07-ديسمبر-2023
اعتبر غوتيريش الوضع في غزة تهديدًا للسلم والأمن الدوليين (GETTY)

اعتبر غوتيريش الوضع في غزة تهديدًا للسلم والأمن الدوليين (GETTY)

في خطوة غير مسبوقة، وجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رسالة إلى رئيس مجلس الأمن حول تفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تتيح له "لفت انتباه مجلس الأمن" إلى أن الوضع في غزة يمكن أن يعرض حفظ السلام والأمن الدوليين للخطر.

وحث غوتيريش في رسالته أعضاء مجلس الأمن، الضغط بقوة لتفادي وقوع كارثة إنسانية في قطاع غزة، وإعلان وقف إطلاق نار إنساني. مشددًا على "احترام جميع الأطراف جميع التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني. وهذا يعني الإفراج غير المشروط الآن عن المحتجزين في غزة، وحماية المدنيين والمستشفيات ومرافق الأمم المتحدة والملاجئ والمدارس. وإمكانية الوصول دون عوائق لتقديم الإمدادات إلى جميع المحتاجين في غزة، وإنهاء استخدام المدنيين دروعًا بشرية، ولا ينبغي أن يكون أي من هذه النداءات مشروطًا بنداءات أخرى"، وفق قوله.

حث غوتيريش في رسالته أعضاء مجلس الأمن على الضغط بقوة لتفادي وقوع كارثة إنسانية في قطاع غزة

وأشار الأمين العام للأمم المتحدة، أن المدنيين في جميع أنحاء قطاع غزة يواجهون "خطرًا جسيمًا"، فمنذ "بداية العملية العسكرية الإسرائيلية، أفادت التقارير بمقتل ما يزيد عن 15 ألف شخص، أكثر من 40 % منهم من الأطفال. وأُصيب آلاف آخرون بجروح. ودُمر ما يربو على نصف المنازل إجمالًا. وهُجِّر نحو 80 % من السكان البالغ تعدادهم 2.2 مليون نسمة قسرًا إلى مناطق باتت تتضاءل على نحو متزايد".

وتحدث غوتيريش عن الأوضاع الصعبة التي يعاني منها سكان القطاع، إذ كشف عن لجوء أكثر من 1.1 مليون شخص إلى منشآت وكالة الأونروا في شتّى أرجاء غزة، مما ينشأ عنه "ظروف تشهد الاكتظاظ، وتحطّ من كرامة الإنسان، وتفتقر إلى النظافة الصحية. ولا يجد الآخرون مكانًا يأوون إليه ويجدون أنفسهم مضطرين للمكوث في الشوارع. وتحيل المتفجرات من مخلفات الحرب المناطق إلى أمكنة غير صالحة للسُكن. وما من حماية فعّالة للمدنيين".

وفيما يخص القطاع الصحي، قال الأمين العام للأمم المتحدة، إن نظام الرعاية الصحية في غزة انهار، إذ تحولت المستشفيات إلى "ساحات للمعارك". وكشف عن أن 14مستشفًى من أصل 36 منشأة صحية تزاول عملها جزئيًا. ويعمل المستشفيان الرئيسيان في جنوب غزة بثلاثة أضعاف طاقتهما الاستيعابية، والإمدادات الطبية والوقود آخذة في النفاد منهما. وهذان المستشفيان يؤويان الآلاف من المُهجّرين، في ظل هذه الظروف الصعبة. محذرًا من أن المزيد من الأشخاص سوف يموتون دون أن يحصلوا على العلاج في غضون الأيام والأسابيع المقبلة.

ومع تواصل القصف الذي تشنّه قوات الاحتلال الإسرائيلي، توقع غوتيريش أن ينهار "النظام العام" بكامله قريبًا، في ظل هذه الظروف البائسة من عدم توفّر المأوى أو الأساسيات الضرورية للبقاء على قيد الحياة، وانتشار الأمراض الوبائية، مما يجعل حتى المساعدات الإنسانية المحدودة أمرًا من ضرب المستحيل. بالإضافة للضغط المتزايد الذي يدفع باتجاه التهجير الجماعي إلى البلدان المجاورة.

ما هي المادة 99؟

وتعد المادة 99 من بين المواد الخمس الأكثر أهمية في ميثاق الأمم المتحدة التي تحدد مهام الأمين العام، لأنها "تختص بالسلام والأمن الدوليين". وهي تمنح الأمين العام "سلطة لفت انتباه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين". وتخول الأمين العام "ببدء مناقشة في مجلس الأمن حول قضية معينة للضغط على الأعضاء لاتخاذ إجراءات وخطوات حاسمة في الأمر لحفظ الأمن والسلم الدوليين".

خلال زيارة سابقة للامين العام للأمم المتحدة لمعبر رفح

ونادرًا ما يتم اللجوء إلى المادة 99، وكانت المرة الأولى التي استخدمت فيها المادة 99، وأدت إلى اتخاذ مجلس الأمن الدولي إجراءً، هي رسالة الأمين العام للأمم المتحدة داغ همرشولد المؤرخة في 13 تموز/يوليو عام 1960، والتي يطلب فيها عقد اجتماع عاجل للمجلس بشأن الكونغو. وأدى الاجتماع الذي عقد عقب رسالة همرشولد إلى تفويض المجلس في اليوم التالي لعملية عسكرية تابعة للأمم المتحدة لمساعدة حكومة الكونغو.

تكرار الهجوم الإسرائيلي

وفي تكرار للهجوم الإسرائيلي على الأمين العام للأمم المتحدة، قال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين: إن "فترة ولاية غوتيريش هي ما تشكل خطرًا على السلم العالمي". واعتبر كوهين الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة "يشكل دعمًا لحركة حماس"، وأضاف: "أولئك الذين يدعمون السلام العالمي يجب أن يدعموا تحرير غزة من حماس"، وفق مزاعمه.

بدوره، اتهم المندوب الإسرائيلي الدائم لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان الأمين العام بـ"الانحراف الأخلاقي"، معتبرًا أنه لا يمكن الاحتكام للمادة 99 إلا في حالة "تهديد السلم والأمن الدوليين".

وأشار المندوب الإسرائيلي إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة قرر "تفعيل هذه المادة النادرة فقط من أجل السماح بالضغط على إسرائيل"، وأضاف: "هذا دليل آخر على الانحراف الأخلاقي للأمين العام وانحيازه ضد إسرائيل"، وفق مزاعمه.

وجدد إردان دعوته لغوتيريش بـ"الاستقالة فورًا"، مدعيًا أن "الأمم المتحدة بحاجة إلى أمين عام يدعم الحرب على الإرهاب، وليس أمينًا عامًا يتصرف وفقًا للنص الذي كتبته حماس"، على حد قوله.

تعد المادة 99 من بين المواد الخمس الأكثر أهمية في ميثاق الأمم المتحدة التي تحدد مهام الأمين العام، لأنها "تختص بالسلام والأمن الدوليين". وهي تمنح الأمين العام "سلطة لفت انتباه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين

ويتعرض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لهجمات شديدة من قبل المسؤولين الإسرائيليين الذين طالبوه بالاستقالة، جراء تصريحاته المتعلقة بالعدوان على غزة، إذ اعتبر غوتيريش أن غزة أصبحت "مقبرة للأطفال"، وما يحدث فيها أزمة إنسانية.