19-أبريل-2016

(Getty)

كان الفوز في الرياضات الجماعية دومًا وظيفة فريق التدريب، وكان اتخاذ القرار حول شراء أو إعارة أو تطوير أو تدريب أي لاعب يتم وفق عمل غريزي مبني على تقاليد قديمة، لكن وفي خضم هذا الأسلوب البدائي ظهر المدير العالم لفريق أوكلاند أتلتيكس ولاعب كرة القاعدة (بيسبول) السابق بيلي بين ليغير وجه العمل في الحقل الرياضي.

إذا كان يمكن لفريق معرفة سلوك لاعب قبل قيامه بعمل ما على أرض الملعب، فسنكون بالفعل أمام تحول الرياضة إلى عالم من الآلات التي تجيد نشر المتعة

في سنة 2003 صدر كتابي "Moneyball" أو كرة المال للكاتب مايكل لويس، ويتضمن الكتاب شرحًا مفصلًا عن سر عمل بيلي بين. فمدير فريق أوكلاند استخدم الإحصاءات والبيانات لاتخاذ قرارات احترافية. فبنى تحليلاته حول كيفية تحقيق الأهداف واكتشف أن الفريق الذي ينجح بحصد النقاط هو الذي يركض لاعبوه بسرعة أكبر حول قاعدتهم. ولذلك تحول فريقه إلى مجموعة من اللاعبين الذين يملكون قوة بدنية وسرعة كبيرة وهو ما يختلف عما كان عليه اللاعبون في الفرق الأخرى ومنحه هذ الأمر التفوق الكبير، وهو ما اعتبر ثورة في عالم الرياضة ككل.

اقرأ/ي أيضًا: 2025..50مليون لاعب كرة قدم صيني

تمتلك اليوم جميع الفرق الرياضية إما قسمًا للإحصاءات وتحليل البيانات أو اختصاصيًا بذلك في فريق العمل. ويقوم العمل على جمع البيانات وتحليلها لتحديد اللاعبين الذين يحتاجهم الفريق والذين يمكنه التوقيع معهم والعمل معهم وفق نظامه. فتحليل البيانات هو حاضر ومستقبل الأندية المحترفة وأي نادٍ لا يطبق هذا الأمر سيكون متأخرًا بخطوة عن الفرق الأخرى.

انتقلت عدوى استخدام البيانات من الأندية إلى الجماهير. فالمتابعون والمشجعون باتوا يقضون كثيرًا من أوقاتهم في البحث عن معطيات تحليلية. وباتت تتوفر اليوم مواقع إلكترونية يقوم عملها بالكامل على القيام بأبحاث وتحليلات خاصة بالرياضة، ومنها FiveThirtyEight.com الذي بدأ العمل به في سنة 2008 والذي يضم اليوم أكثر من 20 صحفيًا يعملون على مختلف الرياضات من زواية الأرقام والتحليلات وامتد هذا الأسلوب تاليًا إلى السياسة حيث نجح النظام التحليلي للموقع بتحديد نتائج تصويت 49 من 50 ولاية في الانتخابات الأمريكية.

اقرأ/ي أيضًا: ماذا يحدث لجسمك عندما تتوقف عن التمرين؟

تقدم كرة السلة أفضل الأمثلة حول كيفية تغيير نظام تحليل البيانات لأداء اللاعبين. فأندية كرة السلة الأمريكية تستخدم اليوم تكنولوجيا تسمى "تعقّب اللاعب" وهي تقيس فعالية الفريق وفقًا لتحركات اللاعبين، فأندية الـNBA تستخدم اليوم 6 كاميرات معلقة في مواقع مختلفة من الملعب لمتابعة خطوات اللاعبين 25 مرة في الثانية.

وتوفر الإحصاءات التي يتم جمعها بيانات حول سرعة اللاعب والمسافة التي قطعها وكم مرة لمس الكرة وما هو عدد التمريرات التي قام بها وكم كرة مرتدة من السلة سيطر عليها وغيرها، وتتوفر هذه المعلومات بكاملها على موقع NBA.com.

في الوقت الذي تصنع فيه التكنولوجيا مستقبل الرياضة، تضيف كمية البيانات المتوفرة الكثير من العقد إلى القرارات التي يمكن للأندية اتخاذها، وتصبح الأسئلة الأساسية حول أي إحصائية بالذات سيبني الفريق توجهه؟ وما هو العنصر الذي يجب أن يكون لديه الأولوية لإبقاء لاعب في الفريق أو التخلي عنه؟

ويبقى السؤال الأهم كيف ستساهم هذه الكمية الضخمة من البيانات بالمساعدة على توقع المستقبل، فكيف يمكن استخدام سرعة حركة اللاعب على أرض الملعب لتحديد إذا ما كانت ستؤثر على الفوز أم لا، وهو ما أشار إليه مالك نادي ساكرامنتو كينغز فيفيك راناديف في مؤتمر الكونغرس العالمي مؤخرًا.

البيانات الإحصائية غيرت عالم الرياضة إلى الأبد وهذا العلم سيتطور باستمرار وسيكون أكثر تعقيدًا مع الوقت. فالدراسات القادمة تقوم حول كيف يمكن للاعب أن يملك ثباتًا ذهنيًا مع الفريق ومدى تأثير وضعه العاطفي على أدائه في أرض الملعب. فإذا كان يمكن لفريق معرفة سلوك لاعب قبل قيامه بعمل سيئ على أرض الملعب، فسنكون بالفعل أمام تحوّل الرياضة إلى عالم من الآلات التي تُجيد نشر المُتعة.

اقرأ/ي أيضًا: 

5 دروس من مواجهة أتلتيكو مدريد وبرشلونة

5 أندية تشكل عقدة مستعصية لبرشلونة