10-مايو-2023
Getty

التقديرات تتحدث عن وصول الإعداد للهجوم الأوكراني إلى مراحله الأخيرة (Getty)

عودة بالزمن إلى الأسابيع القليلة قبيل اندلاع الغزو الروسي لأوكرانيا، كانت الذريعة الاستراتيجية التي حشد من خلالها بوتين آلته الحربية، وانطلق بعدها في غزو جارته الجنوبية، هي "منع قوات حلف الشمال الأطلسي من التواجد على حدوده وتهديد أمن بلاده ونظامه السياسي"، وفق تعبيره.

ملامح هجوم الربيع الأوكراني، غير واضحة حتى الآن، لكن بعض التحركات من كييف تشير إلى إمكانية أن يشمل شبه جزيرة القرم، رغم محاولة أوكرانيا تقليل التوقعات من الهجوم

هذه الرهانات التي وعلى ما يبدو، فشلت كلها، ذلك بعد أن أصبح الناتو فعليًا على حدود بوتين الشمالية، بعد انضمام فنلندا للحلف. وما يحمله ذاك من تهديد استراتيجي فعلي، ليس فقط على مستوى طول الحدود البالغ 1340 كيلومترًا من الأراضي المتجمدة والغابات الكثيفة، والتي يصعب تأمينها. بل أيضًا على مستوى كونها متاخمةً لإقليمي مورمانسك وكيريليا، حيث تخزن موسكو النسبة الأكبر من ترسانتها النووية، ويقع مقر أسطولها الشمالي وقاعدة الغواصات النووية غادجييفو، بالإضافة للقرب من سان بطرسبرغ، ثاني أكبر مدينة في روسيا.  

من ناحية أخرى، وعلى نطاق أضيق، سعى النظام الروسي من هذه الحرب إلى إرسال رسالة لمحيطه الإقليمي، مفادها بأن لا يوجد حكومة في تلك البلدان قادرة على الخروج من نفوذه دون عقاب. ورسالة أخرى للأقليات الروسية في دول الجوار، تدور حول قدرته على رعاية طموحاتها الانفصالية إذا ما دعته "الضرورة الاستراتيجية" لتحريكها في هذا النطاق، وذلك باعترافه باستقلال دونيتسك ولوغانسك والتذرع بحمايتهما لإدخال جنوده وشن هجومه على كييف.

Getty

وحتى في هذه الجزئية، تعثر بوتين وجيشه، إذ تحولت الحرب التي كان يريد لها أن تدوم أسابيع معدودة إلى قتال استنزاف مرير ومستنقع موحل غرقت فيه دباباته، امتد الغزو لما يزيد عن 14 شهرًا، ولم يحقق فيه نصرًا جديدًا منذ أيار/ مايو 2022. بل وأخفق حتى في الحفاظ على مواقع سيطرته، بعد خسارته أقاليم خاركوف وخيرسون إثر الهجوم الأوكراني المضاد خلال صيف وخريف العام الماضي. 

أمّا الصفعة المدوية لموسكو، إن حدثت، ستكون شن  أوكرانيا هجومًا بريًا على شبه جزيرة القرم، التي ضمّتها روسيا عنوة إلى أراضيها منذ عام 2014. وذلك، بعد أن تعهّدت كييف، في أكثر من مرة منذ بدء الغزو، بأن تحرير أراضيها سيشمل شبه جزيرة القرم، بل وأشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال الأسابيع الأخيرة بأن قواته تتدرب على إنجاز هذه المهمة، بالترافق مع اقترب ساعة الصفر لهجوم الربيع الذي طال انتظاره. وما يزيد من جدية هذه التصريحات، مسارعة روسيا لبناء أميال من التحصينات العسكرية على مداخل شبه جزيرة القرم، تعزيزًا لدفاعاتها عنها. 

Getty

من الاستعداد لـ "المساومة" إلى الاستعداد لـ "الهجوم"!

خلال حفل إفطار رسمي نظّمته الرئاسة الأوكرانية، بمناسبة شهر رمضان في أحد مساجد كييف، من أجل تكريم الجنود المسلمين في صفوف قواتها، لم يُضيع زيلينسكي الفرصة للتذكير بـ "الاضطهاد والقمع" الذي تعانيه أقلية تتار القرم المسلمة تحت حكم روسيا، قائلًا: "إن محاولة روسيا استعباد أوكرانيا… بدأت بالضبط مع احتلال القرم، بالضبط مع قمع حرية القرم وأوكرانيا وتتار القرم ومسلمي القرم". 

هذه كانت أحدث مرة تظهر فيها شبه جزيرة القرم على لسان الرئيس الأوكراني، حيث أكد عزم بلاده على استرداد تلك الأراضي، إذ "لا يوجد بديل لأوكرانيا أو للعالم سوى إنهاء احتلال شبه جزيرة القرم. سنعود إلى شبه جزيرة القرم"، وفق قول الرئيس الذي دَأب منذ الصيف الماضي، على الأقل، على التذكير بصلابة موقف بلاده إزاء هذه القضية، وأن عودة شبه الجزيرة إلى الحضن الأوكراني مسألة وقت، كون "هذه الحرب لن تنتهي إلا بعد تحرير القرم"، كما سبق وصرّح في شهر آب/ أغسطس الماضي.  

Getty

وموقف زيلينسكي لم يكن بهذه الصلابة منذ بداية الغزو، فقد سبق وأظهر رغبةً وانفتاحًا على المساومة. وهو ما عبّر عنه خلال لقاء صحفي مع قناة "ABC News" الأمريكية، في شهر آذار/ مارس الماضي، قائلًا: "أعتقد أن البنود المتعلقة بالأراضي المحتلة مؤقتًا والجمهوريات الزائفة لا يعترف بها أي شخص باستثناء روسيا، يمكننا أن نناقش ونجد حلًا وسطًا بشأن كيفية عيش هذه الأراضي"، وهذا مقابل الدخول في حوار لوقف إطلاق النار، وحل الأزمة. 

كل هذا تغير بشكل جذري، إذ أصبحت كييف ترفض أي مقترحات للتفاوض بشأن القرم، بل وتدين هذه المطالبات معتبرةً إياها في خدمة مصالح خصمها الروسي. وهو ما ثبت حينما أعلنت الخارجية الأوكرانية رفضها مقترحًا برازيليًا للتنازل عن شبه الجزيرة، في نيسان/ أبريل المنصرم، لأنه "لا يوجد سبب قانوني أو سياسي أو أخلاقي يبرر التخلي عن سنتيمتر واحد من الأراضي الأوكرانية"، وفق بيانها الذي شدد على أن "كل وساطة تهدف إلى استعادة السلام في أوكرانيا يجب أن ترتكز على احترام السيادة ووحدة أراضي أوكرانيا كاملة، وفقًا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة".

بل وتعدت أوكرانيا ذلك إلى الحديث عن إعدادها لهجوم بري، وهو ما أثاره الرئيس زيلينسكي، أواخر شباط/ فبراير الماضي، حينما أعلن بدء استعدادات وخطوات عسكرية وإرسال مقاتليه للتدريب في الخارج على السيطرة على شبه الجزيرة. وقال زيلينسكي: "هناك خطوات عسكرية تُتخذ ونستعد لها. نحن جاهزون عقلياً. نجهّز فنيًا السلاح والقوات ونشكّل الألوية ووحدات هجومية بمختلف أنواعها، ونرسل أشخاصًا للتدريب ليس فقط في أوكرانيا، كما تعلمون، ولكن أيضًا في بلدان أخرى".

Getty

كسر تابو القرم

أمّا الذي استجد خلال هذه المدة ليعرف الموقف الأوكراني هذه التغيرات، مرده إلى التحول الذي شهدته الموازين الجيوسياسية الدولية منذ اندلاع الغزو. إذ أثبت الغرب تشبثه بدعم أوكرانيا بالسلاح والمواقف السياسية، من أجل استنزاف روسيا عسكريًا واقتصاديًا عبر العقوبات، كما عزلها سياسيًا على المستوى الدولي. إضافة إلى هذا، وحسب مقال تحليلي لـ "فورين بوليسي" الأمريكية، فإن القرم التي كانت تُعد من قبل الحلفاء الغربيين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، كآخر محطة للنزاع الأوكراني، أصبحوا ينظرون إليه اليوم كضربة يمكنها أن تعجل في إنهاء الحرب هذا الصيف. 

وربما يجد هذا التحول في الموقف الغربي أساسًا له في الكيفية التي تغير فيها التعاطي الروسي مع التهديدات لوجوده في شبه الجزيرة؛ فمنذ أول أيام الحرب، لوحت روسيا بورقة التهديد بضربة نووية، ردًا على أي نيران أوكرانية محتملة قد تفتح على أي هدف في القرم. وهو ما استمرت موسكو في ترديده، مثلما ورد على لسان رئيس المجلس المدني للقرم (ممثل الإدارة المدنية الروسية في الإقليم) ألكسندر فورمانتشوك، محذرًا بأن "أي محاولة للاستيلاء على شبه جزيرة القرم وإعادتها إلى أوكرانيا ستؤدي على الفور إلى تصعيد صراع نووي عالمي، فروسيا لن تغفر ذلك"، وفق تعبيره. 

إزاء هذه التهديدات الكلامية، مارست كييف سياسة جس النبض، وذلك من خلال تنفيذ هجمات دون الاعتراف بها. وبدأت أوكرانيا في تنفيذ هذه الاستراتيجية خلال الصيف الماضي، بالهجوم على أسطول البحر الأسود في سيفاستوبول، وبعده بأيام استهداف قاعدة ساكي الجويّة في مدينة نوفوفيدوريفكا. وفي كل مرة نفت أوكرانيا تورطها في الضربتين، واصفةً الاتهامات الروسية لها بـ "الاستفزاز المتعمّد". فيما انتهت الهجمات بدون رد روسي مطابق للتهديدات السابقة.

وعلى ما يبدو، منحت هذه التحولات مجتمعة ثقة أكبر لأوكرانيا في قدرتها على استرداد القرم، و"كسر التابو" الذي كان يكتنف القضية. وهو ما أكده الظهور الإعلامي الأخير لممثلة الرئيس الأوكراني عن شبه جزيرة القرم تاميلا تاشيفا، إذ قالت: "لا أعتقد أن روسيا ستستخدم الأسلحة النووية التكتيكية، لأن بوتين يدرك أن هذه هي نقطة اللاعودة بالنسبة له وستترتب على تدمير النظام بأكمله الذي كان يبنيه إجراميًا في الأراضي المحتلة". 

Getty

وفي حينه، أضافت تاشيفا أن "كييف حررت خيرسون قبل 6 أشهر ولم يحدث شيء، رغم أنه وفقًا لموسكو، كان ذلك انتهاكًا مزعومًا لوحدة أراضي روسيا. ووفقًا لعقيدة بوتين النووية، كان عليهم استخدام الأسلحة النووية التكتيكية على الفور".

هذا وكثفت كييف هجماتها على شبه جزيرة القرم خلال الأشهر الماضية، وآخرها سلسلة الضربات التي نفذتها طائرات مُسيّرة في 7 أيار/ مايو الجاري. التي أعلنت موسكو عن نجاح دفاعاتها الجوية في صد الهجوم، إلا أن وسائل إعلام أوكرانية نشرت مقاطع مصورة توثق انفجارات هزت مواقع في سيفاستوبول، وبالأخص مواقع تخزين المحروقات. 

خطة لتأكيد العزم

تخطى حديث كييف عن استرداد القرم التصريحات الإعلامية، إلى وضع خطة محكمة لإدارة ما بعد الاسترداد المرجو. وفي وثيقة نشرها الأمين العام لمجلس الأمن والدفاع الأوكراني أوليكسي دانييوف، مطلع نيسان/ أبريل، حول "كيف ستزيل أوكرانيا احتلال شبه جزيرة القرم؟"، فصّل في 12 خطوةً، الكيفية المطروحة على طاولة القرار الأوكراني من أجل استرداد شبه الجزيرة.

وتكشف الوثيقة أن أول ما ستعمد إليه القوات الأوكرانية، هو هدم جسر القرم، المكون من خط سكة حديد وطريق بري يربط بين شبه الجزيرة والبر الروسي عبر مضيق كيرتش. بالإضافة إلى ملاحقة المتعاونين مع "الاحتلال الروسي" بتهم الخيانة، وطرد الروس الذين استقروا في الإقليم بعد سيطرة موسكو عليه عام 2014. هذا بالإضافة إلى إلغاء كل الأحكام وعقود الملكية التي صدرت تحت الحكم الروسي، ومحو النصب التذكارية وكل ما يدل على الهوية الروسية في شبه الجزيرة. 

بالطبع، لا يمكن التأكيد على مدى واقعية تنفيذ الخطة، لكن صدورها بالتزامن مع الإعداد لهجوم الربيع، ومن قبل مسؤول رفيع المستوى، يكشف عن مدى العزم الأوكراني الذي يسعى لاستعادة القرم، أو أقله التفكير بذلك بشكلٍ جدي. وهو ما يعود الأمين العام لمجلس الأمن والدفاع الأوكراني لتأكيده، بالقول: "القرم هي أراضي أوكرانية، وسنختبر ونستخدم هناك أي أسلحة لا تحظرها القوانين الدولية، والتي ستساعد في تحرير أراضينا".

Getty

استعدادات لهجوم الربيع

منذ بداية إعلان التخطيط لهجوم الربيع المضاد، تزامنًا مع دخول الحرب عامها الثاني، يسود تكتم كبير حول المحاور التي سيشملها الهجوم الأوكراني، الذي تحدثت كييف عن إطلاقه في الأيام/ الأسابيع المقبلة، مما فتح الباب أمام حالة من التكهنات والتكهنات المضادة، وذلك رغم أن كل ما يظهر من الإعداد هو حشد الجنود والسلاح، وسط تكتم أوكراني كبير، خوفًا من تسرب أي معلومات عن الهجوم.

وفي هذا الصدد، أعلن وزير الداخلية الأوكراني إيهور كليمينكو، في مقابلة مع وكالة "أنترفاكس"، انتهاء بلاده من تشكيل 8 ألوية حرس هجومي جديدة بقوام حوالي 40 ألف مقاتل، أطلق عليها اسم "ألوية العاصفة"، وبعضها "تم تأسيسه من الصفر"، وستخضع لقيادة قوات المسلحة الأوكرانية "بعد تلقي مهمتها قتالية". إضافة إلى هذا، لدى كييف "خطط لتشكيل ألوية إضافية، للطلب الكبير عليها ولوجود فرص لإجراء ذلك في الوقت الحالي"، وفق ما صرّح به الوزير.

ومن ناحية التسليح، حصلت أوكرانيا على كل ما وعدتها به الولايات المتحدة من مساعدات عسكرية، إضافة إلى إعلان عن حزمة مساعدات جديدة بقيمة 300 مليون دولار، تشمل ذخائر إضافية لراجمات الصواريخ العالية الدقة من طراز هايمارس ومدافع هاوتزر إضافية وطلقات مدفعية وهاون، وقدرات مضادة للدروع"، وفق إحاطة للمتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيير، يوم الأربعاء.

وأعلنت الدنمارك الثلاثاء أنها أرسلت حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا، بلغت قيمتها 250 مليون دولار، وتشمل آلات إزالة الألغام والذخيرة والجسور الميدانية وتمويلات للدفاع الجوي. كما سبق وأفاد موقع الحكومة البريطانية أن بريطانيا تعتزم تزويد كييف بصواريخ هجومية يتراوح مداها ما بين 100 و300 كيلومتر، هذا بالإضافة إلى معدات كشف الألغام وجسور ميدانية وأنظمة ملاحة وذخائر مدفعية.

وفي 19 نيسان/ أبريل، أعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية، تسلمها منظومة الدفاع الجوي "باتريوت" من الولايات المتحدة وألمانيا وهولندا. وقال وزير الدفاع أوليكسي ريزنيكوف: "أصبحت سماؤنا الأوكرانية الجميلة أكثر أمانًا اليوم لأن أنظمة الدفاع الجوي باتريوت وصلت". وفي شهر مارس/آذار المنصرم، سلمت كل من بريطانيا وألمانيا، الدفعات الأولى من دبابات ليوبارد 2 وتشالنجر للجيش الأوكراني. كما سلمت سلوفاكيا كييف 13 طائرة من طراز "ميغ-29" السوفييتية الصنع. بالإضافة إلى وصول رادارات إسرائيلية، من خلال منظمة ليتوانية.

Getty

هل سيشمل القرم؟

بالرغم من التكتم حول هجوم الربيع، تشير تحركات الجيش الأوكراني، التي رصدت مؤخرًا، عن بعض من معالمه، وعلى رأسها أنه سيشمل الجبهة الجنوبية على محور خيرسون ماريوبول. وهو ما رجّحته تقارير لمعهد "دراسات الحرب"، وهو مركز أبحاث أمريكي مقره واشنطن، نُشرت 25 نيسان/ أبريل، إذ تؤكد وجود تحركات للجيش الأوكراني على الضفة الشرقية لنهر دنيبر في مقاطعة خيرسون، مشيرةً إلى أن تلك القوات قد تمكنت من إنشاء نقاط ارتكاز بالقرب من بلدة أوليشكي، إلى جانب "خطوط إمداد مستقرة" لها هناك. 

ويقول المعهد الأمريكي: "هي المرة الأولى التي تلاحظ فيها صور جغرافية موثوقة لمواقع أوكرانية على الضفة الشرقية (لنهر دنيبر) إلى جانب تقارير روسية متعددة المصادر عن وجود أوكراني دائم هناك". وما يزيد من تأكيد ما ورد في تقريره، هو حديث مصادر موالية لروسيا في مقاطعة خيرسون، قبل ذلك بأيام، عن استعدادات من القوات الأوكرانية لعبور نهر دنيبر.

ويدفع تأكيد هذه التحركات العسكرية الأوكرانية على الجبهة الجنوبية شرق نهر دنيبر، بالإضافة إلى ما سبق من حديث عن عزم كييف استرداد القرم، وتشجيع الغرب لها، إلى ترجيح احتمال قرب هجوم على شبه الجزيرة ودخول القتال إليها لأول مرة منذ أن ضمتها موسكو في العام 2014. 

أصوات من تحت الركام

هذه تحركات الأوكرانية، تجد انعكاساتها لدى روسيا، التي قامت بتعزيز دفاعاتها في الإقليم. إذ كشفت صور أقمار صناعية أمريكية، مطلع آذار/ مارس الماضي، عن تحصينات عسكرية تتبع للجيش الروسي، وتشمل شبكة خنادق وفخاخ دبابات، تحسبًا لأي هجوم بري على شبه الجزيرة. وتمتد هذه "الخنادق المتطورة"، حسب وصف التحليلات الغربية، لأميال في محيط بلد مدفيديفكا الواقعة قرب الممر البري الرئيسي بين القرم والبر الأوكراني.

ووفق ما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، فإن هذه التحصينات ظهرت حديثًا وفي وقت ضيق، قبل هجوم الربيع المتوقع من أوكرانيا. كما شهد محيط بلدة فيتينو، الواقعة على الساحل الغربي لشبه جزيرة القرم، تشيد مسافات طويلة من الخنادق الروسية. هذا بالرغم من أن التحليلات الغربية تقلل من احتمالية حدوث هجوم برمائي. 

بالرغم من التكتم حول هجوم الربيع، تشير تحركات الجيش الأوكراني، التي رصدت مؤخرًا، عن بعض من معالمه، وعلى رأسها أنه سيشمل الجبهة الجنوبية على محور خيرسون ماريوبول

وجرى إنشاء هذه الخنادق باستخدام الحفَّارة BTM-3 السوفياتية الصنع، وحفرت بشكل متعرج وبزوايا حادة، لإعطاء الجنود المتمترسين فيها مدى أوسع لإطلاق النار. وبجوارها توجد تحصينات أخرى، بما في ذلك خنادق عميقة مصممة لتكون فخاخًا للدبابات والمركبات الثقيلة. وهو ما يحيل على أن "السيناريو الأسوأ" في القرم لا يخفى على روسيا، ويؤكد احتمال وجود توجه عسكري أوكراني نحو إطلاق هجوم على الإقليم.