30-ديسمبر-2022
gettyimages

نتنياهو يعود للحكم بعد ما يقارب العام ونصف في صفوف المعارضة (Getty)

تمكنت الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، من نيل ثقة الكنيست، وحصولها على 63 صوتًا مقابل رفض 54، وذلك بعد يوم من توقيع الاتفاقيات الائتلافية. وتوصف الحكومة الإسرائيلية الجديدة أنها الأكثر تطرفًا وفاشيةً في تاريخ إسرائيل. وبذلك أعلن رسميًا عن تشكيل الحكومة 37 في تاريخ دولة الاحتلال، لتأتي بعد الانتخابات الخامسة في 4 سنوات.

تمكنت الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، من نيل ثقة الكنيست

وعلى مدار 8 أسابيع تفاوض نتنياهو مع الأحزاب الصهيونية اليمينية والدينية التي ستكشل معه الائتلاف الحكومي، انشغل خلالها في محاولة تسوية الخلافات بين كافة الأطراف وتوزيع الحصص والمناصب المهمة بينهم، قبل أن يعود إلى حزبه للتوافق على ما تبقى من مناصب، في خطوة واعتبرت بأنها تظهر سعي نتنياهو للعودة إلى منصب رئيس الوزراء قبل أي شيء بعد أن غاب عنه لمدة عام ونصف.

وفي خطابه الأول، كرئيس للوزراء قال نتنياهو إن مهمة حكومته الأولى هي إحباط محاولات إيران لحيازة سلاح نووي. وبحسبه، فإن مهمة أخرى أمام الحكومة هي توسيع "اتفاقيات أبراهام" لإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي. مضيفًا "في السنوات الأربع المقبلة سنعمل كي تكون إسرائيل دولة عظمى عالمية، مزدهرة وقوية، دون شكوك في وجودها".

getty

 أمّا رئيس الوزراء السابق يائير لبيد، والذي توعد بالعودة إلى رئاسة الحكومة مرةً أخرى فقد قال "ننقل المسؤولية إلى الحكومة الجديدة بقلب قلق". مشيرًا إلى أنه يوافق على طرح نتنياهو بأن إيران هي المهمة الأولى. واستعرض لبيد إنجازات حكومته متباهيًا بمنع فتح القنصلية الأمريكية في القدس [تخدم الفلسطينيين من مناطق السلطة الفلسطينية] والمساهمة في عدم العودة للاتفاق النووي مع إيران، مضيفًا أنه قام بتعزيز العلاقات مع دولة "اتفاقيات أبراهام" والأردن وتركيا.

وعن الوضع في فلسطين، قال لبيد: "استأنفنا سياسة الاغتيالات" ضد قادة الفصائل الفلسطينية، وأن تعليمات إطلاق النار كانت واضحةً للجنود: "من يأتي لقتلك، أقتله". يشار إلى أن عام 2022 اعتبر الأكثر دمويةً في فلسطين، وذلك بعد استشهاد أكبر عدد من الفلسطينيين منذ عام 2015، بالإضافة إلى قيادته عملية عدوانية تجاه قطاع غزة في منتصف عام 2022، وذلك سعيًا لاغتيال قيادات من حركة الجهاد الإسلامي. كما تحدث لبيد عن وضع أساس عملية التطبيع مع السعودية، وهو ما أشار إليه نتنياهو بإمكانية توسيع دائرة التطبيع.

وكان لبيد ووزير الأمن الإسرائيلي السابق بيني غانتس، قد تفاخروا بعمليات القتل واستمرارية الاستيطان خلال عهدهم.

وفي الوقت الذي كان يجري فيه التصويت على تنصيب الحكومة الإسرائيلية، انطلقت عدة مظاهرات خارج مبنى الكنيست في القدس المحتلة معارضةً تشكيل الحكومة وفي تل أبيب وغيرها من مدن الاحتلال، وأساس معارضة الحكومة داخليًا تأتي بسبب تمدد الأحزاب الدينية والدينية الصهيونية التي تحصل على نفوذ متزايد داخل الحكومة، وتحمل تصورات اجتماعية محافظة ومعادية للحقوق الليبرالية والمثلية، مثل رئيس حزب نوعم آفي ماعوز الذي كشف عن قيامه بكتابة قائمة بأسماء المثليين من العاملين في الإعلام واليساريين، وعضوة حزب الصهيونية الدينية أوريت ستروك التي تحدثت عن طرح قانون يتيح للأطباء عدم قيامهم بعلاج من يخالف معتقداتهم مثل  المثليين جنسيًا، أو العرب.

getty

وهناك تخوفات كبيرة داخل إسرائيل مع تشكيل هذه الحكومة، تحديدًا حول العلاقة بين الدين والدولة، نتيجة وجود الأحزاب الدينية التي تعمل على تغيير بعض التشريعات الدينية وزيادة تمويل المؤسسات الدينية والإعفاء من الخدمة العسكرية للمتدينين وتعريفات من هو اليهودي المرتبطة في أهلية الهجرة إلى دولة الاحتلال، وقوانين تتيح إمكانية الفصل بين الجنسين، وغيرها من القوانين الإشكالية على المستوى الداخلي في دولة الاحتلال. وهذه البنود ورد معظمها في الاتفاقيات الائتلافية، إلى أنها غير ملزمة قانونيًا ولا تطبق بشكلٍ كامل عادةً، لكن عدم تطبيقها دون توافق قد يؤدي إلى انشقاقات داخل الحكومة وإمكانية حجب الثقة عنها.

وقدم نتنياهو العديد من التنازلات والحركات السياسية الملتوية من أجل تشكيل حكومته، لدرجة وصلت إلى أن ينصب وزيرين في نفس الوزارة، ووصفت القناة الإسرائيلية الـ12 تجميع الحكومة بهذا الشكل بـ"اللعبة البهلوانية"، فيما قدمت مادةً من أجل شرح مشهد الحكومة الإسرائيلية الجديدة. وقبل كل ذلك، قام الائتلاف الحالي، بتمرير عدة قوانيين تتيح إمكانية تشكيله مثل قانون التغلب (قانون أرييه درعي) الذي يسمح بحصول مدان بقضايا جنائية على منصب وزير، بالإضافة إلى قوانين أخرى مرتبطة في عضو الكنيست وزعيم حزب قوة يهودية إيتمار بن غفير.

تشكيلة الحكومة

تشكلت الحكومية الحالية من معسكر يميني بشكلٍ كامل، ودخل إليها أحزاب فاشية وعنصرية تجاهر بذلك، وأبرز هذه الشخصيات زعيم حزب الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريش وحزب قوة يهودية إيتمار بن غفير، وخلال المفاوضات تمكنا من الحصول على معظم مطالبهم في الحكومة، لدرجة وصلت إلى أن يطلب إيتمار بن غفير بإلغاء القانون الذي يمنع ترشح الحركات العنصرية للكنيست مثل حركة كهانا، بالإضافة إلى منح بن غفير صلاحيات واسعة في وزارة الأمن القومي (تم تغيير اسمها من وزارة الأمن الداخلي) مثل المسؤولية عن الشرطة، والاتفاق على سن قانون يتيح إمكانية إعدام الأسرى.

getty

وحول تشكيل الحكومة، نطرح مثالًا عن وزارة المالية والداخلية، سيتولى سموتريتش وزارة المالية في النصف الأول من ولاية الحكومة بالإضافة إلى وزير داخل وزارة الأمن، فيما سيحصل زعيم حزب شاس أرييه درعي على منصب وزير الصحة بشكلٍ كامل ووزارة الداخلية لنصف مدة الحكومة، وبعد ذلك يتبادل المناصب مع سموتريش في وزارة المالية والداخلية. وهذه عينة عن كيفية تقسيم الحكومة الإسرائيلية القادمة، التي يتواجد فيها 30  وزيرًا و6 نواب وزراء من بينهم 5 نساء.

أبرز ما ورد في الاتفاقيات الائتلافية

عقد نتنياهو اتفاقًا مع كل مكون من مكونات حكومته الجديدة، ويعد أبرزها الاتفاق على إدخال تعديل على قانون استبعاد المرشحين للكنيست الذي يتم تصنيفهم بالتحريض على العنصرية و"الإرهاب"، بحيث يتم حذف الشق الأول من القانون، وذلك تم ضمن الاتفاق مع حزب إيتمار بن غفير. بالإضافة إلى منح صلاحية قوات حرس الحدود في شرطة الاحتلال لوزير الأمن القومي. وزيادة ميزانية التعليم الديني، وإلغاء الضريبة على المنتجات البلاستيكية والسكر، وإضافة ضخمة لميزانية وزارة الصحة.

getty

أما أهم البنود التي تمس الفلسطينيين في هذا الاتفاق، فهي السماح لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) بالتدخل في القضايا الجنائية ومراقبة الفلسطينيين داخل دولة الاحتلال، بالإضافة إلى خصومات من ميزانية البلدات العربية. ومنع رفع علم فلسطين داخل المؤسسات الممولة من قبل دولة الاحتلال. والاتفاق على سحب الجنسية من منفذي عمليات المقاومة. والاتفاق على فصل المعلمين في حال "الإدانة بالتحريض".

كما ستعمل الحكومة بحسب نصوص الاتفاق على تجفيف التمويل للجمعيات اليسارية الإسرائيلية والعربية من خلال فرض ضرائب على التبرعات الخارجية.

ستعمل الحكومة على زيادة الاستيطان في النقب والجليل والجولان والضفة الغربية

هذا وستعمل الحكومة على زيادة الاستيطان في النقب والجليل والجولان والضفة الغربية. وجاء في الاتفاق "الحكومة ستهتم بتعزيز مكانة مدينة القدس" كعاصمة لدولة الاحتلال. بالإضافة إلى مواجهة المشروع النووي الإيراني. وتوسيع عمليات التطبيع مع الدول العربية "الجيران دون التفريط بالمصالح الأمنية، التاريخية والقومية"، بحسب ما ورد.