع الأسر السورية

يأتي تحذير الصليب الأحمر الدولي في وقت يزداد فيه وضع آلاف الأسر المتضررة من الزلزال في الشمال الغربي سوءًا، في ظل قلة المساعدات وتعثر الإغاثة، والضغط الكبير الذي تواجهه المنشآت الصحية في المنطقة.