17-نوفمبر-2019

الكاتب المصري أحمد الفخراني

يُقال إن أخصب الناس خيالًا هم الشعراء، لكنّ المصري أحمد الفخراني يخالف هذه المقولة بأعماله المتنوعة، التي يُدرك قارئها أنها تمتلك خيالًا هائلًا يمكّنه من الكتابة عن الأحلام والأشياء الصغيرة والكبيرة دون وضع حدود فاصلة بين الحقيقة والخيال.

أبطال الفخراني عاديون للغاية، متوسطو الموهبة والذكاء، لا شيء يميزهم سوى الخيال الذي يصنع حيواتهم

أحمد الفخراني كاتب مصري من مواليد الإسكندرية 1981. تخرّج من كلية الصيدلة ثم اتجه إلى العمل الصحافي، ومنذ 2007، عمل في العديد من الصحف، كما أسّس موقع "قُل"، قبل أن يتفرّغ كليًا للكتابة في 2014. أصدر ديوانه الأول "ديكورات بسيطة" عام 2007، ثم أصدر عمله الأول "وفي كل قلب حكاية" عام 2009، ثم اتجه للقصة القصيرة فأصدر مجموعته الأولى "مملكة من عصير التفاح" عام 2011، ثم أصدر روايته الأولى "ماندرولا" عام 2013، لتتوالي رواياته في الصدور، حيث أصدر "سيرة سيد الباشا" في 2016، ثم" عائلة جادو" في 2017، ليُصدر روايته الأخيرة "بياصة الشوام" في العام الحالي.

اقرأ/ي أيضًا: الراوي.. تلك المهمة الخطيرة

الفخراني الذي وجد ضالته أخيرًا في الكتابة الروائية، فازت روايته الأولى "ماندرولا" بجائزة ساويرس الأدبية في 2016، لكنّه أظهر نضجًا أدبيًا كبيرًا خلال روايته "عائلة جادو"، قال في حوار سابق إن ما يلهمه للكتابة هو أحداث واقعية كانت ذات تأثير شديد ومباشر عليه، فرواية "عائلة جادو" بدأت من مشهد جنازة حماه، وكانت المرة الأولى في حياته التي يشهد فيها إجراءات ما بعد الوفاة من بدايتها. أما عن روايته "ماندرولا" فقد استلهم أحداثها من شخص قابله كان يرى أن الأحداث الكبرى في العالم تحدث من أجله، وأن الحرب الأمريكية على العراق حدثت ليسترد أحد حقوقه المهدورة، وهكذا. فيما بدأت ملامح روايته الأحدث "بياصة الشوام" من قصة حكاها له صف ضابط كان معه في الجيش عن علاقته بجارته، وأنه عندما ذهب إلى شيخ الجامع ليتوب، قال له الأخير: "خلاص إنت دقت حلاوته ومش هتسلاه".

في روايته "عائلة جادو – نص النصوص"، استدعى الفخراني إلى عالمه الروائي بعض الشخصيات والمسميات الشهيرة، على رأسها كارل ماركس، الذي يتبين أنه ليس ماركس الحقيقي إنما نسخة مأخوذة عنه لكنها عاشت واقعه نفسه.

أبطال الفخراني عاديون للغاية، متوسطو الموهبة والذكاء، لا شيء يميزهم، ربما كانت أسطورتهم هو ذلك الخيال الذي يطعم الفخراني ميديوكارته به. ولهذا سيقول في حديثه لـ"ألترا صوت"، جوابًا على سؤال: لو تمنيت الدخول إلى العالم الخيالي في إحدى الروايات أو القصص أي عالم ستختار؟ إنه يتمنى دخول "عقول الرواة".

وعن تعامله مع قفلة الكاتب أو ما يعرف بـ writer’s block، فالفخراني يقول: "أواصل المحاولة، أقرأ أكثر، أجرب، أبكي، أصرخ، أتوسل، أنتظر"

تهيئة الجو المناسب للكتابة ليس بالأمر السهل، بعض الكتاب اعتادوا على جلسة المكتب وسط هدوء المنزل وبلا إزعاج، بينما البعض الآخر اختاروا صخب المقاهي حيث صوت قرع الأكواب وحكايات الغرباء وأصوات لعب الدومينو والطاولة، بينما اختار بعض الكتاب لنفسه أجواء غرائبية مثل الكاتب خيري شلبي الذي أنجز أعماله في المقابر. معادلة مكان الكتابة واضحة بالنسبة له: "المنزل، ربما مع شيء من الموسيقى".

كاتبنا قارئ نهم، يتجوّل بين أنواع مختلفة من القراءات في وقت يأخذ مساحة كبيرة من يومه، وقد أعلن سابقًا عن ندمه على الأوقات التي لم يكن قارئًا جيدًا إبان عمله بالصحافة، حيث قال إنه بات يقرأ بنهم لتعويض تلك الفترة.

أحمد فخراني: اقرأ معاصريك على سبيل الاطلاع، فالأعمى لا يقود الأعمى إلا إلى حفرة

لا يؤمن الفخراني بتقديم النصائح بالمعنى الوعظيّ، لكن إن كان هناك ما يقال لكاتب شابّ مقبل إلى عالم الكتابة فإنه يقول من واقع حاله كحرفيّ أو ابن صنعة: "تواصل مع كتّاب الماضي بعمق، دمّر الجسر بينك وبينهم، وعندما تنسحب الأرض من تحت أقدامك على هاوية، فلتعد خلقه من خيالك، اكتب بيأس، بشكٍّ، آمن بنفسك، اكفر بها، اقرأ معاصريك على سبيل الاطلاع، فالأعمى لا يقود الأعمى إلا إلى حفرة، لا تنتظر شيئًا. الوصفة الصحيحة وهم. النصائح وهم، أولها نصائحي".

اقرأ/ي أيضًا: متاهات الكتب وحياة القراءة

الكاتب الذي طرح أفكارًا وتساؤلات جريئة حول الجنس في رواية "سيرة سيد الباشا"، وتناول الأسئلة المسكوت عنها في الدين عبر روايته الأخيرة "بياصة الشوام" قال إنه انتهى من مجموعة قصصية، ويعمل على رواية جديدة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

عن اللغة والأدب والكتابة

حوار| غرادا كيلومبا: الأبيض ليس لونًا