02-أغسطس-2020

مخاوف دولية بعد تشغيل مفاعل إماراتي للطاقة النووية (وكالة الأنباء الإماراتية)

ألترا صوت – فريق التحرير

أعلنت دولة الإمارات بدء تشغيل مفاعل براكة للطاقة النووية يوم السبت، ليكون بذلك أول مفاعل للطاقة النووية من بين أربعة مفاعلات، ستقوم فور تشغيلها كاملةً بإنتاج 25 بالمائة من الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية، غير أن تقارير لخبراء حذرت من حدوث تسريبات محتملة بالنظر للمشاكل الفنية التي تخللت تدشين المفاعل في عام 2017.

 تقارير لخبراء حذرت من حدوث تسريبات محتملة بالنظر للمشاكل الفنية التي تخللت تدشين المفاعل في عام 2017

وأصبحت الإمارات أول دولة عربية في المنطقة تفتتح محطة للطاقة النووية، ويرى محللون في هذا الإطار أن إعلان أبوظبي عن تشغيل أول مفاعل للطاقة النووية قد تكون له عواقب أمنية وبيئية في المنطقة، بالنظر للخلاف الإيراني مع القوى الغربية بشأن برنامجها النووي.

اقرأ/ي أيضًا: قلق مشترك بين قطر والوكالة الدولية للطاقة الذرية من محطة نووية إماراتية

وتقع محطة براكة للطاقة النووية المطلة على الخليج في منطقة الظفرة في إمارة أبوظبي، وأُعلن عن بدء الأعمال الإنشائية للمحطة في تموز/يوليو من العام 2012، وقالت جماعة أنصار الله الحوثي الموالية لطهران نهاية عام 2017، إنها استهدفت بصاروخ كروز المحطة التي كانت حينها لا تزال قيد الإنشاء، وهو الأمر الذي نفته الإمارات لاحقًا، لكنه جاء في سياق التطورات المتصاعدة التي شهدتها المنطقة خلال العامين الماضيين.

ووفقًا لموقع BBC البريطاني فإن الأستاذ بمعهد الطاقة في جامعة لندن العالمية باول دورفمان قد أشار إلى أن البيئة الجيوسياسية المتوترة في الخليج تجعل من الخيار النووي مسألة أكثر إثارة للجدل في هذه المنطقة من أي مكان آخر، حيث إن الطاقة النووية الجديدة توفر القدرة على تطوير وصنع أسلحة نووية، معبرًا عن مخاوفه بشأن السلامة في المحطة بناء على أسباب فنية، ومؤكدًا في الوقت عينه على خطر حدوث تلوث إشعاعي في الخليج.

وكانت الإمارات قد أجلت تشغيل المفاعل لأكثر من مرة اعتبارًا من العام 2017 بسبب مشاكل مختلفة تتعلق بالسلامة، ووفقًا لدورفمان فإن التأجيل الذي كان نهاية العام الماضي جاء نتيجة العثور على تشققات في جميع المباني الحاضنة للمفاعلات الأربعة أثناء عملية البناء، مما استلزم تعليق أعمال التشييد للقيام بإجراء الإصلاحات اللازمة.

في السياق فقد أشار الخبراء في منظمة باور تكنولوجي الدولية لمصادر الطاقة إلى وجود الكثير من المخاوف بشأن حدوث أي تسرب محتمل بالنظر للمشاكل الفنية التي تخللت تدشين المفاعل، وأوضح الخبراء أن موقع تدشين المفاعل يشكل تحديًا آخر نظرًا لإنشائه في منطقة متخمة بالأزمات، ومحيط لا يبعث على الاطمئنان لمنشآت حساسة من هذا القبيل.

أردف الخبراء متسائلين عن فائدة إنشاء مشروع للطاقة النووية في منطقة تمتلك بدائل أخرى للطاقة، في إشارة للطاقة الشمسية في منطقة الخليج ذات الطبيعة الصحراوية التي لا تكون الأولوية فيها عادةً للطاقة النووية، نظرًا لامتلاكها أفضل مصادر الطاقة الشمسية في العالم، مما يجعل الاستثمار فيها أقل كلفة من الطاقة النووية بكثير.

وكانت الإمارات قد وقعت مذكرة تفاهم مع واشنطن ممثلة بوزيرة الخارجية السابقة كونداليزا رايز في عام 2008، تنص على التعاون بين الطرفين في مجالات الاستخدام السلمي للطاقة النووية، قبل أن تقوم نهاية كانون الثاني/يناير من العام 2009، بتوقيع اتفاقية 123 للتبادل السلمي في مواد الطاقة النووية السلمية بين البلدين، وهي الفترة التي كانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن تسلم مهامها لإدارة باراك أوباما.

يتساءل خبراء عن فائدة إنشاء مشروع للطاقة النووية في منطقة تمتلك بدائل أخرى للطاقة، في إشارة للطاقة الشمسية في منطقة الخليج ذات الطبيعة الصحراوية 

ويأتي تشغيل الإمارات لأول مفاعل نووي في الشرق الأوسط، لتكون الأولى من بين سلسلة محطات نووية من المحتمل إنشاؤها في المنطقة، بعدما أشارت تقارير لوجود رغبة مصرية بإنشاء محطة للطاقة مؤلفة من أربعة مفاعلات نووية، ومحاولة السعودية الحصول على اتفاق مع إدارة الرئيس دونالد ترامب يسمح لها بإنشاء مفاعلات نووية سلمية، غير أن الاتفاق مرتبط بتقديم الرياض ضمانات بعدم استخدام المفاعلات النووية لتطوير الأسلحة.

في السياق، تتخوف بعض دول الجوار من العواقب التي قد تأتي بعد الخطوة الإماراتية، خصوصًا مع غياب ناظم يحكم علاقة الجوار مع تعطل الدور الفعلي لمجلس التعاون الخليجي عقب فرض أبوظبي مع الرياض ودول أخرى حصارًا بريًا وجويًا وبحريًا على قطر. وفي العام الماضي، أبدت الدوحة في رسالة أرسلتها إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية عبر وزارة الشؤون الخارجية، تخوفاتها من التهديدات المحتملة في حال تشغيل المحطة النووية الإماراتية، في ظل غياب العلاقات بين دول المجلس.

وتخشى قطر أن تشغيل المحطة النووية، قد يمثل تهديدًا محتملًا لمنطقة الخليج العربي في حال لم يكن هناك تعاون مسبق للتخطيط لمواجهة أي كارثة نووية. وطالبت الدوحة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بوضع إطار عمل يخص الأمن النووي في منطقة الخليج. 

ومن أبرز ما أشارت إليه رسالة قطر للوكالة الدولية، حول مخاوفها من المحطة النووية الإماراتية، أن التكنولوجيا المستخدمة في تشغيل المفاعلات داخل المحطة الإماراتية، غير مجربة نسبيًا، خاصة وأنه لا يوجد سوى مفاعل واحد من هذا النوع يعمل في كوريا الجنوبية. 

اقرأ/ي أيضًا: الإمارات مدانة في لاهاي.. العدالة الدولية تأخذ مجراها بحق حصار قطر

واعتبرت الدوحة أن "محطة براكة النووية الإماراتية، تشكل تهديدًا خطيرًا للاستقرار الإقليمي والبيئة، وفي حال حدوث أي حادث عرضي، فإن غبار المواد المشعة الناجم عن ذلك يمكن أن يصل إلى الدوحة خلال ما بين خمس ساعات إلى 13 ساعة، وأن تسربًا إشعاعيًا سيكون له تأثير مدمر على إمدادات المياه في المنطقة، بسبب اعتمادها على محطات التحلية".

تتخوف بعض دول الجوار من العواقب التي قد تأتي بعد الخطوة الإماراتية، خصوصًا مع غياب ناظم يحكم علاقة الجوار مع تعطل الدور الفعلي لمجلس التعاون الخليجي 

وطالبت وزارة الشؤون الخارجية القطرية في الرسالة المقدمة إلى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بـ"وضع إطار عمل يخص الأمن النووي في الخليج، نظرًا للمخاوف الكبيرة المتعلقة بتشغيل محطة الطاقة النووية الواقعة في براكة، في ظل غياب التعاون الدولي مع دول الجوار فيما يتعلق بالتخطيط لمواجهة الكوارث وبالصحة والسلامة وحماية البيئة، ما يمثل تهديدًا خطيرًا لاستقرار المنطقة وبيئتها". ولفتت أيضًا إلى أن المخاوف الإقليمية حول السلامة النووية، ستتضاعف في حال ما بدأت السعودية هي الأخرى برنامجًا نوويًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

النووي السعودي.. بعد جديد في الصراع الإيراني الأمريكي؟

الغاز.. العنصر الغائب في تفسير حرب السعودية على قطر