10-نوفمبر-2023
خلال مظاهرة في لندن

(Getty) خلال مظاهرة في لندن

وقع أكثر من 750 صحفيًا من عشرات المؤسسات الإعلامي رسالة مفتوحة، نشرت أمس الخميس، تدين قتل "إسرائيل" للصحفيين في غزة، وتنتقد تغطية وسائل الإعلام الغربية المنحازة لصف العدوان الإسرائيلي.

وجاء في الرسالة أن غرف الأخبار "مسؤولة عن الخطاب اللاإنساني الذي خدم تبرير التطهير العرقي للفلسطينيين"، في إشارة إلى سلسلة من التصريحات الجماعية المؤيدة لحرب "إسرائيل" على قطاع غزة.

وانتقد كتّاب وفنانون وباحثون وأكاديميون آخرون التغطية الإعلامية للعدوان، وضمت الرسالة بين الموقعين عاملين في كل من وكالة رويترز، ولوس أنجلوس تايمز، وبوسطن غلوب، وواشنطن بوست، وكشفت عن انقسامات وإحباطات داخل غرف الأخبار.

وتناولت صحيفة "واشنطن بوست" هذه الرسالة، إذ رأت أنه بالنسبة لبعض الصحفيين كان التوقيع عليها خطوة جريئة، أو حتى محفوفة بالمخاطر. وقد تم طرد صحفيين من بعض غرف الأخبار بسبب تبنيهم مواقف سياسية عامة قد تعرضهم لاتهامات بالتحيز.

وطالبت رسالة مفتوحة بالسماح للصحفيين بأن يستخدموا مصطلحات مثل "الفصل العنصري"، و"التطهير العرقي"، و"الإبادة الجماعية"، لوصف تعامل "إسرائيل" مع الفلسطينيين

لكن الذين حرروا الرسالة قالوا إنها دعوة لإعادة الالتزام بالعدالة، وليس التخلي عنها.

وقال عبد الله فياض، الذي وصل إلى نهائيات جائزة "بوليتزر" عام 2022، وهو عضو سابق في هيئة التحرير في صحيفة "بوسطن غلوب"، والذي وقع على الرسالة: "آمل بعد هذه الرسالة أن يتم التراجع عن ثقافة الخوف حول هذه القضية، وجعل صناع القرار والمراسلين والمحررين يفكرون مرتين بشأن اللغة التي يستخدمونها".

بدورها، قالت سوهانا حسين، وهي مراسلة في صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" ومن الموقعين على الرسالة: "إن الأمر يتعلق فقط بمطالبة الصحفيين بالقيام بعملهم".

وطالبت الرسالة، بالسماح للصحفيين أن يستخدموا مصطلحات مثل "الفصل العنصري"، و"التطهير العرقي"، و"الإبادة الجماعية"، لوصف تعامل "إسرائيل" مع الفلسطينيين.

يؤكد الموقعون على الرسالة أن هذه "مصطلحات دقيقة تم تعريفها جيدًا من قبل المنظمات الدولية لحقوق الإنسان"، في حين كانت هناك مناقشات تاريخيًا بين الدبلوماسيين ومجموعات الإغاثة والمشاركين حول متى يتناسب حادث أو صراع معين مع تعريف هذه المصطلحات.

وأشار فياض إلى أنه لم يكن يدعو غرف الأخبار إلى اعتماد هذه المصطلحات لأوصافها الخاصة، لكن انطلاقًا من الحقائق ذات الصلة، حيث إن منظمات حقوق الإنسان وصفت "إسرائيل" بنظام الفصل العنصري، كما تشير إلى ذلك العديد من القصص الإخبارية.

ويركز جزء كبير من الرسالة على الصحفيين الذين قتلوا خلال العدوان المستمر لأكثر منذ أكثر من شهر، فقد استشهد حتى الآن 39 من العاملين في وسائل الإعلام، في هجمات انتقامية شنتها "إسرائيل"، وفقًا لآخر إحصاء صادر عن لجنة حماية الصحفيين.

فيما توصل تحقيق أجرته منظمة "مراسلون بلا حدود" إلى أن "إسرائيل" استهدفت صحفيين في غارة جوية يوم 13 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أدت إلى استشهاد المصور العامل مع وكالة "رويترز" للأنباء، عصام عبد الله، وإصابة ستة آخرين.

وفي أواخر تشرين الأول/أكتوبر، أبلغ مسؤولون عسكريون إسرائيليون وكالة "رويترز"، ووكالة "الصحافة الفرنسية"، بأنهم لا يستطيعون ضمان سلامة موظفيهم العاملين في قطاع غزة.

في حين أكد المحرر في منظمة "Mission Local" غير الربحية في سان فرانسيسكو، جو ريفانو باروس، والذي وقع على الرسالة، أنه لم تكن هناك "إدانات واسعة النطاق لقتل الصحفيين من غرف الأخبار الغربية"، وأضاف باروس: "يبدو أن هذا الصراع بالذات يجلب الكثير من المراوغة بطريقة لا تحدثها الصراعات الأخرى".

يذكر أن رسالة أخرى تم توزيعها على نطاق واسع حملت عنوان "كتاب ضد الحرب على غزة"، ووقعها أكثر من ثمانية آلاف كاتب، أدانت إسكات المعارضين، والتحريض الإعلامي العنصري وتحريف الأخبار. وقع الكاتبان في نيويورك تايمز، جازمين هيوز وجيمي لورين كيليس، على الرسالة. وبعد أيام، استقالت هيوز تحت ضغط من الإدارة، وترك كيليز الصحيفة، وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي أن قراره كان "قرارًا شخصيًا بشأن نوع العمل الذي أريد أن أكون قادرًا على القيام به".

من جهته، قال أستاذ الدراسات الإنجليزية والأمريكية في جامعة ولاية واشنطن، تي في ريد، الذي درس الحركات الاحتجاجية وألف كتاب "فن الاحتجاج"، إن: "الرسائل المفتوحة لها تاريخ طويل في الاحتجاج المدني، وتلعب دورًا استراتيجيًا"، وأضاف: "تكمن قوة الرسائل المفتوحة في تقديم أسماء للقراء يعرفونها ويحترمونها لكي يتماثلوا ويتعاطفون معها"، وتابع: "في عصر وسائل التواصل الاجتماعي هذا، حيث غالبًا ما تكون التعليقات الفردية مفرطة وقاسية، يمكن للرسالة الجماعية المصممة بعناية أن تكون أكثر قوة".

أما أستاذ الصحافة بجامعة كولومبيا، بيل جروسكين، فقد قال: "قد يكون لدى الصحفيين حرية أكبر للتعليق على الأمور المتعلقة بالإعلام مثل قتل الصحفيين". لكنه حذر من أن الذين يوقعون رسائل مفتوحة حول مواضيع سياسية يخاطرون بإلحاق الضرر بمصادرهم وقدرتهم على جمع المعلومات.

وقال نائب مدير التحرير السابق لصحيفة وول ستريت جورنال، جروسكين: "أعتقد أن الأمر يستحق إجراء مناقشة صادقة حقيقية فيما يتعلق بسمعة المؤسسة التي يعملون بها".

أما مدير التحرير السابق في صحيفة "واشنطن بوست"، والعميد السابق لكلية الصحافة بجامعة كولومبيا، ستيف كول، فرأى أن الصحفيين الذين يوقعون على رسائل مفتوحة قد يواجهون ردود فعل عنيفة من قبل الإدارة، خاصة إذا كانت غرف الأخبار هذه لديها قواعد ضد هذا النشاط.

وأشار إلى الانقسام الأخير بين الأجيال في بعض غرف الأخبار، حيث يشعر الموظفون الأصغر سنًا بالقدرة على التحدث علنًا في القضايا السياسية، مما يضعهم في صراع في بعض الأحيان مع الصحفيين الأكبر سنًا، الذين يفضلون البقاء هادئين. وأضاف: "إنها مشكلة يجب حلها بطريقة أو بأخرى".