26-فبراير-2017

من مباراة المنتخب المصري في كأس أمم أفريقيا (إيسوف سانوغو/أ.ف.ب)

الخميس الماضي، تمكّن النادي الأهلي المصري من تحقيق فوز صعب على فريق وادي دجلة بنتيجة (1-0) ضمن مباريات الجولة 20 من بطولة الدوري المصري. شهدت المباراة كعادة الفرق المصرية مؤخرًا تكتلًا دفاعيًا من جانب وادي دجلة يقابله اعتماد أهلاوي على الكرات العرضية المتكررة وضربات الرأس، وظلّ التعادل مسيطرًا على اللقاء إلى أن نجح مهاجم الأهلي البديل عمرو جمال في الدقيقة 80 في الارتقاء فوق الجميع وتحويل عرضية التونسي نبيل معلول برأسه إلى الشباك.

تراجع رهيب في معدلات تهديف فرق الدوري المصري والذي وصل ذروته في الأسبوع الـ18 بحصيلة لم تتعد 10 أهداف في 8 مباريات

وبعيدًا عن مكاسب الأهلي من المباراة وحفاظه على صدارة ترتيب الدوري، ثمة سؤال يفرض نفسه على الساحة الكروية المصرية وتحوّل بفعل القلق والخوف إلى جرس إنذار يدق بمنتهى القوة والعنف، بعد أن تابع الجميع التراجع الرهيب في معدلات تهديف فرق الدوري والذي وصل ذروته في الأسبوع الـ18 بحصيلة لم تتعد 10 أهداف في 8 مباريات كاملة.

اقرأ/ي أيضًا: 5 دروس من ليلة عصام الحضري الأسطورية

ويكاد يتفق الجميع على أن أعراض المرض الذي ضرب الكرة المصرية مؤخرًا ظهرت هناك في الجابون، التي احتضنت بطولة كأس الأمم الأفريقية الأخيرة، وهي البطولة التي كشفت لأول مرة عن مرض الكرة المصرية ممثلة في المنتخب الوطني الأول، الذي برغم وصوله إلى المباراة النهائية أمام منتخب الكاميرون لم يتمكن سوى من تسجيل 4 أهداف في 5 مباريات في دور المجموعات ودوري ربع النهائي ونصف النهائي.

وكانت هذه هي المرة الأولى في تاريخ البطولة التي يتأهل فيها منتخبان للنهائي عبر تسجيلهما 4 أهداف فقط، كما أن قوة المنتخب المصري تراجعت كثيرًا في عهد المدير الفني الحالي الأرجنتيني هيكتور كوبر، ويكفي أن نشير إلى أن أهداف مصر في بطولة الجابون 2017، 5 أهداف، أقل بنسبة ثلثي أهداف مصر في نسختي غانا 2008 وأنجولا 2010، علمًا وأن الفراعنة تحت قيادة المدرب الوطني حسن شحاتة سجّلوا 15 هدفًا في كل بطولة منهما.

والحقيقة أن أغلب الخبراء والنقاد لم يتوقفوا أمام هذا التفصيل الرقمي والإحصائي الهام، مكتفين بالتأكيد على "واقعية" كوبر ومدرسته الدفاعية وأن الغاية تبرّر الوسيلة، في إشارة إلى أن المدرب الأرجنتيني حقق أكثر مما هو مطلوب منه بالتأهل لنهائي المونديال الأفريقي بعد غياب 3 دورات عن المشاركة وعلى حساب منتخب عملاق هو نيجيريا.

وفيما طالب البعض بالتماس العذر للمدرب الأرجنتيني لإصابة المنتخب بفيروس العقم الهجومي بعد إصابة رأسي الحربة مروان محسن وأحمد حسن كوكا، رد آخرون على هذا الادعاء بأنه مما يُحسب على هذا المدرب هو عدم استدعاء أكثر من مهاجم منذ البداية، وقيامه باستبعاد وتجاهل مهاجمين هدافين مثل باسم مرسي وأحمد الشيخ، الهداف الحالي للدوري، وحسام باولو، هداف الدوري المصري في آخر موسمين وقت أن كان لاعبًا في نادي سموحة، قبل انتقاله مؤخرًا إلى الزمالك.

هل أصيبت الكرة المصرية بفيروس العقم التهديفي؟

ولكن الأمر لم يتوقف عند حدود المنتخب الوطني، بل يبدو أن الفيروس جاء مع لاعبي المنتخب من الجابون ليضرب جسد الكرة المصرية كلها، وكانت البداية في لقاء السوبر المصري بين فريقي الأهلي والزمالك في العاصمة الإماراتية أبو ظبي والذي شهد حالة من الملل الكروي تسبّبت في صدمة الجماهير المترقبة لمباراة حماسية وجديرة بكلاسيكو الكرة المصرية.

انتقل العقم الهجومي من المنتخب المصري مع طريقة لعب كوبر إلى مباريات الدوري ولقاء الكلاسيكو بين الأهلي والزمالك

فاز الزمالك بركلات الترجيح بعد انتهاء الوقت الأصلي بالتعادل السلبي وكالعادة خرج من يلتمس العذر متحدثًا عن إجهاد لاعبي الفريقين الدوليين بعد البطولة الأفريقية (رغم أن عددهم لم يزد عن 5 لاعبين، ثلاثة من الأهلي ولاعبين من الزمالك). ثم انتظرت الجماهير قمة كروية أخرى جمعت بين الأهلي والإسماعيلي على ملعب السويس مع استئناف بطولة الدوري المحلي، وللمرة الثانية يُصاب الجميع بصدمة الأداء والنتيجة السلبية، لتمرّ أكثر من 180 دقيقة في مباراتي قمة دون أن تشهد الشباك هدفًا يتيمًا، ناهيك عن الأداء الأكثر سلبية من النتيجة، والذي لا يشفع معه الحديث عن خطط تكتيكية تميل للدفاع.

ورغم ذلك، ابتلع الجمهور الأمر بصمت ومن دون اقتناع، أملًا في تخييب ظنونهم وترقبوا عودة قوية لبطولة الدوري بعد توقف دام أكثر من شهر ونصف، خصوصًا أن الكثير من الأندية عزّزت صفوفها بصفقات جديدة في الميركاتو الشتوي. ولكن جاءت الصدمة الثالثة مع مباريات الأسبوع الثامن عشر بتسجيل معدل تهديفي وصل إلى هدف واحد لكل 72 دقيقة، حيث شهد الأسبوع إقامة 8 مباريات سُجّل خلالها 10 أهداف فقط، علمًا وأن الأسبوع الأول من الدوري شهد تسجيل 21 هدفًا، أي بزيادة قدرها 100%. ولكن الأغرب أن 5 مباريات من الثمانية انتهت بالتعادل، منها 3 تعادلات سلبية، أي أن 270 دقيقة مرت دون أن تهتز الشباك، وانتهت مباراتان بالتعادل 1-1.

ولسخرية القدر، أنه في اليوم ذاته الذي كانت مباريات الدوري المصري تعاني حالة من الجفاف التهديفي، كانت الجماهير تتابع متعة أخرى بكثير من الأسى، حيث الغزارة التهديفية في مباريات الدور ثمن النهائي من بطولة دوري أبطال أوروبا، وكيف أن الشباك اهتزت 15 مرة في 4 مباريات فقط (هذا الأسبوع شهد تسجيل 19 هدفًا في 4 مباريات أخرى) وكيف أن اللعب المفتوح والندية الهجومية يصبحان وسيلة لإخراج مباراة غاية في المتعة مثل مباراة مانشستر سيتي وموناكو التي انتهت بنتيجة 5-3 لصالح الفريق الإنجليزي.

اقرأ/ي أيضًا: مصر تفك عقدة 31 سنة.. وتعبر المغرب بتبديل كوبر

الأفارقة هم الحلّ؟

يرى متابعون أن الكرة المصرية باتت تفتقد إلى وجود مهاجمين من الطراز الأول، وهو ما دفع الأندية للعب دون رأس حربة صريح

يرى متابعون أن الكرة المصرية باتت تفتقد إلى وجود مهاجمين من الطراز الأول، وهو ما دفع الأندية للعب دون رأس حربة صريح والاعتماد بشكل كبير على لاعبي الوسط أصحاب النزعات الهجومية، وهو الأمر الذي طبّقه مدرب المنتخب كوبر بالاعتماد على الجناحين محمد صلاح ومحمود تريزيجيه وفي الوسط بينهما عبد الله السعيد ومحمود عبد المنعم كهربا، وكان ثلاثة منهم أصحاب أهداف الفوز في بطولة الجابون.

الأمر ذاته كان طبّقه من قبل حسام البدري مدرب الأهلي، وهو ما يفسّر لنا تصدر ثلاثي وسط الأهلي، عبد الله السعيد، مؤمن زكريا، وليد سليمان، لقائمة هدافي الفريق في كل البطولات المحلية والأفريقية برغم توفر الأهلي على 4 مهاجمين صريحين هم عمرو جمال ومروان محسن وعماد متعب وجونيور آجاي.

لذا ليس غريبًا على الإطلاق أن نرى قائمة هدافي الدور الحالي وقد تصدّرها محترف أفريقي وهو اللاعب الغاني نانا بوكو، مهاجم مصر المقاصة، برصيد 9 أهداف، ولكنه لم يتمكن من زيادة رصيده التهديفي نظرًا لانتقاله إلى الشباب الإماراتي في فترة الانتقالات الماضية، ومن بعده يأتي مهاجم الاتحاد السكندري الكونغولي كابونغو كاسونغو برصيد 8 أهداف، ولا يوجد سوى لاعب مصري وحيد يتفوق على اللاعبين الأفريقيين هو أحمد الشيخ، مهاجم وهدّاف فريق مصر المقاصة برصيد 11 هدفًا، وهو ما يُنذر بعودة الأفارقة للفوز بلقب هدّاف الدوري، الذي احتكره حسام باولو في آخر موسمين.

اقرأ/ي أيضًا: 

الكاميرون على عرش أفريقيا للمرة الخامسة

أمم أفريقيا.. كيف يتأهل العرب إلى دور الـ 8؟