14-مارس-2018

أكدت التحقيقات البريطانية وفاة الجاسوس الروسي المنشق سيرغي سكريبال بالسم (EPA)

يبدو أن أجهزة الأمن الروسية، اعتادت اغتيال المعارضين والجواسيس المنشقين باستخدام السم. ورصدت مجلة "فورين بوليسي" ثمانية من أبرز محاولات الاغتيال الروسية بالسم، سواءً التي باءت بالنجاح أو الفشل، وذلك في تقرير ننقله لكم مترجمًا بتصرف في السطور التالية.


قبل عدة أيام، أعلنت الشرطة البريطانية أن الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال، قد سُمم باستخدام مادة مشلة للأعصاب، وبذلك فإنه ينضم إلى الصفوف الطويلة لأولئك الذين واجهوا الكرملين ثم يصابون بالمرض بعد ذلك أو يموتون في ظل ظروف لا يُمكن وصفها إلا بأنها ظروف غامضة، أو بالأحرى مريبة.

اعتادت أجهزة الأمن الروسية على اغتيال المعارضين والمنشقين، باستخدام السم، بما في ذلك السم الذي يتضمن عوامل أعصاب

كان سيرغي سكريبال يمشي مع ابنته يوم الإثنين من الأسبوع الماضي، عندما أصيبا بالمرض وانهارا على مقعد في حديقة، ثم نقلا سريعًا إلى المستشفى حيث ظلا في حالة حرجة. وفي يوم الخميس من نفس الأسبوع، قالت الشرطة البريطانية إن حوالي 21 شخصًا طلبوا العلاج نتيجة لتعرضهم لسمٍ مجهول. غير أن ضابط الشرطة الذي ساعد الاثنين في حالة مستقرة، وهو واعٍ ويتحدث.

اقرأ/ي أيضًا: تكميم الأفواه والقمع في شوارع موسكو

وقال مارك رولي، كبير مسؤولي الشرطة البريطانية لمكافحة الإرهاب والأمن الدولي، إن "هذا الحادث يعتبر حادثًا كبيرًا يتعلق بالشروع في القتل عن طريق استخدام عامل أعصاب".

وقد أدانت محكمة روسية سيررغي سكريبال بتهمة التجسس لصالح بريطانيا في عام 2006، لكنه عاد إلى بريطانيا كجزء من عملية لمبادلة الجواسيس في عام 2010.

ومع إعلان الشرطة البريطانية أن المادة الكيميائية التي استخدمت في محاولة الاغتيال قد تكون عامل أعصاب، سرعان ما وجهت الشكوك إلى أجهزة الأمن الروسية، التي لها تاريخ في اغتيال المعارضين والجواسيس المنشقين باستخدام السم.

ومع ذلك، فإن استخدام عامل أعصاب شديد السمية، لا يتم عادةً إلا من قِبل أجهزة أمن حكومية، كما أن روسيا ليست وحدها من تستخدم مواد الأعصاب ضد أعدائها. ففي العام الماضي، قام عملاء من كوريا الشمالية باغتيال الأخ غير الشقيق للزعيم كيم جونغ أون باستخدام غاز الأعصاب "في إكس - VX". وفي عام 1997، حاول عملاء إسرائيليون اغتيال المسؤول السياسي السابق لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خالد مشعل، بجرعة قاتلة من الفينتانيل.

ومع ذلك، فإن قائمة الرجال والنساء الروس الذين استُهدفوا بالاغتيال بعد معارضتهم للكرملين، تشمل عددًا لا بأس به من الذين قُتلوا بالسم.

يقول ستيف هول، الذي أدار العمليات المتعلقة بروسيا لصالح وكالة الاستخبارات المركزية حتى تقاعده في عام 2015، إن استخدام مثل هذه الأساليب يبعث برسالة واضحة إلى أولئك الذين يُفكرون في الانشقاق أو المعارضة، تتلخص في عبارة مفادها: "سوف نجدك".

1. ألكساندر ليتفينينكو

يُعد المثال الأكثر شهرة على حادثة اغتيال عن طريق السم هو الجاسوس الروسي المُنشق، ألكسندر ليتفينينكو، الذي قُتل في عام 2006، جراء تسممه بمادة "البولونيوم-210" شديدة السُمية، التي يُعتقد أنه تناولها في كوب من الشاي.

صورة ليتفينينكو، معلقة أمام مستشفى كلية الطب بلندن (أ.ف.ب)
صورة ألكسندر ليتفينينكو، معلقة أمام مستشفى كلية الطب بلندن (أ.ف.ب)

فر ألكسندر ليتفينينكو هاربًا من روسيا في عام 2000، بعد أن أصبح أحد أبرز منتقدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والأجهزة الأمنية الروسية. وقد ألف كتابًا يتهم فيه جهاز الأمن الفيدرالي الروسي -الذي يُعتبر بمثابة هيئة الأمن الرئيسية في روسيا التي خلفت جهاز المخابرات السوفيتي كي جي بي- بالتواطؤ في تفجيرات الشقق التي حدثت عام 1999 والتي اتهم بوتين المتمردين الشيشان بالشروع فيها، وكانت بمثابة ذريعة لتجديد العمليات العسكرية هناك، ونقطة انطلاق بوتين إلى السلطة.

ربما لم يكن ألكسندر ليتفيننكو متفاجئًا من محاول اغتياله وبالسم، فقد قال لصحيفة نيويورك تايمز قبل عامين من اغتياله: "إن وجهة النظر السائدة داخل وكالتنا كانت أن السم مجرد سلاح، مثل المسدس". وأضاف: "ربما لا يُنظر إلى الأمر بتلك الصورة في الغرب، ولكن كان يُنظر إليه في روسيا باعتباره أداة عادية".

2. فلاديمير كارا مورزا

يتمتع السياسي الروسي المعارض فلاديمير كارا مورزا بميزة ربما يود الاستغناء عنها، وهي أنه تعرض لمحاولة الاغتيال بالسم، ليس مرة واحدة، بل مرتين.

حدثت المرة الأولى في عام 2015، عندما سقط فلاديمير كارا مورزا مريضًا فجأة خلال اجتماع. قال كارا مورزا لصحيفة نيويورك تايمز في عام 2016: "في غضون 20 دقيقة تقريبًا، تحولت من كوني طبيعيًا تمامًا إلى الإصابة بتسارع في معدل ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم، والتعرق والتقيؤ في كل مكان، ومن ثم فقدت الوعي"، ثم قال له الأطباء إنه قد سُمم.

ثم في عام 2017، حدث ذلك مرة أخرى. قال كارا مورزا لشبكة "إن بي سي": "علمت على الفور ما الأمر لأن هذه هي المرة الثانية في غضون عامين التي يحدث فيها ذلك، وقد بدأ الأمر مُماثلًا بنفس الطريقة تقريبًا". وقد أخبره الأطباء أنه لن ينجو على الأرجح من محاولة اغتيال ثالثة.

3. جورجي ماركوف

في شهر أيلول/سبتمبر عام 1978، كان جورجي ماركوف في انتظار الحافلة بالقرب من جسر ووترلو في لندن عندما وخزه رجل في ساقه بمظلة. وسرعان ما أصيب بالمرض ونُقل إلى المستشفى.

وقد تبين بعد ذلك أن المظلة كانت تحتوي على حبيبات محشوة بسم الريسين، وهي المادة التي تُنتج من نبات الخروع. وفي تاريخ الاغتيالات الروسية بالسم، يوصف هذا المركب بـ"جد السموم الروسية".

وجورجي ماركوف هو كاتب بلغاري معارض، فر من بلاده عام 1968، وبدأ في العمل في إذاعات غربية. وأثناء طريقه لعمله في "بي بي سي"، تعرض لمحاولة الاغتيال التي أودت بحياته. ويُعتقد أنها محاولة اغتيال تمت بمساعدة جهاز المخابرات السوفيتي.

4. خطّاب

في عام 2002، تلقى المقاتل العربي وزعيم المقاتلين الجهاييين الشيشان، سامر السويلم، المعروف بلقب خطاب، خِطابًا ربما كان خطابه الأخير، إذ كان يحتوي على ما يُعتقد أنه جرعة مُميتة من غاز السارين أو إحدى مشتقاته، يُرجّح أن يكون قد زرعها أحد عملاء الكرملين.

وضع عملاء الكرملين، جرعة من إحدى مشتقات غاز السارين السام، على خطابٍ وأرسلوه إلى زعيم الجهاديين في الشيشان الشهير بخَطّاب لاغتياله

وبعد وفاته بفترة قصيرة، أعلن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي أن خطاب، واسمه الحقيقي سامر بن صالح بن عبد الله السويلم، قد قُتل في "عملية خاصة".

اقرأ/ي أيضًا: الرئيس الشيشاني رمضان قديروف.. "بلطجي" بوتين المدلل يُهدده بالاستقالة!

5. فيكتور يوشتشينكو

في ذروة الانتخابات الرئاسية عام 2004 في أوكرانيا، أصيب المرشح لمنصب نائب الرئيس، فيكتور يوشتشينكو، بالمرض فجأة واختفى من الحملة الانتخابية. وعندما عاد إلى الظهور من جديد، كان وجهه مُشوهًا، نتيجة ما وصفه الأطباء بأنه جرعة شبه مميتة من مركبات الديوكسين.

تعرض يوشتشينكو لجرعة كبيرة من السم شوّهت وجهه (أ.ف.ب)
تعرض يوشتشينكو لجرعة كبيرة من السم شوّهت وجهه (أ.ف.ب)

سيواصل يوشتشينكو، وهو مرشح مؤيد للغرب، الفوز في الانتخابات المُتنافس عليها بشدة والتي توجت باحتجاجات واسعة النطاق في الشوارع دعمًا له، أُطلق عليها اسم "الثورة البرتقالية". وعلى الرغم من أنه لم تعرف الجهة المسؤولة عن تسميمه بشكلٍ قاطع، إلا أن الشكوك وجهت على الفور إلى أجهزة الأمن الروسية والأوكرانية.

6. أليكساندر بيريبيليشني

في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2012، ذهب رجل الأعمال أليكسندر بيريبيليشني للتريض في باحة مسكنه المترف في لندن حيث كان يعيش. وبعد أن ركض قليلًا، انهار ومات.

وقد سلم بيريبيليشني أدلة إلى محققين سويسريين يحققون في مزاعم تزوير واسعة النطاق، قامت بها السلطات الروسية في صندوق استثماري، يعرف باسم إرميتاج، يسيطر عليه رجل الأعمال الأمريكي بيل براودر.

وبعد وفاته، اكتشف المحققون كميات ضئيلة من زهرة الياسمين الأصفر السامة النادرة (جلسيميوم) في معدة  أليكسندر بيريبيليشني، يُرجح أنها سبب وفاته، وأنه تعرض لها بفعل عميل روسي بسبب تعاونه مع المحققين السويسريين.

7. كارينا موسكالينكو

كان من المقرر أن تعود كارينا موسكالينكو إلى موسكو في عام 2008 من مدينة ستراسبورغ الفرنسية لحضور محاكمة تبحث في مقتل أحد عملائها المعروفين، وهي الصحفية آنا بوليتكوفسكايا.

أرجأت موسكالينكو عودتها إلى موسكو بعد أن شعرت بالمرض بسبب الصداع الشديد والدوار الغريب. وسرعان ما عثرت موسكالينكو وزوجها على حبيبات معدنية سائلة -يحتمل أن تكون زئبقًا- تحت مقعد سيارتهم.

8. آنا بوليتكوفسكايا

قبل اغتيالها في مصعد شقتها في عام 2006، استهدفت الصحافية آنا بوليتكوفسكايا بالاغتيال باستخدام السم.

وكانت آنا بوليتكوفسكايا، التي اكتسبت عددًا لا يحصى من الأعداء نتيجة لتغطيتها الغزو الروسي للشيشان، تحاول السفر إلى أوسيتيا الشمالية في عام 2004 للمساعدة في التفاوض خلال حصار مدرسة في مدينة بيسلان الروسية.

تعرضت آنا بوليتكوفسكايا لمحاولة اغتيال بالسم، قبل قتلها بالرصاص (أ.ف.ب)
تعرضت آنا بوليتكوفسكايا لمحاولة اغتيال بالسم، قبل قتلها بالرصاص (أ.ف.ب)

وبعد أن صعدت على متن الطائرة، سرعان ما شعرت بالمرض بعد شرب بعض الشاي الذي اعتقدت أنه يحتوي على السم.

قبل اغتيالها قتلًا بالرصاص، تعرضت الصحفية الروسية المعارضة آنا بوليتكوفسكايا، لمحاولة اغتيال بالسم

في مقال نشرته في صحيفة الغارديان عام 2004، وصفت اللحظة التي استيقظت فيها لتجد نفسها في المستشفى إلى جانب ممرضة، تهمس إليها بتلك الكلمات "يا عزيزتي، لقد حاولوا تسميمك".

 

اقرأ/ي أيضًا:

آنا بوليتكوفسكايا واغتيال الصحافة الحرّة في روسيا

فيديو: اغتيال صحفية وثائق بنما