17-أغسطس-2018

يحاول ترامب لعب دور زعيم العصابة في البيت الأبيض (Getty)

تبدو سيرة الرئيس الأمريكي المثير للجدل، دونالد ترامب، وكأنها مأخوذة من أحد أفلام هوليوود. وعلى أية حال فإن هذا الدور يروق له، حيث تعرض كاتبة العمود المخضرمة  مورين دود، في هذه المقالة المترجمة عن صحيفة "ذا آيرش تايمز"، كيف يحاول الرئيس المهووس بأفلام رجال العصابات، أن يدير البيت الأبيض بطريقتهم.


لسبب وجيه، كثيرًا ما تُشبه أسرة ترامب بالعصابة. رأيت روبرت دي نيرو في حفل في نيويورك مؤخرًا، فاقتربت منه بحذر شديد. كنت أرغب في الحصول على بعض المعلومات حول حياة أفراد العصابات. ما الذي رآه ممثل سبق أن جسد ببراعة شخصية رجل العصابة في رئيس يقوم بتقليد العصابات؟

كثيرًا ما تُشبه أسرة ترامب بالعصابة. ومن المؤكد أنهم صنعوا عالمًا بديلًا مظلمًا في البيت الأبيض تحكمه قواعد أخلاقية معكوسة، حيث القاعدة الأساسية هناك هي الولاء للعراب 

تلقى دي نيرو سؤالي على وعد أن يضعه في الحسبان، بينما كان مستندًا على حائط وتعلو وجهه ملامح هادئة. حصلت على إجابتي بعد ثلاثة أيام عندما اعتلى منصة التكريم في حفل جوائز توني وألقى رسالة بذيئة موجزة موجهة للرئيس.

كثيرًا ما تُشبه أسرة ترامب بالعصابة. ومن المؤكد أنهم صنعوا عالمًا بديلًا مظلمًا في البيت الأبيض تحكمه قواعد أخلاقية معكوسة، حيث القاعدة الأساسية هناك هي الولاء للعراب فوق كل شيء آخر.

اقرأ/ي أيضًا: ترامب الفاضح للحلفاء.. المفيد للأعداء!

وضعت مجموعة مناهضة لترامب تدعى Mad Dog PAC، لوحة إعلانية، تقول إن "أفراد العصابة يحكمون أمريكا".

وبدأت الآن تتعالى أصوات التهديد وتخرج السكاكين الطويلة. كتب رئيسنا الراقي تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، متحدثًا عن ترخيص سيارات الأجرة الخاص بمحاميه السابق، مايكل كوهين. بعد أشهر من القطيعة بينهما، لجأ كوهين إلى لعب دور الثور، الذي شهد ضد عصابته قديمًا. قام كوهين بتسجيل مكالمة سرًا مع زعيم العصابة لمحاولة توريطه، حيث تبادل الحديث حول سداد مستحقات زميله في مجلة بلاي بوي – بالإضافة إلى محادثة جانبية لترامب يقول فيها لشخص ما "أحضر لي زجاجة كوكاكولا، من فضلك!".

 مكالمة مسجلة

وكما هو الحال في فيلم "The Untouchables"، أصبح المحاسب الذي يرتدي نظارة طبية في مركز الحدث الآن. في المكالمة المسجلة، أخبر كوهين ترامب أنه تحدث إلى المدير المالي المقرب من صاحب المجلة، والنجم الصاعد آلين فايسيلبيرج، حول كيفية تأسيس شركة لتعويض دافيد بيكر، صاحب مجلة ناشيونال إنكويرر، عن شراء سكوت رفيقة ترامب، كارين ماكدوجال. ويريد المحققون الفيدراليون في مانهاتن الآن إجراء مقابلة مع فايسيلبيرج.

قال لي تيم أوبراين، كاتب سيرة حياة ترامب، "على المدى الطويل، قد يكون هذا الأمر الأكثر ضررًا على ترامب، لأنه سيصل إلى محفظته".

وذكرت وكالة "سي إن إن" أن الوسيط كوهين يدعي أن ترامب كان على علم بالاجتماع الروسي، الذي جرى خلال حملته الانتخابية، مع ابنه وبول مانافورت. أعلن الرئيس الحرب عبر تويتر، نافيًا كل شيء.

وقال دافيد كورن من مجلة "ماذر جونز"، إن "الأمر أصبح الآن مثل مباراة الكرة، وهذا المساعد بدأ يشكل تهديدًا ثلاثيًا للعراب الذي سبق أن خدمه بتفاني".

ومع ذلك، إذا أخذنا في الاعتبار أننا نتعامل مع ترامب، فمن المحتمل أن يكون هناك حيلة ما. حيث يمكن أن نجد رونا غراف، مساعدة الرئيس في برج ترامب، تجلس في الجزء الخلفي من قاعة المحكمة وتحدق في كوهين حتى يتراجع الرجل الحكيم المتمرد عن موقفه، على طريقة فيلم العراب، ويقول: "وعدني رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي بإبرام صفقة بيننا. لذا فقد اختلقت الكثير من الأشياء حول قضية دونالد ترامب وهذا ما أرادوه. لكن كل ذلك محض أكاذيب".

كاذب مدهش

اتقلب رودي جولياني من نائب عام في قضايا المنظمات الفاسدة والجريمة المنظمة إلى رجل يتصرف مثل محامي المافيا، وقال لكريس كومو، إن كوهين "كاذب مدهش" بعدما وصفه منذ ثلاثة أشهر "بالمحامي الصادق الشريف". وإذا بدأ البيت الأبيض يظهر أكثر وأكثر مثل فيلم الأصدقاء الطيبون، فاعلم أن الأمر ليس من قبيل الصدفة.

قال أوبراين: "يمتلك ترامب شعورا سينمائيًا للغاية بنفسه". مثل الكثير من الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي، فهو مدفوع بالرغبة في أن يصبح نجم فيلمه الخاص. بل إنه أراد في السابق الالتحاق بمدرسة السينما في لوس أنجلوس قبل أن يتولى إدارة أعمال والده.

ينجذب ترامب إلى أشخاص يعرفون كيف يسيطرون على المكان من حولهم ويبالغ في تمجيد أفلام السطوة الذكورية

وذكر أوبراين أن ترامب أخبره أنه يعتقد أن كلينت إيستوود كان أعظم نجم سينمائي. وأشار كاتب السيرة إلى أن "ترامب وميلانيا ينظران بطرف أعينهم على طريقة إيستوود". وقال ترامب ذات مرة، بينما كانا يشاهدان فيلم سانسيت بوليفارد على متن طائرة ترامب، إن مشهدًا معينًا من الفيلم كان مذهلًا: ذلك المشهد الذي كانت تشاهد فيه نورما ديزموند أفلامها الصامتة وتبكي، قائلةً "هل نسوا كيف يبدو النجم؟ إذًا سأريهم!".

ينجذب ترامب إلى أشخاص يعرفون كيف يسيطرون على المكان من حولهم ويبالغ في تمجيد أفلام السطوة الذكورية، مستشهدًا بثلاثة من أفضل الأفلام المحببة له، وهم "الطيب والشرس والقبيح" و"الأصدقاء الطيبون" و"العراب".

جذب أضواء الشهرة

وبينما كان مطورًا عقاريًا شابًا، فقد كان يتسكع في ملعب يانكي ويدرس الشخصيات الأنجح في الحياة داخل مقصورة كبار الزوار، مثل جورج ستاينبرينر، لي إياكوكا ، فرانك سيناترا، روي كوهن، روبرت مورداخ، غاري غرانت. كان عازمًا على تعلم كيف تمكنوا من جذب أضواء الشهرة.

وقال مايكل دانتونيو، وهو كاتب آخر لسيرة حياة ترامب: "في أول مشروع سكني كبير له، كان والد ترامب شريكًا مرتبطًا بعائلات المافيا، جينوفيس وغامبينو". وأضاف: "وتعامل مع الموردين من أعضاء العصابات ورجال النقابات لعدة عقود".

اقرأ/ي أيضًا: هل يستطيع ترامب تحويل وعوده إلى سياسة متزنة؟

وتابع قائلًا إنه "عندما كان ترامب صبيًا صغيرًا يتجول في مواقع العمل مع والده - وكان هذا الوقت الوحيد الذي يقضيه معه - رأى ترامب الكثير من الرجال بأنوف مكسورة ولهجات حادة. وأظن أنه مغرم بالمشاهد التي يُظهر فيها الرجال قوتهم. فكر بتمعن في فيلم الأصدقاء الطيبون - ستجد أشخاصًا ينتصرون عن طريق الغش والتحايل والكذب. لا يمتلك ترامب الذكاء والخبرة حتى يكون بارعًا في الحكم. تكمن مهارته في استخدام أسلوب العصابات الذي يتسم بالبلطجة والكلام الحاد".

 رجال العصابات

أشار ستيف بانون باستحسان أن ترامب يتنفس هواء الفنانين العظماء مثل أعضاء فرقة Rat Pack الموسيقية، وكما قال أوبراين، فإن ترامب من النوع الذي يحتفظ في مكتبه بسبائك الذهب.

وقال دانتيونيو، إن ترامب يشبه رجال العصابات، بمعنى أنه "لا يعتقد أن أي شخص صادق. ولا يعتقد أن دوافعك للقيام بأي عمل مرتبطة بالخطأ والصواب والخدمة العامة. الأمر كله يتعلق بالمصلحة الذاتية والحرب ضد الجميع. لقد حوّل أمريكا إلى ما يشبه فيلم شارع مولبيري في حقبة العشرينات، حيث تلتقي بالمتآمرين معك خلف متجر الحلوى".

 

اقرأ/ي أيضًا:

كيف يتحدى الموظفون الفيدراليون إدارة ترامب؟

هل تصمد الديمقراطية أمام شعبوية ترامب؟