25-أغسطس-2020

هاجم ترامب الحزب الديمقراطي وجدد ادعاءه بشأن تزوير الانتخابات (Getty)

أعلن الحزب الجمهوري خلال اليوم الأول من مؤتمره الوطني العام اختيار الرئيس دونالد ترامب مرشحًا رسميًا لانتخابات الرئاسة الأمريكية في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، مجددين هجومهم الحاد على الحزب الديمقراطي للتأثير على قرار الناخبين من أجل عدم التصويت لصالح نائب الرئيس السابق جو بايدن، بينما كرر ترامب تحذيراته من محاولة الديمقراطيين سرقة الانتخابات، دون أن يقدم دليلًا ملموسًا على ذلك.

أعلن الحزب الجمهوري خلال اليوم الأول من مؤتمره الوطني العام اختيار الرئيس دونالد ترامب مرشحًا رسميًا لانتخابات الرئاسة الأمريكية في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل

وفي حين انتهى المطاف بالجمهوريين في قاعة المؤتمرات في مدينة تشارلوت في ولاية كارولينا الشمالية لتنظيم مؤتمرهم غير الافتراضي، فإن المؤتمر لم يخرج عن دائرة التوقعات بشأن مهاجمة المتحدثين – الذين كان من بينهم متحدثون من أصول أفريقية – للحزب الديمقراطي، برسم صورة مشؤومة للولايات المتحدة في حال انتهى الأمر بفوز بايدن في انتخابات الرئاسة، وهو ما شدد عليه الناشط الجمهوري تشارلي كيرك معتبرًا أن انتخابهم لترامب جاء بهدف حمايتهم من "الغوغاء"، وهي كلمة عادة ما يستخدمها ترامب لانتقاد الديمقراطيين.

اقرأ/ي أيضًا: الصين حائرة بين مصالحها.. أيهما أفضل ترامب أم بايدن في البيت الأبيض؟

وعلى عكس اختيار بايدن مخاطبة الديمقراطيين عبر تقنية الفيديو في مؤتمرهم الوطني الذي نظم في مدينة ميلووكي في ولاية ويسكونسن، فإن ترامب وصل إلى قاعة المؤتمرات في تشارلوت بعد دقائق من تسميته رسميًا مرشح الجمهوريين لولاية ثانية في البيت الأبيض، حيث عبر عن ثقته بهزيمة منافسه بايدن في التصويت، على الرغم من أن استطلاعات الرأي على المستوى الوطني تشير إلى عكس ذلك.

في العموم لم تخرج كلمة ترامب عن دائرة التوقعات بعدما ركز خلالها على قضيتي القانون والنظام، إضافة لإثارته المزاعم مرةً أخرى بأن الموافقة على إجراء الانتخابات بالتصويت عن طريق البريد ستؤدي لزيادة عملية التلاعب في الانتخابات، متجاهلًا بذلك تأكيد عديد الخبراء المستقلين أن تزوير الانتخابات أمر نادر جدًا في الولايات المتحدة.

لكن الأكثر إثارة في ظهور ترامب المفاجئ الذي لم يكن ضمن قائمة المتحدثين في اليوم الأول للمؤتمر، ممازحة ترامب للحضور بأنه يريد الترشح لولايتين إضافيتين، وهي لمحة تحمل في مضمونها إشارة لمقطع مصور نشره ترامب سابقًا عبر حسابه الرسمي على تويتر يحمل عنوان "ترامب للأبد"، بعدما أشار مازحًا في كلمته "إذا أردتم دفعهم حقًا إلى الجنون، عليكم أن تقولوا 12 سنة إضافية".

وأضاف ترامب في كلمته مشيرًا إلى أن "السبيل الوحيد الذي يمُّكنهم (الديمقراطيين) من سلب هذه الانتخابات منا هو أن تكون مزورة"، ثم أردف مؤكدًا "سنفوز بهذه الانتخابات"، وانتقل بعد ذلك في كلمته لمهاجمة الولايات التي انتهجت سياسات مشددة لمواجهة جائحة فيروس كورونا الجديد، معتبرًا أنهم يحاولون "سرقة الانتخابات" عبر استخدامهم لفيروس كورونا "للاحتيال على الشعب الأمريكي، كل شعبنا، في انتخابات نزيهة وحرة".

وكما درجت العادة في معظم الكلمات التي ألقاها ترامب خلال جولاته الانتخابية، كان لوسائل الإعلام الأمريكية نصيب من الهجوم بسبب "سوء تغطيتهم" لمؤتمر الجمهوريين، بعدما عبر عن استيائه من شبكتي CNN و MSNBCالأمريكيتين لعدم نقلهما وقائع تصويت المندوبين الجمهوريين على الهواء مباشرة، على عكس شبكة فوكس نيوز الأمريكية المحافظة، والمعروف عنها تأييدها لترامب، واصفًا عدم تغطية الشبكتين الأمريكيتين بأنها "تضليل إخباري.. على الحزب الجمهوري أن يتصدى" لها.

غير أن الجمهوريين انتهزوا وقت الذروة على شبكة الكابل الأمريكية لبث مقطع فيديو يشيد بالإجراءات التي اتخذتها إدارة ترامب لمواجهة الجائحة العالمية، وهو من أكثر المواضيع التي تشكل استقطابًا بين الناخبين، إلا أن مقطعًا آخر مسجلًا مسبقًا في البيت الأبيض أشار إلى عدم اتباع ترامب خلال اجتماعه مع بعض العاملين الأساسيين في قطاع الصحة، للتدابير الاحترازية بارتدائهم كمامات على الوجه، وبالأخص أن من بين الحاضرين كان يوجد عاملون في الخطوط الأمامية لمكافحة فيروس كورونا.

وكان لافتًا عدم انضمام الرئيس السابق جورج بوش الابن لمؤتمر الجمهوريين، أو حتى المرشح الرئاسي السابق ميت رومني لانتخابات عام 2012، وهو ما جاء على عكس الديمقراطيين الذين ظهر في مؤتمرهم جميع الرؤساء الديمقراطيين الذين لا يزالون على قيد الحياة، ما يدعم صحة التقارير التي تحدثت عن توجيه عشرات الجمهوريين الذين عملوا سابقًا في إدارة بوش الابن دعمهم لحملة بايدن الانتخابية.

غير أن الجمهوريين تداركوا عدم ظهور أي رئيس جمهوري سابق في مؤتمرهم من خلال منح متحدثين سود مساحة زمنية لإلقاء كلماتهم التي يعلنون فيها تقديم دعمهم لترامب، ويعتبر السود من المجموعات الانتخابية الأكثر ولاءً للديمقراطيين منذ فترة طويلة، وفقًا لما كتب مايكل غودوين في مجلة نيويورك بوست الأمريكية، والذي أضاف بأن الجمهوريين قدموا خلال مؤتمرهم "قائمة رائعة من المتحدثين السود".

إذ كان من بين المتحدثين من داخل القاعة المرشحة الجمهورية كيم كلاسيك لمنصب السيناتور الديمقراطي الراحل إيليا كامينغز، والتي يصفها الكاتب غودوين بأنها "شابة جمهورية حيوية"، بالإضافة لأبرز نجوم كرة القدم الأمريكية هيرشل ووكر الذي شكك بأن يكون على علاقة صداقة مع "شخص عنصري" لمدة 37 عامًا، في إشارة للصداقة التي تربطه مع ترامب، وكذلك الأمر مع السيناتور عن ولاية كارولينا الجنوبية تيم سكوت الذي أيد دعمه لترامب.

لكن ترامب لم يسع للحصول على دعم الجمهوريين السود فقط، إنما امتد ذلك لحصوله على دعم السيناتور الديمقراطي السابق عن عن ولاية فرجينيا فيرنون جونز، بعدما أعلن في وقت سابق عن دعمه لترامب، والذي أشار إلى أن الديمقراطيين أصابهم "الجنون" عندما علموا بمحاولة ترامب الحصول على أصوات الناخبين من أصول أفريقية، مطالبًا المسؤولين الديمقراطيين بصيغة هجومية بالتخلي عن حراسهم الشخصيين عندما يخرجون إلى الشارع، على اعتبار أنهم يرفضون العنف الذي تستخدمه قوات الشرطة ضد المحتجين منذ أسابيع.

اقرأ/ي أيضًا:  ترامب يلجأ لاتهامات "تزوير الانتخابات" كاستراتيجية لحملته الانتخابية

وفي خصوص حصول الجمهوريين على دعم الأمريكيين السود، يرى غودوين أن ذلك قد يكون مستحيلًا في الوقت الراهن، لأن المرشحين الديمقراطيين للرئاسة، وبصرف النظر عن أسمائهم، فإنهم غالبًا ما يحصلون على 90 بالمائة من أصوات السود، وهو ما حصل مع ترامب في الانتخابات السابقة عندما صوت ثمانية بالمائة من الناخبين السود لصالحه، لكن الأمر سيكون زالزالًا إذا ما استطاع ترامب أن يحصل في الانتخابات الحالية على ضعف النسبة التي حصل عليها قبل أربعة أعوام، لأن ذلك سيضمن له الفوز بالانتخابات.

لم تخرج كلمة ترامب عن دائرة التوقعات بعدما ركز خلالها على قضيتي القانون والنظام، إضافة لإثارته المزاعم مرةً أخرى بأن الموافقة على إجراء الانتخابات بالتصويت عن طريق البريد ستؤدي لزيادة عملية التلاعب

إلا أن طموحات الجمهوريين بشأن فوز ترامب بولاية ثانية، ورغم محاولتهم التأثير على الناخبين السود من خلال منح المساحة لجمهوريين سود للحديث للتأثير عليهم، لا تزال تصطدم بالعنف المفرط للشرطة اتجاه المحتجين، وتحديدًا بعد انتشار مقطع فيديو يظهر إطلاق رجل شرطة أبيض ثلاث رصاصات على ظهر مواطن أسود أمام أطفاله، ووفقًا للفيديو المتداول فإن الرجل لم يبد أي مقاومة أو محاولة عراك مع ضابط الشرطة، حيثُ كان عائدًا إلى سيارته بعدما فض مشاجرة بين امرأتين.