الجملة الأكثر تكرارًا عند الحديث عن إسرائيل في الغرب هذه الأيام هي "القيم المشتركة"، التي تكررت في سياق الحديث عن مخطط إضعاف القضاء في دولة الاحتلال، مما ينعكس على "القيم الديمقراطية" التي تتشاركها مع الغرب، وبالطبع تتجاوز هذه القيم الاحتلال والمواقف الأخلاقية. حيث يدخل الغزو الروسي لأوكرانيا عامه الثاني، فيما تستمر إسرائيل، في اتخاذ موقف شبه محايد من الحرب، أو في أقله متمايز عن الموقف الغربي الداعم بشكلٍ كامل لأوكرانيا.
تكيف الغرب مع الموقف الإسرائيلي من الحرب، باستثناء أوكرانيا التي تطالب بالحصول على الأسلحة من إسرائيل واتخاذ موقف أكثر وضوحًا من روسيا
تكيف الغرب مع الموقف الإسرائيلي من الحرب، باستثناء أوكرانيا التي تطالب بالحصول على الأسلحة من إسرائيل واتخاذ موقف أكثر وضوحًا من روسيا، رغم أن إسرائيل في بداية الحرب، حاولت إظهار حيادها باعتباره فرصةً للوساطة، وهي التي دفعت رئيس وزراء دولة الاحتلال الأسبق من الطيران إلى موسكو، عشية يوم السبت، كاسرًا حرمته اليهودية، من أجل مقابلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكانت تلك أول زيارة يتلقاها بوتين منذ بداية الغزو.
ومنذ بداية الحرب، أظهرت إسرائيل دعمًا لأوكرانيا، بدون إدانة روسيا، على الأقل من أعلى مستوى سياسي في الدولة وهو رئيس الوزراء (في حينه نفتالي بينيت)، وظهر ذلك في إدانة وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد لـ"جرائم الحرب الروسية في أوكرانيا"، عندما كان في منصبه كوزير خارجية، ولم يُظهر هذه الإدانة لموسكو عندما حصل على منصب رئيس الوزراء.
بالطبع، لم تتمكن تل أبيب من لعب أي دور دبلوماسي طوال أشهر الحرب، ولم تتمكن من لعب دور فاعل فيه، مثل تركيا على سبيل المثال، لكنها حافظت على علاقاتها مع موسكو، وتمكنت من الحصول على مكتسبات عدة، سواء في الجانب العسكري والاقتصادي أو وصول مهاجرين جدد إليها، رغم التوترات المحدودة مع روسيا وأوكرانيا طوال العام الماضي.
ويحافظ رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو على موقف الحكومة الإسرائيلية السابقة، من الغزو الروسي لأوكرانيا، ورغم التوقعات أن نتنياهو قد يصبح أكثر انحيازًا لصالح روسيا، نظرًا لعلاقته المميزة مع بوتين، إلّا أن نتنياهو لا يبدو متحمسًا لهذه الفكرة حاليًا، فيما شهد عهده زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي لكييف، وإعادة فتح السفارة الإسرائيلية فيها، كما تسربت أنباء عن طلبه مراجعة الموقف الإسرائيلي من الحرب، وهذا أمر مستبعد في الفترة الحالية.
ولم تساهم التقرير المؤكدة عن التعاون الروسي الإيراني، ووصول الأسلحة والمُسيّرات الإيرانية إلى موسكو واستخدامها في أوكرانيا، إلى تغير في الموقف الإسرائيلي حتى الآن، كما أن الضربة الإسرائيلية التي استهدفت مصنع المُسيّرات في أصفهان، خلال شهر شباط/ فبراير من العام الحالي، والذي يعتقد أنه يورد الأسلحة لأوكرانيا، لم يكن نتيجة إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا، ولكن مرتبط بـ"الأمن الإسرائيلي"، كما تجزم معظم التسريبات الأمريكية عن الاستهداف.
اندلع الغزو في عهد حكومة نفتالي بينيت ويائير لبيد، وفي حينه كان هناك توافق على مراجعة كافة التصريحات قبل إصدار أيّ موقف من الغزو، ويقدم رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بينيت، تصورًا يمكن أن يشرح الموقف الإسرائيلي، بقوله: "لقد صغت استراتيجية تقول: عندما أكون تحت ضغط من جانبين، أذهب إلى طريق ثالث، وكانت الطريق الثالث هي إجراء اتصالات مع كلا الجانبين ومحاولة المساعدة في التنسيق بين الأطراف".
وحول المساعدات التي قدمت لأوكرانيا في حينه، قال بينيت: "لقد فعلت كل شيء بمعرفة بوتين. أعني، لقد أخبرت بوتين أنني سأبني مستشفى في لفيف"، وأضاف نقلًا عن بوتين: "قال إذا أعطيتني كلمتك بأن هذا المكان لن يستخدم كمخبأ للأسلحة أو للجنود، إذن ليس لدي مشكلة، فقط أخبرني بمكانه وسأحرص على عدم القصف".
وبعد مرور عام على الغزو الروسي لأوكرانيا، سنحاول في هذه المادة، تقديم تصور عن الموقف الإسرائيلي من الحرب، من خلال عدة نقاط يمكن أن تعكس تفاعل تل أبيب مع الغزو.
"حرية العمل في سوريا"
كانت من أبرز المحددات للموقف الإسرائيلي من الحرب الروسية على أوكرانيا، هي اشتراكها بــ"الحدود مع روسيا"، كما وصفتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، والقصد يدور حول الوجود الروسي في سوريا، والتنسيق الإسرائيلي المستمر معها، بما يضمن "حرية العمل الإسرائيلي في سوريا"، حيث تقصف إسرائيل سوريا منذ 10 أعوام، ضمن حملة عسكرية باسم "المعركة بين الحروب"، وقوامها الأساسي، غارات جوية إسرائيلية مستمرة ودورية على مواقع إيرانية وشحنات ومخازن أسلحة في سوريا.
استهدفت الغارة الإسرائيلية سوريا 33 مرةً طوال عام 2022، ليكون العام المنصرم واحدًا من أكثر الأعوام الإسرائيلية نشاطًا في سوريا، كما اعترف الجيش الإسرائيلي رسميًا في نهاية العام بشن غارات في سوريا، دون أن يلعن عددها.
الأبرز في هذا العام، كان شن إسرائيل غارات نوعية على سوريا، استهدفت المطارات وبالتحديد مطار دمشق، مما ساهم في تعطيل وصول الأسلحة الإيرانية إلى سوريا، فيما تشير كل الأدلة حتى الآن على استمرار التنسيق الروسي الإسرائيلي، رغم ظهور بعض التوترات، إلّا أنّها لم تمنعه.
ولم تتمكن الدوريات الروسية مع النظام السوري، سواء الجوية أو البرية على الحدود مع الجولان المحتل، من إيقاف الغارات الإسرائيلية في سوريا، كما أنها لم تظهر أي تهديد روسي جدي للنشاط الإسرائيلي الهجومي في سوريا، رغم إدانة موسكو رسميًا قصف مطار دمشق الدولي.
السلوك الروسي السابق، يعود بحسب معظم التحليلات للغضب من مواقف إسرائيل الدبلوماسية من موسكو، وليس اكتراثًا جديدًا بالغارات المستمرة في سوريا. وفي شهر تموز/ يوليو من العام الماضي، كشف وزير الأمن الإسرائيلي السابق بيني غانتس، عن تفعيل روسيا لمنظومة الدفاع الجوي S-300 في سوريا، في الوقت الذي لم تكن فيه الطائرات الإسرائيلية داخل المجال الجوي السوري، مما يوحي بأن الأمر لم يتجاوز إرسال رسائل إلى تل أبيب.
وتقترح التقديرات البحثية الإسرائيلية على الحكومة الإسرائيلية، أن تحافظ على العلاقة مع روسيا، من ناحية سياسية وأمنية، رغم زيادة التعاون بين طهران وموسكو، وأن تتجنب تجاوز الخطوط الحمراء الروسية، حتى لا تقوض العلاقة بين تل أبيب وموسكو.
وفي السياق ذاته، أصدر معهد القدس للاستراتيجية والأمن تقدير موقف، أشار فيه إلى أن وجود خطر من "الدعاية الواسعة التي تحيط باستخدام الأسلحة الإيرانية في ساحة القتال بأوكرانيا، قد تمنح طهران ثقة مفرطة تدفعها لرفع مستوى مواجهتها مع إسرائيل"، وشدد المعهد على ضرورة أن "تحافظ إسرائيل على علاقات جيدة مع روسيا بسبب تدخلها المستمر في سوريا".
وحول القصف في سوريا والتنسيق مع روسيا، تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينيت، عن أنه تمكن قبل الحرب الروسية على أوكرانيا من الحصول "على حرية العمل ضد الأهداف الإيرانية في سوريا، مع وعد من بوتين بعدم استخدام أنظمة S-300 ضد الطيارين الإسرائيليين"، وذلك بعد توترات محدودة مع روسيا في السنوات الماضية.
وحول الموقف من غزو أوكرانيا و"حرية العمل في سوريا"، كما يتم وصف النشاط الهجومي الإسرائيلي هناك، قال نفتالي بينيت: "لدي مصلحتان متعارضتان، نشاط مستمر في سوريا، والروس لديهم S-300 هناك، لو استخدموها ستسقط الطائرات، من ثم من سينقذ الطيارين؟ من سينقذ رون أراد القادم [يقصد في حال سقوط الطائرات وأسر الطيار]؟ زيلينسكي؟ هذه مشكلتي.. لدي حاجة وطنية. والشيء الآخر، هناك الكثير من اليهود في روسيا وأوكرانيا".
"وداعًا للسلاح"
رفضت إسرائيل تزويد أوكرانيا بالأسلحة منذ بداية الغزو، ولم تقدم أي معدات عسكرية قتالية لأوكرانيا حتى الآن. ومنذ الأيام الأولى للحرب، قدمت دولة الاحتلال، مساعدات إنسانية، تمثلت في الأغذية (مثلًا قامت في تموز/ يوليو من العام بإرسال 25 ألف وجبة طعام) والتجهيزات الطبية، كما قامت بافتتاح مستشفيات ميدانية، فيما كان التطور الأبرز تقديم معدات عسكرية غير قتالية، مثل الستر الوقاية والخوذ ومعدات الرؤية الليلية.
ومع ذلك يتطور حراك داخل الحكومة الإسرائيلية الحالية، يطالب بتزويد أوكرانيا بالأسلحة الدفاعية، على نهج الدول الغربية كافة، مثل القبة الحديدية أو أنظمة دفاعية إسرائيلية أخرى، سواء لمواجهة الصواريخ أو الطائرات، وهذا الحديث تكرر مع زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي لكييف، لكن القرار يستلزم موافقة وزير الأمن الإسرائيلي ونتنياهو الذي وعد بتزويد أوكرانيا بالأسلحة خلال حملته الانتخابية، وهو وعد من غير المتوقع أن يتحقق.
وفي مطلع شهر شباط/ فبراير قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مقابلة تلفزيونية مع القناة الإخبارية الفرنسية "LCI": "سندرس ما إذا كنا سنزود أوكرانيا بمنظومة القبة الحديدية"، وأضاف "نحن الآن بصدد صياغة سياستنا، وبعد ذلك سنبحث في التداعيات السياسية للقضية"، وتابع "سنتحقق من توفر المنظومة، وكذلك سياستنا ومصالحنا في المنطقة، ومن المحتمل أن تكون مساهمة تل أبيب لأوكرانيا في مجالات أخرى".
وأوضح نتنياهو، أن "أحد الاعتبارات الرئيسية في اتخاذ قرار تزويد كييف بالقبة الحديدية هو الرغبة في عدم الدخول في صراع عسكري مع موسكو، أو القوات الجوية الروسية التي تعمل بالمنطقة، بما في ذلك الأجواء السورية"، وأردف "لدينا اعتبارات إضافية لا يتطلب من الدول الأخرى أخذها في الاعتبار"، واستطرد "لا يمكنني تقديم أيّ وعود، علينا أن نرى ما الخيارات المتاحة، وأن نأخذ في الحسبان مصالحنا في المنطقة".
ولا يبدو أن الموقف الإسرائيلي، من هذه الناحية تحديدًا سيتغير بشكلٍ كبير، والمرجح أن يحافظ نتنياهو على الموقف الإسرائيلي السابق، وأن يتمكن من مقاومة الطلبات الداخلية والأوكرانية، من أجل تسليح كييف، لكن المختلف أن التوقعات السابقة كانت تشير لاحتمالية تقارب بين نتنياهو بوتين، وهو ما لم يحدث حتى الآن، ولا يبدو أن نتنياهو سيتجه إلى هذا الخيار.
مرور الأسلحة الوحيد من تل أبيب إلى كييف، جاء بعد كشف صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عن موافقة الحكومة الإسرائيلية السابقة، على فتح مخازن الذخيرة الأمريكية المخزنة في إسرائيل، من أجل إرسالها لأوكرانيا، مقابل تعويض الكميات المرسلة من المخازن، وهي فعليًا أسلحة أمريكية.
ورغم الموافقة الإسرائيلية السابقة، إلّا أن موقع أكسيوس الأمريكي كشف عن رفض إسرائيل تقديم منظومة صواريخ هوك المضادة للطائرات، والتي كانت قد حصلت عليها إسرائيل من الولايات المتحدة في الستينيات بعد حرب حزيران/ يونيو 1967، والقرار يأتي رغم أن المنظومة الدفاعية الجوية غير مستخدمة في إسرائيل حاليًا، إلّا أن القلق الإسرائيلي يعود دومًا إلى وجود روسيا في سوريا.
وإمداد السلاح لأوكرانيا، موقف حسم فعليًا مع الحكومة الإسرائيلية، فقد قال وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت: "إننا نبذل قصارى جهدنا، بالتنسيق مع الولايات المتحدة لمساعدة الحكومة الأوكرانية على حماية شعبها، ونحن نفعل ذلك في ظل فهم المصالح الإسرائيلية في المنطقة"، وذلك خلال لقاء مع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن والذي طالب تل أبيب بدعم كييف.
بعد هذا اللقاء بأيام، نشر المعلق السياسي لموقع والاه العبري باراك رافيد خبرًا حول موافقة إسرائيل على تصدير منظومة دفاعية لمواجهة الطائرات المُسيّرة إلى أوكرانيا، وهي منظومة من طراز الحرب الإلكترونية ولا تحتوي على أي ذخيرة حية. ويضيف رافيد أنه رغم الموافقة على التصدير إلّا أنه لن يحصل أي تغير على سياسات التصدير الإسرائيلية الأخرى أو الموقف من الحرب في أوكرانيا، فيما نقل رافيد عن مسؤول إسرائيلي، قوله: "إن أحد أسباب موافقة إسرائيل على منح تراخيص تصدير لنظام الدفاع هو تشغيله ضد المُسيّرات الإيرانية في أوكرانيا، لفحص أدائها ومعرفة ما إذا كان من الضروري إدخال أيّ تحسينات".
وفي منتصف شهر آذار/ مارس، زار رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو برلين، وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع المستشار الألماني أولاف شولتز، وحث شولتز تل أبيب على دعم كييف، فيما رد نتنياهو بالإشارة إلى أن إسرائيل غير مستعدة حتى الآن لتقديم الأسلحة لكييف.
وفي المؤتمر نفسه، أعلن نتنياهو على التوصل إلى اتفاق مع ألمانيا لتصدير النظام الدفاعي الإسرائيلي حيتس 3 (Arrow 3) إلى ألمانيا، وذلك بعد موافقة إدارة بايدن على الصفقة أيضًا، مع الإشارة إلى أن إتمام الصفقة بشكلٍ كامل بحاجة إلى بعض الإجراءات الإضافية في واشنطن وبرلين وتل أبيب، فيما تعد الصفقة من أكبر صفقات الأسلحة الإسرائيلية وتتراوح قيمتها ما بين 3-4 مليارات دولار.
بعد يوم من الخبر السابق وزيارة نتنياهو إلى برلين، طلبت روسيا جلسة نقاش في مجلس الأمن الدولي، من أجل بحث القصف الإسرائيلي في سوريا، وذلك في تصعيد باللهجة الروسية ضد إسرائيل، وقال المندوب الروسي في الجلسة إن "الهجمات العنيفة التي تقوم بها إسرائيل تؤثر على المنطقة بأسرها ويجب أن تتوقف"، وذلك ضمن مناورة من موسكو من أجل تهديد إمكانية تنفيذ دولة الاحتلال الغارات الجوية في سوريا، حال انحيازها بشكلٍ أكبر نحو كييف.
الحرب فرصة السلاح الإسرائيلي
ومع ذلك، شكلت الحرب فرصةً لقطاع الصناعات العسكرية الإسرائيلية، فقد تكررت المطالب الأوروبية بشراء المنظومات الدفاعية الإسرائيلية، كما تحدثت تقارير عن مساهمة إسرائيل في بناء النظام الدفاعي الألماني. كما أن الشاغل الأساسي في تل أبيب، بعد أربعة أشهر على انطلاق الحرب، هو كيفية زيادة الإنتاج العسكري الإسرائيلي.
وارتفعت صادرات الأسلحة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، العام الماضي، بشكلٍ قياسي وبقفزة قدرت بحوالي 30%، وبحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية فإن "التطبيع والحرب على أوكرانيا رفعا الصادرات العسكرية الإسرائيلية بشكلٍ قياسي"، ومن خلال أرقام حصلت عليها الصحيفة الإسرائيلية من وكالة مراقبة الصادرات العسكرية التابعة لوزارة أمن الاحتلال، فقد وافقت إسرائيل خلال العام الماضي على عدد أقل من طلبات شراء الأسلحة، وحتى شهر أيلول/ سبتمبر الماضي وافقت على 4000 عقد، مقابل 5400 عقد في عام 2021 و6000 عقد في عام 2020، ولكن قيمة الصادرات كانت أكبر في عام 2021.
وفي تفسيرها لذلك، قالت الصحيفة العبرية، أن اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية عززت الصادرات العسكرية، بالإضافة للحرب الروسية على أوكرانيا.
وبحسب أرقام شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية، فقد وصلت مبيعاتها إلى 3.6 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي. والصفقة الضخمة التي تنتظرها دولة الاحتلال، نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا، هي مشروع إنشاء غطاء جوي مشترك أوروبي، لدول ضمن الناتو وخارجه، في صفقة من المتوقع أن تحصل إسرائيل مقابلها على 3 مليار دولار. مما يجعلها واحدةً من أكبر عقود التصدير الدفاعي الإسرائيلي.
توترات مع روسيا
- في شهر أيار/ مايو من العام الماضي، ظهرت أول التوترات الإسرائيلية الروسية، وتمثلت في أزمة تصريحات متبادلة، بدأت نتيجة تصريح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف خلال مقابلة صحفية قال فيها: "حجة زيلنسكي هي: كيف يمكن أن تكون هناك نازية في أوكرانيا إذا كان يهوديًا؟ قد أكون مخطئًا ولكن كان لأدولف هتلر دم يهودي أيضًا، هذا لا يعني شيئا على الإطلاق. يقول الشعب اليهودي الحكيم إن أكثر المعادين للسامية حماسةً هم عادةً يهود. وكما نقول لكل عائلة خروفها الأسود"، وهو مثل يُقال للإشارة إلى وجود أفراد ضمن الجماعة يختلفون عن الأغلبية.
جاءت تصريحات لافروف في الوقت الذي أحيت فيه دولة الاحتلال يوم "ذكرى الهولوكوست والبطولة" الذي صادف يوم 28 نيسان/أبريل 2022، مما تسببت في عاصفة من الانتقادات الإسرائيلية والاتهامات بمعاداة السامية، مما تسبب في أكبر الأزمات الدبلوماسية بين موسكو وتل أبيب منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا.
التصريحات ارتبطت بسياق متشابك ومركب من العلاقات بين إسرائيل وروسيا، وفي ذلك الوقت أشارت تقارير إلى زيادة المساعدات الإسرائيلية إلى أوكرانيا بما فيها العسكرية غير الهجومية، بالإضافة إلى زيادة الضغط على إسرائيل لإدانة الغزو، في المقابل كانت تتخذ روسيا عدة خطوات لمواجهة إسرائيل، ولو بحدة منخفضة مثل حديث البعثة الروسية في الأمم المتحدة عن موسكو تعتبر أن الجولان السوري المحتل جزء لا يتجزأ من سوريا، مشيرةً إلى قلقها من المشاريع الاستيطانية الإسرائيلية في الجولان.
وعقب تصريحات لبيد حول ارتكاب روسيا جرائم حرب في أوكرانيا، تحدث الرئيس الروسي ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس هاتفيًا، وفي حينه، أشار بوتين خلال المكالمة إلى رفضه الممارسات الإسرائيلية التي تحول دون وصول المصلين إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، فيما أكد على موقف روسيا الداعم للقضية الفلسطينية. وبعدها بأيام تحدث وزير الخارجية الروسي مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.
والتوتر البارز هذا لم يدخل ضمن الاستقطاب حول الغزو في أوكرانيا، ولم يتجاوز الخلاف الكلامي مع موسكو في حينه، لكنه كان أقرب لمحاولة إسرائيل، إدانة روسيا، ولو بشكلٍ محدود وجزئي، دون اتخاذ أي موقف استراتيجي كبير يمس العلاقة مع موسكو أو يشكل انقلابًا على القائم.
- منذ شهر تموز/ يوليو من العام الماضي، تسعى السلطات الروسية لإيقاف أنشطة الوكالة اليهودية في روسيا، متهمةً إياها في جمعِ معلوماتٍ بشكلٍ غير قانوني عن المواطنين الروس. مما فتح المجال أمام تحويل القضية إلى القضاء الروسي من أجل البت فيها.
وتعمل الوكالة اليهودية على جمع معلومات عن اليهود الروس، وذلك من أجل تنفيذ نشاطات معهم، سواء من خلال المخيمات الصيفية أو المدارس أو تعلم اللغة العبرية، وبالطبع الهجرة إلى إسرائيل، مما فتح الإمكانية لاتهام الوكالة بجمع المعلومات بشكلٍ غير قانوني. ومنذ بداية الأزمة، تعمل إسرائيل على حلها بالطرق الدبلوماسية، وينظر إلى التحرك الروسي باعتباره تزامن مع وصول يائير لبيد إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية، والذي سبق وأدان الغزو الروسي لأوكرانيا، عندما كان وزيرًا للخارجية.
وفي حينه، قال وزير شؤون الشتات الإسرائيلي السابق نحمان شاي: "لن يتم احتجاز اليهود الروس كرهائن بسبب الحرب في أوكرانيا، إن محاولة معاقبة الوكالة اليهودية على موقف إسرائيل من الحرب أمر مؤسف ومهين".
حتى الشهر الماضي، كانت القضية ضد الوكالة اليهودية، قائمةً في المحاكم الروسية، دون البت في طلب وزارة العدل الروسية بتصفية نشاط الوكالة، فيما قامت الوكالة بتجميد معظم نشاطها في روسيا وبيلاروسيا، رغم أن فرع الوكالة في روسيا، يُعد من الأنشط في العالم، والأكثر استقطابًا للمهاجرين إلى دولة الاحتلال.
العودة إلى أوكرانيا
ومن بين المحطات البارزة، خلال العام الأول للحرب، هو إعادة تل أبيب سفارتها في كييف، مطلع العام الجاري، بعد حديث جمع وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين ونظيره الأوكراني دميترو كوليبا، وذلك بعد ما يقارب العام من الإغلاق ونقلها إلى بولندا (فتحت منذ حزيران/ يونيو الماضي بشكلٍ مؤقت ولأيام محدودة شهريًا).
لكن إعادة فتح السفارة لم تعني اتخاذ موقف متقارب مع أوكرانيا، حيث رفض وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد إيلي كوهين، في حفل تسلم وزارة الخارجية، التعليق على الطلب الأوكراني من أجل الحصول على أسلحة دفاعية من إسرائيل، مؤكدًا على استمرار المساعدات الإنسانية، مضيفًا: "ما يتعلق بقضية روسيا وأوكرانيا، سنفعل شيئًا واحدًا مؤكدًا- ألا نتحدث علنًا".
وفي منتصف شهر شباط/ فبراير، زار وزير الخارجية الإسرائيلي كييف، وقابل نظيره الأوكراني، كما قابل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وفي حينه هاجمت وسائل الإعلام الروسية الزيارة بشكلٍ كبير، فيما ظهرت تسريبات قبل الزيارة، تتحدث عن شروط زيلينسكي من أجل إتمام الزيارة، وهي إدانة الغزو بشكلٍ واضح والالتزام بتقديم منظومة دفاعية لكييف، فيما تعكس شروط أوكرانيا توتر العلاقة مع تل أبيب بشكلٍ واضح.
وزيارة إيلي كوهين، هي أول زيارة لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى إلى أوكرانيا منذ بداية الغزو، ورغم أنه لم يتحقق منها أي شيء فعلي حتى الآن، باستثناء فتح السفارة، إلّا أن الهدف منها هو أبعد من كييف وبحسب معلق الشؤون الدبلوماسية في صحيفة يسرائيل هيوم العبرية أرييل كاهانا، فإن الزيارة موجهة إلى الغرب ، قائلًا: "[إيلي] كوهين، لم يتخذ قرار الزيارة بمفرده، بالطبع. لقد حصل على إذن من نتنياهو لتمثيل إسرائيل، إحدى أهداف الزيارة موجهة للقادة في الغرب الذين يدعمون إسرائيل ويشعرون بالحيرة من الموقف السويسري [يقصد حياد إسرائيل] بشأن الحرب. بعبارة أخرى، فإن وصول وزير خارجية نتنياهو إلى أوكرانيا بشكلٍ مفاجئ "يتجاوز" حكومة بينيت لابيد، ويقلل من الضغط على إحدى نقاط الاحتكاك بين إسرائيل والغرب".
ويبدو جزئيًا أن هدف الزيارة امتصاص الغضب الأوكراني، الذي انعكس على تصويت كييف في الأمم المتحدة. فقد شهدت أشهر تشرين ثاني/ نوفمبر وكانون أول/ ديسمبر، توترًا واضحًا بين كييف وتل أبيب في أروقة الأمم المتحدة، وأول تجليات هذا التوتر، ظهرت مع تصويت أوكرانيا لصالح طلب السلطة الفلسطينية اعتماد قرار يطلب من محكمة العدل الدولية إصدار فتوى بشأن آثار انتهاك إسرائيل المستمر لحق الفلسطينيين بتقرير المصير.
لم يستمر الموقف الأوكراني الداعم للطلب الفلسطيني طويلًا، وخلال التصويت الثاني امتنعت أوكرانيا عن تصويت، رغم طلب نتنياهو في زيلينسكي معارضة طلب السلطة الفلسطينية، وهو ما رفضته كييف وحولته إلى الامتناع.
في مقابل ذلك، امتنعت إسرائيل عن التصويت في الأمم المتحدة على قرار يطالب بمنح تعويضات لأوكرانيا عقب الغزو الروسي، وهو ما ظهر كمحاولة عقاب لكييف على تصويتها لصالح (وامتناع لاحقًا) طلب قرار السلطة الفلسطينية.
وأشار موقع صحيفة يديعوت أحرنوت إلى أن مصادر إسرائيلية تحدثت عن أن الامتناع جاء نتيجة القلق من أن يكون القرار سابقةً يستخدمها الفلسطينيين، لكن مصادر إسرائيلية أخرى رجحت إمكانية التصويت الانتقامي، وتنقل يديعوت أحرونوت عن دبلوماسي إسرائيلي قوله: "إنه موقف إسرائيلي صبياني"، في إشارة منه لمحاولة تل أبيب عقاب أوكرانيا.
الحصول على الغاز
بعيدًا عن الحرب والموقف منها، كانت إسرائيل على موعد مع فائدة جديدة، وذلك نتيجة أزمة الطاقة العالمية التي بلغت ذروتها منتصف العام الماضي وذلك نتيجة التخبط في إمدادات الطاقة الروسية، مما دفع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، إلى الدفع باتجاه البحث عن مصادر بديلة للطاقة في العالم.
أبرز هذه التوجهات كان الوساطة الأمريكية القوية والجادة من أجل إنهاء ملف ترسيم الحدود البحرية بين دولة الاحتلال ولبنان، وبالأخص المرتبطة في حقول الغاز.
الاتفاقية التي جاءت بعد أسابيع من المفاوضات المكثفة، بوسيط منحاز لإسرائيل وسبق له الخدمة في جيشها، ضغطت خلالها الولايات المتحدة الأمريكية على بيروت وتل أبيب، من أجل إنجاز اتفاق، تعثرت مفاوضاته عدة مرات على مدار 10 أعوام الماضية، وفي مفاوضات عقدتها أمريكا تحت ضغط كبير، بعدما قامت إسرائيل بتثبيت منصة إنتاج الغاز على حقل كاريش.
وفي منتصف شهر شباط/ فبراير من العام الجاري، تمكنت شركة إنرجيان للطاقة المشغلة لحقل كاريش، ولأول مرة في تاريخ إنتاج النفط والغاز بدولة الاحتلال، من نقل أول شحنة من السوائل الهيدروكربونية من حقل كاريش شمال فلسطين المحتلة، إلى الأسواق العالمية وبيعها إلى شركة فيتول الهولندية للطاقة.
وفي أشهر الحرب الأولى، وقعت مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي، اتفاقًا لزيادة مبيعات الغاز الطبيعي المسال الإسرائيلي إلى دول الاتحاد الأوروبي، حيث سيتم إرسال المزيد من الغاز الإسرائيلي عبر مصر إلى أوروبا.
وتسعى الحكومة الإسرائيلية الجديدة، لإعادة الزخم لمشروع أنابيب إيست ميد للغاز، وذلك بعد عام من انسحاب أمريكا من المشروع وعدم حماسة تركيا له، بالإضافة للاعتراضات البيئية الواسعة عليه. حيث أعرب وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين عن اهتمام تل أبيب بالمشروع لنظيره اليوناني نيكوس ديندياس، فيما تسعى إسرائيل لتطوير علاقات تصدير الغاز مع اليونان وقبرص، وهذا المشروع يمكن أن يحل مكان المشروع مع مصر.
وتحدثت مصادر، عن زيادة بنحو 48% في عائدات صادرات الغاز الذي تنتجه دولة الاحتلال في عام 2022، وذلك نتيجة تصدير جزء من الإنتاج لأوروبا.
وتطمح إسرائيل لتحقيق تطلعات سياسية من خلال الغاز، حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبيل زيارته لإيطاليا، إنه يريد تعزيز العلاقات الاقتصادية مع إيطاليا، موضحًا: "هناك الغاز الطبيعي، لدينا الكثير منه وأود أن أناقش كيفية نقله إلى إيطاليا لدعم النمو الاقتصادي". وفي الوقت نفسه، خلال مقابلته مع صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، قال إنه سيطلب من رئيسة الوزراء الإيطالي جيورجيا ميلوني الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، في إشارة إلى مقايضة سياسية- اقتصادية ممكنة مع إيطاليا.
وتشير التقديرات إلى أن إسرائيل، تستطيع تقديم 5- 10% من استهلاك الغاز في أوروبا، على المدى المتوسط.
وإلى جانب الغاز، أشارت الكثير من المصادر إلى أنه من المتوقع تحول إسرائيل إلى ملاذ للأوليغارشية الروسية، نظرًا لعدم التزام تل أبيب بالعقوبات الغربية على موسكو ورجال الأعمال المقربين من الكرملين.
دولة المهاجرين
منذ الأيام الأولى للحرب، انصب التركيز الإسرائيلي على إمكانية استقبال مهاجرين جدد من أوكرانيا وروسيا، يساهمون في دعم سعيها المستمر للتفوق الديمغرافي في فلسطين. وبعد مرور عام على الغزو، وبحسب المصادر الإسرائيلية، فإن معدلات الهجرة تستمر في الارتفاع، ففي شهر كانون الثاني/ يناير 2023، هاجر أكثر من 5500 يهودي إلى إسرائيل، بزيادة قدرها 637% مقارنة بعدد المهاجرين في نفس الفترة خلال عام 2022 (لم تكن الحرب قد اندلعت). فيما وصل لإسرائيل عمومًا خلال الشهر الأول من هذا العالم من خلال الوكالة اليهودية 6622 مهاجر يهودي، بزيادة 211% عن شهر كانون الثاني/ يناير 2022.
وجاءت غالبية الهجرة اليهودية من دول الاتحاد السوفيتي السابق، حيث وصل 6180 منها، بما يمثل 93% من مجموع الهجرة خلال شهر كانون الثاني/ يناير، ويمثل ذلك زيادةً بنسبة 479% مقارنةً بعدد المهاجرين اليهود خلال نفس الشهر من العام الماضي، فيما وصل من أوكرانيا حوالي 320 مهاجر ومن بيلاروسيا 159.
ومنذ بداية الحرب يهاجر اليهود من روسيا بشكلٍ أكبر من أوكرانيا، ويُعد شهر كانون الثاني/ يناير ثاني أكثر شهر شهد هجرة من روسيا منذ اندلاع الحرب، بعد شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 عندما هاجر أكثر من 6700 روسي إلى إسرائيل. وخلال العام الماضي بأكمله، هاجر أقل من 4000 شخص من الولايات المتحدة وكندا، مما يجعل يهود روسيا في صدارة المهاجرين لدولة الاحتلال، مما يشير إلى سبب إضافي من أجل استمرار تل أبيب في علاقتها الحذرة مع موسكو، حيث تخشى أن يلحق أي توتر الضرر في احتمالات هجرة ممكنة لليهود من روسيا إليها.
وسجلت إسرائيل في عام 2022 رقمًا قياسيًا في الهجرة لأول مرة منذ 23 عامًا، كان الغزو الروسي لأوكرانيا عاملًا مهمًا فيه، ووصل لإسرائيل 70 ألف مهاجر خلال العام الماضي، ووفقًا لبيانات الوكالة اليهودية وصل 37364 مهاجرًا من روسيا إلى دولة الاحتلال، و14680 من أوكرانيا، وحوالي 3500 من الولايات المتحدة وكندا، إلى جانب عدة دول وصل منها مهاجر واحد.
وبيانيًا يظهر تأثير الحرب على الهجرة، فقد شكل العام الماضي قفزةً حادةً مقارنة بعام 2021 حيث وصل خلاله ما يقرب من 28600 مهاجر جديد للاستيطان في دولة الاحتلال.
ومنذ بداية الغزو، تأهبت الوكالة اليهودية ووزارة الهجرة والاستيعاب الإسرائيلي من أجل التمهيد للهجرة، وتشكل الغالبية العظمى من المهاجرين الجدد للاستيطان من روسيا بما نسبته 54% من مجموع المهاجرين، ومن أوكرانيا ما نسبته 21%، ومن ثم الولايات المتحدة 5% و فرنسا 4%، و3% من بيلاروسيا، و 2% من إثيوبيا، و 2% من الأرجنتين و8% من دول أخرى.
وفي سياق متصل بالهجرة، يخطط حزب شاس لطرح مشروع قانون في الكنيست، يمنع المهاجرين الجدد من الحصول على جواز سفر إسرائيلي إلّا بعد عام من حصولهم على المواطنة والإقامة في دولة الاحتلال. ويسعى مشروع القانون لعكس القانون الذي سن عام 2017 ويسمح بهجرة أي شخص لديه "جد يهودي واحد" بالهجرة لدولة الاحتلال والحصول التلقائي على جواز السفر الإسرائيلي.
وكان القانون السابق والذي يطمح حزب شاس المتشدد دينيًا إلى تعديله، تقدم به حزب يسرائيل بيتنو بقيادة أفيغدور ليبرمان (حزب قطاعي يمثل يهود الاتحاد السوفيتي/ علماني)، ومنذ سن القانون شهدت إسرائيل موجات هجرة كبيرة نسبيًا من روسيا، وبحسب صحيفة هآرتس التي تقدم مثالًا على ما يقلق دولة الاحتلال، هو أنه ما "بين حزيران/ يونيو 2021 وحزيران/ يونيو 2022، طلب 4094 مهاجرًا جواز سفر في غضون شهر بعد الحصول على الجنسية، ومع ذلك يعيش 60% منهم فقط في دولة الاحتلال، فيما وصل 40% على الورق فقط من أجل الحصول على جواز سفر إسرائيلي"، وبحسب الاحصائيات فإن معظم الحالات التي تهاجر من أجل الحصول على جواز سفر فقط هي من روسيا وفرنسا. بالإضافة إلى إشكاليات أخرى تثيرها الأحزاب المتشددة دينيًا في دولة الاحتلال، والمرتبطة في اعتباراتها لمن "هو يهودي بحسب الشريعة".
خاتمة: تبدل الحكومات وثبات الموقف
بعد مرور عام على الغزو، الموقف الإسرائيلي ثابت تقريبًا وبدون أي تغير، ورغم وصول حكومة نتنياهو إلى الحكم وظهور الكثير من التكهنات حول موقفها من أوكرانيا، جاء أوضح موقف من قبل نتنياهو خلال مقابلة مع صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، حيث قال: "إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تحلق طائراتها فوق مرتفعات الجولان، على مسافة قصيرة من الطائرات الروسية في سوريا، لأننا بحاجة لمنع إيران إيصال الدعم العسكري إلى حزب الله. الواضح أننا نريد تجنب المواجهة مع روسيا، لا يزال هناك آلاف اليهود يعيشون هناك [روسيا] ولا نريد منعهم من الهجرة إلى إسرائيل. علاقتنا مع روسيا معقدة للغاية، لكننا نفعل كل شيء لمساعدة الأوكرانيين وإنهاء هذا الصراع".
التردد الإسرائيلي باتخاذ موقف واضح من الغزو، تحول إلى استراتيجية أساسها "ألّا نتحدث علنًا"، تحاول من خلالها إسرائيل جني كافة المكاسب الممكنة
التردد الإسرائيلي باتخاذ موقف واضح من الغزو، تحول إلى استراتيجية أساسها "ألّا نتحدث علنًا"، تحاول من خلالها إسرائيل جني كافة المكاسب الممكنة، دون غضب من روسيا، ودون تحامل كبير من الغرب عليها، فيما يبدو أن موقفها لن يتغير بشكلٍ حاسم أقله في الأشهر القريبة المقبلة، خاصةً مع تكيف الدول الغربية عمومًا مع هذا الموقف الإسرائيلي.