وُجّهت 37 تهمة جنائية للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وذلك على خلفيه قيامه بالاحتفاظ بوثائق حكومية سرية بشكل غير قانوني بعد تركه منصبه في عام 2021، ليكون بذلك أول رئيس سابق يواجهة الاتهام في محكمة فيدرالية.
بحسب لائحة الاتهام، فإن الوثائق التي يمتلكها ترامب "تضمنت معلومات تتعلق بالقدرات الدفاعية والأسلحة لكل من الولايات المتحدة والدول الأجنبية، والبرامج النووية للولايات المتحدة"
وتدور الاتهامات لترامب حول إساءة التعامل مع وثائق سرية وعرقلة سير العدالة، ووفقًا للائحة الاتهام، فقد قام ترامب بتخزين المستندات السرية في "قاعة رقص وحمام ومساحة مكتبية وغرفة نومه وغرفة تخزين" في منتجع مار ألاغو في فلوريدا.
كما طلب ترامب من مساعده، نقل صناديق السجلات ولذلك لإخفائها عن محاميه، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، وهيئة المحلفين الكبرى.
بعد انكشاف القضية وفي كانون الثاني/ يناير 2022، وافق ترامب على إعادة 15 صندوقًا من السجلات إلى إدارة المحفوظات والسجلات الوطنية الأمريكية، واكتشف المسؤولون فيها أكثر من 700 صفحة من السجلات السرية.
في آب/ أغسطس من العام الماضي، أجرى مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بحثًا في منزل ترامب في مار ألاغو، وصادر ما يقرب من 13000 وثيقة إضافية، تم تصنيف حوالي 100 منها على أنها سرية، بما في ذلك بعض الوثائق التي تم تصنيفها على أنها سرية للغاية.
ما هي التهم التي يواجهها ترامب؟
ووجهت أخطر تهمة بموجب قانون التجسس إلى ترامب، وهي التهمة التي تجرم الحيازة غير المصرح بها لمعلومات الدفاع الوطني، ويعاقب عليه بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات.
وبحسب لائحة الاتهام، فإن الوثائق التي يمتلكها ترامب "تضمنت معلومات تتعلق بالقدرات الدفاعية والأسلحة لكل من الولايات المتحدة والدول الأجنبية، والبرامج النووية للولايات المتحدة، ونقاط الضعف المحتملة للولايات المتحدة وحلفائها في مواجهة هجوم عسكري، وخطط الانتقام المحتمل ردًا على هجوم أجنبي".
هل سيحرم من الانتخابات؟
لن تمنع أي من التهم التي يُتوقع الكشف عنها، ترامب من تولي منصبه إذا أصبح مرشح الحزب الجمهوري ثم فاز بالرئاسة في انتخابات عام 2024، حتى لو أدين.
ستتم المحاكمة بعد عدة أشهر من الآن، ويمكن لترامب الاستمرار في حملته بحرية خلال هذا الوقت، وفي حال إدانته، تشير التقديرات القانونية إلى أن لن يكون هناك أساس لمنع أداء اليمين كرئيس حتى لو كان مسجونًا، رغم أن هذا من شأنه أن يطرح أسئلة لوجستية وأمنية غير عادية.
المحكمة والعفو
ومن غير المرجح أن تستمر المحاكمة إذا فاز ترامب في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.
وتشير صحيفة الغارديان إلى أن وزارة العدل الأمريكية "تتبع سياسة دامت عقودًا تنص على أنه لا يمكن مقاضاة الرئيس الحالي، ويمكن للوزارة أن تحيد عن السياسة في "ظروف استثنائية" بموافقة المدعي العام الأمريكي".
أمّا عن إمكانية العفو عن ترامب من قبل جو بايدن، يستطيع الرئيس الأمريكي فعل ذلك.
هل يمكن لترامب كرئيس أن يعفو عن نفسه؟ ربما. قال عدة خبراء إن العفو عن الذات سيكون غير دستوري لأنه ينتهك المبدأ الأساسي القائل بأنه لا ينبغي لأحد أن يكون القاضي في قضيته. فيما جادل خبراء بأن العفو الذاتي أمر دستوري لأن سلطة العفو مصاغة بشكل واسع للغاية في الدستور.
كيف سيدافع عن نفسه؟
زعم ترامب أن التحقيق هو "مطاردة ساحرات" ذات دوافع سياسية، من المحتمل أن يجادل بأنه يخضع للملاحقة القضائية بشكل انتقائي، مستشهداً بحقيقة أن الرئيس الأمريكي جو بايدن ونائب ترامب مايك بنس لم يتم توجيه اتهامات لهما بعد اكتشاف وثائق سرية في مكاتبهم. ويعود ذلك لتعاون بايدن وبنس مع التحقيقات وإعادة الوثائق مباشرةً، حيث أغلقت التحقيقات بحق بنس في مطلع الشهر الجاري.
يحاول ترامب الحديث عن رفعه السرية قبل أخذ الوثائق، لكنه لم يقدم أي دليل على ذلك، كما أنه يمكنه المجادلة بالإشارة إلى أنه تصرف بناءً على نصيحة قانونية وبالتالي "يفتقر النية لارتكاب جريمة جنائية".
زعم ترامب أن التحقيق هو "مطاردة ساحرات" ذات دوافع سياسية، من المحتمل أن يجادل بأنه يخضع للملاحقة القضائية بشكل انتقائي
وسط كل هذه الاحتمالات والترجيحات، الثابت الوحيد، أن الأيام القادمة ستكون الأكثر حرارة في السياسة الأمريكية، وستترك الحالة الاستثنائية وغير المسبوقة المنافسة السياسية في ذروة الاستقطاب، حتى لو دخل ترامب السجن.
