08-فبراير-2024
مخيم مؤقت للنازحين في رفح (AFP)

(AFP) مخيم مؤقت للنازحين في رفح

تتزايد المخاوف إزاء مصير أكثر من مليون فلسطيني نازح في مدينة رفح على الحدود المصرية، في ظل ظروف إنسانية ومعيشية صعبة، حيث تستعد "إسرائيل" لشن عملية عسكرية واسعة. وهو ما يهدد بحدوث مذبحة وحمام دم هناك.

نقل موقع "أكسيوس" عن مصدر إسرائيلي مطلع أن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، قلق الإدارة الأمريكية "البالغ" بخصوص توسع العمليات العسكرية في رفح.

وذكر الموقع أن بلينكن التقى برئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، الذي أطلعه على خطط عمليات الجيش الإسرائيلي للأسابيع القادمة، موضحًا أن الهدف هو "تفكيك البنية التحتية العسكرية لحماس في رفح".

تستعد "إسرائيل" لشن عملية عسكرية واسعة في رفح، وهو ما يهدد بحدوث مذبحة كبيرة نتيجة اكتظاظ المدينة بالمدنيين

وبحسب "أكسيوس"، تشعر الولايات المتحدة بالقلق من أن تؤدي العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح، دون إجلاء المدنيين نحو مناطق آمنة إلى خسائر فادحة. كما تخشى أن تدفع هذه العملية عشرات الآلاف من الفلسطينيين للنزوح نحو مصر. وكانت الحكومة المصرية قد حذرت "إسرائيل" من أن نزوح الفلسطينيين إلى مصر سيؤدي إلى قطع أو تجميد العلاقات معها.

وفي هذا الإطار، كشفت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية أن المسؤولين الإسرائيليين تعهدوا لوزير لبلينكن بأن العملية العسكرية، في محور فيلادلفيا، لن تكون من دون التنسيق مع الجانب المصري.

من جهته، حذّر الامين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من "تداعيات إقليمية لا تحصى لهجوم إسرائيلي بري محتمل على رفح"، وأوضح خلال كلمة له أمام الجمعية العامة، أمس الأربعاء، أن "عملًا مماثلًا سيزيد بشكل هائل ما هو أصلًا كابوس إنساني"، مجددًا مطالبته بـ"وقف انساني فوري لإطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن".

ومن جنيف، قال المنسق الأممي للإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث: "الظروف المعيشية للمدنيين في رفح سيئة للغاية، فهم يفتقرون إلى الضروريات الأساسية للبقاء على قيد الحياة، ويطاردهم الجوع والمرض والموت".

جريح في رفح

يذكر أن وزير الأمن يوآف غالانت ومسؤولين إسرائيليين أكدوا مؤخرًا، بأن الجيش الإسرائيلي سيوسع عمليته البرية إلى رفح "لتفكيك كتائب حماس في المدينة".

ومع ارتفاع وتيرة هذه التهديدات، تتجه الأنظار نحو مئات الآلاف من النازحين المحاصرين في هذه المدينة الحدودية الصغيرة جنوب غزة. وكشف تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية أن الفلسطينيين الذين أجبروا على النزوح من الشمال يفكرون في النزوح مرة أخرى مع اقتراب الهجوم الإسرائيلي.

ويواجه أولئك الذين نزحوا إلى المدينة الحدودية، والذين يقترب عددهم من نصف سكان غزة البالغ 2.3 مليون نسمة، خيارًا مرعبًا: إما البقاء في رفح وانتظار الهجوم، أو المخاطرة بالتحرك شمالًا عبر مناطق القتال المشتعلة.

ووصف مسؤولو الإغاثة المدينة بأنها "طنجرة ضغط من اليأس"، محذرين من أن الهجوم الإسرائيلي الواسع على منطقة مكتظة جدًا بالسكان يمكن أن يتسبب بخسائر واسعة النطاق في أرواح المدنيين، ويمكن أن يكون جريمة حرب.

وزادت المخاوف من حدوث هجوم إسرائيلي وشيك مع تزايد الضربات بالقرب من رفح. فقد قامت الزوارق الحربية الإسرائيلية بقصف الطريق الغربي إلى المدينة، أمس الأربعاء.

وقال المدير الإعلامي لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة، رائد النمس: بأن "الجميع خائف من توسيع العملية البرية إلى رفح".

وتزايد الشعور باليأس بعد ورود أخبار بأن بعض النازحين الذين حاولوا مغادرة المدينة، في الأيام الأخيرة، إلى مناطق مثل نصيرات وسط غزة، قد فُقد الاتصال بهم.

فيما أشارت معظم العائلات التي تحدثت إلى "الغارديان" هذا الأسبوع بأنها ستنتظر أوامر الإخلاء العسكري الإسرائيلي، على أمل أن يحدد طريق خروج آمن في حالة وقوع هجوم واسع النطاق.

وأخبر مؤمن جراد، البالغ من العمر 25 عامًا، والذي نزح إلى المدينة من شمال غزة، الصحيفة البريطانية بأنه سيغادر إذا تم اجتياح رفح، وقال: "أنا في الأصل من بيت لاهيا. أفكر في الانتقال شمالًا، إن أمكن. ستخبرنا إسرائيل إلى أين يجب أن نذهب، وقد تسمي بعض المناطق المحددة للانتقال إليها".
من جهته، وصف ماجد رزيق البالغ من العمر 46 عامًا، التحدي الذي يواجه كل من يفكر في المغادرة، قائلًا: "سأذهب إلى منزلنا في شمال غزة. كل عائلتي تريد العودة، ولكن لا توجد طريقة. الانتقال إلى هناك محظور تمامًا"، وأضاف: إذا "كانت هناك طريقة للذهاب إلى منطقة أخرى أكثر أمانًا، إما عبر وسط غزة أو خانيونس فسأذهب، لكن الوضع خطير، إنه أكثر خطورة من هنا".

أما أشرف البالغ من العمر 40 عامًا فقال: "سننتظر أن تخبرنا إسرائيل إلى أين نذهب. محطتنا الأخيرة هي رفح. لن نذهب إلى أي مكان آخر خارج قطاع غزة. إما أن نعود إلى منزلنا، أو نموت هنا".

وتحذيرًا من عمل عسكري إسرائيلي مرتقب في رفح، أكد المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، ينس لايركه، خلال إحاطة من جنيف أنه "بموجب القانون الإنساني الدولي، فإن القصف العشوائي للمناطق المكتظة بالسكان قد يعتبر جريمة حرب".

وأضاف: "لكي نكون واضحين، يمكن أن يؤدي تكثيف الأعمال العدائية في رفح في هذه الحالة إلى خسائر واسعة النطاق في أرواح المدنيين، ويجب أن نفعل كل ما هو ممكن في وسعنا لتجنب ذلك".