07-يناير-2023
gettyimages

(Getty) من المتوقع أن تعتمد سياسة الحكومة الجديدة على التوازن أكثر في الموقف من الحرب الروسية على أوكرانيا

تتجه حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية الجديدة، بزعامة بنيامين نتنياهو، نحو تغيير مواقفها من الحرب الدائرة في أوكرانيا. وهذا ما برزت أولى ملامحه عبر الاتصال الذي أجراه مؤخرًا وزير خارجية الاحتلال إيلي كوهين مع نظيره الروسي سيرغي لافروف.

تتجه حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية الجديدة، بزعامة بنيامين نتنياهو، نحو تغيير مواقفها من الحرب الدائرة في أوكرانيا

وحسب ما جاء في بيان الخارجية الإسرائيلية، تباحث كوهين ولافروف في سلسلة من القضايا الثنائية والإقليمية، من ضمنها "وضع الجالية اليهودية في روسيا، والمهاجرين من دول الاتحاد السوفيتي في إسرائيل، وأهميتهم ودورهم لتعزيز العلاقات بين البلدين"، كما تطرق الحديث إلى "الحرب الروسية في أوكرانيا، إذ نقل كوهين إلى لافروف رسالة من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن".

وفي ذات السياق، كان كوهين قد أشار إلى موضوع العلاقات مع روسيا خلال مراسم تسلمه منصبه الجديد، قائلاً إنه "في قضية حرب روسيا وأوكرانيا، سننفذ أمرًا واحدًا بشكل مؤكد، في العلن سنتحدث أقل"، وأضاف "سنقوم بإعداد مرجع مفصل من وزارة الخارجية إلى المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، ذلك من أجل صياغة سياسة مسؤولة (إزاء الملف الروسي الأوكراني)".

ويرى مراقبون أن تصريحات كوهين هذه تحمل تلميحًا إلى اتجاه الحكومة الجديدة في تل أبيب نحو تفادي إدانة موسكو بشكلٍ علني فيما يخص حربها في أوكرانيا. ووفقًا لما ذكره موقع صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، قد تجد إسرائيل نفسها في صدام مباشر مع الإدارة الأمريكية  في حال غيّرت سياستها، وباتت تميل لصالح روسيا فإن هذا الأمر قد يؤدي إلى صدام مع الإدارة الأمريكية.

وكانت تل أبيب، خاصةً في الأيام الأولى للغزو الروسي لأوكرانيا، أميل لعدم إدانة موسكو بشكلٍ واضح وعلني وتفضل الاتجاه نحو أخذ موقف متوازن يرفض الغزو بشكلٍ خجول وعلى مستوى الوزراء، دون أن يصل إلى أعلى المستويات السياسية، مع الاتجاه نحو رفض فرض العقوبات على روسيا، بالإضافة إلى عدم تقديم الأسلحة لأوكرانيا، واقتصار المقدم على الخدمات الطبية بالإضافة إلى تجهيزات ومعدات محدودة، مثل الدروع الواقية والمناظير وغيرها.

ولم يتغير هذا شيء طوال فترة الحرب، إلّا في فترات محدودة قدم فيها الدعم بشكلٍ أكبر، خاصةً مع تزايد التدخل الإيراني في الحرب، ومع ذلك لم تكن روسيا معجبةً بموقف إسرائيل، وعززت تواصلها مع السلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية، كما عملت على إغلاق مكتب الوكالة اليهودية في موسكو.

هذا، وقد وجه السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الذي يعد أحد أبرز مؤيدي إسرائيل في الكونغرس الأمريكي، انتقادات شديدة اللهجة لوزير الخارجية الجديد. وكتب غراهام في تغريدة على تويتر: "فكرة أن إسرائيل يجب أن تتحدث أقل عن الغزو الإجرامي الروسي لأوكرانيا مقلقة بعض الشيء، آمل أن السيد كوهين يدرك أنه عندما يتحدث مع لافروف، فإنه يتحدث مع مندوب نظام مجرم حرب، يرتكب جرائم حرب واسعة النطاق يوميًا".

فيما يضيف الموقع العبري، نقلاً عن مصادر سياسية، أنه "عندما قال كوهين يجب أن نتحدث أقل، كانت نيته انتقاد ثرثرة بينيت" الذي سبق وعبر علنًا عن نيته التوسط بين الروس والأوكرانيين، ففي نظر الوزير الجديد أن هذه الدعاية قد تضر إسرائيل و"إذا كان هناك احتمال للوساطة، يجب أن يتم بهدوء وخلف الكواليس".

getty

وتسعى حكومة نتنياهو إلى تغيير النهج الديبلوماسي الذي اتبعته سابقتها، والتي اعتبرتها موسكو معاديةً ومنحازةً إلى كييف والإدارة الأمريكية، خاصةً مع ازدياد نفوذ رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق يائير لبيد، الذي كان أميل لانتقاد روسيا علنًا أكثر من نفتالي بينيت، الذي زار الرئيس الروسي فلاديمير  بوتين في الأيام الأولى للحرب. فيما انتقد لبيد الحرب الروسية على أوكرانيا عدة مرات، خاصةً عندما كان وزيرًا للخارجية.

ومع عودة الحكومة الإسرائيلية الجديدة، قد نشهد تقاربًا أكبر بين تل أبيب وموسكو، ويعود ذلك إلى العلاقة المميزة بين نتنياهو وبوتين، إلى جانب ذلك تظهر تل أبيب قلقًا من تعزز علاقة طهران وموسكو في الآونة الأخيرة، وخاصةً في الجانب العسكري، وذلك يعني إمكانية إمداد إيران بأسلحة روسية بشكلٍ أكبر، وخوفًا من التأثير على "حرية العمل الإسرائيلي في سوريا"، الذي استمر في اللحظات التي وصلت فيها العلاقة إلى أسوأ حالاتها.

وبحسب مركز أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، لا تنظر إسرائيل بإيجابية إلى تعاون روسيا مع إيران التي تزيد من جهودها في ترسيخ نفوذها في سوريا ومواصلة عمليات تهريب الأسلحة إلى حزب الله، لذا ستعتمد سياسة الحكومة الجديدة الحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا  لتقويض النفوذ الإيراني في سوريا، والحد من تموضعها في الشرق الأوسط، بالإضافة لضمان حرية عمل سلاح الجو "الإسرائيلي" داخل الأراضي السورية.

getty

في السياق ذاته، أصدر "معهد القدس للاستراتيجية والأمن" تقدير موقف، أشار فيه إلى وجود خطر من أن "الدعاية الواسعة التي تحيط باستخدام الأسلحة الإيرانية في ساحة القتال بأوكرانيا، قد تمنح طهران ثقة مفرطة تدفعها لرفع مستوى مواجهتها مع إسرائيل". وشدد المعهد على ضرورة أن "تحافظ إسرائيل على علاقات جيدة مع روسيا بسبب تدخلها المستمر في سوريا".

وتخشى تل أبيب أن تنحاز موسكو لطهران مقابل الدعم العسكري الإيراني لها في أوكرانيا، حيث تسعى روسيا لاستغلال مفاوضات إحياء الاتفاق النووي كورقة مساومة ضد الولايات المتحدة والدول الأوروبية.

ويشير المعهد إلى أن سياسة حكومة نتنياهو الجديدة تجاه روسيا، قد تؤدي إلى المزيد من التوترات مع الإدارة الأمريكية والدول الأوروبية. بالمقابل لم يستبعد التقرير مواصلة إسرائيل تقديم الدعم العسكري المحدود والمساعدات الإنسانية لأوكرانيا، إذ تحتاج تل أبيب  إلى جمع معلومات استخباراتية حول استخدام روسيا للأسلحة الإيرانية، من أجل تحسين قدراتها الدفاعية ضد الطائرات الإيرانية.

ومن ناحية أخرى، يرى مدير مركز "التنبؤات السياسية" الروسي، دينيس كركودينوف، أنه على الرغم من "بذل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الكثير من الجهد في السابق لتطوير العلاقات مع روسيا، وبحثه حاليًا عن أرضية مشتركة للتعاون معها، إلّا أنّ موسكو لن تقوم باستبدال تقاربها مع إيران بتباعد إسرائيلي-أمريكي محتمل".

وحسب الخبير الروسي فإنه من الواضح أن "الملفين السوري والإيراني سيعودان مجددًا إلى طاولة التباحث بين موسكو وتل أبيب، لكن يبقى السؤال مطروحاً عن الشكل الذي سيكون عليه التفاهم بينهما والعوامل التي ستؤثر فيه، على ضوء التقارب بين روسيا وإيران في المجالات العسكرية والأمنية من جهة، والمكانة التي ستشغلها إسرائيل في مسلسل تدهور العلاقات بين موسكو والغرب من جهة أخرى".

الحكومة الإسرائيلية السابقة تعرضت للكثير من الانتقادات نتيجة موقفها من الحرب في الروسية في أوكرانيا

يشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية السابقة تعرضت للكثير من الانتقادات نتيجة موقفها من الحرب الروسية في أوكرانيا، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، والتي وصلت إلى تقديم الرئيس الأوكراني انتقادات علنية لدولة الاحتلال.