22-فبراير-2024
آثار الدمار الذي خلّفه القصف الإسرائيلي على مدينة رفح

(Getty) تركّز القصف الإسرائيلي الليلة الماضية على مدينة رفح

دخل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الـ139 وسط أنباء عن مؤشرات لإمكانية التوصل إلى صفقة جديدة لتبادل الأسرى والمحتجزين ووقف إطلاق النار في القطاع، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية وأمريكية. 

في غضون ذلك، واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي إسقاط قنابله وصواريخه على القطاع، الذي تعرّضت مناطق متفرقة منه ليل الأربعاء - الخميس لقصف عنيف ومكثّف خلّف عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين، ما جعل من الليلة إحدى أكثر ليالي الحرب رعبًا وإجرامًا. 

وتركّز القصف الإسرائيلي على مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حيث شنّت طائرات الاحتلال سلسلة غارات استهدفت منازل المدنيين في المدينة والمناطق المحيطة بها. 

وطال القصف منزلًا في شارع صدام حسين بمنطقة خربة العدس شمال شرق رفح، وآخر في منطقة المشروع شرق المدينة، بالإضافة إلى مخيم الشابورة وسط المدينة، حيث دمّرت قوات الاحتلال مسجد الفاروق، واستهدفت منزلًا مأهولًا في محيطه. 

حذّر مقرر أممي من أن المجاعة في قطاع غزة ستكون شاملة بحلول نهاية شباط/فبراير الجاري

وقصفت طائرات الاحتلال ومدفعيته تل السلطان غرب رفح، وحي الجنينة شرق المدينة، وعدة أراض زراعية مقابل دار الفضيلة في منطقة خربة العدس، وبالقرب من بوابة صلاح الدين على الحدود المصرية. 

وأدى القصف على المدينة الصغيرة التي تؤوي أكثر من مليون نازح، إلى استشهاد وإصابة العشرات، فيما لا يزال العديد من الضحايا تحت أنقاض المباني المدمرة. 

ونسفت قوات الاحتلال عدة مبانٍ سكنية في مدينة خانيونس التي تعرّضت المناطق الجنوبية والغربية منها للقصف أيضًا، وذلك بالإضافة إلى محيط المستشفى الأوروبي شرقًا. 

ونفّذت طائرات الاحتلال سلسلة غارات استهدفت منازل المدنيين في مخيمات النصيرات والبريج والمغازي ومدينة دير البلح وسط القطاع، ما أدى إلى ارتقاء 10 شهداء على الأقل، وإصابة آخرين جرى نقلهم إلى مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح. 

وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" باستشهاد 20 مواطنًا، وإصابة العشرات، جراء قصف طائرات الاحتلال منازل تعود لعائلات عودة وياسين والعرقان ونصار في حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة. 

وقالت الوكالة إن طائرات الاحتلال قصفت أيضًا منزلًا يعود لعائلة قطيفان في حي الصبرة وسط مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد 7 مواطنين على الأقل، وإصابة آخرين بينهم أطفال. 

واستُشهد عدد من المواطنين، وأُصيب آخرون، في قصف مدفعي طال حي الرمال غرب المدينة. كما شنّت طائرات الاحتلال عدة غارات استهدفت منازل المدنيين في مخيم جباليا، شمال قطاع غزة.

ووفقًا لآخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، اليوم الخميس، فقد ارتفع عدد ضحايا العدوان المتواصل على القطاع إلى 29.410 شهداء و69.465 مصابًا.

وقالت الوزارة، في بيان مقتضب عبر "تلغرام"، إن قوات الاحتلال ارتكبت خلال الساعات الـ24 الماضية 9 مجازر بحق المدنيين في القطاع راح ضحيتها 97 شهيدًا و132 مصابًا، فيما لا يزال العديد من الضحايا إما تحت الركام أو في الطرقات تمنع قوات الاحتلال وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني إليهم. 

مجاعة شاملة بحلول نهاية الشهر الجاري

إنسانيًا، تواصل "إسرائيل" استخدام التجويع سلاحًا في حربها ضد أهالي قطاع غزة الذين يواجهون واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في القرن الحادي والعشرين، ويحاصرهم الموت والجوع والمرض على مرأى العالم.

وقال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، إن "إسرائيل" تُعاقب الفلسطينيين جماعيًا من خلال تجويعهم، محذّرًا من أن مستوى الجوع الذي تشهده غزة حاليًا غير مسبوق، ويمثّل "إبادة جماعية". 

وأضاف المقرر الأممي، في حديث إلى وكالة "الأناضول"، أنه لا يمكن وصف مدى صعوبة الوضع الإنساني في قطاع غزة: "فقد كنا نقول من قبل إن المجاعة على الأبواب، الآن لا أستغرب إذا قلنا إن المجاعة ستكون شاملة بحلول نهاية هذا الشهر (فبراير/ شباط)". 

وأشار فخري إلى أنه: "لا أحد يعلم إلى متى يمكن لسكان غزة الصمود على هذا الوضع، فالمساعدات التي تصل إليهم غير كافية لإبقائهم على قيد الحياة"، كما حذّر من أن مشكلة الجوع تتمثل في كونه: "موتًا بطيئًا ومؤلمًا، ويتواصل تأثيره لأشهر وسنوات بل وعقود قادمة".

وتابع موضحًا: "حتى لو تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار اليوم، فإن الجوع سيؤثر سلبًا على مستقبل أكثر من مليون طفل يعيشون في غزة، 335 ألف طفل دون سن الخامسة من بين هؤلاء معرضون لخطر الإصابات الجسدية الدائمة (على المدى الطويل)، بما يشمل ضعف الإدراك".

ومساء أمس الأربعاء، وصف مدير عام "منظمة الصحة العالمية"، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، غزة بأنها أصبحت "منطقة موت"، لافتًا إلى تدمير جزء كبير منها. 

وقال غيبريسوس، خلال مؤتمر صحفي، إن الوضع الصحي والإنساني في قطاع غزة "مستمر في التدهور"، وأضاف: "على مستوى أوسع، أصبحت غزة منطقة موت. لقد تم تدمير جزء كبير من الأراضي، ولقي أكثر من 29.000 شخص حتفهم".

وفي سياق متصل، قال كبير مسؤولي مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" في الأراضي الفلسطينية المحتلة، جوناثان ويتال، في وصف الوضع داخل مستشفى ناصر بمدينة خانيونس، جنوب قطاع غزة، إنه أصبح: "مكانًا للموت لا للشفاء". 

ودعا مقررو الأمم المتحدة، في بيان، إلى تحقيق وقف فوري لإطلاق النار في قطاع عزة، ومنع وقوع خسائر في الأرواح بين صفوف المدنيين.

وأكد البيان على ضرورة وقف إطلاق النار، واتخاذ "إسرائيل" إجراءات إنسانية ملموسة تعطي الأولوية لتلبية احتياجات النساء والفتيات الفلسطينيات وفقًا لقرار محكمة العدل الدولية في 26 كانون الثاني/يناير الفائت. 

وقال البيان: "نشعر بالقلق إزاء محدودية فرص الحصول على العلاج الطبي والمستلزمات الأساسية في المستشفيات، والتقارير التي تفيد بإجراء عمليات بتر أعضاء للأطفال مصابين دون تخدير وإجراء عمليات قيصرية للنساء الحوامل".

وأضاف: "ينبغي اتخاذ جميع التدابير لمنع وقوع خسائر في صفوف المدنيين وتشريدهم مع تحقيق وقف إطلاق نار، ويجب إنشاء مستشفى ميداني بالقرب من بوابة رفح الحدودية خارج غزة للتعامل مع الحالات الطبية الطارئة".

وتابع: "ينبغي توفير أماكن آمنة للنساء والفتيات الناجيات أو المعرضات لخطر العنف القائم على الجنس في غزة والضفة الغربية وتعويضهن، ومحاسبة أولئك الذين يمارسون العنف ضدهن بما فيهم المسؤولون الإسرائيليين والمستوطنين".

معارك عنيفة في غزة وخانيونس

ميدانيًا، تشهد مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، وحيي الزيتون والشجاعية في مدينة غزة، معارك عنيفة بين قوات الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية التي واصلت استهداف آليات وجنود الاحتلال في مختلف محاور القتال شمال وجنوب القطاع. 

وأمس الأربعاء، أعلنت "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، قنصها جنديًا إسرائيليًا في حي الزيتون بمدينة غزة، واستهدافها دبابتين من نوع "ميركافاه" بقذيفة "الياسين 105" وعبوة "شواظ" في الحي نفسه.

وقالت الكتائب إن مقاتليها خاضوا اشتباكات عنيفة مع قوات الاحتلال: "تخللها دك تجمعاتهم بقذائف الهاون وتفجير الآليات بقذائف "الياسين 105" وعبوات "شواظ"، وتم رصد طائرات ومركبات العدو تقوم بإجلاء القتلى والجرحى جنوب حي الزيتون بمدينة غزة".

وفي خانيونس، تمكنت "القسام" من استهداف مجموعة من جنود الاحتلال تحصنت داخل منزل، في حي الأمل غرب المدينة، بقذيفة "TBG" مضادة للتحصنيات موقعةً 3 قتلى في صفوفهم.

واستهدفت كذلك ناقلة جند بقذيفة "الياسين 105" في الحي نفسه، بالإضافة إلى استهداف مجموعتين من جنود الاحتلال تحصنتا داخل منزل، في منطقة الحاووز غرب خانيونس، بقذائف الـ"TBG" المضادة للتحصينات.