19-يناير-2024
الأسلحة الإسرائيلية في غزة

(Getty) بدأت الشركات الإسرائيلية في ترويج أسلحتها المستخدمة في العدوان على قطاع غزة

تحصل شركات الأسلحة الإسرائيلية، على فرصة كبيرة في كل حرب من أجل "تسويق" أسلحتها، وبينما كانت نهاية الحرب تعني "زيادة أرباح" هذه الشركات، فإنها في الحرب الحالية على قطاع غزة، لا تنتظر الكثير، وبدأت بالترويج للأسلحة المستخدمة في الحرب الدموية على القطاع المحاصر.

وبحسب تقرير لمجلة 972+، ففي "أواخر تشرين الثاني/نوفمبر، نشرت شركة Smartshooter الإسرائيلية الناشئة في مجال تكنولوجيا الدفاع صورة على فيسبوك تظهر ثلاثة جنود إسرائيليين يصوبون بنادقهم الهجومية على مبنى خرساني مدمر في مكان ما في قطاع غزة، وكتب عليها: بندقية SMASH 3000 تعمل الآن مع القوات الخاصة التابعة للجيش الإسرائيلي في سرية ماغلان. وفي مقابلة نشرتها مجلة جلوبز الإسرائيلية بعد شهر، وصف الرئيس التنفيذي للشركة، ميشال مور، الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي أسفرت عن مقتل ما يقرب من 30 ألف فلسطيني، بأنها فرصة زيادة في المبيعات، وقال: إنها أفضل ساعة في تاريخ الصناعات الدفاعية".

وتشير المادة المنشورة بعنوان "توفر حرب غزة أداة التسويق النهائية لشركات الأسلحة الإسرائيلية"، إلى الفشل الإسرائيلي يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، بعد أعوام من الربط بين الاستراتيجية العسكرية والتقنية الإسرائيلية الحديثة.

تتحول الحرب على قطاع غزة، إلى فرصة من أجل تجريب واختبار الأسلحة، وكذا تحولها إلى ساحة تسويق من أجل الترويج للسلاح

وأوضح التقرير: "يقوم الجيش الإسرائيلي مرة أخرى بتسويق نفسه كقوة عظمى ذات تكنولوجيا عالية، ويتحدث عن الأسلحة الآلية وتكنولوجيا المراقبة بالحوسبة الفائقة التي ’تم اختبارها في المعركة’ في حربه على غزة. ويأمل المتحدثون العسكريون أن تصرف نفس الشعارات القديمة الانتباه عن حقيقة أن إسرائيل بعيدة كل البعد عن تحقيق أهدافها المعلنة، على الرغم من كونها واحدة من أكثر الحملات العسكرية تدميرًا في التاريخ الحديث. وبينما ينفق المستثمرون الأموال على شركات الأسلحة الإسرائيلية الناشئة بمعدلات أسرع وأسرع، فإن الرؤساء التنفيذيين لتكنولوجيا الدفاع يستعدون لأن يكونوا المنتصرين الوحيدين في هذه الحرب".

مختبر مربح

تتحدث المادة، عن "الانتعاش الواضح لصناعة التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية يتماشى مع الارتفاع الكبير في مبيعات الأسلحة في جميع أنحاء العالم"، وذلك خلال العام الماضي. مشيرةً إلى أن، عملية تخزين الأسلحة، ارتفعت بشكلٍ كبير نتيجة الحرب الروسية في أوكرانيا، والاستجابة العسكرية لجائحة كوفيد-19، مضيفةً: "تواصل إسرائيل تحطيم أرقامها القياسية في مبيعات الأسلحة، وهو ارتفاع يُعزى، إلى جانب الأسباب السابقة، إلى الصفقات المربحة مع الدول العربية بعد اتفاقيات التطبيع. وفي عام 2022، بلغت صادرات الدفاع الإسرائيلية أعلى مستوياتها على الإطلاق، حيث بلغت 12.5 مليار دولار". 

وأضافت الباحثة في شؤون الصناعة العسكرية الإسرائيلية ذات التقنية العالية صوفيا غودفريند: "نتيجة الحرب في غزة، يتوقع المتنبئون أن تكون المبيعات العالمية في عام 2024 أعلى من ذلك. وبالإضافة إلى تكتلات الأسلحة المتعددة الجنسيات، يضخ المستثمرون أموالهم في شركات ناشئة أصغر حجمًا، يقع مقر العديد منها في إسرائيل. ويتم الترويج بشكل متزايد للمدافع الرشاشة الآلية، والأسلحة السيبرانية السرية، والطائرات الانتحارية المُسيّرة، والدبابات المعززة بالذكاء الاصطناعي، باعتبارها أحدث تقنيات كسب المال في وادي السليكون. ومن بين الشركات الإسرائيلية التي حققت أعلى عوائد على الأسهم في نهاية عام 2023، هناك شركات ناشئة تعلن عن أسلحة متطورة ينشرها الجيش داخل غزة. فالتكنولوجيا العسكرية، في نهاية المطاف، هي واحدة من الصناعات القليلة التي يبدو أنها تزدهر بسبب عدم الاستقرار الجيوسياسي".

وقد سجل الباحثون عددًا من الشركات الصغيرة تعلن عن منتجاتها على أنها تم اختبارها في الحرب الحالية. وقال نوعام بيري، منسق الأبحاث في لجنة خدمة الأصدقاء الأمريكية، وهي مجموعة كويكر مقرها الولايات المتحدة تتعقب الأسلحة المستخدمة في حرب إسرائيل على غزة، لـ +972: "لقد تمت تجربة أنظمة أسلحة جديدة متعددة لأول مرة الآن في غزة".

ورغم الاحتجاجات العالمية التي تطالب بوقف إطلاق النار في غزة، وجلسة محكمة العدل الدولية للنظر في نية الإبادة الجماعية في قطاع غزة، قال بيري إن الشركات الإسرائيلية الناشئة الأصغر حجمًا مثل Smartshooter "تشارك في حملة علاقات عامة ضخمة للترويج لمنتجاتها"، وبالنسبة للشركات الناشئة، فإن نطاق ومدة الدمار غير المسبوقين يوفران فرصة غير مسبوقة لبيع الأسلحة.

سياق من القتل

ويوضح التقرير: "تأتي الطفرة الحالية في أعقاب عقدين من النمو المطرد في صناعة التكنولوجيا الدفاعية في إسرائيل، والتي انطلقت في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، على خلفية الانتفاضة الثانية والحرب العالمية على الإرهاب، إذ بدأت إسرائيل بالترويج لنفسها كعاصمة للأمن. فقد احتاج الجيش إلى أنظمة مراقبة وأسلحة أكثر فعالية وسط الصراع، وكان الاقتصاد بحاجة إلى استراتيجية علاقات عامة جديدة لجذب المستثمرين الأجانب للعودة إلى إسرائيل".

وعن العلاقة بين شركات التقنية العالية والجيش الإسرائيلي، قالت الباحثة غوفريند: "هي ليست فريدة من نوعها، ففي نهاية المطاف، بدأ وادي السيليكون كذراع لوزارة الدفاع الأمريكية، لكن بالتشاور مع خبراء الدفاع الأمريكيين ومستشاري شركة ماكينزي مانيجمنت، فيما نجح المجمع الصناعي العسكري الإسرائيلي في تحويل هذه العلاقة إلى علامة تجارية وطنية".

واستمرت في المادة، بالقول: "اليوم، يتجسد ذلك في الباب الدوار بين الجيش وصناعة التكنولوجيا الخاصة. ويجلس الرؤساء العسكريون في المجالس الاستشارية لكبري شركات تصنيع الأسلحة والشركات الناشئة على حد سواء. وتقوم بعض الوحدات العسكرية بالاستعانة بمصادر خارجية للبحث والتطوير لشركات التكنولوجيا الخاصة الناشئة، في حين تعمل فروع أخرى من المؤسسة الدفاعية كمستثمرين، وتمول شركات التكنولوجيا الناشئة".

وأضافت: "أن الفاصل غير الواضح بين صناعة تكنولوجيا الدفاع العسكرية والخاصة جعل الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية تتكشف وفقًا لاتجاهات الاستثمار. وبينما قام أصحاب رأس المال المغامر بإلقاء أكوام من الأموال على شركات الأمن السيبراني في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قامت وزارة الأمن الإسرائيلية ببناء حديقة إلكترونية مترامية الأطراف في الصحراء ورعت ’أسبوع الإنترنت’ في جامعة تل أبيب، في محاولة لتحويل إسرائيل إلى قوة عظمى سيبرانية. عندما تحول أصحاب رأس المال الاستثماري إلى الذكاء الاصطناعي قبل بضع سنوات، تم تحويل الأموال إلى تطوير الخوارزميات. وانضم إلى أسبوع الإنترنت ’أسبوع الذكاء الاصطناعي’، وقال متحدثون عسكريون إن إسرائيل على وشك أن تصبح قوة عظمى في الذكاء الاصطناعي".

أي أن التحولات في صناعة الحرب الإسرائيلية تقوم على أساس "الاتجاه الاستثمار، والعائد المتوقع مستقبلًا"، مضيفةً: "تقدم العروض الترويجية صورة وردية لحرب تكنولوجية أقل دموية وأكثر إنسانية. ومع ذلك، فإن العقدين الماضيين من الصراع العسكري المتصاعد في إسرائيل وفلسطين، وهي المنطقة التي توصف غالبا بأنها مختبر لصناعة الأسلحة العالمية، لا تحصل حقيقةً".

الاستفادة من سفك الدماء

وقال نيف جوردون، أستاذ حقوق الإنسان والقانون الدولي في جامعة كوين ماري بلندن، لـ+972: "أعتقد أن أحداث 7 أكتوبر تظهر مشكلة متأصلة في وعد هذه المنتجات. ومع ذلك، لا يمكن لمصنعي التكنولوجيا الدفاعية أن يعترفوا أبدا بأن الاعتماد على منتجاتهم يمثل استراتيجية ذات طريق مسدود. الآن لدى الصناعة مصلحة راسخة في إظهار أن الفشل لم يكن بسبب تقنياتها".

نشرت شركة Smartshooter الإسرائيلية الناشئة في مجال تكنولوجيا الدفاع صورة على فيسبوك تظهر ثلاثة جنود إسرائيليين يصوبون بنادقهم الهجومية من إنتاج الشركة على مبنى خرساني مدمر في مكان ما في قطاع غزة

كم جانبه، قال أنتوني لوينشتاين، صحفي مستقل ومؤلف كتاب "فلسطين" المختبر"، قال +972: "أعتقد أنك ستجد انتعاشًا كبيرًا في السنوات المقبلة لعدد من الشركات الإسرائيلية الناشئة في مجال التكنولوجيا والدفاع باستخدام أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر كأداة تسويق رئيسية"، مضيفًا: "أعتقد أننا سنرى المزيد من الشركات تستفيد مما حدث لبيع الأسلحة".

ويقول المسؤولون التنفيذيون في مجال التكنولوجيا إن إنفاق الأموال على صناعة تكنولوجيا الدفاع المتنامية يعد "ضرورة أيديولوجية". وبعد أيام فقط من 7 تشرين الأول/أكتوبر، أطلق المستثمر آرون كابلويتز المقيم في ميامي صندوق رأس المال الاستثماري يسمى "1948 Ventures". وقال كابولويتز للصحفيين، إن الغزو البري الإسرائيلي "قدم فرصة غير مسبوقة لاختبار قتالي لأنظمة جديدة".

في الشهر الماضي، حث رجل الأعمال الإسرائيلي يوناتون ماندلباوم الشركات الإسرائيلية الناشئة على التحول نحو تصنيع الأسلحة، واعتبر أن ابتكار أسلحة جديدة هو "خدمة وطنية" للأمة.