19-سبتمبر-2023
فيضان ليبيا

وظف حفتر الفيضان بشكلٍ سياسي من أجل إثبات سيطرته على شرق ليبيا (Getty)

مع استمرار فرق الإنقاذ في البحث عن الجثث المحاصرة تحت الطين والردم، وأنقاض المنازل في مدينة درنة الليبية. يقول مراقبون، إن أمراء الحرب في شرق ليبيا، يستخدمون الاستجابة للكارثة، كوسيلة للسيطرة بدلًا من ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين.

وبحسب الهلال الأحمر الليبي، فقد لقي ما لا يقل عن 11 ألفًا حتفهم، وفُقد أكثر من عشرة آلاف آخرين، بعد انهيار سدين  المطلين على المدينة، خلال إعصار "دانيال" الذي ضرب ليبيا الأسبوع الماضي.

ودمرت الفيضانات ما يقرب من 900 مبنى في درنة، وفقًا لحكومة الوحدة الوطنية التي تسيطر على غرب البلاد، وأضافت أن أكثر من 200 مبنى تعرضوا لأضرار جزئية، وغرق ما يقرب من 400 مبنى آخر بالكامل تحت الطين، مما يعني أن ربع المباني في درنة تأثرت بالفيضانات.

يقول محلل شؤون ليبيا في المجلس الأطلسي، عماد الدين بادي للصحيفة البريطانية: "في الأساس هناك وجود عسكري يخلق اختناقات بدلًا من أن يساعد على توفير الإغاثة"

أغلق الوصول إلى وسط مدينة درنة، الأكثر تضررًا من الفيضانات، وتم إعلان المدينة رسميًا منطقة منكوبة. في حين يكافح الناس من أجل البقاء، في غياب الكهرباء، وتأمين المياه الصالحة للشرب أو الغذاء.

ونهاية الأسبوع الماضي، قال رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي المتمركز في الشرق، أسامة حمد، إن السلطات تدرس إغلاق المدينة بأكملها، التي كانت تؤوي في السابق 100 ألف شخص، خوفًا من انتشار الأمراض المنقولة عبر المياه.

السيطرة على جهود الإغاثة

تشير صحيفة "الغارديان"، إلى أنه مع استمرار جهود الإنقاذ اليائسة في محاولة للعثور على أي ناجين متبقين، كان المستجيبون الأوائل على الأرض يعملون، وهم محاصرون من قبل مسلحي ما يطلق عليه  "الجيش الوطني الليبي"، وهو تحالف مليشياوي قبلي موالي لخليفة حفتر. ووصف مراقبون، تلك الممارسات، بأنها تأتي للحفاظ على القبضة الحديدية لأمراء الحرب الليبيين على المساعدات الحيوية التي تصل إلى المدينة المنكوبة.

فيضان ليبيا

وعن الانتشار العسكري في درنة، يقول محلل شؤون ليبيا في المجلس الأطلسي، عماد الدين بادي للصحيفة البريطانية: "في الأساس هناك وجود عسكري يخلق اختناقات بدلًا من أن يساعد على توفير الإغاثة". 

وأضاف "لم يتم تسهيل الدفع الرئيسي لجهود الإغاثة من قبل القيادة العسكرية، التي كانت لها مصلحة خاصة في الظهور وكأنها تسيطر على الأمور، مع التهرب من المسؤولية وإلقاء اللوم على الضحايا"، وتابع: "وبدلًا من ذلك تولى المتطوعون، والفرق الطبية، والهلال الأحمر، وصبيان الكشافة، وفرق الإنقاذ الأجنبية عمليات البحث". 

شبكة حفتر وعائلته

وتقول "الغارديان"، إن حفتر، الذي قاد حملة عسكرية للسيطرة على شرق ليبيا منذ عام 2014، قام بجولة في درنة يوم الجمعة، وأشاد بجهود المستجيبين الأوائل، وكذلك عناصر "الجيش الوطني الليبي"، الذي يشرف عليه، ووصفت الصحيفة البريطانية، حفتر بالمواطن الأمريكي  والموظف السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، الذي يتهمه معارضون بإدارة المناطق الخاضعة لسيطرته، بشكل يشبه الديكتاتور العسكري.

وبحسب بادي، فإن حفتر عائلته يستفيدون من العلاقات العامة، عبر قنواتهم الدعائية الموجودة مسبقًا، لإظهارهم كجهة مسيطرة، ويمثلون الواجهة الرئيسية لإدارة الإغاثة في الأزمات ويكونون أوصياء على المدينة. ولكن مرة أخرى، "يؤدي هذا إلى خلق اختناقات في كل مكان، وكانت زيارة حفتر صورة مصغرة لهذا الوضع، حيث تم تجميد كل شيء لمدة ساعة من أجل حملة علاقات عامة".

فيضان ليبيا

وقد استجاب أبناء حفتر، الذين يسيطر كل منهم أيضًا على شبكات واسعة من المصالح المالية والعسكرية في شرق ليبيا، للأزمة الإنسانية في درنة من خلال السعي إلى زيادة السيطرة على الاستجابة للكوارث. ففي نفس اليوم الذي ضربت فيه الإعصار مدينة درنة، أعلن الابن الأكبر لخليفة حفتر، عن استعداده لخوض الانتخابات الرئاسية في ليبيا، التي طال انتظارها.

صدام حفتر وريث والده

في حين أن النجل الآخر لحفتر، والمدعو صدام، البالغ من العمر 32 عامًا، والذي غالبًا ما يُنظر إليه على أنه الوريث المحتمل لوالده، على الرغم من جهود باقي العائلة، سرعان ما استخدم دوره كرئيس للجنة الاستجابة للكوارث الليبية لإضفاء الشرعية على مكانته الدولية، مع الحفاظ على قبضته المحكمة على المساعدات.

فيضان ليبيا

ويقود صدام، مليشيات يطلق عليها كتائب "طارق بن زياد"، وهي الجزء الأساسي مما يسمى "الجيش الوطني الليبي"، واتهمت منظمة العفو الدولية العام الماضي، هذه المليشيا بـارتكاب قائمة من الفظائع، بما في ذلك: "عمليات قتل غير قانوني، والتعذيب، وغيرها من الممارسات السيئة، كسوء المعاملة، والاختفاء القسري والاغتصاب، والعنف بداعي التهجير القسري، دون الخوف من العواقب".

من جهته، أشار المختص في الشؤون الليبية والزميل المشارك في المعهد "الملكي للخدمات المتحدة"، جليل حرشاوي، إلى جهود صدام حفتر لإثبات سيطرته على فرق الإغاثة الدولية التي تصل إلى درنة، أدت إلى إبطاء الاستجابة الحيوية للكوارث في وقت الأزمات، قائلًا: "كل شيء يتركز في أيدي عائلة حفتر. كنت أتمنى أن أخبركم أن هناك مراكز قوى أخرى في شرق ليبيا، لكن لا يوجد شيء من هذا القبيل".

أشار المختص في الشؤون الليبية والزميل المشارك في المعهد "الملكي للخدمات المتحدة"، جليل حرشاوي، إلى أن جهود صدام حفتر لإثبات سيطرته على فرق الإغاثة الدولية التي تصل إلى درنة، أدت إلى إبطاء الاستجابة الحيوية للكوارث في وقت الأزمات

التهرب من المسؤولية

يلفت حرشاوي النظر، إلى أن سيطرة عائلة حفتر على جهود الاستجابة الإنسانية، ولا سيما الدور البارز لصدام، تقضي على الآمال الضئيلة، في أن يتمكن أي تحقيق محلي أو دولي، في الخسائر في الأرواح بدرنة، من التدقيق بشكل كامل في أدوارهم كمسؤولين، بالإضافة إلى أي مسؤولين آخرين. 

ووعد المدعي العام الليبي الصديق الصور، بالتحقيق في انهيار السدين بدرنة، فضلًا عن تخصيص ملايين الدولارات من التمويل المخصص لصيانة الهياكل التي تم بناؤها في السبعينيات. وبينما تعهد الصور بالتحقيق مع السلطات المحلية في درنة، والحكومات السابقة، التقى أيضًا بصدام حفتر، الذي يقول عنه حرشاوي، بأنه "يقدم نفسه كرئيس".

وقد ذكر تلفزيون محلي أنه تم إيقاف عمدة مدينة درنة عن العمل يوم السبت على ذمة التحقيق. لكن حرشاوي، يشير إلى الأمور تتجه ببطء نحو نتيجة واحدة، وهي أنه لا يمكن إلقاء اللوم إلا على المسؤولين من المستوى المتوسط.