11-أغسطس-2019

ترجح تقارير دعم الإدارة الأمريكية للملف النووي السعودي (Getty)

غالبا ما تفاجئنا إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمقترحاتها من أجل إيجاد حلول لما تواجهه من معضلات، فكما اقترحت سابقًا بأن يخضع المدرسون لدورات على أستخدام الأسلحة لمواجهة حمل السلاح في المدارس من قبل بعض المراهقين  بعد سلسلة من الحوادث التي أودت بحياة العديدين، واقتراحاته لمواجهة العنف المستشري في العديد من الولايات الأمريكية بتشريع السلاح على نطاق واسع، ها هي اليوم تتكشف خطة لا تقل غرابًة وإدهاشًا عن سابقاتها.

تشير العديد من التقارير عن نية مسبقة لدى الإدارة الأمريكية بتزويد كل من المملكة العربية السعودية  ودولة الإمارات العربية المتحدة بتقنيات الطاقة النووية ضمن صفقات بملايين ملايين الدولارات

تشير العديد من التقارير عن نية مسبقة لدى الإدارة الأمريكية بتزويد كل من المملكة العربية السعودية  ودولة الإمارات العربية المتحدة بتقنيات الطاقة النووية ضمن صفقات بملايين ملايين الدولارات. ففي وقت سابق ووفقًا لتقرير نشرته شبكة BBC، تمت الإشارة إلى إمكان وجود صفقة بين واشنطن والرياض، تُمنح بموجبها السعودية ما تريده نوويًا، كجزء من خطّة السلام الشاملة التي يُروج لها حاليًا، ويديرها جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأميركي وزوج ابنته. لكن الجديد في الموضوع هو المشروع الذي طرحه كل من السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين والسناتور الجمهوري ليندسي جراهام في 30 تموز/يوليو الماضي، والذي يمنع بموجبه بنك الاستيراد والتصدير الأمريكي من تمويل نقل التكنولوجيا والمعدات النووية إلى المملكة العربية السعودية.

اقرأ/ي أيضًا: إرث أمريكا "البيضاء".. ترامب المخلص لرسالة البلطجة الإمبريالية 

 يقترح المشروع منع بنك التصدير والاستيراد من تمويل مثل هذه التحويلات إلى المملكة العربية السعودية ما لم تتخل الرياض عن تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجته، ويقترح المشروع اتفاقية تعاون نووي مع قانون وبروتوكولات وقائية إضافية تماشيًا مع توصيات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

على الرغم من أن مشروع القانون يدخل في إطار المنافسة الانتخابية الهادفة إلى الإطاحة بالرئيس دونالد ترامب في الاستحقاق الرئاسي المقبل، إلا أن العديد من المؤشرات تدل على أن الإدارة الأمركية تمتلك النية لتزويد المملكة السعودية بهذه التقنية ردًا على التهديدات الإيرانية، واستجابة لانسحابها من الاتفاق النووي، كما يبين  تقرير أوردته صحيفة ديلي بيست، أشار إلى موافقة وزير الطاقة الأمريكي على ستة تراخيص سرية تتيح لشركات أمريكية بيع تكنولوجيا خاصة تتعلق بالطاقة النووية للسعودية وتقديم المساعدة لها في هذا المجال.

ورغم تأكيد المشروع على تقييد تزويد المملكة السعودية بالتقنية النووية بأهداف مدنية، ولكن ما لاحظه العالم وبكل وضوح، أن استخدام الطاقة النووية لأهداف مدنية لا يستوجب بالضرورة أن تكون سلمية، في دولة تجند كل مواردها في قمع المعارضين وفرض السيطرة. فوفقاً لهولين: "يجب ألا نسمح أبدًا للمواد النووية بالسقوط في الأيدي الخطأ، وبالتأكيد فإن ولي العهد وهذا النظام أظهر أنه لا يمكن الوثوق به".

الإمارات تغرد خارج السرب

 في وقت سابق من العام الحالي أعلنت دولة الإمارات تأجيل العمل على مشروع مفاعلها النووي البركة للمرة الثالثة دون ذكر الأسباب الموجبة لذلك في حينه، رغم إعلان الإمارات بأنها قد أنجزت ما يقارب 90% من المشروع.

إن المؤشرات تدل على أنه بالاضافة إلى الاختلاف في المصالح والأولويات الاستراتيجية ما بين السعودية والإمارات، فإن أحد أسباب التباعد الذي نلمحه ما بين الموقف الإماراتي والموقف السعودي على أكثر من صعيد، يعود إلى استئثار الجانب السعودي على حصة الأسد من هذا المشروع الأمر الذي لم يرق للأمير محمد بن زايد، فقامت الإمارات بجملة من الإجراءات، سواء في اليمن، حيث أقدمت على سحب قواتها بشكل مفاجئ أعقبه  تغريد الإمارات خارج السرب في تقاربها الأخير مع الجانب الإيراني..

مدنية أم عسكرية؟

يخاف منتقدو قرار واشنطن أن يسمح هذا في نهاية المطاف للسعوديين بتطوير سلاح نووي بمساعدة التكنولوجيا الأمريكية. وقد أكدوا على تحذير ولي العهد محمد بن سلمان في آذار/مارس الماضي بعد إعلانه بأن المملكة ستطور أسلحة نووية إذا فعلت إيران ذلك أيضًا، بعد أن أورد ابن سلمان في إحدى مقابلاته الصحفية عن نية بلاده امتلاك قنبلة نووية في حال امتلكت إيران واحدة.

اقرأ/ي أيضًا: أمريكا أولًا.. ما أهم ملامح إستراتيجية الأمن القومي الجديدة لإدارة ترامب؟

كما أن هناك تقارير تفيد بأن الإدارة الأمريكية تروج لما تسميه "فكرة أنيقة" حول كيف يمكن للشركات الأمريكية، بما في ذلك الشركة الخاصة التابعة لتوم باراك، أحد مستشاري حملة ترامب الرئاسية، مساعدة المملكة العربية السعودية في بناء محطات الطاقة النووية. ورغم أن توقف التمويل في وقت سابق لإقامة محطة للطاقة النووية مع السعوديين يرجع جزئيًا إلى إحجام السعودية عن الموافقة على سياسات حظر الانتشار النووي التي تهدف إلى حظر تخصيب المواد النووية للأسلحة، إلا أن هذا المشروع يشير إلى أن الإدارة الأمريكية تعيد التفكير في الموضوع . لكن الأسئلة المتعلقة بعلاقات باراك مع حكومتي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لم تستقطب التدقيق من جانب الكونغرس فحسب، بل جذبت انتباه المدعين العامين الفيدراليين الذين لا يزالون يدققون في  النفوذ الأجنبي على الرئيس الأمريكي ومساعديه.  

هناك تقارير تفيد بأن الإدارة الأمريكية تروج لما تسميه "فكرة أنيقة" حول كيف يمكن للشركات الأمريكية، مساعدة المملكة العربية السعودية في بناء محطات الطاقة النووية

يبدو أن إعادة طرح الموضوع من خلال مشروع القانون المذكور أعلاه، وفي خضم الأزمة الخليجية الأخيرة التي لا تزال تتفاعل وتتطور بأشكال واتجاهات غير معروفة بعد، يؤكد مجددًا كيف تحولت السياسة الخارجية الأمريكية في ظل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشكل أكثر وضوحًا إلى جملة من الخطوات المصلحية المباشرة، مهمومة بنمط قصير المدى من المنفعة الاقتصادية أو السياسية، حتى عندما يتعلق الأمر بحرب التنافس في التسليح في منطقة مشتغلة أصلًا بالصراعات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

جحيم ترامب ضد المهاجرين.. 1995 طفلًا سُرقوا من ذويهم على الحدود

مبررات ترامب الفاشلة.. عداء للاجئين أم لكل ما هو غير "أبيض"؟