16-سبتمبر-2023
فريمان وبوسترات أفلامه (الترا صوت)

يُعد فريمان واحدًا من أشهر نجوم السينما منذ التسعينيات وحتى الآن (الترا صوت)

لم يتوقع مورغان فريمان، في أقصى لحظات الحلم بالنجاح المهني، أن تكون سيرته المهنية حافلة إلى هذه الدرجة ومحاطة، كما يقول، بالعناية الإلهية، فهو يرى أن ما تحقق له يفوق ما حلم به.

يروي فريمان، بوجهه الأفريقي الصارخ بالعاطفة، ودون جهد، تاريخ الفصل العنصري وانعدام الأفق بالنسبة للملونين في أمريكا التي يحمل وجهه قصة تحررها من عقدها العنصرية، ورغبتها في نيل الغفران على ما ناله السود وغيرهم من تعسف وتجاهل وتنميط.

وبخلاف غيره من نجوم السينما في هوليوود، اتسمت سيرته كممثل بالصعود والهبوط، وتدرّجت ضمن مراحل اتخذ في كل مرحلة منها مكانه بالقناعة، ودون وجود مخططات وأحلام للتربع على عرش النجومية، بل كان مدفوعًا بشغف التمثيل، ويشعر بالامتنان لأنه قادر على ممارسة ما يحب. 

ومنذ ستينيات القرن العشرين حتى يومنا هذا، أدت التحولات السياسية والاجتماعية الكبرى، إلى جانب القفزات التي حققتها الولايات المتحدة في التحرر من نظام الفصل العنصري أولًا، ثم من محاربة العنصرية والتنميط على أساس اللون، إلى منح فريمان شيئًا من حقه كممثل. 

وفي كل مرحلة من مراحل سيرته المهنية، كان النجم الأمريكي مستعدًا لتقديم الأدوار المسندة إليه بشغف وجدية وعمق. لذا يمكن القول إن سيرته كممثل اتسمت بالبطء ولكن بالفعالية في الوقت نفسه. وهي سيرة ممثل يعيش ما يؤمن به، ويؤمن بالعمل الدؤوب، وهذا العناد والإصرار على عمل ما يحب شكّل إلهامًا لممثّلين سود كثر وفتح أمامهم الآفاق. كما ساهمت قناعته بالإخلاص للعمل ومحبته، كأولوية، في أن يصبح واحدًا من أشهر نجوم السينما منذ تسعينيات القرن المنصرم حتى يومنا هذا.

تعززت موهبة فريمان، منذ بداياته، من خلال تجريب أدواته كممثل سواء في المسرح أو التلفزيون، ومن ثم في السينما التي أصبحت شغفه الذي لم ينافسه سوى حبه للتعليق الصوتي، وهو صاحب الصوت العذب الذي يتجاوز حجب السمع، ويلج دون عناء إلى مخيلة المستمع ويمدّه بالاستغراق والانتباه معًا. 

إذ كان فريمان، إلى جانب شخصيته المصورة، يلعب دور الراوي لأحداث الحكاية السينمائية. وكانت طريقة أدائه وقراءته تمدّ الفيلم الذي يعلّق عليه بروحية سردية روائية تحاكي الصوت الداخلي للقارئ. ويمكن ملاحظة ذلك في لعبه شخصية الراوي في فيلم "إصلاح سجن شاوشنك" تحديدًا، ناهيك عن عشرات الأفلام الوثائقية التي جابت العالم، وحملت بصمته الصوتية، واكتسبت شهرة ومكانة مميزة في عالم السينما الوثائقية بسبب القيمة المضافة التي منحها صوته وطريقة إلقاءه لموضوع الفيلم، التي أكسبت الأفلام التي علّق عليها بُعدًا تشويقيًا وتحفيزيًا خاصًا.

وعلى الرغم من أن نجمه قد لمع متأخّرًا، لكن نجوميته الحالية بمثابة احتفاءٍ بأدوات الممثل في التجسيد والإلقاء والمعايشة وقوة صناعة النموذج الإنساني من خارجه ومن داخله. وفي هذه القائمة، نستعرض أهم أفلام مورغان فريمان التي وضعته في قمة المجد الفني، وكانت بمثابة مكافأة له على العمل الدؤوب والإصرار على فعل ما نحب. 


1- Se7en

يقدّم فريمان في هذا الفيلم أداءً ساحرًا، إذ تبدأ حكاية الشخصية من نهايتها: عجوزٌ على أبواب التقاعد يشارك، بكل ما يمتلكه من حنكة وتجربة في عالم الجريمة، محققًا سوف يحل مكانه في حل لغز جريمة محيرة يتبيّن لاحقًا بأنها جرائم متصلة ذات دافع فلسفي ديني. 

يلعب فريمان في هذا الفيلم شخصية المحقق ويليام سامرسيت إلى جانب النجم براد بيت الذي يلعب شخصية ديفيد ميلز. ورغم تصادم المحققين في البداية، إلا أن علاقتهما تتوطد تدريجيًا خلال البحث وشبك خيوط الجريمة. ومن خلال بعض الأفعال والانطباعات، يمنحنا فريمان تصوّرًا عميقًا عن خبرة المحقق وحنكته، ناهيك عن الجانب الشخصي المظلم الذي يحاول الاحتفاظ به لنفسه، كما يضعنا في حيرة شعورية من خلال علاقته المركبة بالمحقق الشاب التي بدت وكأنها علاقة أبوة وحرص وإرشاد، أو ندية يمثلها إعجاب خفي بشخصيته الجسورة، وهذا ما ميز أداؤه ومنحه مستويات مختلفة وغير حاسمة في التواصل مع المشاهد.

يُدخِل المجرم المضطرب المحقق الشاب بلعبة الخطايا ذاتها حينما يختطف زوجته ويقتلها، ويسلّم نفسه للمحقق الشاب ويضعه في اختبار كتم غضبه، وهو يرى رأس زوجته في صندوق، ليحقق الخطيئة السابعة التي تتشكل منها الطبيعة البشرية، وهي الغضب، ليصبح قتل المجرم من قبل المحقق الشاب بمثابة نهاية سلسلة الخطايا وتحققها، ليثبت أنه لا مهرب للإنسان من طبيعته. 

ورغم الإشادات النقدية الواسعة بالفيلم، وعدِّه واحدًا من أنجح أفلام الجريمة في تاريخ السينما على الإطلاق، إلا أنه لم يلق سوى ترشيحًا واحدًا لجوائز الأوسكار، وذهبت لخلط الصورة "المونتاج". الفيلم من إخراج ديفيد فينشر، وسيناريو أندرو كيفين.



2- Million Dollar Baby

يُعرف عن الممثل والمخرج الكبير كلينت إيستوود شغفه وغرامه بالميلودراما والحكايات السينمائية التي تحتفي بالشخصية الإنسانية، وتحاول إعادة فهم القيم التي تتشكل حولها التجربة الشخصية لكل إنسان من خلال السينما، والشخصية السينمائية الحافلة بالتعقيد، والعالم الداخلي الغني. وفي فيلم "Million Dollar Baby"، يقدّم تجربة سينمائية تحاول فهم الإرادة، وتُعيد تعريف الفشل والنجاح في سياق التجربة الإنسانية.

تدور أحداث الفيلم حول ملاكم عجوز يمتلك صالة للتدريب على الملاكمة هو وصديقه الذي لعب دوره مورغان فريمان. تلاحق فتاة ثلاثينية المدرب العجوز، وتصر عليه بعناد على تدريبها ونقلها من حيز الهواة إلى حيز المحترفين. وبعد إصرار كبير يقبل وينجح بتحويلها إلى بطلة في الملاكمة.

لكن الثمن كان هي نفسها، إذ تصاب في نزال أخير تحصد فيه لقبًا وتصنيفًا، بالشلل. فتضع المدرب أمام نفسه وما صنعت يداه بتحطيم فتاة في مقتبل عمرها بسبب الغرور وأوهام النجاح، خاصة عندما تطلب منه أن ينهي حياتها لأنها لن تقوى على العيش طريحة الفراش. 

يُعد الفيلم أحد أهم أفلام مورغان فريمان، وقد نال إشادات نقدية واسعة، وحظي بإعجاب جماهيري ونقدي إلى جانب فوزه بأربع جوائز أوسكار توزعت على الشكل التالي: أوسكار أفضل ممثل مساعد ذهبت لمورغان فريمان، وأوسكار أفضل ممثلة لهيلاري سوانك، وأوسكار أفضل مخرج، وأوسكار أفضل فيلم . 



3- Driving Miss Daisy

الفيلم مأخوذ عن مسرحية تحمل الاسم نفسه للكاتب ألفريد اوري، وهي من المسرحيات الكوميدية ذات النزعة الرومانسية. وقد قدّمت النسخة السينمائية من المسرحية معالجة عميقة جدًا مشحونة بروح المسرح، وابتعدت عن البهلوانيات البصرية، وركزت على الأداء التمثيلي رفيع المستوى لكل من الممثلة الكبيرة جيسيكا تاندي التي نالت جائزة الأوسكار عن دورها هذا، إلى جانب مورغان فريمان الذي نال ترشيحًا للأوسكار، كما نال جائزة الغولدن غلوب عن هذا الدور الذي يعتبره بعض النقّاد واحدًا من أجمل الأداءات التي قدمها فريمان خلال مسيرته الفنية. 

تدور أحداث الفيلم حول امرأة أرستقراطية نزقة، ذات نظرة تهكمية وشديدة الذكاء والبديهة، تبدأ بإدراك مشاعر الشيخوخة واقتراب الرحيل، فيزيدها ذلك نزقًا وحدّة في الطباع. وبعد تعرضها لحادث سير، يصر ابنها على تعيين سائق شخصي لها. ورغم إصرارها على الرفض، إلا أنها تخضع في النهاية، وتنشأ علاقة محمومة بينها وبين السائق تتسم بالتنمر والعنصرية والتهكم. مع ذلك، يواجهها السائق بالصبر والحكمة، وبالجرأة أحيانًا، وشيئًا فشيئًا، تلوح بوادر صداقة وإعجاب مستترة بين الاثنين، وينجح السائق هوك بتغيير نظرتها، وإحداث تحول عميق في داخلها. 



4- Unforgiven

الفيلم مصنف كواحد من أعظم 100 فيلم في تاريخ السينما. وتورد بعض المصادر أن كلينت أيستوود قد احتكر النص واحتفظ به إلى أن يصبح بالعمر المناسب لتأدية الشخصية، ما يعكس درجة اهتمامه وتعلّقه بالحكاية المقدمة له.

تدور حكاية الفيلم حول وليم ماني العجوز التائب عن عالم الجريمة واللصوصية. يجاهد هذا العجوز في مزرعة للخنازير لتحصيل قوته وقوت طفليه بعد أن نجح في ترك عالم الجريمة، الذي كان يميّز الغرب الأمريكي، ونجح أيضًا بالوفاء بعهده لزوجته المتوفاة بعدم العودة للجريمة بعد أن تاب على يديها.

وفي أحد الأيام، يطرق بابه شاب من صائدي الجوائز ويعرض عليه ملاحقة مجرمين اثنين قاما بتشويه وجه غانية مقابل مكافأة قدرها ألف دولار. يتردد في البداية، لكنه يوافق أخيرًا نظرًا لسوء أوضاعه المعيشية، ويرافقه في رحلة البحث عن المجرمين صديقه التائب أيضًا نيد لوجان الذي لعبه فريمان. ويفقد التائب العجوز خلال رحلة البحث هذه كلًا من صديقه والشاب صائد الجوائز. وتتسع المواجهة أكثر بعد معرفة وليام تواطئ الشريف في هذه الجريمة، لتصبح مواجهة مفتوحة. وما يميّز الفيلم الذي يُعد أحد أهم أفلام مورغان فريمان أنه مشحون بالعاطفة، وينظر نظرة عميقة وفلسفية لفترة الغرب الأمريكي. 



5-  Going in Style

فيلم كوميدي قدّم فيه النجم الأمريكي أسلوبًا أدائيًا مختلفًا وجديدًا أبرزَ قدراته كممثل يجيد صناعة الكوميديا المكتوبة بعناية. تدور أحداث الفيلم حول ثلاثة رجال مسنين متقاعدين يكتشفون أن شركة التأمين المسؤولة عن أموال تقاعدهم تحتال عليهم، وتضع يدها على أموال تقاعدهم دون أي اعتبار لسنهم أو مصائرهم كرجال مسنين قد يقعون في غياهب التشرد والعوز.

وبعد يأسهم من محاولة استعادة أموالهم بالطرق القانونية، يقررون السطو على البنك وتحصيل أموالهم بالأسلوب الأمريكي القديم. وخلال عملية التخطيط للسطو، وخلال السطو، يواجه الثلاثة مواقف مثيرة ومشوقة، وتعيد إليهم هذه المغامرة الخطرة صورهم عن ذواتهم وهم في مرحلة الشباب. الفيلم من بطولة مورغان فريمان، ومايكل كين، وآلان أركين.