01-سبتمبر-2023
gettyimages

تربط تقديرات بين تزامن الاشتباكات وعودة مشهد الاحتجاجات في سوريا (ألترا صوت)

خلّفت اشتباكات دير الزور الدائرة بين قوات سوريا الديمقراطية ومسلحين من العشائر العربية ومجلس دير الزور العسكري، أكثر من 30 قتيلًا، وما تزال الاشتباكات التي اندلعت الأحد الماضي مستمرة حتى اليوم الجمعة، إذ انطلقت على خلفية اعتقال قائد مجلس دير الزور العسكري أحمد الخبيل، والفشل في التوصل إلى حل للخلافات العالقة بين مجلس دير الزور العسكري و"قسد" التي بدأت على خلفية مقتل عنصرين من مجلس دير الزور برصاص "قسد".

وتمكنت مجموعات مقاتلة من العشائر السيطرة، صباح اليوم الجمعة، على مقر عسكري لقوات النظام السوري في ريف منبج شرقي حلب. بالتزامن مع دفع "قسد" في تعزيزات عسكرية إلى ريف حلب الشرقي.

انطلقت شرارة المواجهات الأولى في اشتباكات دير الزور، بعد اعتقال قسد لقائد مجلس دير الزور العسكري

وأبدت العشائر العربية، يوم أمس الخميس، استعدادها لمواجهة "قسد"، وقامت بإرسال عناصر منها إلى خطوط التماس، في دعم لأهالي دير الزور.

اشتباكات دير الزور: اعتقال فجر المواجهة

وكانت قوات سوريا الديمقراطية المعروفة اختصارًا بـ "قسد" قد أوقفت قائد مجلس دير الزور العسكري أحمد الخبيل، رفقة آخرين من فصيله العسكري في مدينة الحسكة الأحد الماضي بعد دعوتهم لحضور اجتماع. وما هي إلا ساعات من الاعتقال حتى اندلعت الاشتباكات بين قسد ومقاتلين تابعين لعشائر عربية محلية ومجلس دير الزور العسكري.

مع الإشارة إلى أنّ مجلس دير الزور العسكري الذي يضم مقاتلين محليين يتبع لقوات سوريا الديمقراطية، ويتولى أمن المناطق في دير الزور التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية بعد مواجهة تنظيم داعش في المحافظة الواقعة شمال شرق سوريا.

وتشير المعطيات التي نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى سقوط 34 قتيلًا، وهي حصيلة مرشحة للزيادة، ومن بين القتلى 19 مسلّحًا من مجلس دير الزور العسكري، و8 قتلى من مليشيا قسد، بالإضافة إلى 3 مدنيين و4 أشخاص غير معروفين.

ومع اعتقال قائد مجلس دير الزور العسكري، قام مقاتلون من هذا الفصيل  بالسيطرة على عدة قرى، أهمها بلدة العزبة، قبل أن تنجح قوات سوريا الديمقراطية في استعادتها مع بلدات وقرى أخرى.

اشتباكات دير الزور

ووفقا لمعلومات المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن عناصر من مجلس دير الزور العسكري يواصلون شنّ هجمات متفرقة تستهدف نقاط تفتيش تابعة لقسد في المنطقة.

وتتهم قوات سوريا الديمقراطية قائد مجلس دير الزور العسكري وشقيقيه بارتكاب انتهاكات، تتمثل في "خطف وقتل عدد من السكان المحليين وقيادات في الجيش السوري الحر في عام 2019"، بالإضافة إلى اتهامه "بالوقوف وراء عمليات تهريب النفط لمناطق سيطرة الإيرانيين في ضفاف الفرات الغربية"، فضلًا عن ذلك تشير إلى ارتباطه بشخصيات معروفة بقربها من إيران، من بينها نواف البشير، كما تتهمه أوساط "قسد" بالتنسيق مع "جهات خارجية معادية للثورة"، في إشارة إلى اتصالاته مع نظام الأسد وحلفائه الإيرانيين والروس.

وفي تصريح لوكالة فرانس برس اعتبر مدير موقع "دير الزور 24" المحلي عمر أبو ليلى أنّ "ما يجري اليوم هو عملية تصفية حسابات بعدما شعر قادة فاسدون آخرون بالخطر إثر توقيف الخبيل، وبدأوا بمحاولة تحريك العامل العشائري والعربي لحماية أنفسهم"، وفق توصيفه.

وكانت قوات سوريا الديمقراطية والمجلس العسكري لدير الزور أعلنوا، بشكل مشترك، قبل يوم أمس الأربعاء، وفقا لأسوشيتد برس، أنّ "الخبيل، لن يتولى قيادة مجلس دير الزور العسكري بعد الآن. وتم فصله وأربعة آخرين من قادة المجلس".

كما تمت إقالة الخبيل بسبب "التنسيق مع جهات خارجية معادية للثورة"، في إشارة على ما يبدو إلى اتصالاته مع نظام الأسد.

ووفقًا لمصادر محلية مستقلة أدت الاشتباكات المتواصلة إلى شلّ الحياة في بلدات دير الزور، وذلك في ظل قطع الطرقات وعزل بلدات عن محيطها. حيث توقفت إمدادات الخضار إلى البلدات المحاصرة من  عناصر "قسد"، كما توقفت أفران عن إنتاج الخبز بسبب عدم وصول إمدادات الطحين التي كانت تزوّد بها مرة أسبوعيًا، وبسبب انقطاع المياه والكهرباء. 

فضلًا عن ذلك، أكدت أنباء متقاطعة أن عناصر "قسد" أعدموا العديد من المدنيين ميدانيًا إثر اقتحام مناطقهم، وسط مخاوف من حدوث مجازر أخرى بحق المدنيين.

يشار إلى أنّ قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكيًا تتمركز على الضفة الشرقية لنهر الفرات الذي يقسم محافظة دير الزور.

بدورها، أعربت الخارجية الأمريكية، عن "قلقها العميق إزاء أعمال العنف الأخيرة بما في ذلك الخسائر في الأرواح في دير الزور"، داعيةً جميع الأطراف إلى وقف التصعيد وحل الوضع سلميًا.

اشتباكات دير الزور

وأضاف البيان، أن وشنطن: "تركز على تخفيف معاناة الشعب السوري بما في ذلك عملها لضمان الهزيمة الدائمة لتنظيم داعش من خلال الشراكة مع قوات سوريا الديمقراطية. ونحن ندعم الجهود الجارية للحفاظ على الاستقرار في المنطقة وضمان تعايش جميع شعوبها بسلام".

أكثر من مجرد اشتباكات محدودة

من جهته، قال الناشط الإعلامي من ريف دير الزور جاسم عليان، لـ "العربي الجديد"، إن ما يحدث في دير الزور "أبعد وأعمق من قضية إقالة قائد عسكري ضمن المجلس العسكري لـ(قوات سوريا الديمقراطية)، وهو يتعلق بالمشهد السوري العام وبمحاولة خلط الأوراق مرة أخرى لإطالة عمر الأزمة، أو المشكلة السورية، وعمر النظام في دمشق".

وأوضح عليان، في سياق حديثه عن الاشتباكات: "هناك تدخلات إيرانية ومن النظام وأطراف خارجية كثيرة في المسألة، وضمن هذا السياق كانت قسد في الواجهة من خلال إعلان حملتها على تنظيم داعش، لينكشف بعد ساعات أن الحملة لم تكن تستهدف التنظيم، بل الموالين لمجلس دير الزور العسكري وقادته وعائلاتهم، ثم توسع المشهد، وتسارعت الأحداث لتشمل كل دير الزور".

واعتبر الناشط الإعلامي أن "هذه الأحداث تمثل محاولة من هذه الأطراف، أي النظام السوري أو الإيرانيين أو أطرافًا من قسد، للحد من الاحتجاجات المدنية وعودة الشارع للتحرك في شرق الفرات عمومًا، وفي دير الزور خصوصًا، ضد النظام والسلطات المحلية، خصوصًا أن حراك دير الزور كان يحمل شعارات وطنية ولا يمكن رميه بتهم، اعتاد النظام إلصاقها بالمعارضين، مثل الانتماء إلى داعش وما شابه".

وربط عليان بين الاحتجاجات في دير الزور بالمشهد الاحتجاجي العام في سوريا، النشط من السويداء ودرعا إلى ريف دمشق والساحل السوري.

قال الناشط الإعلامي من ريف دير الزور جاسم عليان إن ما يحدث في دير الزور "أبعد وأعمق من قضية إقالة قائد عسكري ضمن المجلس العسكري، وهو يتعلق بالمشهد السوري العام وبمحاولة خلط الأوراق مرة أخرى لإطالة عمر الأزمة، أو المشكلة السورية، وعمر النظام في دمشق"

وأكد عليان، أن النظام يحاول استغلال هذه التطورات من أجل "التحشيد القومي والعنصري وضرب العشائر، والقوميات بعضها ببعض في شرق الفرات"، متوقعًا أن يتأزم الوضع أكثر إن لم تتراجع "قسد" عن قراراتها وتعالج الأمور بطرق أخرى.

وتكررت الاشتباكات عدة مرات في ريف دير الزور، بين العشائر العربية وقوات "قسد"، التي تجمع مصادر عدة على ممارستها لتجاوزات كبيرة بحق سكان المنطقة.