07-ديسمبر-2016

غرافيتي لـ بانسكي

1

قبل كلِّ شيء قبلةٌ، وبعد كلِّ شيء قبلةٌ، وقبلَ القبلِ، وبعدَ البعدِ، وما بينهما؛ قبلةٌ تلوَ القبلة.. ثم وكما تقول الرسائل التقليدية: أما بعد..

 

2

سوف أحكي لكِ الحكاية مرّةً ثانية، فدائمًا يروي البشر حكاياتِ الآخرين، وحين يأتي دور حكاية حكاياتهم يتركونها للآخرين. سوف أروي لكِ الحكاية التي تعرفينها جيّدًا.. كان يا ما كان.. كان هناك غرباء وتحاوروا، ثم التقوا غرباءً كما هم ليشربوا قهوةً، كما كان يمكن لغرباء المحطات أو المرافئ أن يفعلوا. تبادلوا الأحاديث والنكات بحميميةٍ ما كانوا ليجدوها لو كانوا أبناء الحارة ذاتها، أو طلابًا في الدفعة نفسها، ثم مضوا بعيدًا، وفي البعيد افترقوا غرباءً كأوّل الأمر، وكان الأمر بلا أول.

 

3

علاقاتي؟ آه علاقاتي.. هذه التي أسمع عنها من كثيرين ولشدَّة ما أتمناها، فالآخرون يصوغون سيرنا، الآخرون مؤلفون حين يتعلّق الأمر بسواهم. يعجبني أنني شخصية يؤلفها الآخرون! ويعجبني أكثر ضحكي حين أرى نفسي مادةً لخيال أناس لا يسعفهم الخيال إلا في النمائم. أسمع عني وأحسدني على تلك الحياة الصاخبة بينما أنا هنا في غرفتي، أتوقف بين فصلين من الكتاب الذي أقرؤه لأكتب لك عن تلك الحياة التي تُبنى بينما صاحبها معزول، وبالكاد في جيبه ثمن علبة سجائر.

لكِ
ولرواة حكايتي أيضًا
محبتي الفيسبوكية الخالصة.

 

4

لن أحبّكِ.. نعم، هكذا، بصراحة، لن أحبّكِ.. فإذا كنتُ لا أنقصكِ فإنني أيضًا لا ينقصني الحبّ، ما لم تعرفيه أنني أنا ما ينقص الحبّ.

 

5

أنتِ تفاحة يراها الرجل من بعيد، رغم أنها على شجرة ملأى بالتفاح. 
أنا الرجل الذي كان ينام تحت الشجرة حتى رآها فوق على غصنها، ومن يومها يتسلق الشجرة إليها ولا يصل.. إما أن الشجرة تنمو وتعلو، وإما أن الرجل يهذي في منام طويل.

 

6

لن ترضى قبعة الصّوف على رأس الفتاة القاعدة في المقهى بأقلّ من صناعة حكاية، دون أن تولي أهمية لمن يروي أو من يروى له، فالقبعات التي تُخلع احترامًا في التقاليد لها وجهة نظر أخرى سيكون من المفيد الاستماع لها.. تقول القبعة: باختصار.. فلتُخْلَع الرؤوس احترامًا لي!

قد أقول إن قبعتكِ كانت لموديل في لوحة شهيرة، وقد أقول إنها غادرت مكانها واستقرت هنا، فوق شلال هذا الشّعر بعد أوديسة ترحال، وقد أقول أشياء كثيرة تختلق سيرة ذاتية للقبعة والصانع والشاري واللابس.. مهلًا، الأمر لا يحتاج إلى أكثر من جملة واحدة: هذه القبعة.. توقيع الجمال!

 

7

اسمكِ رائحة. عندما تمرين على حاجزٍ لا تقدّمي البطاقة الشخصية. هبّي عليهم فقط.

 

8

كان على مايكل أنجلو أن يرى هذا النهد حتى يرسمه على سقف كاتدرائية.

 

9

شَعركِ شكل الهواء.

 

10

تخيلت أننا بدو، بل أبناء العمومة، وأن هناك عريسًا غريبًا عن القوم جاء لأخذك... فأنزلتُكِ من هودج الزفاف بالسيف.

 

11

لا أريد أكثر من صورةٍ معكِ
أعلقها على جدارن الغرف التي أسكنها
بدلًا من النّسخ الشعبية من اللوحات العالمية،
لتكون الغرض الوحيد الذي أحمله معي حين أرحل.

 

12

لو كانت حمص امرأة، وكان لها أن تلتقط صورة شخصية، لما كان لدينا أكثر مما تمنحه الصورة التي تقفين فيها بالجاكيت الأبيض، مع تلك الابتسامة البيضاء!! 
حمص مغناج وساخرة.. وأنتن، الحمصيات، تقلدنها فقط.

 

13

لستِ سمراءً إلاّ لأنَّ بشرتَكِ ظلّتْ تمتقع من شدّةِ ما خزّنتِ تحتها من شهوات. وليست مصادفةً أنَّ تكون لك حلمةٌ بلون النبيذ وفي موسم الأعياد.. إنه اجتماع الضرورات الذي نسميه، من غبائنا، صدفةً!!

 

14

اسمكِ.. تنويمة للكبار.

 

15

إذا جئتِ فلن يكون بوسعي إلاّ ما بوسع القرويّ: أطلقُ لكِ النار!!

 

16
بينما لوقا (الصِّربي) مكسور لتحوّل مشروع السّكة الحديدية التي أرادها أن تصل البوسنة بالصِّرب بعد استخدامها لأغراض عسكرية، وبينما توضع عنده صباحة (البوسنيّة) رهينةً حتى يتمّ استبدالها بابنه الأسير في الطّرف الآخر.. آن ذاك، لوقا وصباحة، الآسر والأسير، يقعان في الحبّ بينما البلاد كلّها واقعة في الحرب، وتكون الذروة طيران سرير العاشقين فوق بلادٍ تتفّتت، لكأنّه يعيد تجبير كسورها..!!

لكي تفهمي لماذا أكتب لك، عليك أن تفهمي هذا المشهد في فيلم "الحياة معجزة" لإمير كوستاريتسا.

 

17

أحبّ إيميلكِ وسكايبكِ وواتسابك وفايبركِ، ورغم كل هذه الجهود الإلكترونية لم ألق إلا الحظر!

 

18

من أحبّوكِ تنقصهم شجاعةُ ديك الجنّ الحمصي، كان يجب على أحدهم قتلكِ، لا ليعيش الندامة وحسب، بل ليبرهن لنا أنّ امرأة مثلكِ لا مكان يليق بها كالندم..

 

19

صباحًا.. مرّةً يدق بابكِ جملٌ، ومرّة يدقُهُ حصانٌ أو غرابٌ.. وكلّهم، بالإلحاح ذاته، يريدونكِ زوجةً.
مساءً.. تعرفين السرّ؛ جاء الطوفان وأنتِ فرصتهم لركوب السفينة.

 

20

لم تعد عندي سوى كليشات رسائل المراهقة، أرجوكِ اقبليها، في النهاية هي تقول شيئًا حقيقيًّا لكنّنا نواري وجوهنا عنه بحثًا عن البلاغة الكاذبة.. اقبليها، منّي كما لو كنتُ أميًّا يرجو جاره المتعلّم أن يكتب له رسالة حبّ.. واقبليها لأنّ الزمن معكِ يصغّر لا يكبّر:
"أكتبُ لك بالأزرق.. كي تبقى حياتك كالزنبق".
"أكتب لكِ على الجوانب.. لأنك أحلى من الأجانب".
"أكتب لكِ بالمقلوب.. كي تزهر حياتكِ في القلوب".

 

اقرأ/ي أيضًا:

حدقة تأكل بياضَ العين

حكايا "الجرية": البئرُ الهرم