27-يناير-2023
gettyimages

حصار الإقليم مستمر منذ الشهر الأخير في العام الماضي (Getty)

تتزايد نُذُر عودة التوتر بين أذربيجان وأرمينيا بعد خفوت حدّتها خلال الأسابيع القليلة الماضية، فقد اتهمت يريفان أذربيجان باتباع سياسة تطهير عرقي ضد الأرمن في إقليم ناغورنو كاراباخ المتنازع عليه بين البلدين لإجبارهم على مغادرة الإقليم، وهي اتهامات نفاها الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف.

تتزايد نُذُر عودة التوتر بين أذربيجان وأرمينيا بعد خفوت حدّتها خلال الأسابيع القليلة الماضية، فقد اتهمت يريفان أذربيجان باتباع سياسة تطهير عرقي ضد الأرمن في إقليم ناغورنو كاراباخ

ومردّ الاتهامات الأخيرة التي يخشى أن تؤدي إلى تصعيد عسكري هو قيام مجموعات من أذربيجان، منذ 12 كانون الأول/ديسمبر الماضي، بإغلاق  ممر لاتشين الذي يعد الطريق الوحيد المؤدي إلى كاراباخ من أرمينيا، احتجاجًا على ما يصفونها بـ"عمليات تعدين غير قانونية تحدث أضرارًا بيئية"، بحسب وكالة فرانس برس.

وأدّى إغلاق الطريق، حسب مصادر إعلامية دولية، إلى شحٍ في إمدادات الغذاء والدواء والوقود، مع الإشارة إلى أن منطقة ناغورنو كاراباخ منطقة جبلية وعرة وتضم حوالي 120 ألف نسمة.

ومع استمرار هذا الوضع، اتّهم رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان الحكومة الأذربيجانية في باكو أمس الخميس بممارسة "ضغوط اقتصادية ونفسية لدفع الأرمن للخروج الجماعي من كاراباخ"، قائلًا خلال اجتماع عقدته الحكومة الأرمنية في يريفان "هذه سياسة تطهير عرقي"، مشيرًا في كلمته إلى أن "دور حضانة الأطفال والمدارس والجامعات ما زالت مغلقة في كاراباخ جرّاء الحصار مع حرمان آلاف الطلبة من حقهم الأساسي في التعليم".

getty

في المقابل رفضت باكو اتهامات يريفان، وفي هذا الصدد اعتبر الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف أن الاتهامات التي وجهها نظيره نيكول باشينيان "لا أساس لها من الصحة"، واصفًا إياها  "بأنها زائفة وسخيفة"، وفق توصيفه.

وأضاف الرئيس الأذربيجاني أن "عناصر حفظ السلام الروس والصليب الأحمر ضمنوا إيصال الاحتياجات اللازمة للمدنيين في كاراباخ"، وتوجّه علييف بتصريح للسفير الفرنسي الجديد في باكو أكّد فيه أنّ "آلاف السيارات المدنية دخلت وغادرت كاراباخ منذ 12 كانون الأول/ديسمبر 2022"، نافيًا تهمة حصار الأرمن في الإقليم الجبلي.

يشار إلى أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، حضّ الإثنين الماضي الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف على "إعادة فتح ممر لاتشين"، وفي ذات السياق قام الاتحاد الأوروبي في اليوم ذاته بتشكيل بعثة من أجل المساعدة على مراقبة الحدود بين أرمينيا وأذربيجان.

getty

وتعود جذور الصراع بين أرمينيا وأذربيجان على إقليم ناغورنو كاراباخ إلى عام 1991، عندما أعلن انفصاليون أرمن في كاراباخ الاستقلال عن أذربيجان، ليندلع نزاع دموي بين البلدين تسبب حينها في مقتل حوالى 30 ألف شخص، بحسب الإحصائيات المتداولة.

وتجدد النزاع آخر مرة في عام 2020 حاصدًا أكثر من 6500 شخص، وعلى إثر وساطة روسية توصلت باكو ويريفان إلى هدنة في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 "تخلت أرمينيا بموجبها عن أراض كانت خاضعة لسيطرتها منذ عقود".

وقضى الاتفاق الذي قاد إلى الهدنة  إلى موافقة الطرفين أيضا على"نشر نحو 2000 عنصر من قوات حفظ سلام روسية في المنطقة، و البدء  بالتفاوض على ترسيم الحدود".

وعزّز الطرفان هذا التوجه في أيار/مايو 2022 عندما وجها "تعليمات إلى وزارتي خارجيتي البلدين لبدء الاستعدادات لمحادثات السلام بين يريفان وباكو"، رغم أن نهاية العام الماضي شهدت عودةً للاشتباكات.

ماذا يحدث الآن؟

ترجح تقديرات أن التحرك الأذربيجاني يعود إلى وصول رجل الأعمال الروسي الأرمني روبين فاردانيان إلى ناغورنو كاراباخ، الذي تخلى في أيلول/ سبتمبر عن جنسيته الروسية وتم تنصيبه الآن كرئيس وزراء للأراضي المأهولة بالأرمن. وينظر إلى أن وصول فاردانيان باعتباره تطورًا مثيرًا للجدل في الإقليم، حتى في الأوساط الأرمنية، وأجندته غير واضحة حتى الآن، فيما تعتقد أذربيجان أن وصوله حصل لخدمة مصالح موسكو في المنطقة.

getty

وترى التحليلات، أن قضية البيئة، هي ذريعة من قبل الحكومة الأذربيجانية، من أجل الحصول على المزيد من التنازلات من قبل أرمينيا في المنطقة، خاصةً أن هذه الاحتجاجات منظمة ويرجح أنها تحصل على دعم حكومي.

أمّا عن إمكانية الحرب، فهي واردة لدى أذربيجان من أجل السيطرة الكاملة على ما تبقى من كاراباخ. كما أن أرمينيا قد تتجه إليها من أجل فتح ممر لاتشين واستعادة ما فقدته عام 2020. ورغم التوتر الفعلي على الأرض إلى أن احتمالات الحرب تبقى بعيدةً في هذه الأيام.

ترجح تقديرات أن التحرك الأذربيجاني يعود إلى وصول رجل الأعمال الروسي الأرمني روبين فاردانيان إلى ناغورنو كاراباخ، الذي تخلى في أيلول/ سبتمبر عن جنسيته الروسية وتم تنصيبه الآن كرئيس وزراء للأراضي المأهولة بالأرمن

أرمينيا ليست في وضع يسمح لها بخوض الحرب، خاصةً مع إمكانية أن تخسر المزيد من الأراضي. كما أن أذربيجان لن تبحث عن حرب واسعة النطاق، نظرًا لأن الاستراتيجية التي تتبعها في المناطق التي سيطرت عليها تقوم على السلام، حيث يتم ضخ مليارات اليوروهات في تطوير هذه المناطق ويتم إعداد السكان النازحين للعودة، وانطلاق حرب أخرى سيهدد هذه الجهود بشكلٍ خطير. لكن ونظرًا لانشغال روسيا في أوكرانيا، ومع توجه تركيا لإعادة العلاقة مع أرمينيا، قد تسعى أذربيجان إلى فرض المزيد من التنازلات ومحاولة الحصول على المزيد من المكتسبات في هذه الفترة التي يبدو فيها ذلك ممكنًا.