16-مارس-2024
ميناء بايدن في غزة

إجماع بين كافة التقديرات على أن المعابر البرية هي الخيار الأمثل لدخول المساعدات إلى القطاع المحاصر (EPAIMAGES)

سلطت صحيفة "الواشنطن بوست" الضوء على مساعي إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لبناء ميناء مؤقت لنقل المساعدات الإنسانية إلى غزة، في وقت يحيط قطاع عزة طرق قائمة، تحت سيطرة "حلفاء الولايات المتحدة الأوفياء، التي يمكن من خلالها إيصال زيادة هائلة في المساعدات عبر الشاحنات"، بحسب تعبير الصحيفة.

وقال بايدن في خطابه عن حالة الاتحاد الأسبوع الماضي: "يجب على الولايات المتحدة القيام بمهمة طارئة تساعد على إيصال المزيد من المساعدات إلى غزة، لأنها تواجه أزمة إنسانية خطيرة".

بدلًا من فتح المعابر البرية في محيط غزة، التي يسيطر عليها حلفاء الولايات المتحدة، فإن واشنطن قررت إقامة ميناء مؤقت يحتاج إلى 60 يومًا حتى يبدأ بالعمل، رغم المجاعة في قطاع غزة

يشير تقرير الصحيفة الأمريكية، إلى أنّ القيام بهذه المهمة يتطلب الكثير من الموارد، حيث تتطلب المهمة ألف جندي وشهرين من الوقت، بتكلفة لم يتم حسابها بعد، إلى جانب توصيل المساعدات الباهظة الثمن وغير الفعالة عن طريق الإنزال الجوي. وبحسب "الواشنطن بوست" لا تتحايل الولايات المتحدة على الجغرافيا المحظورة، إنها تتبع حلًا معقدًا من الناحية اللوجستية لحل مشكلة بسيطة من الأساس، ألا وهي إدخال المساعدات إلى غزة عن طريق البر، كما يقول محللون.

وعلى مدى أشهر، حثت منظمات الإغاثة إسرائيل على السماح لمزيد من الشاحنات بالدخول إلى غزة. وتقف الشاحنات المكدسة على الجانب المصري من معبر رفح الحدودي، لكنها تمر بأعداد بسيطة عما كانت عليه قبل الحرب. وقبل 7 تشرين الأول/أكتوبر كانت تدخل 500 شاحنة إلى قطاع غزة يوميًا، في حين أنّ الأسبوع الأول من شهر شباط/ فبراير الماضي دخلت 20 شاحنة فقط، وفق تقارير أممية.

ووفقًا لمنظمات إنسانية، لا يدخل عبر معبر رفح ومعبر كرم أبو سالم مساعدات بشكل كافٍ. وقال الرئيس التنفيذي لمنظمة إنقاذ الطفولة جانتي سويريبتو، لصحيفة "الواشنطن بوست": إنّ "عملية التفتيش الإسرائيلية لا تزال مرهقة ومبهمة، حيث يتم رفض المواد كما يبدو على أساس عشوائي".

وأشارت الصحيفة الامريكية إلى تقرير أصدرته منظمة اللاجئين الدولية، هذا الشهر، وجد أنّ القيود الإسرائيلية "عرقلت العمل الإنساني في كل خطوة من خطوات عملية إيصال المساعدات، عبر الحرمان التعسفي من السلع الإنسانية المشروعة التي تدخل غزة، وعملية تفتيش معقدة للغاية وغير متسقة، وهجمات على البنية التحتية الإنسانية والحيوية، تسببت في أزمة إنسانية".

وبرغم مطالبة بايدن لإسرائيل بتسهيل عبور المزيد من الشاحنات، إلا أنه اتبع طرقًا لتقديم المساعدات، عن طريق البحر والجو، اعتبرها النقاد محاولة للتغلب على مشكلة سياسية يفترض أن يتم حلها عن طريق النفوذ الدبلوماسي .

وقال أحد كبار العاملين في المنظمة الدولية للاجئين، جيسي ماركس: إنّ "اعتماد إدارة بايدن على خيارات الملاذ الأخير، مثل الإنزال الجوي والممرات البحرية، يظهر خطورة الأزمة داخل غزة، والاعتقاد بأنه إذا لم تكن هناك مساعدات، فإن ظروف المجاعة ستتفاقم"، وأضاف: أنّ "انتظار 60 يومًا لبناء الرصيف -للاستجابة للمجاعة الوشيكة- قد يعني القليل جدًا، وبعد فوات الأوان، فالناس في غزة يتضورون جوعًا الآن".

من جهته، قال رئيس المنظمة الأمريكية لمساعدة اللاجئين في الشرق الأدنى، شون كارول، لصحيفة نيويوركر: "ربما يكون هناك ما بين عشرين إلى خمسين ضعفًا من المساعدات داخل الشاحنات المتوقفة على الحدود مما سيجلبه القارب الأول من المساعدات".

وأضاف: "هناك نوع من الجنون في هذا، فالولايات المتحدة تعلن عن بناء الرصيف من أجل إيصال المزيد من المساعدات، لأننا فشلنا في إيصال المواد عبر المعابر البرية، الموجودة بالفعل".

ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أنّ أي طريق إلى غزة لا يخلو من تحديات كبيرة، خاصةً فيما يتعلق بإيصال المساعدات إلى الشمال المتضرر. وتأتي عملية تسليم الشاحنات مصحوبة بمخاطر لوجستية، بما في ذلك القصف الإسرائيلي المستمر.

وقال مسؤولون فلسطينيون إنّ سكان غزة الذين لديهم مستويات يائسة من الحاجة للمساعدة الإنسانية احتشدوا أمام شاحنات محملة بالمساعدات وهو ما عرضهم للخطر، ومثال على ذلك مأساة قافلة المساعدات التي جرت في 29 شباط/فبراير الماضي، حيث استشهد أمامها 118 فلسطينيًا برصاص الجيش الإسرائيلي.

كما تحدث خبراء إغاثة عن أنّ "خطة الرصيف هي في أحسن الأحوال حل مؤقت وفي أسوأ الأحوال وسيلة إلهاء". 

من جانبه، قال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري: "نحن بحاجة إلى الوصول غير المقيد عبر الأراضي للإغاثة الإنسانية".

وأضاف فخري: "أي شيء آخر لا معنى له على الإطلاق، هذا غير منطقي على الإطلاق من منظور إنساني أو من منظور حقوق الإنسان"، مشيرًا إلى أنه "من المنطقي محاولة تهدئة ومواجهة الضغوط الداخلية التي تشعر بها الإدارة الأمريكية الحالية. وبالتالي يتم ذلك لإظهار أنّ الولايات المتحدة تفعل شيئًا ما".

وختم التقرير بالقول، باعتبارها مصدرًا لمبيعات الأسلحة بمئات الملايين من الدولارات خلال الصراع الأخير وحده، يشير الخبراء إلى أنّ الولايات المتحدة يمكن أن يكون لها تأثير أكبر من خلال ممارسة ضغوط أكثر أهمية على إسرائيل للسماح بمرور الشاحنات، بدلًا من ابتكار طرق بديلة.