16-ديسمبر-2019

شهد لبنان أحداث قمع واسعة (Getty)

شهدت الساحة اللبنانية في الأيام الأخيرة، على أعتاب دخول الانتفاضة الشعبية شهرها الثالث، أحداثًا لافتة توقف عندها المتابعون. أبرز هذه الأحداث كان المؤتمر الذي عقد في باريس منتصف الأسبوع، والذي اشترط المجتمعون فيه على لبنان تشكيل حكومة بأسرع وقت، قبل بدء أي حديث عن معونات ومساعدات يمكن تقديمها للبلاد، كما برز المؤتمر الصحفي لجبران باسيل والذي أعلن من خلاله عزوف تياره عن المشاركة في أي حكومة يرأسها الحريري، فيما كانت هناك إطلالة إعلامية لأمين عام حزب الله مساء الجمعة، خصّصها للحديث عن الواقع اللبناني، حيث أعلن تأييده لحكومة وحدة وطنية، وأعلن دعمه لترشيح سعد الحريري لتكليفها، ودافع عن الانتفاضة ورفض الاتهامات لها بالتخوين وتنفيذ ارتباطات خارجية، وهو أمر يتناقض مع مضمون خطابات سابقة له كرر فيها نفس الاتهامات للمتظاهرين، ووجه انتقادات لهم فيها وشكك بهم.

شهدت الساحة اللبنانية في الأيام الأخيرة، على أعتاب دخول الانتفاضة الشعبية شهرها الثالث، أحداثًا لافتة توقف عندها المتابعون

"التشبيح" يخيّم فوق ليل بيروت

خطاب نصرالله "الهادئ" انعكس بشكل مختلف تمامًا على الأرض، حيث شهدت مدينة بيروت صدامات عنيفة السبت بين المتظاهرين ومجموعات مسلحة من أنصار حزب الله وحركة أمل في ساحة الشهداء وعند جسر الرينغ. وحاول عدد من المتظاهرين الوصول إلى ساحة النجمة حيث مقر مجلس النواب، فمنعتهم قوات الشعب مستخدمة العنف، ما أدّى إلى اشتباك بين الطرفين.

أقرأ/ي أيضًا: لبنان الوحيد.. لبنان العنيد

أدت الاشتباكات إلى سقوط أكثر من 30 جريحًا، من بينهم 20 رجل أمن إضافة إلى ثلاثة ضباط، تمّ نقلهم إلى المستشفيات القريبة. وتوقّف عدد كبير من الناشطين والمتابعين عند ازدواجية المعايير التي تتبعها القوى الأمنية، حيث  قامت صباحًا بفتح الطريق البحري بالقوة في جل الديب، واعتدت على المتظاهرين السلميين في برجا، فيما تقف القوات نفسها بموقف المتفرج أثناء اعتداء ميليشيات الأحزاب على المتظاهرين السلميين في بيروت.

وعلى إثر انتشار الصور ومقاطع الفيديو لاعتداء الميلشيات على المتظاهرين في بيروت، خرج العديد من المحتجين إلى الشوارع في عديد المناطق، وأبدوا تضامنهم مع رفاقهم في بيروت، كذلك توجه مئات الناشطين من البقاع والشمال باتجاه بيروت لمساعدتهم في الصمود أمام القوى الأمنية التي استخدمت القوة المفرطة، وألقت كميات كبيرة من القنابل المسيلة للدموع، كذلك صوّبت خراطيم المياه باتجاه المتظاهرين برغم برودة الطقس. وقد أجبر المنتفضون على الانسحاب من اتجاه الشهداء باتجاه الصيفي، في أكثر الليالي عنفًا منذ اندلاع الانتفاضة قبل شهرين.

وزيرة الداخلية ريا الحسن أصدرت بيانًا على إثر الأحداث، أعربت فيه عن حزنها وأسفها لما جرى في شوارع بيروت، وأوعزت إلى الأمن الداخلي بفتح تحقيق لتحديد المسؤوليات، كما دعت الحسن المتظاهرين للتنبه من وجود "مندسين" بينهم يعملون على إثارة الشعب، وقد رفض المنتفضون البيان بالشكل وبالمضمون، وأكدوا على سلمية تحركهم، وعلى أن ميليشات السلطة وقوى الأمن هي من بادرت بالاعتداء عليهم.

ودفعت الأحداث الناشطين إلى التجمع في الساحات من جديد يوم الأحد، للرد على عمليات القمع الممنهجة، وإعادة مشهدية الأيام الأولى من الانتفاضة. غير أن ليلة الأحد لم تكن أقل عنفًا، حيث استمرت أحداث القمع لليلة الثانية على التوالي، واستمرت حتى ما بعد منتصف الليل. وهو ما أدى إلى إصابات عديدة في صفوف المحتجين والقوات الأمنية أيضًا.

وأعلن الجيش اللبناني في بيان أنه "نتيجة الفوضى العارمة التي شهدها وسط مدينة بيروت ليل أمس، والتي تخللتها أعمال شغب وتعدٍّ على الأملاك العامة والخاصة، ورمي المفرقعات باتجاه القوى الأمنية من قبل عدد من الأشخاص، عملت وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة على مؤازرة قوى الأمن الداخلي على الحفاظ على الاستقرار، ووقف التعديات، وتمكنت من إعادة الوضع إلى ما كان عليه، ما أدى إلى وقوع 9 إصابات بجروح ورضوض بين العسكريين".

أقرأ/ي أيضًا: حكومة "حزب الله"ـ الأسد.. لبنان الجحيم

المصارف تحتجز أموال اللبنانيين ودعوات لعدم الدفع

وفيما كانت الأوضاع الاقتصادية والمالية تتفاقم، مع استمرار ارتفاع سعر عدد كبير من السلع الأساسية وانقطاع بعضها الآخر من بعض المتاجر، استمرت المصارف في سياسة حجز أموال المودعين، من خلال وضع سقف للقيمة المالية بسحبها أسبوعيًا بقرار من المصرف المركزي، مع العلم أن بعض المصارف لم تلتزم حتى بالسقف المخصّص وقامت بتخفيضه.

فيما كانت الأوضاع الاقتصادية والمالية تتفاقم، مع استمرار ارتفاع سعر عدد كبير من السلع الأساسية وانقطاع بعضها الآخر من بعض المتاجر، استمرت المصارف في سياسة حجز أموال المودعين

 وتطال هذه القيود الحسابات الجارية والرواتب الموطنة والحوالات التي يحصل عليها اللبنانيون في الخارج، ما يؤثر بشكل كبير على قدرتهم الشرائية، ويضرب الدورة الاقتصادية ويشل العديد من القطاعات. وفيما كان اللبنانيون يشحذون أموالهم من المصارف، وينتظرون لساعات في الطوابير، كانت الفضائح تتوالى عن قيام كبار المودعين، من سياسيين ورجال أعمال بنقل ملايين الدولارات من حساباتهم في المصارف إلى خارج لبنان. وأطلق ناشطون لبنانيون هاشتاغ #مش_دافعين أعلنوا من خلاله عن توجه لديهم للامتناع عن دفع الضرائب والرسوم والمخالفات، والسندات المصرفية وفواتير الماء والكهرباء، طالما ان أموالهم محتجزة في المصارف.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

لبنان الضعيف.. لبنان القوي

سياسيو لبنان من "طهّر نيعك" إلى "سد بوزك