30-نوفمبر-2023
هنري كيسنجر وكتبه

هنري كيسنجر وكتبه (الترا صوت)

توفي اليوم، الخميس، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر عن عمر ناهز 100 عام قضى 50 منها منخرطًا في رسم السياسات الخارجية الأمريكية وزيرًا ومستشارًا.

يُعد كيسنجر (1923 – 2023) أحد أكثر الدبلوماسيين إثارةً للجدل وتعرّضًا للنقد الذي لاحقه حتى بعد انتهاء مهامه السياسية، وذلك بسبب الدور الذي لعبه في عدة أحداث سياسية دموية حول العالم، مثل القصف الأمريكي لكمبوديا خلال الحرب الأهلية الكمبودية 1967 – 1975، ودعمه للغزو الإندونيسي لتيمور الشرقية بين
1975 – 1976، وغزو نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا لأنغولا خلال الحرب الأهلية الأنغولية.

ناهيك عن دوره بالإطاحة بالرئيس التشيلي المنتخب سلفادور أليندي عام 1973 عبر انقلاب عسكري خططت له وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، ودعمه للعديد من الدكتاتوريات في أمريكا الجنوبية، وأفريقيا، والشرق الأوسط، وآسيا أيضًا.

وبسبب دوره هذا، وصف كيسنجر بأنه "مجرم حرب"، وقال كاتب سيرته غريغ غراندين لصحيفة "إنترسبت" الأمريكية إن يديه ملطخة بدماء ما لا يقل عن 3 ملايين إنسان. فيما قال ريد برودي، الذي يُعد واحدًا من أشهر المحامين المتخصصين بحقوق الإنسان، إن: "بالنسبة لي ليس هناك أي شك في أن سياسته تسببت بمقتل مئات الآلاف وتدمير الديموقراطية في عدد من البلدان".

ظل هنري كيسنجر مؤثرًا على الصعيد السياسي حتى نهاية حياته لأسباب عديدة، أهمها الاستشارات التي قدّمها للكثير من الرؤساء الأمريكيين، وتأليفه عشرات الكتب حول قضايا مختلفة تتعلق بالسياسات الخارجية والعلاقات الدولية. هنا وقفة مع بعضها.


1- المذكرات

تكتسب مذكرات هنري كيسنجر التي صدرت ترجمتها العربية عن "الدار الأهلية" بعمّان في جزئين عام 2005 بترجمة عاطف أحمد عمران؛ من كونها تكشف الكثير من تفاصيل عملية صناعة القرارات الأمريكية تجاه أحداث مختلفة حول العالم بين أواخر ستينيات القرن الفائت وحتى مطلع تسعينياته.

يبدأ كيسنجر الجزء الأول من مذكراته بالحديث عن ظروف تعيينه مستشارًا للأمن القومي في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون عام 1969، ورغبة الأخير بإعادة رسم السياسة الخارجية الأمريكية. ثم ينتقل إلى الحديث عن علاقة الولايات المتحدة بكلٍ من الصين وروسيا، والحرب في فيتنام التي وصفها بأنها "حرب لا نعلم كيفية الانتصار فيها ولا طريقة وضع حد لها"، والاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وما شهدته الأخيرة من تحولات بعد حرب 1967.

وفي الجزء الثاني، يتحدّث كيسنجر عن "فضيحة ووترغيت"، ومفاوضات فيتنام، وتحولات العلاقة مع السوفييت، وتعيينه وزيرًا للخارجية، وحرب تشرين الأول/أكتوبر 1973 بين مصر وسوريا من جهة، و"إسرائيل" من جهة أخرى.  


المذكرات

2- الدبلوماسية

يتناول هنري كيسنجر في كتابه "الدبلوماسية"، الصادر عام 1995 عن "الدار الأهلية" في جزئين بترجمة مالك فاضل البديري، تاريخ الدبلوماسية وتحوّلاتها ودورها في صياغة الأحداث السياسية الفارقة في تاريخ البشرية سيما الحروب، منذ القرن السابع عشر وحتى بداية الحرب الباردة أولًا، ثم منذ بداية الأخيرة وحتى نهايتها وتبلور ما أسماه بـ"النظام العالمي الجديد".


الدبلوماسية

3- النظام العالمي

يقدّم هنري كيسنجر في كتابه "النظام العالمي: تأملات حول طلائع الأمم ومسار التاريخ" (دار الكتاب العربي، 2015 ترجمة فاضل جتكر) قراءة وتأملات في عدة أنظمة حكم سادت في العالم، مع الإضاءة على ما سبقها وتلاها ورافقها من أحداث فارقة في تاريخ البشرية.

يبدأ وزير الخارجية الأمريكي الأسبق من أوروبا وما شهدته من صراعات وحروب وثورات حول أنظمة الحكم وطريقتها. ثم ينتقل إلى نظام الحكم الإسلامي منذ قيام الدولة الإسلامية وحتى انهيار السلطنة العثمانية، مرورًا بالانتداب الأوروبي، فثورات الربيع العربي.

ناهيك عن الصين واليابان وآسيا بشكل عام، ومنها باتجاه الولايات المتحدة التي يستعرض تصوراتها عن النظام العالمي الجديد.


النظام العالمي

4- درب السلام الصعب

يعود هنري كيسنجر في كتابه "درب السلام الصعب" (الدار العالمية، 1981/ ترجمة علي مقداد) إلى أوروبا القرن الثامن عشر، وتحديدًا بين عامي 1812 – 1822، للحديث عن السلام الذي كان مستحيلًا في أوروبا خلال تلك المدة التي شهدت صراعات وحروب وثورات مختلفة أشعلت القارة العجوز، التي شهدت بعد 1822 سلامًا دام نحو مئة عام، قبل أن تعود الاضطرابات مجددًا بين 1914 – 1949.


درب السلام الصعب

5- هل تحتاج أمريكا إلى سياسة خارجية؟

يسلط كيسنجر في كتابه "هل تحتاج أمريكا إلى سياسة خارجية؟ نحو دبلوماسية القرن الحادي والعشرين" (دار الكتاب العربي، 2002/ ترجمة عمر الأيوبي)، الضوء على الجدل والسجالات التي دارت في الولايات المتحدة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وانتهاء الحرب الباردة، بشأن شكل الاستراتيجية والسياسة الخارجية الأمريكية الجديدة سواء تجاه أفريقيا أو آسيا أو الشرق الأوسط.


هل تحتاج أمريكا إلى سياسة خارجية؟