26-يوليو-2020

اعتبر أردنيون ما يقوم به الإعلام الإماراتي تدخلًا في شؤونهم المحلية (Getty)

التراصوت- فريق التحرير

استيقظ الشارع الأردني صبيحة يوم السبت 26 تموز/يوليو الجاري على وقع أخبار اعتقالات طالت عددًا من المعلمين النقابيين وإغلاق المقر الرئيسي لنقابتهم وفروعها في المملكة ووقفها عن العمل لمدة سنتين. أتى هذا التحرك المفاجئ بالاعتماد على قرار من النيابة العامة الأردنية يقضي بكف يد أعضاء مجلس نقابة المعلمين وأعضاء الهيئة المركزية للنقابة، وإصدار مذكرات إحضار بحق أعضاء مجلس النقابة لعرضهم على المدعي العام على خلفية قضايا تحقيقية، بخصوص ما وصفته النيابة العامة بأنه "تجاوزات مالية" و"إجراءات تحريضية".

 نشطت وسائل إعلام وحسابات إماراتية وسعودية مؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي لمباركة الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة الأردنية ضد نقابة المعلمين

 يأتي ذلك كلّه بعد جولة من التصعيد المتبادل بين الحكومة الأردنية ونقابة المعلمين امتدت نحو عام تقريبًا، ضمن أزمة بلغت ذروتها في إضراب أيلول/سبتمبر 2019 بعد تعنّت الحكومة في التعامل مع مطالب النقابة ومنتسبيها بتحسين ظروفهم ومعاشاتهم وإقرار علاوة تصل إلى 50 بالمئة على رواتبهم الأساسية. وقد كان إضراب المعلمين الأردنيين هو الأطول في تاريخ المملكة، وقد انتهى لصالح المعلمين نظريًا، بموافقة الحكومة على منحهم جزءًا مهمًا من مطالباتهم المتعلقة بتحسين المستوى المعيشي، مع والاعتذار على لسان رئيس الحكومة عمر الرزاز عن الإساءات التي تعرضوا لها وأي حدث "انتقص من كرامتهم"، بالإشارة حينها إلى التعامل العنيف من قبل الأجهزة الأمنية مع الوقفات الاحتجاجية للمعلمين والمعلمات في العاصمة الأردنية والمحافظات.

اقرأ/ي أيضًا: بعد إغلاق نقابة المعلمين في الأردن.. حملة تضامن واسعة على السوشال ميديا

إغلاق نقابة المعلمين واعتقال أعضاء مجلسها أثار موجة من ردود الفعل الغاضبة محليًا وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، إذ ما يزال يتصدّر هاشتاغ #مع_المعلّم في الأردن، بالعديد من التغريدات التي اتّهمت الحكومة بافتعال التأزيم مع النقابة التي تعدّ أكبر جسم نقابي منتخب في الأردن، والمس بكرامة المعلمين. بينما أكّد نشطاء وحقوقيون أردنيون عن انتهاك إجراءات إغلاق النقابة واعتقال أعضائها للقوانين السارية واعتبروا ما جرى تذكيرًا بحقبة الأحكام العرفية في البلاد.

 

وسائل إعلام إماراتية ترحّب بالخطوة

في خضمّ هذه الأزمة المحليّة بين الحكومة ونقابة المعلمين، نشطت وسائل إعلام وحسابات إماراتية وسعودية مؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي لمباركة الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة الأردنية ضدّ هيئة نقابية منتخبة، واتهام النقابة بالسيطرة عليها من قبل أجندات "إخوانية"، وتصوير الانقلاب الحكومي على النقابة وكفّ يد أعضائها عنها وكأنه سيطرة على مجموعة مارقة من المجرمين أو الإرهابيين.

يعود هذا الاهتمام من وسائل إعلام إماراتية وسعودية إلى العام الماضي، إبان إضراب المعلمين الأردنيين واعتصامهم لتحصيل مطالبات حقوقية عمالية من الحكومة. على سبيل المثال، دأبت صحيفة "الإندبندنت عربية" التي تشير تقارير إلى علاقتها الوثيقة بالسعودية والإمارات، منذ بداية الأزمة على التجييش ضد النقابة واتهامها بتحويل العاصمة الأردنيّة عمّان إلى "ثكنة عسكرية" بحسب أحد التقارير التي نُشرت في 5 أيلول/سبتمبر 2019.

وقبل يومين من إقدام السلطات الأمنية على إغلاق النقابة واعتقال أعضاء مجلسها، نشر الموقع نفسه في 23 تموز/يوليو مقالًا يتحدث نقلًا عن "مصادر" بأن الحكومة الأردنية تضع على رأس أولوياتها حل نقابة المعلمين في حال استمرارها في التصعيد بشأن مطالباتهم بالعلاوات المستحقة المتفق عليها مع الحكومة، مع التأكيد داخل التقرير على "السيطرة الإخوانية" على النقابة ورغبة الحكومة في "تقليم أظافر" الجماعة على حدّ تعبير التقرير.

حسابات إماراتية أخرى انضمّت إلى حالة التجييش ضد نقابة المعلمين في أزمتها مع الحكومة الأردنية، وكان حساب موقع "العين الإخبارية" الإماراتي من أبرز المتصدّرين لهذه الهجمة. الموقع يتخذ موقفًا واضحًا من الإخوان المسلمين باعتبارهم "تنظيمًا إرهابيًا"، إذ كان من أبرز المتحمسين لتغطية أخبار حلّ جماعة الإخوان المسلمين بشكل نهائي في الأردن، فيما حرص حسابه على تويتر على تغطية المعركة الحكومية الجديدة ضدّ النقابة عبر تصدير هاشتاغ #نقابة_المعلمين  ونشر مقالات عديدة عن "تنظيم" الإخوان في الأردن في مجموعة من المقالات التي نشرت تباعًا يوم السبت.

كما يلاحظ المتابع نشاطًا من حسابات شخصية عامة إماراتية وسعودية، حاولت تصدير هاشتاغ #مع_الوطن لنشر محتوى ضدّ المعلمين تتهمهم بزعزعة الاستقرار في الأردن، بينما كان العديد من هذه الحسابات التي صدّرت هذا المحتوى قد أنشئت في شهر تموز/يوليو 2020 أو حزيران/يونيو 2020، ما قد يدلّ على أنّ ثمة حملة منسّقة حاولت تضليل الرأي العام الأردني بشأن الخطوة التصعيدية التي أقدمت عليها الحكومة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وقد انتقد الأردنيون على وسائل التواصل الاجتماعي هذه الحملة المشتركة ضدّ نقابة المعلمين والداعية لمزيد من التصعيد ضدّها، واعتبرها ناشطون أردنيون تدخلًا مرفوضًا في الشأن المحلي الأردني. 

 

 

وتشير تقارير متنوعة إلى مساعٍ إماراتية على نطاق واسع للتدخل في شؤون داخلية لدول عربية عدة، من خلال دعم أحزاب سياسية أو جماعات عسكرية، أو القيام بحملات إعلامية تستغل أزمات بعينها، وتستهدف شخصيات فاعلة في الشأن العالم في تونس وليبيا واليمن وغيرها. فيما تكشف تقارير أخرى عن استغلال السلطات الإماراتية لمنصات التواصل الاجتماعي، وخصوصًا تويتر، لترويج حملات دعائية، بالاستعانة بحسابات آلية، استطاع "تويتر" حظر جزء منها.

بينما كشف تحقيق لموقع ديلي بيست الأمريكي، مطلع الشهر الجاري، عن وجود شبكة من الشخصيات الوهمية عرّفوا عن أنفسهم بأنهم صحفيون وخبراء ومستشارون سياسيون، قاموا بنشر عشرات مقالات الرأي في وسائل إعلام عالمية في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول، تدافع عن دور الإمارات وحلفائها، وتسعى لتحسين صورتها بين الأوساط الأمريكية، في مقابل مهاجمتهم لخصومها السياسيين في المنطقة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

شاهد.. مناشدات عاجلة لإطلاق سراح أردنيين تحتجزهم الإمارات منذ 2015