28-فبراير-2022

تحذيرات من تداعيات عميقة على الاقتصاد الروسي (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

يصطف مواطنون روس في طوابير طويلة أمام ماكينات الصرف الآلي، متخوفين من أن تؤدي العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على بلادهم  بسبب غزو أوكرانيا إلى نقص في السيولة وتعطيل المدفوعات.

يصطف مواطنون روس في طوابير طويلة أمام ماكينات الصرف الآلي، متخوفين من أن تؤدي العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على بلادهم  بسبب غزو أوكرانيا

وحتى قبل الإعلان عن العقوبات بشكل رسمي هرع عملاء المصارف الروسية إلى فروعها لسحب أموالهم خوفًا من تفاقم أزمة السيولة، وسط انهيار سعر صرف الروبل حيث سحب العملاء ما يعادل نحو 1,3 مليار دولار نقدًا خلال اليوم الأول من العملية العسكرية الروسية وفق بيانات المصرف المركزي الروسي.

وبالفعل ظهرت مؤشرات على انخفاض حاد للروبل مع افتتاح التداولات الإثنين ليتجاوز بذلك مستوى قياسيًا. حيث بلغ سعر الدولار الواحد 119 روبل، وبهذا يكون الروبل قد خسر 30% من قيمته، وسط تباين أسعار الصرف التي عرضتها البنوك على نطاق واسع الأحد، والتي تراوحت بين 98,08 روبل مقابل دولار واحد في "ألفا بنك" لتصل إلى 99,49 روبل مقابل دولار في "سبير بنك"، و105 روبل مقابل دولار واحد لدى مجموعة "في تي بي"، و115 روبل مقابل دولار في "أوتكريتي بنك" بحلول الساعة 3:30 مساءً في موسكو. وقد بلغ سعر ‘غلاق سعر الصرف الفوري للروبل في "بورصة موسكو" يوم الجمعة 83 مقابل دولار واحد.

اقرأ/ي أيضًا: أوكرانيا: خطوات أوروبية صارمة

هذا الإقبال على سحب العملات الأجنبية على الرغم بيع البنوك الروسية للدولار بسعر مرتفع، يراه عدد من الخبراء الاقتصاديين سببًا يدفع البنك المركزي الروسي لرفع نسبة الفائدة. وبالفعل فقد قام البنك المركزي الروسي  بمضاعفة سعر الفائدة التي وصلت إلى 20%، وقال في بيان له إن "سعر الفائدة سيرتفع من 9,5% إلى 20%، بسبب تغير الظروف الخارجية للاقتصاد الروسي". وأضاف البيان "ستضمن زيادة سعر الفائدة الرئيسي ارتفاع معدلات الودائع إلى المستويات المطلوبة للتعويض عن مخاطر الاستهلاك والتضخم المتزايدة، وهذا ضروري لدعم الاستقرار المالي واستقرار الأسعار وحماية مدخرات المواطنين من الاستهلاك".

 كما أصدر البنك  قرارًا يلزم شركات التصدير ببيع 80% من عائداتها من العملة الصعبة، وحظر على سماسرة السوق بيع الأوراق المالية التي يحتفظ بها الأجانب اعتبارًا من الاثنين، في محاولة لحماية أصول البلاد من العقوبات الغربية الشاملة التي شملت حتى البنك المركزي.

وكان البنك المركزي الروسي قد أعلن الأحد سلسلة من الإجراءات لدعم الأسواق المحلية في محاولة لاحتواء تداعيات العقوبات الغربية التي ستمنع بعض البنوك من استخدام نظام سويفت المالي العالمي، وقال إنه سيتم استئناف شراء الذهب في السوق المحلية ويطلق مزادًا لعملية إعادة شراء بلا حدود، ويخفف القيود على المراكز المفتوحة للعملات الأجنبية لدى البنوك.

هذا وأعلنت الهيئة التنظيمية في وقت سابق من نهار الإثنين تجميدًا مؤقتًا للمبيعات في بورصة موسكو دون تحديد الأوراق المالية التي ينطبق عليها الحظر. من جهتها سعت البنوك في روسيا إلى تهدئة المخاوف بشأن إمدادات الأموال وأنظمة الدفع عبر الإنترنت. فقد أشار "سبير بنك" وهو أكبر مُقرض في روسيا إلى أنه" لا يرى أي انقطاع في معاملات العملاء من خلال أنظمة الدفع الخاصة به وأنظمة شركائه"، في حين قال بنك التنمية الحكومي "في.إي.بي" إن "القيود الخارجية لن تمنعه ​​من دعم المشاريع داخل روسيا".

كذلك نصح البنك المركزي الروسي المواطنين بحمل بطاقاتهم المصرفية معهم، إلا أنه حذر عملاء المصارف الخاضعة للعقوبات من أن عمليات الشراء عبر الإنترنت لن تتم  قائلًا إن "أنظمة الدفع عبر الهاتف المحمول ربما لن تعمل على الإطلاق فيما يتعلق بالمتاجر عبر الإنترنت والتي تديرها  البنوك  الخاضعة للعقوبات".

وسط هذه التطورات المتسارعة حذر البعض من أضرار اقتصادية كارثية بمجرد إعلان الغرب تجميد احتياطيات البنك المركزي. رئيس الوزراء الروسي السابق ميخائيل كاسيانوف كتب على تويتر: "الأمر الأخطر هو أن يجمد الغرب احتياطيات البنك المركزي، لن يكون هناك ما يدعم الروبل، سيقومون بتشغيل المطبعة، التضخم المفرط والكارثة على الاقتصاد ليست بعيدة، تلك أعمال بوتين الإجرامية".

 بدوره قال رومان بوريسوفيتش وهو مستثمر مصرفي سابق في موسكو إن "الفوضى ستعم الأسواق"، وأضاف "ستضع السلطات الروسية ضوابط بالتأكيد، لا يمكنهم الدفاع عن الروبل لكنهم على الأرجح سيوقفون التداول، ثم يضبطون الروبل على سعر مصطنع كما كانوا يفعلون. ستكون هناك سوق سوداء". أما بول مكنمارا وهو مدير صندوق استثماري في "جي إيه إم إنفستمنتس" فقد قال "لا أتوقع سيناريو لا يتم فيه التوصل لحل، ولا أتوقع تدخلًا فعالًا في التسعير، ولكن قد يتم التدخل بالحد من القواعد القانونية التي تسمح ببيع الروبل".

وتمثل خطوات الطوارئ هذه أقوى الإجراءات التي اتخذتها روسيا بعد الجولة الأخيرة من العقوبات، حيث وافقت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على احتمال منع الوصول إلى جزء كبير من احتياطي البنك المركزي والتي تبلغ 640 مليار دولار بحسب وكالة بلومبرغ المتخصصة في الشؤون الاقتصادية.

فقد أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن وزراء الخارجية الأوروبيين توافقوا الأحد على وقف التعامل مع المصرف المركزي الروسي وذلك بالتنسيق مع الدول الأعضاء في مجموعة السبع. وأوضح بوريل أن "أكثر من نصف احتياطات المصرف المركزي ستتعطل لأنها موضوعة في مؤسسات بدول مجموعة السبع". لافتًا الى أن "الاتفاق السياسي بين الوزراء يشكل تمهيدًا لتبن رسمي للإجراء قبل أن تفتح الأسواق الإثنين".

وكان أعضاء مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي قد اتفقوا السبت على وقف عمليات البنك المركزي الروسي على أراضيهم ما يحدّ بشكل كبير من  قدراته على تحويل احتياطاته من العملات الأجنبية والسندات السيادية المقومة بالعملات الغربية.

وإلى ذلك، أعلنت بريطانيا اليوم الاثنين أنها بصدد اتخاذ المزيد من الإجراءات ضد البنك المركزي الروسي ردًا على غزو أوكرانيا، حيث أكدت أن "حكومة المملكة المتحدة ستتخذ على الفور جميع الخطوات اللازمة لإنفاذ القيود المفروضة لمنع أي أشخاص طبيعيين أو اعتباريين في المملكة من إجراء معاملات مالية مع جهات منها البنك المركزي الروسي وصندوق الثروة الوطني الروسي ووزارة المالية في روسيا الاتحادية".

 أعلنت بريطانيا اليوم الاثنين أنها بصدد اتخاذ المزيد من الإجراءات ضد البنك المركزي الروسي ردًا على غزو أوكرانيا

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي قد اتفقا نهاية الأسبوع الماضي على وقف تعامل بعض البنوك الروسية بنظام السويفت للتحويلات المالية وتجميد احتياطيات البنك المركزي الروسي فيما  أغلقت معظم دول أوروبا مجالها الجوي أمام شركات الطيران الروسية، ما زاد من صعوبة تحويل الأموال إلى البلاد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

عرض إسرائيلي حذِر للوساطة بين روسيا وأوكرانيا