18-أغسطس-2020

أصدرت المحكمة حكمها النهائي بعد بعد 15 عامًا من اغتيال الحريري (Getty)

أصدرت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والتي أُنشئت من خلال القرار الدولي رقم 1757، حكمها النهائي في قضية اغتيال رئيس الوزراء البناني السابق رفيق الحريري في شباط 2005. وقد نظرت المحكمة بشكل خاص بالاتهام الموجّه إلى أربعة متّهمين ينتمون إلى حزب الله، بعد أن أُسقط الاتهام عن مصطفى بدر الدين بعد إعلان مقتله في سوريا في أيار/مايو 2016. وقد جرّمت المحكمة في قرارها الختامي المتهم سليم عياش، ووجهت له تهمة القتل المتعمّد لرفيق الحريري و21 مواطنًا آخر. فيما تمّ إسقاط التهم عن كلّ من حسن عنيسي، أسد صبرا وحسين مرعي بسبب عدم كفاية الأدلّة ضدهم.

أصدرت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والتي أُنشئت من خلال القرار الدولي رقم 1757، حكمها النهائي في قضية اغتيال رئيس الوزراء البناني السابق رفيق الحريري في شباط 2005.

وكان من المفترض أن يصدر حكم المحكمة في السابع من شهر آب/أغسطس الجاري، إلا أن غرفة الدرجة الأولى في المحكمة أصدرت قرارًا بتأجيل النطق بالقرار إلى الثامن عشر من آب/أغسطس "احترامًا للأعداد الكبيرة من ضحايا الانفجار المدمّر الذي هزّ بيروت في الرابع من آب، ومراعاةً لحال الحداد التي أعلنها لبنان لمدة ثلاثة أيام".

اقرأ/ي أيضًا: وثيقة سرية: السلطات اللبنانية تجاهلت تحذيرًا بشأن المواد التي انفجرت في المرفأ

وكانت المحكمة قد أعلنت أنها لا تمتلك أدلّة ملموسة على تورّط قيادة حزب الله والنظام السوري بعملية التفجير، بالرغم من أن الطرفين امتلكا الدوافع لإزاحة الحريري من المشهد السياسي. كذلك أكّدت المحكمة مرة أخرى، أن الفيديو الذي وصل لقناة الجزيرة يوم العملية، والذي يَظهر فيه المدعو أبو عدس متبنيًا للعملية الانتحارية، هو فيديو مفبرك وأن أبو عدس اختطف من منزله وأُجبر على تصوير الفيديو. مع تكوّن قناعة لدى المحكمة أن المتهمين الأربعة ضالعون في قضية خطفه وإرغامه على تسجيل الفيديو وإخفائه، وتسليم الفيديو إلى قناة الجزيرة.

وينقسم اللبنانيون حول المحكمة الدولية منذ لحظة إنشائها، بين من يرى فيها ضرورة ً لكشف الحقيقة وإحقاق العدالة، ورادعًا مستقبليًا لمن يستخدم الاغتيالات السياسية لتغيير الواقع في لبنان، وبين من اعتبر منذ البداية أن المحكمة مسيّسة، وأن الهدف من إنشائها كان استهداف حزب الله ومن قبله النظام السوري.

وكانت المحكمة قد أنشئت كانون الأول/ديسمبر 2005، بناءً على طلب قدّمته الحكومة اللبنانية يومها إلى الأمم المتحدة، بالرغم من المعارضة الشديدة من فريق 8 آذار يومها بقيادة حزب الله. حيث كان يشكّك بنزاهة العدالة الدولية، ويطالب بالمقابل بالاعتماد على القضاء اللبناني لكشف ملابسات الجريمة، مع العلم أن تجارب اللبنانيين مع هذا القضاء في ما يخص الاغتيالات السياسية، التي طالما شهدها لبنان خلال العقود الأخيرة، لم تكن مشجّعة على الإطلاق، ولم تصل بمعظمها إلى نتائج وبقي المذنبون طلقاء.

وعُقدت أولى جلسات المحكمة في مقرّها في مدينة لاهاي الهولندية في العام 2009. وصدر القرار الاتهامي الأول في عام 2011، حيث تم توجيه الاتهام لأربعة عناصر من حزب الله بالتخطيط والتنفيذ، وقد صدرت بحقهم مذكرات توقيف دولية، إلا أن أي منهم لم يتمّ توقيفه، في ظل إعلان أمين عام حزب الله عن حمايته لهم، وتأكيده على أنه وحزبه لا يعترفون بالمحكمة أو بالمقررات التي تصدر عنها.

وقد تلقّى بعض اللبنانيين قرار المحكمة بشيء من خيبة الأمل، فالمتحمّسون لها كانوا يأملون أن يتّم توجيه الاتهام لحزب الله بشكل مباشر، في ظل اقتناعهم باستحالة أن يقوم أفراد من الحزب بتنفيذ جريمة بهذا الحجم بدون العودة إلى القيادة. فيما رحّب جزء منهم بقرار المحكمة، لاقتناعهم بأن المحكمة لا يحقّ لها قانونيًا توجيه الاتهام للمنظمات والدول، وهي تكتفي بتوجيه الاتهام لأشخاص، في حال ثبوت أدلة دامغة ضدهم.

عُقدت أولى جلسات المحكمة في مقرّها في مدينة لاهاي الهولندية في العام 2009. وصدر القرار الاتهامي الأول في عام 2011

على الجانب الآخر، بدا الارتياح على جمهور حزب الله وناشطيه، حيث سخروا عبر وسائل التواصل الاجتماعي من قرار المحكمة، وشكّكوا مجدّدّا بمصداقيتها. فيما كان قسم ثالث يعترض على التكلفة المادية الكبيرة التي تكبّدتها الدولة اللبنانية خلال السنوات الـ11 الأخيرة لتمويل المحكمة، في ظل عجزها عن الوصول للمتهمين ومحاكمتهم. حيث فاقت التكلفة حسب بعض التقديرات النصف مليار دولار، فيما ترزح البلاد تحت أزمة اقتصادية خانقة.