08-فبراير-2024
جثامين شهداء في قسم المشرحة بمستشفى ناصر جنوب قطاع غزة

(Getty) أسفر العدوان الذي دخل شهره الخامس عن استشهاد أكثر من 27 ألف فلسطيني

يستمر جيش الاحتلال الإسرائيلي بإسقاط قذائفه وصواريخه على المدنيين في قطاع غزة لليوم الخامس والعشرين بعد المئة من العدوان، الذي يدخل شهره الخامس وسط استمرار التهديدات الإسرائيلية باجتياح مدينة رفح.

وانتقلت التهديدات باجتياح المدينة الواقعة أقصى جنوب قطاع غزة إلى مستوى جديد بعد إعلان رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، الأربعاء، أنه طلب من الجيش الإسرائيلي الاستعداد لتنفيذ عملية عسكرية في رفح، إضافةً إلى مخيمين وسط قطاع غزة، لم يذكرهما، آخر: "معاقل حماس المتبقية" بحسب زعمه.

ووصف مطالب "حركة حماس" لإتمام صفقة التهدئة وتبادل الأسرى بأنها "جنونية وغير مقبولة". وقال، خلال مؤتمر صحفي عُقد بالقدس المحتلة، إن: "الاستسلام لمطالبها سيؤدي إلى مجزرة أخرى وكارثة كبرى لدولة إسرائيل لا أحد مستعد لقبولها".

وتوعَّد نتنياهو بمواصلة القتال في قطاع غزة معتبرًا أن الضغط العسكري هو: "شرطٌ ضروري للإفراج عن المختطفين". كما زعم بأن: "الجيش الإسرائيلي سينتصر في الحرب في غضون أشهر وليس سنوات".

يهدِّد اجتياح جيش الاحتلال الإسرائيلي مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، بحصد أرواح المزيد من المدنيين وعرقلة العملية الإنسانية المحدودة

وأضاف أنه أخبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي وصل إلى المنطقة قبل أيام ضمن جولة جديدة هي الخامسة له منذ بداية العدوان، أنه: "بعد القضاء على حماس، سنضمن أن تكون غزة منزوعة السلاح إلى الأبد، وستعمل إسرائيل في غزة حيثما وكلما كان ذلك ضروريًا".

نتنياهو يريد إطالة أمد الحرب

بدوره، قال القيادي في "حركة حماس" أسامة حمدان، أمس الأربعاء، إن: "نتنياهو وحكومته، يسعون بشتى الطرق إلى مواصلة تضليل الرأي العام الصهيوني، وإطالة أمد العدوان، رغم ما يتلقاه جيشهم المهزوم من خسائر في الأرواح والمعدات".

وأضاف حمدان خلال مؤتمر صحفي عقده بالعاصمة اللبنانية، بعد أقل من ساعة على تصريحات نتنياهو، أن الأخير يواصل مع حكومته: "الهروب من استحقاقات مرحلة ما بعد العدوان، وإرجاء مواجهة لجان التحقيق حول الفشل المدوي"، في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت.

أما مطالب الحركة لإتمام صفقة التهدئة، التي وصفها نتنياهو بأنها جنونية وغير مقبولة، فتتمثل في: "وقف إطلاق النار الشامل، وإدخال المساعدات والمواد الإغاثية، وتأمين الإيواء للنازحين، وضمان الإعمار ورفع الحصار عن القطاع، وإنجاز عملية تبادل للأسرى"، وفق ما ذكره حمدان.

ولفت إلى أن وفدًا من الحركة برئاسة القيادي خليل الحية سيتوجه يوم غد الخميس إلى العاصمة المصرية القاهرة التي تستضيف جولة جديدة من المفاوضات من أجل إتمام التهدئة وتبادل الأسرى.

إسرائيل تكثّف عدوانها على رفح

في غضون ذلك، يتواصل القصف المدفعي والجوي الإسرائيلي الذي استهدف، منذ منتصف الليلة الماضية وحتى صباح اليوم الخميس، منازل المدنيين في عدة مناطق بقطاع غزة.

وارتكبت قوات الاحتلال، فجر اليوم، مجازر مروعة بمدينة رفح راح ضحيتها أكثر من 14 شهيدًا، بينهم 5 أطفال، ارتقوا إثر قصف طائرات الاحتلال منزلين لعائلتي "فحجان" في تل السلطان، و"المغير" في الحي السعودي، غرب المدينة.

واستقبل المستشفى الكويتي برفح عشرات الإصابات إثر استهداف طائرات الاحتلال منازل المدنيين غرب المدينة، التي تعرّضت لقصف عنيف استمر عدة ساعات، بالتزامن مع استمرار القصف على خانيونس والمناطق المحيطة بها.

واستُشهد عدد من الفلسطينيين، بينهم الصحفي في تلفزيون فلسطين نافذ عبد الجواد وابنه، وأُصيب آخرون، في قصف استهدف وسط مدينة دير البلح وسط قطاع غزة. فيما أفادت وسائل إعلام بارتقاء 5 شهداء في مخيم المغازي. كما طال القصف أحياء مدينة غزة، وعدة مناطق شمال القطاع.

وفي السياق، ارتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع، إلى 27.708 شهداء و67.147 مصابًا، معظمهم من النساء والأطفال، وفق آخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة.

وقالت الوزارة في تقريرها اليومي لعدد الشهداء والجرحى، الخميس، إن قوات الاحتلال ارتكبت خلال الساعات الـ24 الماضية، 16 مجزرة بحق المدنيين في قطاع غزة راح ضحيتها 123 شهيدًا و169 مصابًا.

وأكدت أن هناك العديد من الضحايا تحت الركام أو في الطرقات تمنع قوات الاحتلال وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني إليهم.  

المرض والجوع يطاردان أهالي غزة

إنسانيًا، أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أن حد الجوع في قطاع غزة زاد 12 ضعفًا بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع، الذي يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في القرن الحالي، إن لم يكن أكثرها سوءًا على الإطلاق.

وقال دوجاريك في تصريح صحفي، الأربعاء، إن الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات يتعرضون لخطر جسيم بسبب نقص الغذاء وغياب الرعاية الصحية وعدم توفّر المياه النظيفة بالقطاع، لافتًا إلى أن الأمر سيكون أشد سوءًا إذا لم يتم توفير الخدمات العلاجية والوقائية اللازمة.

واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن ما تتعرّض له غزة يشكّل: "جرحًا نازفًا في ضميرنا الجماعي يهدد المنطقة برمتها". كما أعرب عن "انزعاجه" من نية قوات الاحتلال تنفيذ عملية عسكرية في مدينة رفح.

وحذّر من أن هذه العملية من شأنها أن تفاقم الكابوس الإنساني بشكل كبير، وأن يكون لها أيضًا تداعيات إقليمية كبيرة.

وفي السياق، أكد مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، أن نقل جيش الاحتلال لعمليته العسكرية إلى مدينة رفح: "يهدد بحصد أرواح المزيد من الأشخاص، كما أنه يهدد أيضًا بعرقلة العملية الإنسانية المحدودة بالفعل بسبب انعدام الأمن والبنية التحتية المتضررة والقيود المفروضة على إيصال المساعدات".

وأشار إلى أن أكثر من نصف سكان غزة يتكدسون برفح التي يبلغ عدد سكانها 250 ألف نسمة. كما لفت إلى الظروف المعيشية المزرية التي يعيشها الناس هناك، حيث يفتقرون: "إلى الضروريات الأساسية للبقاء على قيد الحياة، ويطاردهم الجوع والمرض والموت".

ارتكبت قوات الاحتلال، فجر اليوم الخميس، مجازر مروعة في مدينة رفح راح ضحيتها أكثر من 14 شهيدًا، بينهم 5 أطفال

وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، بأن قوات الاحتلال أحرقت 3 آلاف وحدة سكنية منذ بداية العملية البرية في القطاع، لافتًا إلى أن الخسائر بلغت: "عشرات ملايين الدولارات، وكانت أغلب هذه الوحدات السكنية في محافظتي غزة وشمال غزة".

وقال المكتب، في بيان، إن: "عمليات الحرق تمت وتتم وفق تعليمات وأوامر واضحة ومباشرة من قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي للجنود بإضرام النار في الوحدات السكنية والمنازل بطريقة تجعلها غير صالحة للسكن نهائيًا، وبدون أية أسباب تذكر، وإنما من أجل إلحاق الأضرار والخسائر بالمواطنين".

المقاومة تواصل التصدي لقوات الاحتلال

أما بالنسبة للوضع الميداني، تواصل فصائل المقاومة الفلسطينة التصدي لقوات الاحتلال في مختلف محاور القتال، سيما بمدينة غزة التي شهدت الليلة الماضية معارك عنيفة دارت معظمها في محيط دوار أبو مازن غرب المدينة.

واستهدفت "كتائب القسام"، الجناح العسكري لـ"حماس"، الأربعاء، مجموعة من جنود الاحتلال تحصنت داخل منزل في منطقة بلوك ج غرب مدينة خانيونس بقذيفة "TBG" مضادة للتحصينات، وأخرى مضادة للأفراد، موقعةً أفرادها بين قتيل وجريح.

وقالت "القسّام" إن مقاتليها استهدفوا، بالمنطقة نفسها، قوة صهيونية خاصة مكونة من 10 جنود تحصنت داخل أحد المنازل من بقذيفتين مضادتين للأفراد، ثم اشتبكوا معها بالأسلحة الرشاشة وأوقعوا أفرادها بين قتيل وجريح.

كما أعلنت عن استهدافها دبابة من نوع "ميركافاه" وجرافة عسكرية من نوع "D9" بقذائف "الياسين 105" في محيط مستشفى أصدقاء المريض غرب مدينة غزة. بالإضافة إلى قصفها تجمعات قوات الاحتلال المتوغلة في منطقة الكتيبة غرب مدينة غزة بقذائف الهاون، وقنصها كذلك جنديًا إسرائيليًا بالقرب من مفترق الصناعة في مدينة غزة.

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، مقتل ضابط صف متأثرًا بجراح أُصيب بها خلال المعارك بغزة في كانون الأول/ديسمبر الماضي، ليرتفع بذلك عدد قتلاه المُعلن عنهم رسميًا إلى 564 منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت.