23-نوفمبر-2022
gettyimages

نفذ الحوثيون 3 هجمات استهدفت الموانئ في اليمن وتجربة إطلاق صاروخ (Getty)

تنتقل أرض المعركة تدريجيًا في اليمن بعد الهدنة إلى المجال البحري وتهديد أمن الملاحة وحركة السفن بشكلٍ عام من الموانئ، حيث توعّد الحوثيون أكثر من مرة خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري بمعركةٍ بحرية، بعدما شرعوا بالفعل باستهداف بعض موانئ تصدير النفط بمناطق سيطرة الحكومة اليمنية وبالتحديد في محافظة شبوة وحضرموت، في رسالة تحذيرية.

تنتقل أرض المعركة تدريجيًا في اليمن بعد الهدنة إلى المجال البحري وتهديد أمن الملاحة وحركة السفن

وضمن ذلك نفذ الحوثيون عدّة تجارب صاروخية في المياه الدولية، الأمر الذي أثار حفيظة الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي بسبب تهديد الممرات المائية الدولية. ويرجّح محللون أن الهدف الاستراتيجي من وراء التصعيد الحوثي في المياه البحرية هو "تمديد الهدنة وتحسين شروط التفاوض" لا أقلّ ولا أكثر، حيث توقفت الهدنة بتاريخ الثاني من تشرين الأول/أكتوبر وتعطّلت مفاوضات تمديدها بسبب الشروط التي طرحها الحوثيون.

ونفّذ الحوثيون في غضون أقلّ من شهرين سلسلة هجمات على 3 موانئ شرقي اليمن، استهدفت ناقلات نفط كانت تستهدف نقل النفط الخام اليمني، وبرّر المتحدث الرسمي باسم الحوثيين يحيى سريع تلك الهجمات التي وصفها بالتحذيرية، بإفشال "محاولة نهب النفط الخام من موانئ اليمن وبالتحديد ميناء قنا في محافظة شبوة وميناء حضرموت".

تحويل المعركة من البر إلى البحر

شهد الخميس الماضي قيام الحوثيين بتجربة لإطلاق صاروخ مضاد للسفن، انطلق من صنعاء، في المياه الدولية غرب محافظة الحديدة، بحسب بيان نشره الجيش اليمني، حيث اعتبر بيان الجيش أن هذه التجربة تهديد حقيقي لأمن الملاحة والممرات البحرية وأن "هذا التهديد، وغيره من التهديدات التي سبقته، بقصف الموانئ في محافظتي شبوة وحضرموت، وغيرها من الاستهدافات الإرهابية بالطائرات المتفجرة، تُعدّ تقويضًا للأمن الإقليمي والدولي". وحمّل بيان الجيش اليمني المجتمع الدولي مسؤولية "حماية الممرات الدولية وضمان حرية الملاحة البحرية"، والإشارة هنا إلى ممرات البحر الأحمر وباب المندب.

وسبق للحوثيين أن صرّحوا أكثر مرة بنية نقل المعركة إلى البحر، ففي العاشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر الجاري قال رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية التابعة للحوثيين عبد الله الحاكم: "إن المواجهة البحرية المتوقعة قد تكون من أشد المعارك مع العدوان ممثلًا في التحالف الذي تقوده السعودية"، مضيفًا القول إنه "من الخطأ الركون إلى الهدنة أو التهدئة، والمطلوب تعزيز أنظمة وأدوات الردع عسكريًا واقتصاديًا وعلى كل الصعد"، حسب تعبيره.

إدانات دولية

وجدت رسائل وتهديدات الحوثيين صداها بسرعة عالميًا، خاصةً بعد الهجوم الأخير على ميناء قنا النفطي في محافظة شبوة، حيث أصدرت كل من الولايات المتحدة وفرنسا بيانا تنديديًا مشتركًا وصف الهجوم الحوثي على الموانئ وسفن تصدير النفط بأنّه "اعتداء آخر على خطوط الشحن الدولية والتدفق السلس للضروريات الأساسية". وأضاف البيان: "أن الحوثيين قد أظهروا مرة ًأخرى فشلهم البائس في منح اليمنيين الأولوية".

وفضلًا عن كون نقل المعركة إلى البحر تعتبر شكلا من أشكال الضغط الحوثي لتمديد الهدنة المتوقفة منذ شهرين، فإن الحوثيين يرسلون من خلال هذا التصعيد رسالة أخرى تتمثّل في إثبات قدرتهم على حماية الممرات البحرية وأنّهم "الأجدر بأمن البحر الأحمر، والممرات المائية وحرية الملاحة الدولية، وأن استمرار العدوان والحصار يجعل الخيارات مفتوحة"، بحسب ما قاله نائب رئيس حكومة الحوثيين في صنعاء جلال الرويشان. 

يشار إلى أن الطموح الحوثي، يصطدم بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 بشأن مسألة حظر إرسال الأسلحة إلى اليمن، في الوقت الذي نشرت فيه البحرية الأمريكية بيانًا، الأسبوع الماضي، قالت فيه إنها تمكنت من اعتراض "شحنة إيرانية من المواد المتفجرة كانت متجهة إلى الحوثيين في اليمن"، وهو الاتهام الذي نفته إيران.

الحكومة اليمنية تتوعّد

تلقّفت الحكومة اليمنية رسالة الحوثيين، التي تعتبر مناورة لتحسين شروط التفاوض من أجل تمديد الهدنة، فأعلنت على لسان رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك، الخميس الماضي أنّ "الحكومة ستتعامل بحزم وردع مع جرائم الحوثي، لتعزيز الأمن والاستقرار وحماية المصالح الاقتصادية الحيوية للمواطنين وتأمين الملاحة الدولية"، وهو ذات المنحى الذي أكّده وزير الدفاع اليمني محسن الداعري الذي قال إنه "تم التوجيه من قبل مجلس القيادة الرئاسي بأن تكون القوات المسلحة على أعلى درجة من الجاهزية، في الوقت الذي لا تزال الضغوطات مستمرة للاستجابة لمطالب المجتمع الدولي بالموافقة على الهدنة".

تلقّفت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا رسالة الحوثيين، التي تعتبر مناورة لتحسين شروط التفاوض من أجل تمديد الهدنة

وأضاف الداعري أنه "على الرغم من عدم تجديد الهدنة، إلا أن رفع درجة الجاهزية لا تعني استئناف الحرب، لكنها كذلك إذا فرضتها المليشيا الحوثية، أي أنه ستكون حتمًا علينا المواجهة".