19-مارس-2024
الدمار في غزة

(EPA) تعرّضت مدينتي رفح وغزة لقصف عنيف خلّف عشرات الشهداء

شهد قطاع غزة، في الساعات الأخيرة الماضية، سلسلة هجمات إسرائيلية مكثفة استهدفت مناطق متفرقة من القطاع، وأسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 18 شهيدًا معظمهم في مدينة رفح، التي عاش سكانها والنازحون إليها ليلة دموية مرعبة جراء القصف الإسرائيلي المكثف الذي تعرضت له المدينة. 

وشنّت طائرات الاحتلال سلسلة غارات عنيفة استهدفت منزلًا لعائلة "الملاحي" في شارع المدرسين في حي الجنينة، ومنزلين لعائلتي "أبو الروس" و"ضهير" في شارع عوني ضهير وسط المدينة. بالإضافة إلى منزل لعائلة "جرغون" في مخيم الشابورة، وشقة سكنية في أبراج المهندسين في حي الزهور شمال المدينة. 

وأسفر القصف عن استشهاد 15 فلسطينيًا وإصابة العشرات، فيما لا يزال هناك العديد من المفقودين تحت أنقاض المباني المدمرة تعمل فرق الإنقاذ والدفاع المدني على انتشالهم. 

استُشهد 15 فلسطينيًا، وأُصيب العشرات، في قصف إسرائيلي استهدف عدة منازل في رفح الليلة الماضية

وقالت المديرية العامة للدفاع المدني في غزة، في بيان مقتضب عبر فيسبوك اليوم الثلاثاء، إن طواقمها تمكنت: "من انتشال عدد من الشهداء ونقل عدد من المصابين، من عدة منازل وشقق سكنية لعائلات (الملاحي، أبو الروس، ضهير، جرعون، والحشاش) نتيجة استهداف طائرات الاحتلال الإسرائيلي لتلك المنازل بشكل متزامن، في أماكن متفرقة من محافظة رفح الليلة". 

وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية القصف الإسرائيلي على مدينة رفح، مشيرةً إلى أن "إسرائيل" بدأت بتدمير المدينة دون أن تعلن ذلك تجنبًا لردود الفعل الدولية، ولم تنتظر إذنًا من أحد.

وقالت الوزارة، في بيان، إن تصعيد القصف على رفح: "بداية جدية لتوسيع جرائم الاحتلال فيها بالرغم من وجود أكثر من مليون نازح في المنطقة، دون إعطاء أي اعتبار لحياتهم، وفي استخفاف إسرائيلي رسمي بالمطالبات الدولية والأمريكية لحمايتهم وتأمين كل احتياجاتهم الإنسانية". 

وتعرضت مدينة غزة كذلك لقصف مدفعي وجوي عنيف أسفر عن سقوط عدد من الشهداء والجرحى، إلى جانب تدمير عدد من البنايات والأبراج السكنية في المدينة، بينها برج سهاد في شارع الوحدة شمال غرب غزة. 

وطال القصف أحياء الرمال والنصر والشيخ رضوان ومخيم الشاطئ ومنطقة الميناء ومحيط مجمع الشفاء الطبي، إضافةً إلى عدة منازل قرب مؤسسة المسحال وعند دوار حيدر غرب مدينة غزة. 

ونفّذت طائرات الاحتلال سلسلة غارات استهدفت مناطق متفرقة من محافظة شمال قطاع غزة. وفي المحافظة الوسطى، قصفت مدفعية الاحتلال مخيمي البريج والنصيرات، فيما شنّت طائراته عدة غارات قرب مفترق المطاحن بمدينة دير البلح. 

وتجاوز عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع، منذ 165 يومًا، أكثر من 31.819 شهيدًا وما يزيد عن 73.934 مصابًا، معظمهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة. 

70 بالمئة من سكان شمال غزة يواجهون جوعًا كارثيًا

إنسانيًا، عاش النازحون في المخيمات ومراكز اللجوء ليلة صعبة نتيجة اشتداد البرد وتساقط الأمطار التي فاقمت من معاناتهم وأوضاعهم الإنسانية المتدهورة، وسط اشتداد المجاعة التي تتواصل التحذيرات من وقوعها مع أنها وقعت بالفعل، وراح ضحيتها عدد من الأطفال والمسنين. 

وفي السياق، قالت المديرة التنفيدية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، كاثرين راسل، إن الأطفال في شمال قطاع غزة يموتون جوعًا وعطشًا، مشيرةً إلى أن تقرير "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" (IPC) الذي أعدته مؤسسات تابعة للأمم المتحدة "تؤكد أسوأ مخاوفها". 

وأظهر التقرير أن 70 بالمئة من سكان شمال قطاع غزة يواجهون "جوعًا كارثيًا". وخلال تقديمه معلومات لصحفيين في الأمم المتحدة عن التقرير، قال كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي، عارف حسين، إن "الموت جوعًا" سيكون مصير آلاف الأطفال في حال عدم تمكن طواقم البرنامج من الدخول إلى شمال غزة. 

وقال حسين إن البرنامج على وشك إعلان المجاعة في شمال غزة. وأضاف: "بالنسبة للعاملين في مجال الإغاثة الإنسانية، المجاعة تعني الإعلان عن فشلنا الجماعي. وتعني أننا فشلنا ومات الناس والأطفال من الجوع". 

وأكد أن الأطفال يموتون من الجوع في عموم غزة. وأكمل: "إذا لم نتمكن من الدخول إلى شمال غزة، فلن يموت 20-30 طفلًا بل آلاف منهم. لا يمكننا أن نسمح بذلك". 

وكانت منظمة أوكسفام، غير الحكومية، قد أعلنت في تقرير جديد أن: "الناس الذين يعيشون في غزة سيعانون من الموت الجماعي بسبب المرض والمجاعة بما يتجاوز بكثير عدد ضحايا الحرب الحاليين البالغ عددهم 31 ألفًا ما لم تتخذ إسرائيل خطوات فورية لإنهاء انتهاكاتها".

جولة جديدة لبلينكن في المنطقة

أما على الصعيد الدولي، فقد أعلن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، اليوم الثلاثاء، أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن سيزور السعودية ومصر هذا الأسبوع من أجل بحث الجهود المبذولة لضمان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. 

وقال ماثيو ميلر إن بلينكن سيجري مباحثات مع القادة السعوديين في جدة غداً الأربعاء، على أن ينتقل إلى القاهرة يوم الخميس، لافتًا إلى أن مباحثاته ستتمحور حول وقف إطلاق النار في غزة وضمان إدخال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع. 

وتعتبر هذه الجولة السادسة لوزير الخارجية الأمريكي في المنطقة منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت، وتأتي في ظل استعداد جيش الاحتلال لتنفيذ عملية برية في مدينة رفح تهدد حياة أكثر من مليون شخص. 

وفي سياق الحديث عن رفح، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، إن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنامين نتنياهو، وافق على إرسال فريق إلى الولايات المتحدة لبحث مخطط اجتياح المدينة المكتظة بالنازحين. 

وذكر سوليفان، في إحاطة للصحفيين من البيت الأبيض عقب اتصال هاتفي بين نتنياهو وبايدن هو الأول منذ شهر تقريبًا، نتيجة توسع الخلافات بينهما، أن الولايات المتحدة لا تتوقع أن تبدأ "إسرائيل" بغزو رفح حتى تتم المحادثات مع الفريق الذي سيرسل إلى واشنطن. 

وأشار إلى أن بايدن قال: "في المكالمة إن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من وجود أكثر من مليون لاجئ في رفح ليس لديهم مكان يذهبون إليه". 

وأضاف سوليفان أن أي عملية برية كبيرة في المدينة: "ستكون خطأ، وستؤدي إلى مقتل المزيد من المدنيين الأبرياء، وتفاقم الأزمة الإنسانية، وتعميق الفوضى في غزة، وزيادة عزلة إسرائيل دوليًا".