08-فبراير-2018

يثبت تحقيق حديث تعاون مالك مؤسسة أورينت غسان عبود مع الإسرائيليين (العربي الجديد)

كشف تحقيق استقصائي لصحيفة العربي الجديد، نشر أمس الأربعاء، عن تنسيق مؤسستي أورينت الإعلامية والإغاثية لمالكهما غسان عبود اجتماعات مع مسؤولين إسرائيليين العام الماضي في مدريد، إضافة لما تضمنه من منشورات مسربة كتبها عبود داخل مجموعة مغلقة لكادر القناة، يحثُ فيها مراسليها في جنوب سوريا على استطلاع أراء السكان المحليين حول الدور الإسرائيلي في المنطقة.

كشف تحقيق استقصائي تعاونًا بين جيش الاحتلال ورجل الأعمال السوري غسان عبود من خلال مؤسسة أورينت التي يديرها في سياق تحسين صورة إسرائيل عربيًا

منشورات مسربة كتبها عبود داخل مجموعة مغلقة لكادر الأورينت

مؤسسة أورينت الإعلامية مملوكة لرجل الأعمال السوري غسان عبود، الذي يعرف عن نفسه عبر صفحته الرسمية على فيسبوك بأنه من مواليد مدينة إدلب في شمال سوريا، وتخرج من جامعة دمشق قسم الصحافة عام 1991، انتقل بعدها إلى الإمارات التي يقيم بها، وفي عام 2009، قام بتأسيس قناة المشرق الفضائية ليكون مقرها الأساسي دبي. حيث تُعرف القناة بقربها من سياسات الإمارات في المنطقة.

وتؤكد تقارير صحفية سابقة أن الإمارات تستخدم "بعض وسائل الإعلام" في الترويج "لدعايات سوداء"، وورد اسم قناة أورينت نيوز بين تلك الوسائل، وهذا يرتبط بما نشره التحقيق الاستقصائي للعربي الجديد عن تعمد استهداف المؤسسة الإعلامية لشخصيات معارضة سورية بشكل دائم في سعيها لتشويه صورتهم أمام الرأي العام.

اجتماعات مدريد.. تعاون إعلامي مشبوه

ووفق ما ورد في التحقيق المطول فإن غسان عبود، ومدير مؤسسة أورينت للأعمال الإنسانية محمد عمار مارتيني، ورئيس العلاقات الدولية في المؤسسة عينها شادي مارتيني، والذي يحظى بمنصب مدير الإغاثة والعلاقات الإقليمية في مؤسسة تحالف الأديان لإغاثة اللاجئين السوريين (MFA) قد حضروا عدة اجتماعات في مدريد مع مسؤولين إسرائيليين منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2016.

وتقول الصحافية ديمة عز الدين في هذا الشأن إن الاجتماع تضمن نقاشًا من شقين أولهما إغاثي، فيما كان الثاني حول "آفاق تعاون إعلامي محتمل "لتحسين صورة الثورة السورية لدى الجمهور الإسرائيلي وتقريب وجهات النظر الإسرائيلية للرأي العام السوري"، وتضيف ديمة عز الدين التي كانت تعمل في المؤسسة الإعلامية للأورينت أن "عبود أقدم على فصلها منها بشكل مفاجئ في منتصف الشهر عينه بسبب رفضها حضور باقي الاجتماعات".

يذكر أنه قبل يومين من تاريخ ظهور التحقيق الاستقصائي، نشرت صفحة إسرائيل تتكلم بالعربية على موقع فيسبوك، صورة لمجموعة أشخاص قالت إنه وفد من تسعة إعلاميين عرب، بينهم سوري ولبناني، يجرون زيارة لـ"إسرائيل" بناءً على دعوة تلقوها من وزارة الخارجية الإسرائيلية، وتأتي هذه الزيارة بالتوازي مع انتشار صورة للأمير البحريني مبارك آل خليفة إلى جانب وزير الاتصالات الإسرائيلي أيوب القرا، خلال "زيارة خاصة" أجراها لإسرائيل، تضمنت "لقاءات مثيرة" وفق ما ورد على لسان آل خليفة في حديثه للإذاعة العامة الإسرائيلية.

اقرأ/ي أيضًا: صرخة ميشيل كيلو "الثورة ليست بخير" تثير ردودًا متباينة

تسريبات المجموعة المغلقة.. "غير المبالي ليس منا"

وبالعودة للتحقيق الاستقصائي، فقد تضمن تسريبات عن مجموعة "مراسلو أورينت نيوز" المغلقة، بينها منشور لعبود يطالب من خلاله مراسلي القناة في جنوب سوريا، وخص بطلبه العاملين في درعا والجولان بتقديم "تقدير موقف يشمل الكتائب العاملة في المنطقة مؤيدة ومعارضة، ومرجعياتها وأطروحاتها وعلاقة الناس معها ودور إسرائيل".

وبعد يوم واحد عاد مذكرًا بمنشور ثان يطالب الالتزام بإرسال "تقدير الموقف" يوميًا، وأن تكون "جزءًا من عمل كل المراسلين، وتكون بمثابة وجبة صباحية للجميع.."، مشددًا على أنها "التزام يومي كامل غير منقوص"، منهيًا حديثه بالقول لمن لا يلتزم بالتعليمات "غير المبالي ليس منا"، وعاد بعدها بنحو شهر ونصف يطالب بمشاركات مرتبطة من المراسلين بمشروع "حسن الجوار".

ويوضح عبود في هذا المنشور أن لدى مؤسسة أورينت الإغاثية مطالب من بعض الجهات في جنوب سوريا، والمنظمات الدولية الإغاثية – دون أن يسمها – للمشاركة في "عمليات الإغاثة عبر الحدود الإسرائيلية"، مشيرًا أنه تلقى "وعودًا وتأكيدات بعدم دفع أي إتاوة أو حصص تستقطعها إسرائيل"، بل على العكس تتحمل الأخيرة "كلفة النقل من حيفا إلى الشمال، ويتحملون مهمة حماية الطواقم الطبية التي ستدخل لعلاج المرضى السوريين" في محاولة لتجميل الدور الإسرائيلي في الصراع السوري الراهن.

اقرأ/ي أيضًا: الاحتلال الإسرائيلي يسعى لتلميع صورته دوليًا عبر "حسن الجوار" مع سوريا

"حماية أمن شمال إسرائيل"

وخلال منشوراته التي عرض التحقيق الاستقصائي صورًا عنها، يُلخص عبود البرنامج الإسرائيلي الأمني بقوله إن: "حماية أمن شمال إسرائيل عبر وجود جار لا يشكل تهديدًا عليهم وتوحيد فوضى السلاح ومجموعات أمنية لا تتجاوز 4 مجموعات"، مشبهًا إياها في منشور آخر بـ"بيت الدعارة كثر يرغبون بزيارته ولكنهم لا يرغبون أن يراهم أحد فيه".

وكان لافتًا أن التحقيق تضمن منشورًا يعقب غسان عبود في مضمونه على تقرير رفعه أحد المراسلين يتحدث عن المجموعات الأمنية التي تنشط في الجنوب السوري، تعرف باسم "فرسان الجولان"، وتتلقى تمويلًا إسرائيليًا بقيمة 50 ألف دولار أمريكي شهريًا، حيثُ يرفض منشور غسان عبود مقارنة المجموعة بميليشيا أنطوان لحد التي عرفت بـ"جيش لبنان الجنوبي" الموالية لإسرائيل، والتي فرّ عناصرها من جنوب لبنان عقب انسحاب الجيش الإسرائيلي في عام 2000.

وكان موقع تايمز أوف إسرائيل قد نشر منتصف الشهر الفائت تقريرًا يتضمن تصريحات لشخص يدعى أبو محمد الأخطبوط، يقود فصيلًا يعرف باسم "الجبهة الوطنية لتحرير سوريا" مكونًا من 12 مجموعة في ريف القنيطرة، أظهر خلاله ما ورد من مضمونه أن الفصيل يملك اتصالًا مع الجيش الإسرائيلي لحماية أمن الحدود الشمالية للأراضي المحتلة من الميليشيات الأجنبية المدعومة إيرانيًا، وكانت المفارقة بعرض التقرير صورة تم اقتصاصها من تصريح مصور للأخطبوط مع قناة أورينت نيوز أجري في وقت سابق. 

الأخطبوط في مقابلة مع أورينت نيوز أكتوبر الماضي

كشف التحقيق الاستقصائي أيضًا عن شراكة بين مجموعة الأورينت الإنسانية ومنظمة MFA التي تتولى مهام التنسيق مع الجيش الإسرائيلي

كما كشف التحقيق الاستقصائي عن شراكة بين مؤسسة أورينت الإنسانية ومنظمة MFA التي تتولى مهام التنسيق مع الجيش الإسرائيلي ضمن حلقة تلفزيونية بثها لم يكن مخططًا لها، وبالعودة إلى الحلقة التي بثت ضمن برنامج "هنا سوريا" حسب ما يظهر الموقع الإلكتروني للقناة، فقد تحدث مدير مؤسسة أورينت الإنسانية عمار مارتيني عن حصولهم على "عرض رائع ومغرٍ جدًا"، وهو ما دفعهم "للتنسيق مع إسرائيل" في محاولة لتبرير التعاون مع المسؤولين الإسرائيليين.

ويشير التقرير أن مؤسسة MFA أصدرت بيانًا صحافيًا في تموز/ يوليو 2017 تحت عنوان "الشراكة الإنسانية السورية الإسرائيلية بريق أمل" يتضمن تقديم شكرِ "للجيش الإسرائيلي على تعاونه لفتح قناة إغاثية جديدة وطريق نحو مستقبل مستقر في المنطقة".

وعملت أورينت نيوز خلال الفترة السابقة على استضافة محللين إسرائيليين في برامجها، وقد علق على ذلك محمد عبد الرحيم، واحد من العاملين السابقين في قناة أورينت نيوز، أن "غسان عبود هو صاحب القرار باستضافة أورينت نيوز للمحليين الإسرائيليين"، فيما أشارت ديمة عز الدين أن غسان عبود كان "يتدخل في موضوعات معينة وتجاه أشخاص محددين"، وذكرت على سبيل المثال رئيس الائتلاف السوري المعارض الأسبق معاذ الخطيب، الذي دعا غسان عبود لاستهدافه في الأخبار التي تغطيها مؤسسته الإعلامية.

وينوّه "العربي الجديد" في نهاية التحقيق الاستقصائي إلى أن غسان عبود بعدما طلب أربع ساعات للرد على ما تضمنه التحقيق من معلومات مرتبطة بالتعاون مع إسرائيل، رفض الحديث معللًا ذلك بقوله: "شاهدوا تلفزيون الأورينت. ما تريدونه يظهر عليه ولا أعطي مقابلات إلا للأورينت"، والذي يبدو أنه جاء من خلال حلقة "هنا سوريا" التي عُرضت في الخامس من شباط/ فبراير الجاري، وألحقها بعد يومين بالإعلان عبر صفحته الرسمية عن افتتاح أول مستشفى لغسيل الكلى في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في منطقة القنيطرة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

اقتراب داعش من الجولان.. تذكرة إسرائيل المجانية

"مرحبًا في النسخة الجديدة من سوريا".. تواصل الحرب بصيغة مختلفة