02-أغسطس-2021

قد تدخل الطائرات المسيرة على خط حرب الناقلات البحرية (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير  

في إشارة إلى تغيير في قواعد الاشتباك بين إيران من طرف، وإسرائيل على الطرف المقابل، والذي يأتي بالتزامن مع استعداد الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، المحسوب على التيار المحافظ لاستلام مهامه رسميًا، يوم الثلاثاء القادم، اتهمت الحكومة الإسرائيلية إيران بالوقوف وراء الهجوم الذي استهدف ناقلة النفط ميرسر ستريت المُدارة من شركة زودياك ماريتايم الإسرائيلية، مما أسفر عن مقتل اثنين من أفراد طاقم السفينة.

في إشارة إلى تغيير في قواعد الاشتباك بين إيران من طرف، وإسرائيل على الطرف المقابل، اتهمت تل أبيب إيران بالوقوف وراء الهجوم الذي استهدف ناقلة النفط ميرسر ستريت المُدارة من شركة زودياك ماريتايم الإسرائيلية

تقارير استخباراتية تتهم إيران بالهجوم

وفقًا لعديد التقارير الإخبارية فإن الهجوم الذي استهدف ميرسر ستريت وقع يوم الخميس الماضي، بحسب ما أعلنت الشركة الإسرائيلية التي تدير الناقلة المملوكة لليابان، وكانت ترفع علم ليبيريا عندما تعرضت للهجوم، وهو ما أسفر عن مقتل اثنين من أفراد طاقمها، أحدهما بريطاني والآخر روماني، وفيما قالت الشركة التي يملكها رجل الأعمال الإسرائيلي إيال عوفر إن الهجوم لا يزال محل تحقيق، فإنها في مقابل ذلك وصفته بأنه "قرصنة محتملة".

اقرأ/ي أيضًا: صحيفة إسرائيلية: الهجوم على الناقلة ميرسرستريت يغير قواعد اللعبة

هيئة النقل البحري البريطانية أوضحت في بيان لها أن ميرسر ستريت كانت على بعد حوالي 152 ميلًا بحريًا شمال شرق ميناء الدقم العماني عندما تعرضت للهجوم، فيما أفادت بيانات صادرة عن خدمة تتبّع حركة السفن أن ميرسر ستريت هي ناقلة من الحجم المتوسط كانت قادمة من دار السلام في تنزانيا باتجاه ميناء الفجيرة بالإمارات عندما تعرضت للهجوم.

ونقلت وكالة رويترز عن مصادر أوروبية وأمريكية مطلعة على تقارير استخباراتية، يوم الجمعة الماضي، أن إيران هي المشتبه به الرئيسي في الهجوم الذي استهدف ميرسر ستريت، قبل أن تضيف بأنه من السابق لأوانه التيقن من ذلك، في وقت قالت قناة العالم الإيرانية الناطقة باللغة العربية إن مصادر – بدون أن تشير إلى هويتها – أوضحت أن الهجوم جاء ردًا على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف مطار الضبعة وسط سوريا في وقت سابق من الشهر الجاري.

وكانت حرب الناقلات قد بدأت في المنطقة مع تزايد التوترات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة من طرف، وإيران من طرف آخر منذ عام 2018، على خلفية الانسحاب الأحادي لإدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني المبرم مع الدول الكبرى في عام 2015، فضلًا عن حملة الضغط القصوى بإعادة إدارة ترامب فرض عقوبات مشددة على مسؤولين وكيانات إيرانية.  

وهذه المرة الثانية التي تتعرض فيها سفينة شحن تديريها زودياك ماريتايم الإسرائيلية لهجوم في ظرف أقل من شهر، بعدما استهدف هجوم سابق السفينة الإسرائيلية CSAV TYNDALL التي تتبع بياناتها للشركة ذاتها مطلع تموز/يوليو الماضي، وكانت حينها متجهة من ميناء جدة في السعودية إلى السواحل الإماراتية في شمال المحيط الهندي.

تقارير تتحدث عن استخدام طائرات مسيرة في الهجوم

وفقًا لتقارير عبرية فإن التقييمات الإسرائيلية لطبيعة الهجوم الذي استهدف ميرسر ستريت يشير إلى أنها اُستهدفت بهجومين يفصل بينهما عدة ساعات، حيثُ أوضحت التقارير أن الهجوم الأول لم يتسبب بأضرار على عكس الهجوم الثاني الذي أصاب الجسر مما أدى إلى وقوع قتلى، فيما قالت القيادة المركزية الأمريكية التي تشرف على العمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى إن "المؤشرات الأولية تظهر بوضوح أنه هجوم بطائرة مسيرة".

ويتوافق ترجيح القيادة المركزية الأمريكية بأن الهجوم نفذ بطائرات مسيرة مع تقرير صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الذي نقل عن اثنين من المسؤولين الأمريكيين أن التوقعات تتحدث عن أن الهجوم نفذ بواسطة عدة طائرات إيرانية مسيرة انفجرت قرب حجرات الطاقم تحت جسر القيادة.

وأشار المسؤولان في حديثهما إلى أن الخبراء الأمريكيين الذي صعدوا إلى السفينة عقب الهجوم  لمعاينة حجم الأضرار قد أكدوا استخدام عدة طائرات بالهجوم بدون معرفة عدد الطائرات المشاركة، فيما اعتبر مسؤول إسرائيلي في حديثه للصحيفة الأمريكية أن توقيت الهجوم الأخير، يوم الخميس الماضي، يدل على أن إيران "بدأت العمل على توسيع نطاق عملياتها البحرية".

إيران تنفي.. وإسرائيل تجدد اتهامها

بعد عديد التقارير الغربية التي رجحت وقوف إيران وراء الهجوم الأخير، فضلًا عمّا ذكرته قناة العالم الإيرانية حول طبيعة الهجوم الذي جاء ردًا على استهداف مواقع عسكرية إيرانية في سوريا، نفى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، الأحد، أن تكون بلاده هي المسؤولة عن الهجوم الأخير على السفن الإسرائيلية، مطالبًا إسرائيل بأن تتوقف "عن توجيه الاتهامات الباطلة التي لا أساس لها"، واصفًا الاتهامات بأنها "مجرد أكاذيب".

أما على الطرف المقابل، فقد حمّل رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت إيران مسؤولية الهجوم على ناقلة النفط التي تديرها الشركة الإسرائيلية، موجهًا مطالبه للمنظومة الدولية بـ"أن توضح للنظام الإيراني حجم الخطأ الفادح الذي اقترفه"، وتابع مضيفًا بأن إسرائيل "ستوضح لإيران وبطريقتها الخاصة فداحة الخطوة التي أقدمت عليها بالهجوم على الناقلة".

فيما اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد أن الحادث يستحق ردًا صارمًا، مضيفًا في تغريدة أن "إيران ليست مشكلة إسرائيلية فقط، بل هي مصدِّر للإرهاب والدمار وعدم الاستقرار يلحق الأذى بالجميع… يجب ألا نظل صامتين في مواجهة الإرهاب الإيراني الذي يقوّض أيضًا حرية الملاحة".

ويوم أول أمس السبت، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة وافقت على المشاركة في تحقيق بشأن الهجوم على ناقلة النفط، وذلك على خلفية المكالمة الهاتفية التي أجراها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع نظيره الإسرائيلي لبيد، وتوصلا فيها إلى الاتفاق "على العمل مع المملكة المتحدة ورومانيا وشركاء دوليين آخرين للتحقيق في الوقائع وتقديم الدعم ودراسة المراحل التالية المناسبة".

تهديدات إسرائيلية مصحوبة بنقاشات حول طبيعة الرد

على عكس الجانب الإيراني الذي التزم الصمت، باستثناء تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية، فإنه على الطرف المقابل بادرت إسرائيل إلى التلويح بالرد على الهجوم الذي استهدف ميرسر ستريت، فقد نقل موقع والاه العبري عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن: "إسرائيل سترد على الهجوم، لكن المسألة تتعلق بالكيفية والتوقيت".

ووفقًا لما نقل الموقع العبري فإن وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس كان قد أجرى عقب الهجوم مشاورات مكثفة مع رئيس هيئة أركان الجيش أفيف كوخافي وقيادات عسكرية وأمنية أخرى، لبحث سبل الرد على استهداف السفينة، في وقت توقع المعلق العسكري لصحيفة يديعوت أحرنوت العبرية رون بن يشاي أن ترد إسرائيل بشكل مؤكد على الهجوم الذي "خلط الأوراق"، وأظهر أن إيران مستعدة لتحمل المخاطر مقابل ردها على الهجمات الإسرائيلية.

وفي ذات السياق، نقلت هيئة البث الإسرائيلي (مكان) أن المسؤولين الإسرائيليين بدؤوا بإجراء اتصالات  مع نظرائهم في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا مرتبطة بالهجوم عينه، وأشارت هيئة البث إلى أن المسؤولين الإسرائيليين نقلوا لنظرائهم في الولايات المتحدة وبريطانيا "موادًا استخباراتية تبرهن ضلوع إيران في الهجوم".

وأضافت هيئة البث أن المسؤوليين الإسرائيليين أكدوا أن الهجوم الذي استهداف السفينة "لم يكن موجهًا إلى إسرائيل فحسب بل إنه يشكل خطرًا على الملاحة البحرية الدولية بأسرها"، لافتةً إلى أن الجلسات الاستشاريةالتي أجراها المسؤولون الإسرائيليون خلال نهاية الأسبوع لتقييم الوضع خلصت إلى أن "هناك عدة منشآت تابعة لإيران في المنطقة قد تكون هدفًا لهجوم انتقامي إسرائيلي" .

هل تدخل الطائرات المسيّرة على خط حرب الناقلات في الشرق الأوسط؟

أظهر الهجوم الأخير الذي استهدف سفينة ميرسر ستريت التي تديرها الشركة الإسرائيلية تطورًا على قواعد الاشتباك فيما يخص حرب الناقلات المتصاعد منذ عامين تقريبًا، بالأخص أنه الهجوم الأول من نوعه عبر طائرات مسيرة، وكذلك أول هجوم يسجل فيه سقوط قتلى من طاقم السفينة على عكس السفن التي استهدفت سابقًا، فضلًا عن أنه جاء برفقة تصريحات لمسؤولين أمريكيين اعتبروا فيها أن "الطائرات المسيرة الإيرانية أصبحت تشكل تهديدًا متزايدًا على حلفائنا في المنطقة".

فقد كشف تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن "الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات تستهدف قدرات إيران المتعلقة باستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة"، وبحسب ما نقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين فإن "العقوبات ستستهدف شبكات المشتريات الإيرانية، مثل مزودي الأجزاء المستخدمة في بناء الطائرات المسيرة، والصواريخ الموجهة بدقة".

من جهتها اعتبرت صحيفة جيروزاليم بوست العبرية أن استهدف ميرسر ستريت يعد "هجومًا خطيرًا ومعقدًا، واستخدامًا جديدًا لتكنولوجيا الطائرات بدون طيار من إيران، وليس مجرد تصعيد كبير"، لافتةً إلى امتلاك إيران عدد كبير من الطائرات العسكرية المسيرة، كما الحال مع طائرات (شاهد، مهاجر، وأبابيل)، وفيما تقول إيران إن طائراتها المسيرة يمكنها الطيران إلى مسافة ألف ميل، فضلًا عن استطاعتها حمل صواريخ، فإنه يمكن كذلك برمجة أنواع منها لتنفيذ هجمات دقيقة عن طريق الاصطدام بالأهداف.

ورأت الصحيفة العبرية أنه من المحتمل أن يكون استخدام الطائرات المسيرة في الهجوم الذي استهدف ميرسر ستريت يمثل بداية "حقبة جديدة في الشرق الأوسط وخطًا أحمرًا رئيسيًا على استخدام هذه الطائرات ضد السفن"، وتابعت موضحة أن استخدام عدة طائرات بدون طيار لاستهداف أجزاء من سفينة بدقة، مثل قمرة القيادة أو غرف السكن قد يشير إلى امتلاك إيران "قدرات استطلاعية واستخبارية متطورة".

ووفقًا للصحيفة العبرية، فإنه وبالنظر إلى أن الهجوم بالطائرات على السفن يعتبر أمر معقدًا بسبب حركة السفن الدائمة في المياه، فإنه ليس واضحًا كيف تمكنت إيران من برمجة الطائرات المسيرة لضرب السفينة بدقة، حيثُ إن السفن تستمر بالحركة حتى عندما ترسوا بسبب المد والجزر للمياه، لذا فإنها تساءلت عن أنه كيف يمكن للطائرة المسيرة استهداف مناطق محددة، ما لم تستمر السيطرة عليها حتى إحداث التأثير المطلوب؟ وهو الأمر الذي اعتبرته أسئلة جوهرية تحتاج أجوبة.

صحيفة إسرائيلية: بالنظر إلى أن الهجوم بالطائرات على السفن يعتبر أمر معقدًا بسبب حركة السفن الدائمة في المياه، فإنه ليس واضحًا كيف تمكنت إيران من برمجة الطائرات المسيرة لضرب السفينة بدقة

وختمت جيروزاليم بوست تقريرها مشيرةً إلى أنه إذا وصلت إيران إلى مستوى جديد من ضربات الطائرات المسيرة الدقيقة، وأمكن لها استخدامها ضد سفن الشحن في هجمات مميتة، فإن ذلك يعتبر "منعطفًا فارقًا رئيسيًا"، مشيرةً إلى أن أحد الحسابات الموالية لإيران على منصات التواصل الاجتماعي تحدث عن أن قدرة الطائرات المسيرة الإيرانية التي يمكنها حمل أسلحة بدأ عددها يتزايد، لافتًا إلى أن الهجوم الأخير يعكس "سياسة طهران الانتقامية الجديدة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

 أبرز أسباب وتداعيات الهجوم الإسرائيلي على سفينة "إيران ساويز"