12-مايو-2020

فرانشيسكا بيلينو

لا يوجد ما هو أصعب من الكتابة داخل حيّز تتشاطره أكثر من ثقافة. حقلُ ألغامٍ هو، على الكاتب فيه أن يتسم بخفة بهلوان وحذر ثعلب، أي خطوة، أي كلمة، أو صوت ناشز يتحول إلى انفجار بئر ألم. والآلام لا تنضب، تتناسل من بعضها البعض، فيما الأدب في غنى تام عن الخوض في القرح الدامية. هذه الكلمات كانت أول ما اختلج خاطري وأنا أقلب صفحات رواية "على قرن الكركدن" لصاحبتها الكاتبة الإيطالية فرانشيسكا بيلينو، الصادرة في مبادرة "الكتاب المجاني" التي أطلقها موقع ألترا صوت، بالتعاون مع منشورات المتوسط ومنصة أبجد.

تبدأ الرواية من رحلة شابة إيطالية إلى تونس قبيل هروب رئيس البلاد السابق، المخلوع زين العابدين بن علي، وتمتد على طول السفر من العاصمة إلى القيروان تلك المسافة التي توقظ في نفس صاحبتنا ذكريات عديدة تتأرجح بين شمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط، بين البدل المغاربي والعاصمة الأوروبية، يتجلى الهدف في الحقيقة واحدًا: لحاق جنازة صديقتها التونسية مريم. بهذا الكيف تنسج كاتبة الرواية حبكتها، أي بشخصيتين تنتميان إلى ضفتي المتوسط المتباعدة، تجمع بينهما محبة رغمًا عن الاختلاف الثقافي.

إذًا ليس من العجب الآن إفشاء ما اختلجني من تخوّف، أنا القارئ العربي، الذي أكتشف نفسي عبر رواية بيلينو في مرآة مستفزة، حيث صوت واحد يرِن وخطابٌ واحدُ يصمُّ أذني، هو ذاك الذي يبتغي مني، ربما، النطق بالجملة ذاتها التي نطقت بها مريَمُ التونسية في الرواية: "عليّ أن أتعلم العيش مع كلبة، هكذا أصبح إيطالية أكثرَ!".

غلاف الرواية

فيما الحكمُ هو موازنة بين قولين، والنص في نهاية الأمر اختيارات صاحبه، نستضيف صاحبة النص الكاتبة الإيطالية فرانشيسكا بيلينو في مقابلة صحفية، تتحدث من خلالها عن سرّ اهتمامها بالضفة الجنوبية من البحر الأبيض المتوسط، عن الكتابة في مساحات التقاطعات الثقافية، وعن ما استفز القارئ العربي روايتها ترد بتصورها لضرورة التلاقي الثقافي الذي طبع حوض بحرنا منذ القدم.

فرانشيسكا بيلينو صحفية إيطالية، إضافة لكونها كاتبة روائية. من مؤلفتها رواية "بادئة الله" (2008)، "نظرة إلى البعيد" (2010) و"ملح" (2013)، كما أصدرت كتابين عن المغني الإيطالي لوتشو باتيستي. وتوّجت بجوائز أدبية عديدة منها جائزة "لو كوستا دامالفي ليبري" سنة 2014، وفي سنة 2015 حازت على جائزة "لو ماريا تيريزا دي ليفز" الوطنية وجائزة "براتا"، ثمَّ في 2016 جائزة "مارزاني".

  • ما سر اهتمام فرانشيسكا بيلينو بالضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط؟ وماذا تمثل هذه الضفة عند كاتبة من إيطاليا؟

كان انجذابي للضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، في بادئ الأمر، بشكل لا واعٍ. وبعد مرور الوقت، اتضحت لدي أسباب هذا الانجذاب. أولها كون المتوسط ينتمي إلى داخلي، أنا التي ولدت بمدينة ساليمو على ضفته الشمالية، وترعرعت على أنني قطعة منه في وسعه و شموليته، ودون أدنى تجربة لأي فرق يذكر بين شماله وجنوبه. الأمر الذي تأكد إثر ذاك، بعد كل الدراسات التي خضتها والبحث في شعوبه، اكتشفت أكثر ذلك القاسم الهوياتي والتاريخي المشترك بين كل هؤلاء المتحلقين في عيشهم حول هذا المجال المائي، الذي أفضل تسميته باصطلاحه اللاتيني "mare nostrum" (تجمتها الحرفية: بحرنا)، هذا قذف بالموضوع في قلبي فتعمقت بذات الشكل إلى قلبه.

فرانشيسكا بيلينو: اختياري تونس وإيطاليا على وجه الخصوص لأنهما بلدان تربطهما حلقة أزلية من الهجرات المتبادلة

مع الأسف لا وجود لتقليد أدبي في إيطاليا يعنى بقضايا المتوسط، ويطرحها بمعناها الواسع. وهدفي هو إقحام هذه النظرة الشمولية في نصي، ودائمًا عبر طرح رؤى ثنائية لهذه القضايا؛ واحدة من الشمال نحو الجنوب، والثانية عكسها أي نظرة شعوب الجنوب نحو الضفة الشمالية. كذلك أجد أن البحر الأبيض المتوسط يعبر تمامًا عن حالتي الذهنية: مساحة واسعة تعبرها أصوات متعددة، وحركة كبيرة للوجوه والأفكار تنساب عبره، تمتزج، وتعاد ولادتها من جديد.

  • لماذا اختيار تونس بالذات؟

اختياري تونس وإيطاليا على وجه الخصوص لأنهما بلدان تربطهما حلقة أزلية من الهجرات المتبادلة، والتبادلات التجارية والثقافية العريقة. وبالتالي، أحسست باستعجالية طرح هذه القصة ومعالجتها بأداة الأدب، ردًّا للاعتبار إلى حوض البحر الأبيض المتوسط ولأبطاله بين اليوم والأمس

اقرأ/ي أيضًا: حوار | رشا الديب.. لماذا علينا أن نكون أبطال حكايتنا؟

أكثر من ذلك، أردت أن أحكي قصة تونس بلسان الأدب الإيطالي، تونس التي عرفتها قبل الثورة متعبة، جريحة ومقموعة، والتي أظهرت للعالم قدرتها على التحول وإرادتها لتحقيق الديموقراطية. ولطالما أذهلتني قوة وشجاعة وعزيمة التونسيين. بالإضافة إلى عزمي على إبراز الخصائص المتشابهة بين ثقافة الشعبين، الإيطالي والتونسي، خصوصًا جنوب إيطاليا والأثر الذي تركته الثقافة التونسية هناك، وأثر الإيطاليين الذين عاشوا في تونس أيام الاحتلال الفرنسي للبلاد.

  • تعرّف جمهور القراء العرب مؤخرًا على روايتك المعنونة بـ"على قرن الكركدن"، في إصدار عربي ضمن مبادرة "الكتاب المجاني" التي أطلقها موقع ألترا صوت بالتعاون مع منشورات المتوسط ومنصة أبجد. حبذا لو تطلعينا قليلًا عن سياق كتابتها.

بدأت في كتابة "على قرن الكركدن" سنة 2009. الدافع البدئي كان كتابة قصة تدور مجرياتها بين إيطاليا وتونس. الشخصيات ولدت أولًا، ماري ومريم، سيدة إيطالية وأخرى تونسية واللتان سيلتقيان في روما وتنشأ بينهما صداقة وطيدة. هاتان الشخصيتان المختلفتان تمامًا عن بعضهما البعض، ستعيشان زخم هذا اللقاء المحتوم وتتعلمان عبر الاختلافات.

بعد اندلاع الثورة التونسية سنة 2011، وما تلاها من هروب للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، اخترت تدعيم "الثورة الداخلية" التي قامت بها الشخصيتان الرئيسيتان للرواية، ونفسيتهما الثائرة، بذلك السياق التاريخي الموضوعي الذي كانت تعرفه البلاد ككل، وهكذا خُطت أطوار جزء من القصة بتاريخ 15 كانون الثاني/يناير 2011، أي عقب هروب بن علي. هو كذلك خيار اتخذته للتأكيد على تيمة البدايات والحيوات الجديدة التي تعيشها الشخصيتان في سباقهما نحو الحرية، بما هو نفس السباق وهي نفس البدايات التي كان الشعب التونسي يخوضها في ذلك الآن. فيما القصة ككل تدور أحداثها في مرآة حياة امرأتين، حكاياتيهما الفردية وحكايات مواطنهما الأصلية. كذلك أردت الإشارة إلى مشكلة رفض التعددية الثقافية التي تتفشى في المجتمع الإيطالي.

فرانشيسكا بيلينو: أردت أن أحكي قصة تونس بلسان الأدب الإيطالي، تونس التي عرفتها قبل الثورة متعبة، جريحة ومقموعة

  • سنتطرق لاحقًا إلى ارتباط النص بسياقه الإيطالي، لكن قبل ذلك دعيني أسألك عن ما المقصود بالعتبة العنوانية التي سميت بها نصك؟

جاءت ولادة عنوان "فوق قرن الكركدن" مع فكرة الإشارة إلى الفرار من الدكتاتورية داخل النص. فالكركدن، تاريخيًا، يحيل على الدكتاتور في مفهومه العام، ذلك الوحش الذي يعيش بين أبطال القصة والقادر على التحكم في حركاتهم والتلاعب بهم. هذه القدرة التي تتجسد في شخصية زوج أم مريم، صلاح، وكذلك بن علي الذي دأب التونسيون على لمزه بـ"الكركدن".

اقرأ/ي أيضًا: حوار| سعيد ناشيد: نعيش في عالم غير آمن

  • في نفس سياق التأثر بالأحداث السياسية، نشر نصك سنة 2014، أي في مرحلة كانت فيها إيطاليا في أوج الأزمة الاقتصادية، وبداية تصاعد تيّار "Noi con Salvini" الذي سيشكل بعدها أحد الحكومات الإيطالية الأكثر عداءًا للمهاجرين. إلى أي مدى أثر هذا الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الإيطالي في نص الرواية؟

الهجرة هي أحد المواضيع الرئيسية التي تطرحها الرواية. أولًا وقبل كل شيء، لأن شخصية مريم مهاجرة، وتسمي نفسها "مهاجرة الحب" بما أنها انتقلت إلى العيش في روما لحاقًا بخطيبها السّابق. عبر هذه الشخصية أحاول كسر العديد من الآراء النمطية السائدة حول القضية، وأسلط الضوء على الوجود الذي تم إغفاله لإمكانية الهجرة من أجل الحب، والذي يسجل أرقامًا كبيرة حول العالم. في القسم الثاني من الرواية، الذي يجري في روما، سلطت الضوء كذلك على موجة الهجرة الأولى نحو إيطاليا التي أعقبت الثورة التونسية.

  • لكن داخلَ النص، ومنذ بدايته، قد يستفز القارئ العربي الأحكام السلبية التي تنهال بها ماري، بطلة الرواية، على الفضاء في تونس وشخصياته، ماذا يمثلُ رأي ماري هذا عند كاتبتها؟

صحيح، خطاب شخصية ماري حمل الكثير من التعصب والأحكام السلبية تجاه كل ما هو غريب عنها. وعبر رحلتها إلى تونس اكتشفت، وبالرغم من درستها الأنثروبولوجيا وأسفارها الكثيرة، أنها ضحية "صدمة ثقافية" إزاء عادات وتقاليد عائلة صديقتها. ماري هي تعبير عن ما ندعوه بـ"الشخصة الإيطالية العادية"، أي هؤلاء الذين يدعون بنفاق أنفسهم معادين للعنصرية، محبين للتعددية الثقافية ومتعاطفين مع المهاجرين، لكن لا يزالون في الحقيقة يحملون نظرة قدحية إلى العالم الإسلامي. بالتالي لا علاقة لآراء ماري بآرائي في ما يخص الهجرة، بل كانت صوتًا سلطت به الضوء على العادات السيئة والرهاب الذي يكتنف الإيطاليين تجاه هذا الموضوع، وكذلك كي أسلط الضوء على الجهود التي يجب أن تبذل لتحقيق التلاقي الثقافي.

  • يتأرجح خيط السرد في رواية "على قرن الكركدن" بين أربع مستويات من الزمن وجغرافيتين: إيطاليا وتونس في ماضي وحاضر الرواية. وظل يتنقل عبر هذه المستويات عبر تقنية الـ "فلاش باك" ما سر هذا الاختيار السردي؟

تقنية الـ "فلاش باك" مكنتني من سرد أكثر من حدث داخل القصة وجعلها أكثر جاذبية، ومن دون شك هذا الاستعمال يعود لتأثري بلغة السينما. ستصل ماري للمرة الثانية إلى تونس يوم الـ 15 كانون الثاني/يناير 2011، هذا هو حاضر الرواية. وخلال رحلتها على متن التاكسي، من العاصمة إلى القيروان، تستحضر ذكريات زيارتها الأولى للبلاد وحياتها مع مريم في روما. في نهاية الكتاب، ستة أشهر بعد رحيل بن علي، نعود إلى حاضر جديد للرواية، وفي روما هذه المرة، ليفاجأ القارئ بحدث لم يتوقعه عبر الفصول السابقة.

  • عودة إلى الحديث عن الأمور المستفزة في نصك. نلاحظُ أن هناك صوتًا مركزيًا واحدًا يحتكر النطق دخل الرواية، هو صوت شخصية ماري: الشابة الإيطالية المتعلمة، الحاصلة على دكتوراه في علم الأنثروبولوجيا وشغوفة بالمقابل بالشاكرات التي تدخل ضمن خانة العلوم الزائفة، وتحب كل ما هو غريب وتقذعه في نفس الوقت بوابل من التذمّر. فيما كل الشخصيات الأخرى موضوعات فقط لنظرة ماري المتذمرة تلك، فعلى سبيل المثال أحبت مريم التونسية لكن ذلك الحب كان دائمًا مشروطًا بمدى استجابة مريم لنمط العيش الإيطالي، وأحبت الأشخاص الملونين فقط عندما كانوا متجمهرين لتعلم الإيطالية. أهذا ما تحيلنا عليه فرانشيسكا بيلينو: أي أن للعالم مركز أوروبي هو من يحدد معايير الحضارة انطلاقًا من ذاته، كما أن للرواية مركز واحد هو ماري؟

مطلقًا لا ! ماري لا تمثل أيّ معيار، بل بالعكس هي تبحث عن معيارية جديدة لقراءة العالم الجديد، ذلك الذي يتفتح أمام عينيها. بفضل لقائها بمريم اكتشفت كيف تطور وتجرب ولادة جديدة بطيئة، وعودة جديدة إلى الحياة. أكثر من جلك، فالقارئ يسمع صوت مريم الحاضر عبر رسائلها. وبالتالي فماري لا تحتكر الخطاب، هي فقط صوت الراوي داخل القصة. إضافة إلى الشخصيات المذكرة لهادي وفاروق، اللذين أيضا يعبّران عن وجهات نظرهما.

فرانشيسكا بيلينو: بعض مواقف شخصية ماري كان الهدف منها فقط فضح الاستعلاء الأوروبي تجاه الشعوب الأخرى.

فيما أظن أن خطاب ماري المشبع بالمركزية الأوروبية هو ما لفت نظر القارئ العربي، وذلك كان مقصودًا، للتأكيد على محدودية كونك من أوروبا الغربية، وأن تكبر وأنت تنظر للعالم عبر زجاج المركزية الأوروبية، وترى في الشعوب التي تسكن الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط بتعال وعجرفة. مع الأسف هذه النظرة لا تزال متفشية في إيطالية، ولا تزال تمثّل عائقًا أمام التعايش بين شعوب مختلفة الثقافات، وتمنعنا من قبول واقع المجتمع التعددي الذي تركب في إيطاليا طوال العقدين السابقين، ولا قبول للتاريخنا المشترك كإيطاليين مع باقي شعوب البحر الأبيض المتوسط.

  • هناك تناقضات أخرى مستفزة، فقبل أيام كتبت الجريدة الإيطالية "Affari Italiani" منتقدة الوزن الزائد لوزيرة الصحة البلجيكية ماغي دي بلوك، ما أثار موجة سخط واستهجان كبيرة من القراء الإيطاليين والذين تضامنوا مع الوزيرة المذكورة. فيما نجد الرواية تمارس نفس الإحراج بالجسد تجاه الشعب التونسي، وتصف التونسيات مثلًا بـ"الأجساد المترهلة التي لا تشعرك بالسلم ولا بالجمال ولا بالنظافة". ما تعليقك على هذا الأمر؟

كما قلت سابقًا، بعض مواقف شخصية ماري كان الهدف منها فقط فضح الاستعلاء الأوروبي تجاه الشعوب الأخرى.

اقرأ/ي أيضًا: حوار| المترجم عبد الجليل العربي.. في عشق القطط وساراماغو واللغة والبرتغالية

  • وضعتْ روايتك الأصبع على الهجرة كإحدى المآسي التي تقض مضجع الفضاء المتوسطيّ، في نظرك ما دور الأدب في تحقيق التعايش المأمول داخل هذا الفضاء؟ وما دور الكاتب في تحقيق ذلك؟

الأدب فرصة لنضع أنفسنا في مكان الآخرين، لنلبس شخصياتهم، وننظر لأنفسنا في مرآتهم. عندما أكتب ما يشغل تركيزي هو اتساع تلك المرآة، على الجهتين، كي تمكن لكل قارئ التلاقي الثقافي بآخره وتحقيق التعارف بين الثقافات العابرة لضفاف المتوسط. والأدب ذاكرة تحفظ جيدًا الصور التي كانت قبل إغلاق البحر، قبل الحدود والمقابر، ويذكر لا فقط الحجرات نحو الشمال بل كذلك أرواح الملايين من الإيطاليين الذين قطعوا المياه جنوبًا ليحصلوا على حياة أفضل. ففي رواية "على قرن الكركدن" عبرت عن نظرتي لعالم ممكن أن تتلاقى فيه الشعوب. فيما العالم لن يعرف خلاصه إلا بيد شعوب تحمل عن بعضها الآلام وتهتم لآلام بعضها البعض.

لكل هذا سأستمر في الكتابة، وخط قصص تلمس عقد الانغلاق عند الشعوب، والحساسية تجاه التعددية الثقافية، تحثها على المضي قدما في كسر كل الحدود الموضوعة، وتجربة طريقة الامتزاج الثقافي، والانجذاب دائمًا إلى المجهول لا رهابه.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كتاب مجاني: على قرن الكركدن لـ فرانشيسكا بيلّينو

مبادرات ثقافية في زمن الكورونا