منذ إعلان الولايات المتحدة تزويد أوكرانيا بالذخائر العنقودية، تتزايد التهديدات الروسية بإدخال هذه الذخيرة في الحرب على أوكرانيا، على الرغم من الاتهامات الغربية والأوكرانية لروسيا باستعمالها في بداية الغزو، خاصة في مقاطعة خاركيف، بالإضافة إلى اتهام عدة منظمات حقوقية لأوكرانيا باستخدامها أيضًا.
اتهمت مصادر روسية لأول مرة، القوات الأوكرانية باستخدام الذخائر العنقودية
أول استخدام للذخائر العنقودية
وفي هذا الإطار، قالت وسائل إعلام روسية، إن القوات الأوكرانية قصفت بالذخائر العنقودية مدينة لوغانسك التي تسيطر عليها القوات الروسية.
ونقلت قناة "روسيا اليوم"، عن الضابط المتقاعد والمحلل العسكري أندريه ماروتشكو، قوله: إن "انفجارات كبيرة متزامنة وقعت جنوب غرب مدينة لوغانسك"، مرجحًا "استخدام صاروخ بعيد المدى مجهز برأس قتالي عنقودي"، لكنه أردف "لا يمكنني الجزم حاليًا وتحديد ما هو نوع الصاروخ الذي استخدمه الجيش الأوكراني"، واعتبر ماروتشكو، أن "القوات الأوكرانية استخدمت نوعًا جديدًا من الذخيرة خلال هذا الهجوم على لوغانسك".
وهذه المرة الأولى التي تتحدث فيها مصادر روسية عن قصف أوكراني بواسطة الذخائر العنقودية منذ إعلان الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، أنها قررت تزويد أوكرانيا بتلك الذخائر.
تهديد روسي
من جانبه، هدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، باستخدام قواته للذخائر العنقودية على جبهات القتال في أوكرانيا، في حال استخدمت القوات الأوكرانية هذه الذخائر. وقال بوتين، إن جيش بلاده يمتلك "مخزونًا كافيًا منها"، وإن موسكو تحتفظ بحق استخدامها.
جاء تصريح الرئيس الروسي، خلال مقابلة أجراها معه الصحفي في قناة "روسيا 1" بافل زاروبين، الذي نشرها عبر قناته على تليغرام، وتحدث بوتين عن أنه يوجد في "روسيا مخزون كافٍ من القنابل العنقودية المختلفة الأنواع"، وأضاف "حتى الآن لم نستخدمها، لم تكن هناك ضرورة لذلك، رغم أننا واجهنا نقصا معروفًا في الذخائر في وقت ما"، في إشارة إلى التبرير الذي قدمه الرئيس الأمريكي حول تزويد أوكرانيا بالذخائر العنقودية، بأنها تعاني من نقص في الذخائر لديها.
وكشف بوتين أن "الجيش الأوكراني يستعمل يوميًا ما يصل إلى 5 آلاف أو 6 آلاف قذيفة من عيار 155 ملم، والمعروف أن الولايات المتحدة تنتج 15 ألف قذيفة مماثلة كل شهر"، موضحًا أن الأمريكيين "ليس لديهم ما يكفي، وأوروبا أيضًا ليس لديها ما يكفي"، وتابع "لا شيء يقترحونه أفضل من استخدام ذخائر عنقودية".
وعن الهجوم الأوكراني المضاد، قال الرئيس الروسي إن الهجوم فشل، وقواته تنتقل من حالة الدفاع إلى الهجوم، حيث أنها تستولي على مواقع استراتيجية وهضبات.
وعند سؤاله عن المهام المستقبلية للقوات الروسية، أكد بوتين أنه سيتناول الأمر بالتفصيل، لكن بعيدًا عن كاميرات الإعلام.
وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، قد حذر الخميس، من أن بلاده قد تلجأ إلى استخدام الذخائر العنقودية حال استخدمتها أوكرانيا، وأضاف شويغو أن "روسيا تمتلك ذخائر عنقودية، لكنها امتنعت حتى الآن عن استخدامها في حملتها العسكرية".
وقال مسؤول أمريكي، يوم الجمعة: إن "الذخائر العنقودية دخلت سريعًا إلى أوكرانيا، لأنها كانت موجودة بالفعل في أوروبا".
بدورها، أكدت أوكرانيا وصول الذخائر العنقودية، لكنها تعهدت باستخدامها فقط في أماكن محددة، لاختراق دفاعات القوات الروسية.
وأكد المتحدث باسم منطقة "تافريا" العسكرية بجنوب أوكرانيا فاليري شيرشين، أن "الذخائر وصلت بعد أسبوع من إعلان الولايات المتحدة عزمها إرسالها في إطار حزمة مساعدات أمنية قيمتها 800 مليون دولار"، مشددًا على أن استعمالها "سيكون بدقة داخل الإطار القانوني لتحرير أراضينا"، وفق قوله.
إقرار بصعوبة الموقف الميداني
ميدانيًا، زار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قوات بلاده في مقاطعة زاباروجيا جنوبي البلاد، وقبلها تفقد قواته في عدد من محاور القتال في مقاطعة دونيتسك.
وفي كلمته الليلية اليومية المصورة، جدد زيلينسكي التعهد بتحرير كل الأراضي الأوكرانية التي تحتلها القوات الروسية، قائلًا: "دولتنا لن تتخلى عن سيادتها. وهذا واضح بالفعل للجميع في العالم. بغض النظر عن ماهية الإرهاب الروسي، نعلم أن الحرية الأوكرانية ستظل محفوظة، وستظل لتنتصر".
في غضون ذلك، أقرت نائبة وزير الدفاع الأوكراني آنا ماليار، بصعوبة الموقف على الأرض، ونشرت صباح اليوم الإثنين، في حسابها على تليغرام، آخر التطورات الميدانية، حيث قالت، إن القوات الأوكرانية في موقف دفاعي بخاركيف، حيث تتقدم القوات الروسية باتجاه كوبيانسك، وسط هجمات شرسة.
وأكدت ماليار أن "للعدو مهمتان": إعادة التمركز في المناطق التي احتلها، واجبار القوات الأوكرانية على نقل احتياطاتها إلى تلك المناطق من مواقع أخرى.
في حين صدت قوات بلادها الهجمات الروسية باتجاه ليمان، وتقدمت مسافة 7 كلومترات باتجاه باخموت.
ولفتت نائبة وزير الدفاع الأوكراني، إلى أن معارك "كر وفر" تجري على طول الجبهات، وخارطة السيطرة تتغير بشكل يومي.
وكشفت ماليار أن المساحة المحررة جراء الهجوم المضاد هذا الأسبوع هي: "18 كم، في حين أن إجمالي المساحة المحررة منذ بدأ الهجوم المضاد هي: 210 كم".
هجمات متبادلة
وشنت القوات الأوكرانية هجمات في مقطعات دونيتسك، وزاباروجيا، وخيرسون، حيث يجري الهجوم المضاد، لكن دون تحقيق تقدم لافت.
كما أعلنت هيئة الأركان الأوكرانية، أن قواتها قصفت تجمعات للقوات الروسية، ومخازن ذخيرة ومنظومات دفاع جوي خلال الساعات 24 الماضية.
وفي بيان، قالت إن "الجيش صد محاولات للقوات الروسية للتقدم على كافة الجبهات"، وأشار البيان إلى أن "عمليات القوات الروسية تركزت في مقاطعات دونيتسك، ولوغانسك، وخاركيف"، وشهدت ضواحي مدن ليمان، وباخموت، وأفدييفكا، ومارينكا، وكوبيانسك أعنف المعارك، حيث نفذت القوات الروسية 40 غارة جوية، وأطلقت 46 صاروخًا، من بينها صاروخان من نوع كروز، باتجاه الأراضي الأوكرانية خلال الساعات 24 الماضية، بحسب ما جاء في بيان هيئة الأركان الأوكرانية.
من جهتها، قالت الإدارة العسكرية في أوديسا، أن 4 صواريخ دفاع جوي من طراز "S-300"، أطلقت على خاركيف، انفجر صاروخان في الهواء، فيما سقط صاروخان آخران بالقرب من منطقة شيفتشينكيف في خاركيف.
وفيما يخص تطورات الهجوم المضاد، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أن القوات الأوكرانية خسرت "خُمُس أسلحتها في الأسبوعين الأولين من هجومها المضاد"، وأشار المسؤولون للصحيفة، إلى أن "خسائر الهجوم الأوكراني المضاد تراجعت بداية من الأسبوع الثالث"، بسبب تباطؤ الهجمات، حيث غيرت القوات الأوكرانية من تكتيكاتها، وركزت على إضعاف القوات الروسية، عبر قصفها بالمدفعية والصواريخ بعيدة المدى.
على الجانب الروسي، قال حاكم شبه جزيرة القرم الموالي لروسيا، إن حركة المرور توقفت على جسر القرم الذي يربط شبه الجزيرة بالأراضي الروسية بسبب أمر طارئ.
وذكر سيرغي أكسيونوف، أن "الحالة الطارئة تتعلق بإحدى دعامات الجسر من الجانب الواقع في مقاطعة كراسنودار" الروسية، ولم يذكر أكسيونوف، أي تفاصيل أخرى عن الأمر الطارئ الذي تسبب في إيقاف الحركة على الجسر.
وأفادت وسائل إعلام أوكرانية عن سماع دوي انفجارات قرب الجسر الذي يبلغ طوله 19 كم، في حين ذكرت قناة روسية على تليغرام مرتبطة بمجموعة "فاغنر" أن الجسر تعرض لهجومين.
هذا، وأعلن حاكم سيفاستوبول ميخائيل رازفوجايف، أن قوات الدفاع الجوي أحبطت هجوم أوكراني على مدينة سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم بـ 8 طائرات مُسيّرة وقاربين مسيرين تحت الماء، ولاحقًا أكدت السلطات الموالية لموسكو عودة حركة العبارات والسفن في ميناء سيفاستوبول على البحر الأسود إلى طبيعتها.
اعترف بيلاروسي
إلى ذلك، قال المتحدث باسم خدمة الحدود الأوكرانية، إن "المعلومات المتاحة تظهر أن بعض المقاتلين من مجموعات "فاغنر" تم رصدهم في بيلاروسيا.
أقرت نائبة وزير الدفاع الأوكراني آنا ماليار، بصعوبة الموقف على الأرض، مشيرةً إلى أن القوات الأوكرانية في موقف دفاعي بخاركيف
وجاءت هذه التصريحات بعد يوم من إعلان وزارة الدفاع البيلاروسية، أن مجموعة من "فاغنر" يدربون قواتها الأمنية، وقالت الوزارة إن عناصر "فاغنر" كانوا يوجهون أفراد قوة بيلاروسية محلية في قاعدة تدريب بالقرب من أسيبوفيتشي، على بعد حوالي 55 ميلًا من العاصمة مينسك.
