04-أبريل-2023
getty

رُفع علم فنلندا بعد ظهر يوم الثلاثاء في مقر حلف شمال الأطلسي (Getty)

رُفع علم فنلندا بعد ظهر يوم الثلاثاء في مقر حلف شمال الأطلسي، وذلك للإعلان عن انضمام فنلندا رسميًا للحلف، وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين بعد تلقيه الوثائق المطلوبة لدخول فنلندا: "يمكننا الآن أن نعلن أن فنلندا هي العضو الحادي والثلاثون في حلف شمال الأطلسي".

انضمت فنلندا رسميًا إلى التحالف العسكري لحلف شمال الأطلسي، في أسرع عملية انضمام إلى الحلف

انضمت فنلندا رسميًا إلى التحالف العسكري لحلف شمال الأطلسي، اليوم الثلاثاء، في تحول تاريخي في السياسة أحدثه الغزو الروسي لأوكرانيا، وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرج، إن انضمام فنلندا إلى الناتو اليوم الثلاثاء سيكون حدثًا تاريخيًا ونتيجة مباشرة للغزو الروسي لأوكرانيا، مضيفًا أن التحالف سيضمن أن تصبح السويد عضوةً فيه.

وأضاف ينس: "كان هدف الرئيس بوتين من غزو أوكرانيا هو الحصول على قدر أقل من الناتو.. لقد حصل على العكس تمامًا... فنلندا اليوم، وقريبًا ستصبح السويد أيضًا عضوًا كامل العضوية في التحالف".

من جانبه، قال وزير الدفاع الروسي اليوم إن انضمام فنلندا إلى الناتو يخلق مخاطر توسع كبير في الصراع، وأوضح سيرجي شويغو: "الناتو يعزز مساره المناهض لروسيا، وأن انضمام فنلندا إلى الحلف يخاطر بتوسيع الصراع".

getty

بدوره، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن دخول فنلندا إلى الناتو هو تفاقم آخر للوضع، وتوسيع التحالف يعد تعديًا على أمن روسيا.

وتعد عملية الموافقة على انضمام فنلندا للحلف هى الأسرع  في تاريخه الممتد على 74 عامًا. يشار إلى أن فنلندا قد ساهمت في العديد من مهام  حلف الناتو خلال الحرب الباردة، وتعاونت معه في العديد من القضايا باعتبارها "دولة شريكة" منذ العام 1994. 

ماذا يعني انضمام فنلندا لحلف الناتو؟ 

كان أحد أهم الأسباب التي بررت فيها روسيا غزوها لأوكرانيا هو السعي لمنع اقتراب الناتو من حدودها، غير أن انضمام فنلندا  للحلف يعني اقتراب الناتو لأكثر من مسافة 1300 كلم من الحدود مع روسيا.

وستمكن الحدود الفنلندية، حلف الناتو من الوصول إلى أطول حدود برية مع روسيا، وهو ما يعزز من وجود الحلف في منطقة بالغة الحساسية وهى بحر البلطيق. مما يجعل الوصول إلى البحر أكثر سهولة، رغم أنه في عام 2004، انضمت دول البلطيق، ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا للحلف، لكن صغر حجمها وبعدها عن مركز ثقل الحلف، جعل تلك الدول تعيش خوفًا دائمًا من جارها الروسي. ومع انضمام فنلندا للحلف، وانتظار انضمام السويد، سيتعزز أمن دول البلطيق الصغيرة.

تتمثل مهمة الناتو المعلنة في "ضمان حرية وأمن أعضائه من خلال الوسائل السياسية والعسكرية"، وذلك بحسب المادة 5 من المعاهدة التي أسست التحالف، التي تنص على أن الهجوم على أحد أعضاء الناتو سيعتبره الحلفاء هجومًا على الجميع، وفي حالة وقوع مثل هذا الهجوم، فإن الأعضاء سيتخذون إجراءات "لاستعادة وحفظ السلم والأمن الدوليين".

ومع رفض الغرب إرسال قوات إلى أوكرانيا غير العضو في الناتو لمساعدتها في الدفاع في الحرب، أصبحت فنلندا أكثر قربًا من الانضمام للتحالف، ورغم أن فنلندا قالت إنها لا تحتاج إلى قوات الناتو "في الوقت الحالي".

getty

كما سيصل الحلف إلى القطب الشمالي، وهي منطقة تطمح روسيا بالهيمنة الكاملة عليها، نتيجة وجود عدة موارد طبيعية فيها (أصبحت المنطقة صالح للملاحة نتيجة التغيرات المناخية).

وتعمل عضوية الناتو أيضًا على دمج القوات الفنلندية بشكلٍ أفضل في التدريب والتخطيط مع حلفاء الناتو.

كيف يستفيد حلف الناتو من انضمام فنلندا؟ 

يوسع انضمام فنلندا إلى الناتو من حدود الحلف مع روسيا من 700 كلم إلى أكثر من 1900 كلم، هذه الحدود منحت فنلندا أفضلية في حماية أمن أوروبا في السنوات الماضية، وبعد قبول انضمامها ستضع قدراتها العسكرية في خدمة الحلفاء.

سعت فنلندا في الفترة الأخيرة لتطوير قدراتها العسكرية، ولديها جيش قوامه 12 ألف جندي، إضافة لحرس حدود مدربين على مواجهة أية تهديدات خارجية، ولديها قوات احتياط قائمة على أساس التجنيد الإجباري قوامها 90 ألف جندي، ترتفع في حالة الحرب إلى 260 ألف جندي.

وعلى مستوى التسليح، تمتلك أكبر قوة مدفعية في دول أوروبا الغربية، تشمل 1500 قطعة مدفعية، منها 100 قاذفة صواريخ، مع قوة نيران تتفوق على جيوش ألمانيا وبولندا والنرويج والسويد مجتمعة.

وفي الجانب التقني، ستدعم فنلندا أنظمة اتصالات حلف الناتو، بخدمات شركة "نوكيا"، أحد أكبر مزودي خدمة اتصالات الجيل الخامس.

getty

ماذا يعني انضمام فنلندا إلى حلف  الناتو بالنسبة لروسيا؟

حذر تقرير نشره موقع "news.ru" الروسي من أن انضمام فنلندا إلى حلف الناتو سيحدث تغييرات كبيرة أبرزها تحوّل بحر البلطيق إلى منطقة نفوذ للحلف، ونقل الموقع عن رئيس الأكاديمية الروسية للقضايا الجيوسياسية العقيد المتقاعد ليونيد إيفاشوف قوله إن" فنلندا بعد هذا التطور ستصبح دولة غير مستقلة تحتضن قوات حلف الشمال الأطلسي". 

وأضاف إيفاشوف، أن "انضمام فنلندا إلى الناتو سيرفع عدد القوات المسلحة على الحدود مع روسيا إلى 300 ألف جندي بدلًا من 50 ألفًا، وهو وضع سيدفع موسكو لتعزيز وجودها العسكري على حدودها عن طريق نشر عدة فرق وأنظمة دفاع جوي وبعض أنواع الأسلحة الصاروخية".

وبحسب إيفاشوف فإن "عسكرة الحدود صار أولوية بالنسبة لروسيا بسبب سياسة الناتو، في الوقت الذي كانت تركز فيه موسكو سابقًا على تقوية العمل الدبلوماسي والثقافي مع جارتها الغربية".

تعمل عضوية الناتو أيضًا على دمج القوات الفنلندية بشكلٍ أفضل في التدريب والتخطيط مع حلفاء الناتو

كما تمتلك خليج فنلندا أهمية استراتيجية، ويعد الخليج مصب "نهر نيفا"، ومن أهم المدن التي تُطل عليه العاصمة الفنلندية هلسنكي، وتنتمي الأجزاء الشرقية من خليج فنلندا إلى المياه الإقليمية الروسية، وتقع بعض من أهم الموانئ النفطية الروسية في هذه المنطقة بالقرب من سانت بطرسبرغ، وكان خليج فنلندا وما يزال يمتلك أهميةً استراتيجية كبيرة لروسيا، حيث يعد طريقًا بحريًا إلى مدينة سانت بطرسبرغ ثاني أكبر المدن الروسية، والعاصمة السابقة لروسيا.