16-أغسطس-2022
يتواصل الاستهداف الإماراتي للقوات الحكومية في شبوة (Getty)

يتواصل الاستهداف الإماراتي للقوات الحكومية في شبوة (Getty)

على الرغم من إحكام القوات التابعة للمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيًا من سيطرتها على القسم الأكبر من محافظة شبوة، بعد انسحاب القوات الحكومة اليمنية من مدينة عتق، إلا أن الطائرات المسيرة التي يعتقد أنها إماراتية واصلت قصف نقاط عسكرية للجيش اليمني والقوات الخاصة على الطريق الدولي بين محافظتي شبوة وحضرموت، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى بينهم مدنيون.

أثار الاستهداف المتواصل للطائرات الإماراتية لمواقع الجيش والأمن اليمني حالة من الغضب والاتهام لرئيس مجلس القيادة الرئاسي بالتواطؤ

كما أفادت مصادر محليه وناشطون إعلاميون بأن طائرات مسيرة تابعة للقوات الإماراتية استهدفت نقطة عسكرية تابعة للقوات الحكومية في منطقة عياذ بمديرية جردان شمال شرق مدينة عتق. وتسعى قوات المجلس الانتقالي إلى السيطرة على منفذ العبر الدولي مع المملكة العربية السعودية بعد القصف الإماراتي.

وقد أثار الاستهداف المتواصل للطائرات الإماراتية لمواقع الجيش والأمن اليمني حالة من الغضب والاتهام لرئيس مجلس القيادة الرئاسي بالتواطؤ بسبب سكوته إزاء هذه الاعتداءات المتكررة. ويذهب مراقبون للشأن اليمني إلى القول بأن موقف رئيس مجلس القيادة الرئاسي من الأحداث في شبوه، واعتداءات الطيران الإماراتي ضد الجيش اليمني وقوات الأمن الخاصة ما كانت لتكون لولا الضوء الأخضر من قبل التحالف السعودي.

وفي هذا الإطار، سجل وزير الدفاع اليمني اللواء محسن الداعري الذي يرأس لجنة عسكرية وأمنية لتقصي الحقائق حول الأحداث في محافظة شبوه موقفًا لافتًا، حين قال خلال مؤتمر صحفي بحضور المحافظ إن "العملية العسكرية كان لا بد منها لمن يتمرد على القرارات"، في إشارة إلى قائد قوات الأمن الخاصة في المحافظة العميد عبد ربه لكعب الذي تمت إقالته بقرار من مجلس القيادة الرئاسي، حتى قبل ظهور نتائج التحقيق في محاولة الاغتيال التي تعرض لها الشهر الماضي من قبل قوات دفاع شبوة، وقتل على إثرها اثنان من مرافقيه. وبهذا استطاع محافظ شبوه عوض محمد بن الوزير العولقي من إزاحة العميد عبدربه لعكب احد أشد خصومه، والذي يحظى بنفوذ بين رجال القبائل والمجتمع المحلي.

موقف وزير الدفاع  يتقاطع مع موقف رئيس مجلس القيادة الرئاسي في الاصطفاف إلى جانب محافظ شبوه عوض محمد بن الوزير العولقي، القريب من الإمارات وقوات المجلس الانتقالي المدعومة إماراتيًا. وبعد الأحداث التي شهدتها محافظة شبوه، وصل رئيس المجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى دولة الإمارات في زيارة لم يعلن عنها من قبل، وتستغرق عدة أيام، تليها زيارة أخرى إلى المملكة السعودية.

 هذا واعتبر محافظ شبوة السابق محمد صالح بن عديو مواقف رشاد العليمي بأنها "تضع مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية على المحك في اتخاذ مواقف تناسب جسامة الحدث، وينزع عنهما اﻷهلية عند التقصير والخذلان في أن يكونوا مؤتمنين على مصالح الشعب اليمني". وأضاف بن عديو في بيان له أنه "لم يكن مستغربًا ما رافق حملة استباحة شبوة تحت الغطاء الجوي الإماراتي من قتل وخراب وعبث ونهب وحرق للمنازل وإهانة لرمزية الدولة، فهذا هو سلوك المليشيات، وتلك هي رغبة القوى التي تقف خلفها وتدعمها في تمزيق اليمن وإضعافه ليسهل تمرير مشاريعها فيه".

كما أصدر نائب رئيس مجلس النواب  اليمني عبد العزيز الخياري بيانًا شديد اللهجة انتقد فيه عمل المجلس الرئاسي واعتبره أداة لشرذمة اليمن وبأنه غير شرعي. وقبل أيام، أعلن المجلس الرئاسي اليمني أنه شكل لجنة للتحقيق في الأحداث التي شهدتها مدينة عتق في محافظة شبوه وأدت إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى.

وقال رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد محمد العليمي في خطاب وجهه للشعب اليمني بأنه "اتخذ جملة من الإجراءات، منها إقالة بعض القادة الامنين في المحافظة"، بالإضافة إلى "تشكيل لجنة برئاسة وزير الدفاع وعضوية وزير الداخلية، لتقصي الحقائق وتحديد مسؤولية السلطة المحلية والقيادات العسكرية والأمنية، ورفع النتائج إلى مجلس القيادة الرئاسي لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة". وأوضح العليمي أن "المجلس بادر إلى الاستجابة السريعة وقطع دابر الفتنة ومحاسبة المسؤولين عنها"، وأكد "أنه وأعضاء مجلس القيادة في حالة اجتماعات متواصلة للوقوف على تلك الأحداث المؤسفة، والعمل على معالجتها بروح التوافق وفقًا لإعلان نقل السلطة الذي تم بجهود تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة". كما أشار إلى أن "الأحداث التي شهدتها مدينة عتق تعطي درسًا إضافيًا في أهمية الالتفاف حول سلطة الدولة، وحقها في احتكار القوة واتخاذ كافة الوسائل لإنفاذ إرادتها وحماية مواطنيها". وتحدث العليمي عن إجراءات أخرى وعد بإطلاع الرأي العام على نتائجها.

وانفجر الوضع في مدينة عتق الأسبوع الماضي بعد مقتل قائد قوات التدخل السريع في محور عتق الرائد لشقم الباراسي على يد قوات دفاع شبوه، واندلعت على إثر ذلك اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية اليمنية من جهة، وقوات المجلس الانتقالي المتمثلة في قوات العمالقة ودفاع شبوة المدعومة اماراتيًا.

وبحسب مصادر محلية، سيطرت قوات الأمن الخاصة بعد يومين من المعارك على معظم المعسكرات والمواقع في المدينة التابعة لقوات المجلس الانتقالي، وأوشكت على السيطرة على آخر مواقع المجلس في مطار المحافظة، إلا أن تدخل الطائرات الإماراتية في المعركة، وشنها هجومًا جويًا قلب المعادلة، واضطرت القوات اليمنية إلى الانسحاب من مواقعها، وسيطرت القوات التي تدعمها أبوظبي على مدينة عتق المركز الإداري لمحافظة شبوة وبعض المديريات.

فقد تعرضت قوات الحكومة اليمنية لنحو 30 غارة جوية نفذت بطائرات مسيرة، بالإضافة لقصف مدفعي من معسكر مرة شرق عتق الذي تسيطر عليه القوات الإماراتية. كما دار القتال في المحافظة بين القوات الحكومية المتمثلة في الوحدات التابعة لمحور عتق ومنها اللواء 21 ميكا، والقوات الخاصة بشبوة وهي قوات يتهمها الموالون للإمارات بأنها تابعة لحزب الإصلاح اليمني، وبين قوات "دفاع شبوة" والتي كانت تعرف سابقًا بالنخبة الشبوانية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، والتي فشلت في فرض سيطرتها على المحافظة عام 2019، إضافة لقوات العمالقة التي أعادت انتشارها أواخر العام الماضي في المحافظة للدفاع عنها وتأمينها من الحوثيين، وطردهم من المديرات الغربية.

وشهدت شوارع مدينة عتق انتشارًا مكثفًا لقوات دفاع شبوة التي داهمت منازل قيادات قوات الأمن الخاصة، والجيش اليمني في المدينة، ونفذت عمليات تمشيط في ضواحيها بحثًا عن تلك القيادات التي انسحبت إلى محافظة مأرب القريبة من المحافظة. كما حاصرت منزل قائد قوات الأمن الخاص المقال العميد عبدربه لعكب، وقصفت معسكر النجدة.

انفجر الوضع في مدينة عتق الأسبوع الماضي بعد مقتل قائد قوات التدخل السريع في محور عتق الرائد لشقم الباراسي على يد قوات دفاع شبوه

وتمكنت وحدات من ألوية العمالقة وقوات دفاع شبوة من السيطرة على معسكر الشهداء أهم ثكنات قوات الأمن الخاصة ومدرسة الأوائل ونقطة الكهرباء غربي مدينة عتق، عقب معارك عنيفة أسفرت عن وقوع 35 قتيلًا وجريحًا من الطرفين. كما اقتحم جنود دفاع شبوه مقر المكتب التنفيذي لحزب الإصلاح اليمني بمدينة عتق الذي تُتهم قيادات قوات الأمن الخاصة في المحافظة بالانتماء إليه. وسعت قوات العمالقة ودفاع شبوه إلى اقتحام معسكر الأمن المركزي الذي يعتبره المحافظ خطرًا على سلطته بوصفه أحد رجال المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي ومن ورائه الإمارات.