22-أبريل-2022
تشكل الناقلة كارثة بيئية محتملة (Getty)

تشكل الناقلة كارثة بيئية محتملة (Getty)

حثت الأمم المتحدة الدول المانحة على تقديم مبلغ 80 مليون دولار لعملية طارئة ضمن مشروع لإزالة 1.1 برميل من النفط الخام من ناقلة صافر النفطية، FSO Safer ، وترسو قبالة ساحل جمهورية اليمن. تأتي المخاطر من إمكانية أن تنفجر الناقلة أو يتسرب منها النفط الخام الخفيف مسببًا كارثة بيئية كبيرة في اليمن وعلى شواطئه وعلى البحر الأحمر كذلك.

حثت الأمم المتحدة الدول المانحة على تقديم مبلغ 80 مليون دولار لعملية طارئة ضمن مشروع لإزالة 1.1 برميل من النفط الخام من ناقلة نفطية تسمى FSO Safer

80 مليون دولار لتفادي الكارثة في ناقلة صافر

المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن، ديفيد غريسلي، وجه نداءً عاجلًا لإيجاد حل سريع للمسألة. وقال غريسلي لوكالة الأسوشيتيد برس بأن "ناقلة النفط صافر تعد قنبلة موقوتة لأن تسربًا نفطيًا كبيرًا منها من شأنه أن يؤدي إلى حدوث كارثة بيئية وإنسانية ضخمة". وأضاف "بدون تمويل خلال الأسابيع المقبلة، لن يبدأ المشروع في الوقت المحدد، وستستمر هذه القنبلة الموقوتة في نشر القلق".

وقدرت الأمم المتحدة تكلفة عملية الطوارئ بنحو 80 مليون دولار تشمل عملية الإنقاذ، وتأجير سفينة كبيرة لنقل مليون برميل من النفط الخام، ومدفوعات لأفراد الطاقم والصيانة لناقلة صافر لمدة 18 شهرًا. وتلعب هولندا دورًا رئيسيًا في هذا الصدد لدعم جهود الأمم المتحدة، ومن ضمنها إرسال بعثة إلى الدول الخليجية بغية المساهمة في التمويل اللازم في وقت سريع.

عملية طارئة

في أوائل آذار/مارس من هذا العام، وقعت الأمم المتحدة وجماعة الحوثي المسلحة في اليمن مذكرة تفاهم بعد سنوات من المحادثات تسمح بعملية طارئة لمدة 4 أشهر للقضاء على التهديد الفوري الذي تمثله ناقلة النفط صافر، وذلك عن طريق نقل النفط منها إلى سفينة أخرى. ونصت مذكرة التفاهم على المدى الطويل باستبدال الناقلة بسفينة أخرى قادرة على الاحتفاظ بكمية مماثلة من النفط في غضون 18 شهرًا، أي بما لا يتجاوز نهاية عام 2023.

غريسلي وقع مذكرة التفاهم نيابة عن الأمم المتحدة مع جماعة الحوثي، وأشار بالقول "إن عملية نقل النفط من ناقلة صافر يجب أن تبدأ في أوائل شهر حزيران/ يونيو، وتنتهي أواخر شهر أيلول/سبتمبر من هذا العام، وذلك لتجنب الرياح والتيارات الهوائية القوية التي تبدأ في شهر تشرين الأول/أكتوبر وتستمر عدة أشهر طيلة فصل الشتاء". وتابع بالقول "يمكن أن يؤدي التأخر في العملية إلى زيادة مخاطر تفكك الناقلة مما سيجبرنا على الانتظار لما بعد انتهاء فصل الشتاء، مع ما يعنيه ذلك من تأخير بدء المشروع لعدة أشهر وترك القنبلة موقوتة في البحر الأحمر"، على بعد 6 كيلومترات فقط من الموانئ اليمنية المسيطر عليها من قبل الحوثيين.

وأكد خبراء الأمم المتحدة أن "ناقلة النفط صافر" تتحلل بسرعة ولا يمكن إصلاحها بعد وصول المياه إلى محركها واحتمال غرقها، في ظل غياب الموارد اللازمة على متن السفينة لإصلاحها طيلة الفترة السابقة وتحديدًا منذ عام 2015 تاريخ بدء الأزمة. وتجدر الإشارة إلى كون السفينة يابانية الصنع وتم بناؤها في السبعينات من القرن الماضي، ومن ثم بيعت للحكومة اليمنية في الثمانينات لتخزين ما يصل إلى 3 ملايين برميل من النفط الذي يتم ضخه وتصديره من الحقول النفطية في منطقة مأرب شرق اليمن. وتعود ملكية السفينة لشركة "صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج"، ويبلغ طولها 360 مترًا وتضم 34 صهريجًا لتخزين النفط الخام، بحسب ما نقلت صحيفة الواشنطن بوست.

دراسة غرينبيس 2022

وبتاريخ 27 كانون الثاني/يناير من هذا العام، أصدرت منظمة غرينبيس دراسة جديدة أشارت فيها إلى النتائج الكارثية المحتملة للتسرب النفطي من ناقلة صافر. الدراسة المعنونة "خزان صافر العائم.. سفينة تتحطم ببطئ" حددت المخاطر المكانية (محليًا في اليمن، وإقليميًا في البحر الأحمر، ودوليًا). وكذلك المخاطر الزمانية (على المدى القريب، وعلى المدى البعيد). وحددت الدراسة الآثار السلبية البيئية والاقتصادية والصحية والإنسانية التي جاءت في حوالي 23 صفحة ومن تحرير وحدة الدراسات العلمية في غرينبيس.

FSO Safer

وأشار التقرير الذي صدر حول الدراسة بعنوان "خزان صافر العائم: قنبلة موقوتة"، إلى أن "تصدع الهيكل الأحادي للسفينة أو انفجاره قد يفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن ويتسبب بكارثة إنسانية وبيئية وبتسرب نفطي أضخم بأربعة أضعاف من ذلك الذي تسببت به ناقلة "إكسون فالديز" في ألاسكا في العام 1989. وقد يزيد ذلك الأزمة الإنسانية سوءًا ويمنع الوصول إلى ميناء الحديدة وميناء الصليف الرئيسيين والحيويين للمساعدات والإمدادات الغذائية، وقد يحمل البلد بالتالي عبئًا إضافيًا بعد أن دمرته 6 سنوات من النزاع بين الأطراف المتحاربة في اليمن".

أضرار بيئية وصحية واقتصادية كارثية

تشمل الأضرار البيئية المحتملة القضاء على سبل عيش المجتمعات الساحلية الفقيرة في اليمن التي تعتمد على صيد الأسماك، كما أنها قد تضر بالصحة وتدمر الشعاب المرجانية المجاورة وتتسبب بانسداد محطات تحلية المياه التي توفر المياه لملايين الأشخاص في المنطقة. كذلك، ستطال التأثيرات البيئية الكارثية الحيوانات و"مروج النجيل" البحري في البحر الأحمر، الذي يعد موقعًا بارزًا للتنوع البيولوجي.

ويعد البحر الأحمر أحد أبرز مواقع التنوع البيولوجي في العالم، وهو معرض للخطر. وتشير غرينبيس إلى أن "التجدد الكامل للجسم المائي في البحر الأحمر يستغرق حوالى 200 عام"، وتؤكد استحالة "تنظيف النفط بعد تسربه في البيئة، وكل ما يمكن فعله هو احتواء التسرب من خلال استخدام الحواجز العائمة وإزالته باستخدام الكاشطات ومضخات الشفط"، وتشير "حتى لو كانت الاستجابة الكبرى ممكنة، سيبقى التعامل مع تسرب النفط صعبًا جدًا من دون إلحاق أضرار مادية أو كيميائية إضافية في النظام الإيكولوجي المحلي".

يضاف ذلك إلى تعطيل حوالي 5 آلاف بئر من آبار المياه التي توفر المياه النظيفة لنحو 9 مليون شخص من أجل الاستخدام اليومي. وقد يؤثر أيضًا في إمدادات الغذاء لقرابة 8 مليون شخص، وفناء ما بين 93 إلى 100% من مصائد الأسماك اليمنية في البحر الأحمر. بالإضافة إلى ذلك، قد يلوث النفط محطات تحلية المياه الممتدة على طول الساحل، ويعطل بالتالي إمدادات المياه النظيفة للمنطقة ككل.

وأما الأضرار الصحية فستكون وخيمة جدًا حيث هناك احتمالية لتعرض 5.9 ملايين شخص في اليمن، ومليون شخص في المملكة العربية السعودية لمستويات مرتفعة جدًا من التلوث، سينتج عنها مخاطر صحية كبيرة على الفئات المستضعفة، مثل البالغين والأطفال المصابين بأمراض في الرئة والبالغين الذين يعانون من أمراض في القلب وكبار السن الذين قد تتفاقم على الأرجح مشاكل القلب والرئة التي يعانون منها أصلًا. وقد يؤدي تلوث الهواء الناتج من التسرب إلى زيادة خطر الاستشفاء بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة تتراوح بين 5.8% و42% طوال مدة التسرب.

هناك احتمالية لتعرض 5.9 ملايين شخص في اليمن، ومليون شخص في المملكة العربية السعودية لمستويات مرتفعة جدًا من التلوث

علاوة على ذلك، تتمثل التكلفة الاقتصادية بملايين الدولارات، حيث سيفقد عشرات الآلاف من الناس موارد رزقهم من صيد السمك (خسارة بنحو 30 مليون دولار سنويًا) والعمل في البحار والموارد البحرية والصناعات الساحلية وإغلاق المصانع والموانئ وارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات.